|
ضلال وافك وكذب وضلامية وحرملة سياسي العراق وورقة التوت الممزقة؟
كرار حيدر الموسوي
باحث واكاديمي
(Karrar Haider Al Mosawi)
الحوار المتمدن-العدد: 4981 - 2015 / 11 / 10 - 17:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الافك السياسي يتمتع بتاريخ مثير في المجتمعات الديمقراطية وليس فقط الدول الشمولية أو الديكتاتورية. وتحمل السياسة معان كثيرة، بالمعنى العلمي تعني التغيير المنظم الهادف نحو تحقيق أهداف سياسية محددة بما يتوافق والقدرات والإمكانات المتاحة، أما في المعنى الشعبي فالسياسة تقترن في أذهان عامة الناس بعدم الصدق والخداع والكذب، ولذا يقال عادة في التعبيرات الشعبية:البعد عن السياسة راحة، والساسة منافقون كذابون والسياسي الكبير ليس إلا كذابا كبيرا . هنا المعنى الشعبي يحمل السياسة مفاهيم ومعان بعيدة عن الصدق والأخلاق والفضيلة، ومن يتعامل مع السياسة يلجأ إلى كل أساليب التحايل والتزوير وخداع الناس، وأساليب التبرير والتسويف والمماطلة لتمرير هدف معين أو فكرة معينة أو حتى لتبرير قرار سياسي أو سياسة ما، وغالبا ما تكون فاشلة. وهنا الكذب السياسي قد يكون مبررا أو غير مبرر، و تبرز كتابات فلاسفة المدرسة الواقعية الذين يوظفون منطقهم ومقولاتهم حتى لو كانت غير حقيقية لتحقيق مصالح خاصة. وهو ما يفسر لنا الكثير من القرارات السياسية والحروب والصراعات، تحت ذرائع وحجج بعيدة تماما عن الصدق والأخلاقية وهذا يعنى من بين أمور ودلالات سياسية كثيرة أن قرارا بالحرب أو بالعدوان والقتل للمدنيين قد يبرر بالكذب أو ألإدعاء بأهداف نبيلة. والكذب السياسي له دلالات سياسية خطيرة أولها وأخطرها تعميق الاستبداد السياسي، والاستخفاف بعقول الأفراد فمن شأنه ان يلغي الشخصية الفردية الواعية والمسؤولة فيتحول الإنسان إلى ترس في عجلة كبيرة يردد ما يردده حكامه بوعي أو دون وعي ولذلك تلجأ مثل هذه النظم إلى تعطيل مؤسسات المسؤولية والمساءلة أو تحولها إلى أدوات في يدها، وتعطيل الحريات والحقوق المدنية . ومن الدلالات الخطيرة انتشار ظاهرة الفساد وتحويلها إلى مؤسسة ضخمة، ومكافحته يصعب التغلب عليها بسبب ارتباطها المباشر بتلك القوى السياسية فهي تعتبر نوع من التستر على كذبها من جهة وللدعاية والترويج لها بمكافحة الفساد لكي تحسبها ورقة رابحة للمضي قدماً لكسب ثقة المواطنين، فيأتي الكذب على حساب قيم الفضيلة والأخلاق واحترام الشرعية السياسية. والخطورة في الكذب السياسي أنه يوظف في سياق مسحات تبشيرية أخلاقية وآمال متوقعة مما يؤدي بذلك إلى أن المواطن العادي هو الذي يدفع ثمن هذا الكذب الذي يقترفه الحاكم أو السياسيين وأخيرا لا يمكن محاربة الكذب السياسي إلا بالعودة والتمسك بقيم الفضيلة والأخلاق والصدق والحوار الذي يبحث عن الحقيقة وبالحوار الذي يسعى لخلق المواطن والمواطنة والانتماء والولاء للقيم وليس لأخلاقيات الحاكم الفرد. عندما سئل تشرتشل، ما هو المستحيل..؟ أجاب: سياسي لا يكذب. وعندما سئل: وما هو الهراء..؟ اجاب: سياسي يتحدث. ومهما حاول بعضنا التعرف على ماهية الكذب والتزوير فإنه لن يجده واضحاً وصريحاً ومكشوفاً بالعراء كما يجده في التصريحات الرسمية التي تصدر عن بعض الدول وحكوماتها. صحيح ما قيل ان السياسة هي فن الممكن، وقيل ان السياسة هي وسيلة للدفاع عن المصالح وكيفية تحقيقها، وقيل فيها أيضاً ان الغاية تبرر الوسيلة وغيرها الكثير مما قيل من هذا القبيل في قاموس السياسة عبر التاريخ الانساني الطويل عن العمل السياسي، ولكن ليس هناك ماقيل عن ان تكون السياسة والعمل السياسي بعيداً عن المصداقية والشفافية وقول الصدق في التعامل مع الآخرين. وقد فهم بعض مراهقي وهواة السياسة اليوم من الأقزام الذين يتطفلون على هامش الحياة السياسية ويرتزقون على فتات الآخرين ماقيل في فن وفلسفة ومنطق وعلم السياسة من المفاهيم في العراق والتي فرضتها ظروف الاحتلال الاجنبي وسقوط النظام الديكتاتوري البائد المفاجيء وغياب محترفي السياسة الحقيقيين عن الساحة فهموا هؤلاء ان السياسة تبيح لهم كل الوسائل النظيفة والقذرة، الشريفة وغير الشريفة لأعتمادها في تحقيق الغايات الانانية والمصالح الشخصية تحت شعارات الدفاع عن المصالح القومية والوطنية التي تقيم الدنيا ولا تقعدها وبما في هذه الوسائل الكذب والرياء والنفاق السياسي والتضليل وخداع الناس من ذوي النزعات والتوجهات الفكرية المخلصة والصادقة والمؤمنة بالقضايا القومية والوطنية وتجييرها لصالح تحقيق المصالح والمكاسب الشخصية لهؤلاء الأقزام المبتذلين الذين يعيشون متطفلين على جهود وتضحيات غيرهم على هامش الحياة السياسية في العراق ويشوهون القيم النبيلة والمعاني الاخلاقية السامية لفن السياسة، وما حصل في توزيع المناصب في تشكيلة الحكومة الجديدة واقتسام الغنائم بينهم خير مثال حي على ذلك. لذا نرى إن مسيرة البلاد تسير من سيء الى اسوء يوما بعد يوم، ومثل هذه النماذج نراها موجودة ومنتشرة بكثافة في كل ركن من أركان الساحة السياسية في العراق.. ولكن ليكون في معلوم هؤلاء من صيادي الفرص الرخيصة إنها لن تدوم لهم طويلاً وإن حبل الكذب قصير كما يقول المثل الشائع، وعندها سوف لا يفيدهم ولايسعفهم الندم.. إن مثل هؤلاء يأخذون من المناصب ومواقع المسؤولية في أجهزة الدولة قواعد للأنطلاق بأتجاه إستغلال هذه المواقع والمناصب للاستفادة من المال العام والأثراء الشخصي الحرام، بينما المفروض بالأنسان السياسي ومن يعمل في حقل السياسة أن يكون على اكبر قدر ممكن من المصداقية والشفافية والنزاهة ونظافة الذمة وصدق القول ونصر الحق حتى وإن كان ذلك على نفسه، وأن يكون بعيداً كل البعد عن اسلوب امتهان الكذب والمراوغة والمناورة الخبيثة وتضليل وخداع الاخرين والضحك على ذقونهم إن صح التعبير وان لايتخذ من مهنة الكذب وسيلة لتحقيق أهدافه ومصالحه لأن الكذب لايكّسب صاحبه ثقة ودعم الآخرين وبالأخص المخلصين والمؤمنين بالقضية المشتركة التي تجمعه معهم بل يكسبه أعداء ألدّاء كثيرين، لأن الأنسان بطبعه وطبيعته ميال الى الصدق وقول الحقيقة وأن يرى في سلوك السياسين قولاً وفعلاً وليس فقط الزعيق والصراخ والتهريج المبتذل بصوت عال في كل الاوقات والأماكن مدعياً الدفاع عن الامة وعن مصالحها القومية والوطنية والبكاء على اطلال الماضي وذرف دموع التماسيح وبحركات بهلوانية قرقوزية عبر مختلف وسائل الأعلام من صحافة ومواقع الكترونية والأذاعات والقنوات التلفزيونية الفضائية بصورة تثير القرف والاشمئزاز في نفوس المتلقين.. في العمل السياسي ليس مطلوب بل ليس من المفروض دائماً ان ينطق السياسي بالحقيقة كاملة وأن