|
الإنتفاضات والأوضاع الثورية في الشرق الأوسط والدول الأخرى
كيفي أمين
الحوار المتمدن-العدد: 4984 - 2015 / 11 / 13 - 08:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كيف ينبغي أن يكون موقف نشطاء حركة زايتجايست من الإنتفاضات والأوضاع الثورية خصوصاً في العراق ولبنان وسوريا غيرها من دول الشرق الأوسط؟
يُعدّ إبداء المواقف من القضايا في عالم قائم على السياسية وعالم مبنيّ على الآراء الشخصية أمراً محبباً. فالسياسيون يحبون تثبيت المواقف؛ أما نحن فليس لدينا مواقف من أي شيء بل نحاول فهم وتحليل ما يحدث من خلال المنهج العلمي في التفكير، لذلك بإمكان أي شخص أن يقوم بتقييم هذا التحليل ويقارنه بالواقع ويستنتج أشياء مغايرة ربما تكون أكثر منطقية، الأمر إذن لا علاقة له بإتخاذ موقف بل بفهم ما جرى في الماضي والمضي قدماً لتجاوزه، فالتغيّير والثورة تزداد ضرورتهما يوماً بعد يوم بسبب التدهور المتواصل لأوضاعنا وبلوغها مراحل كارثية لم تعد محتملة.
و لكن أي ثورة وأي تغيير نريد؟
العديد من الناس يحاكمون الانتفاضات العربية إلى حد ربطها بمؤامرات دولية. ولا يوجد إجحاف أكبر من هذا بحق ملايين البشر الذين علّقوا أمالهم بالقيام بثورة للتحرّر من الأنظمة الفاسدة التي جثمت على صدورهم باسم القومية والوطنية والدين لعقود طويلة.
انتفاضات ما يعرف بـ”الربيع العربي” كانت من تداعيات الأزمة العالمية والتضخم الذي أعقب أزمة ليمان براذر 2008 و استفحال البطالة الذي أخذ يسحق حياة الملايين من الناس أكثر من أي وقت مضى، ولكن لماذا تحول الربيع إلى خريف (كما يصفة المراقبون) وبدلاً من تحسين الأوضاع أصبحت أوضاعنا أكثر سوءاً؟ السبب في ذلك أن الجماهير خرجت لأنها كانت غاضبة ومستاءة ولم يكن لديها هدف واضح، فأصبحت فريسة للذهنية السياسيّة والحلول السياسية والأحزاب السياسية التي تقاسمت هذه الجموع و قسمتهم لصالح أجندتها السياسية التي لا علاقة لها بأسباب الثورة أصلاً. هذه الأوضاع منحت أرضية خصبة للدول الكبرى ومن خلفها الشركات الكبرى للتدخل والتلاعب بالجماهير عبر شراء ولاءات هذه الأحزاب أوتلك، والتي هي في الحقيقة قوى فاسدة و لا تستطيع إلا أن تكون فاسدة، و هي لا تمتلك أية برامج إصلاحية، لذلك فإن الجماهير خسرت مطالبها وثورتها لصالح السياسيين و المتاجرين لأنها كانت أسيرة الأوهام السياسية والولاءات التي لا علاقة لها بمشاكل الشعب التي تفجرت الثورة لأجلها.
إذا قمنا بمقارنة الحركات الثورية في إسبانيا و الولايات المتحدة و البرازيل و اليونان بما جرى لدينا فإننا سنرى بوضوح أن تلك التحركات كانت مستقلة وحملت على سياسات التقشف وعلى البنوك والغلاء والمنظومة المصرفية وبرغم عدم وضوح رؤيتها للحلول لكنها كانت واضحة في عدم استسلامها لأوهام الحلول السياسية ولم تنجرّ وراء الولاءات الحزبيّة خصوصاً وأن السياسيين، كانوا يجلسون في البرلمان و يصوتون بالإجماع على سياسات التقشف وتخصيص ميزانيات أكبر للشرطة و الأجهزة القمعية. لم يكن الأمر كذلك في العالم العربي. لقد كانت الجماهير تصرخ “الشعب يريد إسقاط النظام” و لم يعلم أحد “أي نظام يريد الشعب بدلاً من ذلك؟ ثم تمّ قولبة النظام بالرئيس أو بالحزب الحاكم ، ولكن ما فائدة تغيّير هذا الرئيس برئيس اخر؟ و ذلك الحزب بحزب آخر؟ الديموقراطية كانت الوهم السائد الذي روجت لها أحزاب أغلبها استبدادية في منهجها، الإسبان واليونانيين و اللاتينيين لم تكن لديهم هذه الأوهام لأنهم اختبروا هذا السمّ و فهموه.
هذا ما يجب أن نتعلمه لكي يكون هنالك ربيع حقيقي. علينا أن نتحرك أولا لأجل أشياء محددة وأن نطرح الحلول أكثر مما نفكر بالمشاكل ثانياً، وأن لا نترك الميادين قبل أن يتحقق لنا ذلك، سواء أكان المطلب إقامة طرق للدراجات الهوائية أو يصل إلى تغيير المنظومة الإجتماعية برمتها، إذا خرجنا في مظاهرة تطالب بالخبز، ينبغي أن نفكر قبل ذلك كيف يمكننا توفير الخبز، إن طالبنا بحلّ مشكلة النفايات، علينا أن نكون على دراية كيف يمكن حلّ هذه المشكلة باستخدام المعارف البشرية الحالية، فتكون لدينا رؤية و مشروع للمستقبل ولا نهدأ قبل تنفيذها.
لا يوجد تغيّير دون ثورة ولكن أيّة ثورة؟ نحن ندعو إلى الثورة الإجتماعية التي هي عملية تجري الآن وليست حدثاً، وإذا نزلنا إلى الميادين فيتوجب علينا تنظيم هذه الحركات حول المنظمات الجماهيرية التي تنشأ ميدانياً من نشطاء الحركات الإجتماعية و والنشطاء الفعالين الميدانيين. حركة احتلال “أوكيوباي” “ Occupy” أعطت نموذجاً رائعاً لطريقة تنظيم الجماهير لنفسها بعيداً عن السياسيين والأحزاب خالية الوفاض من أي فكر إصلاحي. لذلك فإنّ الحركات الاجتماعية المستقلة للجماهير التي تتبنى وتتبع الحلول العملية هي أرقى أشكال العمل الإجتماعي من أجل التغيير.
#كيفي_أمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|