|
التبعية
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4983 - 2015 / 11 / 12 - 20:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الانتداب والقيمومة والتبعية والتقليد والابوة وألفاظ أخرى تتعدد ، لكن معانيها واحدة . كل هذه المفرد أو الالفاظ ، الهدف منها السيطرة على الاخرين ، وإجبارهم على التبيعة للأقوى . على أنهم قصر ، غير قادرين على إدارة أمورهم ، لتبرير سياسات معينة ، منها الاذلال والتركيع ، ونهب الثروات . المقصود من هذه الالفاظ التي لاتفهمها العامة ، التي إشتغل عليها ، لتكون أرضا خصبة ، لما يسوق لها ، وبالتالي فهي تقبل مرغمة وطوعا ، لجهلها وتقبلها السموم وأدوية التخدير . تحدث المفكر الفرنسي ( دي لابوسيه ) قبل عدة قرون عن هذه الحالة ، في كتابه ( العبودية المختارة ) ، وتعجب وتساءل عن السبب الذي يجعل الامة تقبل بالذل والعبودية ، والمستعبد لها في بعض الاحيان شخص ( خنث ) ، لو صرخوا صرخة واحدة في وجهه لانهزم وتحرروا . طاغية رومانيا ، وجه له بعض الاسئلة ، حول تغير الاوضاع في أوربا الشرقية ، فقال : إذا تحولت أشجار البلوط الى أشجار تين ستتغير الاوضاغ في رومانيا ، لكن صوت من فم طفل تجرأ وأسقط كل كبريائه ، وكسر حاجز الخوف . سياسات إشغال الناس وتفريقهم مستمرة من قبل الحاكم ، على سبيل المثال ، في العراق إذا لاتوجد حروب ولا أعمال شاقة للجنود ، يطلبون منهم بدل التجمع والحديث مع بعضهم البعض ، أن يحفروا هنا أو هناك ، ويردمون الحفر بعد ذلك ، أو يطلبون منهم نقل الحجر من تل لاخر ، وبالعكس لالهاءهم عما يريد الحاكم ، ويخطط بعيدا عنهم . التجهيل مستمر ايضا من قبل أصحاب النفوذ ( حكام أو رجال دين ) لفك الارتباط بين الانسان والكتاب ، للقضاء على العلاقة الحميمة بين الاثنين ، حتى يستعد الانسان لقبول مايصدر إليه من سموم ( ثقافات ) . يحصر الحاكم الناس بين أمرين ( إما الانخراط في سلك العسكر أو أعمال البناء الشاقة ) ، والاثنين هما عقاب له ، وإبعاده عن عائلته ، كي يكون غريبا عن أطفاله ، ويبتعد عن تربيتهم ، الاول ( العسكر ) هو الموت في الحروب أو الموت البطيئ ، يدخل الخدمة العسكرية ولايعلم متى يخرج منها ، والثاني ( الاعمال الشاقة ) ، يخرج الشاب الرابعة صباحا الى أماكن العمل ، ويعود السادسة مساء ، منهكا لايعرف شيئا من حياته اليومية ، الا أنه عائد ب 8 دولارات لليوم الواحد ، فرحا بوصوله الى سريره لينام ، ويخرج في اليوم التالي الى الالتحاق بسوق العبيد ، ولم يكمل دراسته ، لان إكمالها خطر على أصحاب النفوذ . وهكذا تكون سياسات التبعية والانتداب والاذلال ، من الاسرة والعشيرة والمجتمع والدولة ، لتنتهي بأعلى درجاتها ، وهي سيطرة الدول العظمى ، التي تمسك بخيوط اللعبة في الدول ، وتصدر أوامرها عبر سفاراتها ،أو مقرات صندوق النقد الدولي ، لفرض سياسات الاذلال ، ومخاطر العولمة تجني الشعوب ثمارها . ظواهر كثيرة تكرس في المجتمعات ، لاجل ترسيخ سياسات الاذلال والانتداب ، بجميع مستوياتها ، هذا فضلا عن الضغوط التي يمارسها المجتمع والاسرة على الشاب والشابة في مجتمعاتنا العربية والاسلامية ، لسلب الاختيار في كل شيء ، من التفكير وإبداء الرأي والزواج ، ليظل الموروث والمحمول الاجتماعي القديم البالي الذي لاصلح للعصر ، مستمرا جاثما على صدور الناس . الانتداب والقيمومة والتقليد ، والسياسات التي تسير بهذا الاتجاه ، كلها تكرس