يكون صادقاً في كل مايقوله أو يشير إليه في احاديثه ولقاءاته وتصريحاته لوسائل الاعلام المختلفة، ولكن ليس مقبول منه على الاطلاق أن يكون كاذباً بأمتياز على طول الخط وأن يحترف السياسي مهنة الكذب في كل مايقوله دائماً وأن لايكون صادقاً فيما يتعامل به مع الآخرين. ونسبة الصدق في قول الحقيقة في العمل السياسي تعتمد على ظروف الزمان والمكان وطبيعة الحدث السياسي الذي يتم التحدث عنه وهذا يكون خاضعاً لتحليل وتقييم وإسستنتاج السياسي نفسه للحدث وتطوراته حاضرا ًومستقبلاً، ولكن في كل الأحوال لايغتفر للسياسي النزيه لجوئه لممارسة مهنة الكذب كوسيلة وأداة بديلة لممارسة فن ومهنة السياسة كوسيلة اخلاقية شريفة لتحقيق وحماية المصالح مهما كانت طبيعة تلك المصالح.. إن أشد مايؤسف له ويخجل منه المخلصون العاملون في التنظيمات السياسية العاملة الآن في العراق هو أن معظم قيادات هذه التنظيمات اقول معظمهم ولا اقول جميعهم في صراعاتهم المريرة والمستميتة على مناصب السلطة بكل مستوياتها وبسبب ماتمنحه لهم هذه المناصب من المكاسب والامتيازات المادية طبعاً، نجدهم يمارسون مهنة الكذب والخداع والتضليل والرياء والنفاق السياسي والابتعاد عن معايير الكفاءة والنزاهة والأخلاص والحرص على المال العام والولاء للوطن ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب في عملية التكليف بالمسؤولية والتعويض عنها بمعايير المحسوبية والمنسوبية وعلاقات القرابة لشغل المناصب القيادية من الدرجات الخاصة في أجهزة الدولة المختلفة عندما يتطلب الامر ذلك كما حصل في تشكيلة الوزارة الجديدة والتي بالامكان تسميتها وزارة شراكة الاقارب والمقربين بدلاً من وزارة الشراكة الوطنية، وهي لاتستحق تسمية وزارة الشراكة الوطنية لانها اصلا قد اقصت اكثر من نصف المجتمع من المشاركة فيها والمتمثل بأقصاء وتغييب المرأة، حيث أن هذه التجربة قد سلطت الضوء الكاشف على الوجوه الكالحة من اصحاب صناع القرار السياسي في الدولة بشكل عام وداخل التنظيمات السياسية بشكل خاص وفضحت زيفهم ورياءهم ونفاقهم السياسي وإنحيازهم المفضوح للمحسوبية والمنسوبية وعلاقات القرابة والعشيرة والجنس على حساب المباديء القومية والوطنية والمساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات التي يتشدقون بها ليل نهار وعلى حساب عنصر الكفاءة والنزاهة والخبرة ونظافة الذمة وتوفر المؤهلات لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب. كان إعتماد هذا الاسلوب هو السبب وراء الفشل الذريع الذي منيت به كل الحكومات السابقة التي توالت على كراسي السلطة بعد سقوط النظام البائد على يد القوات الامريكية عام 2003، حيث فتحت ابواب البلد على مصراعيها امام اقزام السياسة للقفز على كراسي الحكم والاستحواذ على مقدراته وتسخيرها لصالح اغراضهم الحزبية والفئوية والشخصية بأمتياز. لا أعرف لماذا لايأخذ هؤلاء الاقزام من هذه التجارب عِبر ودروس للخروج من مأزقهم السياسي الذي لايحسدون عليه..؟ لماذا يصرون كل هذا الاصرار على الاستمرار بالسير في طريق السقوط في الهاوية وبالتالي الاستقرار في سلة مهملات التاريخ كما فعل من سبقوهم من اصحاب السلطة الخائبين الفاشلين..؟ ولكن ما العمل اذا كان هذا هو منطق وفلسفة الفاشلين والضعفاء في الحياة ممن لايسمعون إلا أنفسهم..؟ويقبلون الارتزاق من فتات الاقوياء خبزاً معجوناً بالذل والهوان ومال الحرام على حساب تعاسة ابناء شعوبهم..!!. وللكذب والافك والضلال علامات حددها العلماء، وهي تحريك الرأس الى الخلف والى الامام عند الاجابة على الاسئلة، ولا اعتقد ان سياسيا عراقيا لم يفعل هذا.وثاني علامات الكذب ارتفاع الكتفين اكثر من المعتاد وانخفاض الصوت وارتفاع ضربات القلب، ولا نائب يستطيع ان ينكر هذا، وانا شاهدت هذه العلامة في اكثر من واحد، وثالث علامة هي الوقوف بثبات مبالغ فيه، ومن المعروف ان الاشخاص العاديين يتململون عند شعورهم بالتوتر، ولكن الدكتورة ليليان صاحبة البحث تخبرنا انه يجب الحذر من الذين لايتحركون، والعلامة الرابعة هي تكرار الجمل والكلمات، وهذه عادة لدى النواب والسياسيين، وهذا الكذب واضح لانه يريد ان يقنعك بالتكرار انه صادق، والتكرار محاولة من الكاذب لايجاد الوقت لتختمر الكذبة في عقله، وقواعد الكذب الاحدى عشرة، واضحة كل الوضوح.العلامة الخامسة انه يستعرض كثيرا من المعلومات دون ان تسأله، وهو يريد ان يخفي كذبه خلف هذه المعلومات، العلامة السادسة يلمس فمه، او رأسه او صدره، والسابعة تغطية بعض اجزاء الجسم، والثامنة تشابك القدمين، والتاسعة جفاف عضلات الفم وصعوبة التحدث، والعلامة العاشرة يتحدث وهو ثابت العينين لكي يقنعك انه صادق، والحادية عشرة، استخدام الاشارة كثيرا، وقد يبرر السياسي لجوءه إلى الكذب بالحكم المسبق الذي ينص على أن الحقيقة تتسم في الأكثر بالعطالة، أي بعدم القدرة على التعبئة والتحريك. والدليل على هذا أن من ثم من يصرّ على قول الحقيقة العاريةً الحافيةَ القدمين يكون مآله الفشل حتما في السياسة، لأن الجمهور، الذي هو مصدر قوة السياسي، لن يتبعه مادامت الحقيقة لا تحرّك فيه سكون وجدانهم ولا تستثير خمول خيالهم أو تؤجج آمالهم. وهذا ما دفع بعضهم إلى القول بأن »الحقيقة بطبيعتها لا سياسية، بل لعلها مضادة للسياسة« . أما الكذب، فيتميز في مقابل ذلك، بالقدرة على التحريك والاستنهاض إلى الفعل عن طريق إغراء الناس بوعوده المعسولة، ودغدغة أحلامهم بأوهامه المستحيلة، واستدراج قناعاتهم للالتفاف حول آرائه وتخيلاته سهلة التصديق. وللكذب السياسي، كما هو معلوم، مقاصد متعددة، فهو ليس موجها دائما لخداع العدو أو الخصم، بل قد يكون موجَّها للاستهلاك الداخلي، أو للدعاية الخارجية، أو لخداع المؤسسات التشريعية المحلية لاستدراجها إلى استصدار أمر بالحرب أو بالسلم ( أو الاستسلام). ويضطر السياسي إلى الكذب لأنه منحاز إلى جهة معينة، فهو لا يستطيع قول الحقيقة طالما أنه متورط في التزامه بحزب أو بسلطة أو بدولة، أي أنه لا يستطيع الوقوف على مسافة واحدة من كل التيارات والأحزاب - كما هو الحال بالنسبة للقاضي أو الأستاذ الجامعي- ليقول الحقيقة. وقد مرّ بنا أن العلاقة الجوهرية بين السياسة والكذب معروفة منذ القِدم، أي منذ أن عرف الإنسان مؤسسة المدينة أو الدولة، بل ومنذ أن عرف الإنسان الحقيقة. فلو جازفنا بترجمة كلمة الكذب باللاحقيقة، لألفينا أنفسنا متفقين مع ما صرح به هيدجر في كتاب ماهية الحقيقة –ولو في سياق آخر- بأن »الحقيقة بدأت مع بداية هذا التاريخ، لكن مع هذه البداية دخل الإنسان في اللا-حقيقة، بالمعنى العميق للاّ-حقيقة، أي