الاحساس بالنقص ، وعدم القدرة ليشعر الانسان أو الشعب ، بفقدان إمكانياتهم على إدارة الذات ، وتنهي الرغبة في مواصلة الارتقاء والتقدم ،وبالتالي يصل أصحاب النفوذ بالناس الى الشعور بالعجز ، ليصبح أمرا واقعا . الالفاظ التي تقدم للناس ، على أنها هي الحلول ، ومنها الرعاية الابوية ( رجل الدين ) وهو مرتبط طبعا ، بوصفها علاقات بأنها تربوية ، ولولاها يضيع الناس ، تقضي على إستقلالية الانسان والمجتمع والدولة بشكل نهائي ، لانها تشعر الجميع بتبيعتهم وحاجتهم للاخر . وقد لعبت ( لولا ) في العراق دورا سلبيا ، فلولا أمريكا لم يتحرر العراق ، ولولاها لبقي صدام حسين يورث أولاده جيلا فجيلا ، حتى يحكم العراق قصي العاشر ، ولولا الدعم من الجيران لما كسرنا شوكة ( داعش ) ، ولولا الاب الروحي لما بقي منا أحد ، ولوصلت بنا داعش ميناء الفاو . الاقتصاد هو الفاعل الحقيقي في رسم سياسات الاذلال ، والصورة ومخرجها وممثلوها وديكورها ، لازالوا يغطون عورة ( المحرر ) الذي نحميه نحن ، ونمر عليه ، نسلم عليه ، في طريقنا لحرب وقتال ( الافعى ) التي جلبها معه ، ويغديها ويغدينا ، لكن ربها وممولها محمي بأسلحتنا ، وهو مرتاح الضمير ، يرسم سياساته بواسطة ( 35 ) ألف عالم في كافة الاختصاصات ، ليشرع لنا كيف نقضي على بيتنا ، ونشهر أسلحتنا في حروبنا الاهلية التي لازالت مستعرة ومشتعلة ، كإشعال الغاز في جنوبنا الغني ، ونعيش في المزابل ، وتضيء لنا شعلة الغاز الملتهبة طريقنا في الليل الدامس ، ونحميها له ، حتى يستخرجها ، ويبيعنا منها ما شاء لسد بعض حاجاتنا . ونردد هيهات منا الذلة ، ولولاه لضعنا ، وسبت نساءنا ( دعوشه ) ، ولو لانا لم يصل هؤلاء الى كراسيهم ، ونحن أوصلناهم ، لنروج لهم ونشرع لهم سرقاتهم . حالنا مثل حال من سبقنا في مملكة السلطان العاري ، الذي يخرج أمام شعبه عاريا ، ويجبرهم على التظاهر بعدم رؤيته . ثروات نهبت ولاكشف لها ، أين صرفت ، ومن سرقها ، الاسياد أم العبيد ؟. لم نجرأ على السؤال : ما هو عنوان دولتنا : هل هي دولة دينية أم مدنية ؟. تشرذمنا وكل منا تبع شخصا ( معمم ) أو سياسيا ، وتحل الكارثة والمصيبة ، اذا مات منهم ( قائد ) نبكيه طول الدهر ، وتظهر الأسماء والكرامات له ، لتغطي اسم الوطن . حروبنا داخلية ، بالاسلحة ، وبالإعلام ، تسقيط ونشر غسيل قذر ، وإصلاحاتنا ، الى الوراء ، لم نستدع فقهاء السياسة والاقتصاد ، ونستحضر فقه الماضي ، ونملأ جامعاتنا بكتب الطهارة والنجاسة ، ويخطب ( قائدنا ) من بلد أخر ، ويتلاعب بنا ، وقوافل الاموال المنقولة مستمرة ، مع استمرار هجرتنا من بلدنا . ستبقى طويلا هذه الازمات اذا لم تقصر عمرها الصدمات
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
( صلاة الواو بين النافورة والجسر )
-
المقدس في حياة الناس
-
قريتنا المنسية
-
إصلاحات حيدر العبادي
-
أغاني الناس وأغاني العمائم
-
الدولة المدنية
-
فساد رجال الدين
-
مرجعية الوطن ومرجعية الغريب
-
العراقي برميل نفط
-
بإسم الدين باكونا الحرامية
-
إحذركم من الاسلام والمسلمين
-
( داعش ) تحطم إصول القرآن في الموصل
-
حكومة أبو إجخيل
-
مآساة الطب في العراق
-
اللعب على المشكوف
-
داعش ... خنزير طروادة الامريكي
-
النفوذ الايراني في العراق
-
دستور الاحتلال الملغوم
-
لاجهاد تحت راية ضلال
-
الاسلام في خدمة الشيطان
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|