باعتبارها انكفاءً وتراجعا (retrait) للموجود«، وبهذه الجهة يكون »السؤال عن ماهية الحقيقة قد تحول إلى سؤال عن اللا-حقيقة« . هكذا يكون ظهور الوجود البشري نفسه رهناً بظهور اللاحقيقة . وهذا يعني أن تعريف الإنسان بأنه حيوان كاذب لا يبعد عن الحقيقة! إذن لا مفر للسياسي من الكذب، مهما علت نزاهته الأخلاقية، لاسيما إذا كان الجمهور يتوقع منه أن يكذب عليه ليدغدغ أحلامه ويوسع من فضاء أوهامه. فالسياسي الماهر، كما لاحظت أرندت، هو من يحدس انتظارات الجمهور وتوقعاته وآماله في تحقيق أهدافه الصغيرة والكبيرة. إذن الكذب صفة ذاتية للفعل السياسي، ولا يمكن أن ينفك عنه. فالسياسي يتميز عن غيره من الناس بحيازته لملكات المكر والدهاء، وقدرات المراوغة والمناورة والتضليل، وهي ملكات وقدرات ملتبسة بالكذب في أصلها. في مقابل ذلك، من يروم إصابة الحق في أقواله وأفعاله بنزاهة وموضوعية وحياد، فسيكون مآله الفشل الذريع في حلبات السياسة. "ترويج الضلال والافك والايهام" من السياسيين في العراق إدانة واضحة للعملية السياسية" بلغ العراقيون أعلى حدود الغضب، عندما وصفوا رئيس وزراء العراق السابق، نوري المالكي، بالـ"كذاب"، وهتف المتظاهرون فيما سمي الربيع العراقي عام 2011، وبطريقة الأهزوجة العراقية "كذاب.. كذاب.. نوري المالك.. كذاب"، وبعيداً عن مآلات شباب الربيع العراقي، حينذاك، وما تعرضوا له من قمع أمام أعين كل العالم، وعبر شاشات التلفزيون، حيث قتل وجرح أكثر من 180 مواطناً على الأقل برصاص قوات الأمن في يوم واحد، وخرج المالكي ليعد الشعب من جديد بأنه سيقوم بإصلاح أكثر المطالب، وطلب مهلة 100 يوم لتقييم أداء وزارته. وعلى الرغم من عدم ثقة الشعب بهذا الوعد، إلا أن المالكي عاد ليثبت ما هزج الشباب به في تظاهراتهم وتوصيفهم له بالـ"كذاب"، عندما انقضت تلك المهلة، لا بل وانقضت سنوات عدة بعدها، والعراق يتدحرج بسرعة كبيرة نحو هاوية الظلم والتخلف والتهميش وسوء الإدارة والضياع. تطورت حالة التضليل لدى سياسيي العراق الجديد إلى حد لم يصل إليه نموذج يمكن قياس الأمر عليه سابقاً في أي مكان. وهؤلاء الساسة، وعلى الرغم من أن العراق، من الناحية الفعلية، بات في نصف حجمه بالنسبة لسلطة الدولة المركزية عليه (إقليم كردستان مضافاً إليها الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة)، فإن ساسته، بدءا من رئيس الوزراء، حيدر العبادي، وانتهاءً بأدنى النواب تحصيلاً للأصوات الانتخابية، مرورا برئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، ما زالوا يستسيغون "الكذب" أسلوباً لمصارحة الشعب! وكذلك منفذاً لاستجداء المواقف الدولية. وعلى الرغم من مرور أكثر من سنة على احتلال الموصل، وأجزاء كبيرة من محافظات صلاح الدين والأنبار وديالى، وعلى الرغم من مطالبات شعبية وإعلامية للحكومة بضرورة مصارحة الشعب عن المسؤول الفعلي عن الهزائم الكبيرة للجيش في هذه المناطق، إلا أن عمليات التسويف وتسويق الحكايات المبنية على "الكذب" بقيت، وستبقى، تدور في دائرة مفرغة، استهلاكا للوقت، وإمعاناً في إبقاء المسؤولين عنها في دائرة القرار والحكم، وخارج حدود المساءلة. لزوما ان يكون السياسي و خاصة سياسي عراق الاحتلال الجديد عارفا وظليعا بطرق و اساليب الالتواء على الحقائق و الهروب من قول الحقيقة و تغليف الكلام و تجميله لكي يدخل الى القلوب ويتجاوز العقول فنرى في كلام السياسيين انهم يتكلمون بمصائب الناس و يسعتطفون القلوبمن خلاله بكلام معسول مغلف خالي من اي حقيقة وتسمى هذه بثلاث شخصيا ت او تصنف شخصيات السياسيين بثلاث انواع عند الاطلاع عليها يمكننا ان نكشف كذبهم بسهولة 1= الشخصية الثرثارة ..وهذه الشخصية تتعمد الثرثرة في الكلام ليكون له صدى اعلامي واسع و يمكن الحصول على التصريحات منها بسهولة لانه يقدمها من حيث لا يشعر وقد يتعمد البعض الثرثرة حتى يسيطر على ساحة النقاش ولا يعطي مجال لغيره وفي هذه الحالة يتم مقاطعة المتكلم وارجاعه الى دائرة الحوار ولو لعدة مرات ما دام يثرثر 2= الشخصية المتهربة .. تستخدم طريقة الهروب من السؤال والكلام بامور اخرى بعيدة عن موضوع النقاش مثلا يطرح سؤال للضيف محرج ما هو موقفكم من المحتل يكون جوابه مثلا نحن مع الشعب العراقي و نتعاطف معه ...انضر كيف هرب من السؤال واجاب اجابة بعيدة عن موضوع السؤال في هذه الحالة ولاحراج المتهرب يتم تكرار السؤال نفسه عليه كلما اراد الهروب منه حتى يحرج امام الملاء و يكشف هروبه من الاجابة ونعيد عليه طرح نفس السؤال ما هو موقفكم من المحتل 3..الشخصية الصامتة ..وهي من اصعب الشخصيات اذ لا يمكن الحصول على اي تصريح او اعتراف او اي كلام منها نهائيا و يكتفي بالاجابة عن الاسئلة الصحفية بكلمة او كلمتين ولا يتعدى الثلاث مثلا يطرح سؤال هل ان العملية السياسية فا شلة ؟؟ يكون جواب الشخصية الصامتة لا اجزم بذالك .....يكون هذا الجواب قصير و هارب من التصريح وخارج من المسؤلية ويتحير مقدم البامج في كيفية املاء وقت البرنامج لقصر اجوبة الضيف ويكون علاج هذه الشخصية عن طريق تحضير اسئلة تفوق عدد الاسئلة المعتادة مثلا في اللقائات العادية يكون انتها البرنامج بتسع اسئلة نحضر للشخصية عشرون سؤال و يتم رمي الاسئلة عليه بالتوالي وعدم اعطائه فرصة ليفكر في اي جواب يتهرب منه وايقاعه في فخ التصريح,هذا ويجب على اي شخص يريد اجراء مقابلة مع سياسي ما ان يجلس معه قبل التصوير بعشر دقائق والنقاش في الاسئلة و الاجوبة وفي هذه الفترة يتم اسقراء شخصية الضيف اذا كان ثرثار او متهرب او صامت و الاستعدداد لادارة حلقة النقاش وعدم اعطاء السياسي من ان يستغل البرنامج ويمرر ما يري لا يمكن للمرء أن ينكر أن كل حكومات العالم تكذب، وكل الساسة والسياسيين يكذبون بهذا القدر أو ذاك، لكن شمولية الكذب هذه لا تشفع له أن يصبح فضيلة حميدة، ولا تبرر قول بعض أتباع ليو ستراوس من المحافظين الجدد الذين يعتقدون بأن الشعوب والجماهير لا يمكن أن تُحكَم وتُساس إلا بالكذب . من ناحية أخرى، لا يمكن للمرء أن يجحد ما يمكن لبعض أصناف الكذب أن تقوم به من دور إيجابي في الحياة الخاصة والعامة، وهي الأكاذيب التي يحلو للبعض أن يسميها "بالأكاذيب النبيلة"، ومنها الكذب السياسي نفسه في بعض الحالات الاستثنائية، ومع ذلك، يبقى الكذب في حد ذاته أداة من أدوات العنف السياسي، الذي يحْرِم الآخر من حقه في معرفة الحقيقة ويعمل على إبقائه في منطقة الجهل في نفس الوقت الذي يحشو دماغه بمختلف ضروب الترهات والأراجيف والأساطير المؤججة لغرائزه وانفعالاته، مما يشكل استهتارا بكرامة الجمهور واستهانة بالرأي العام، من هنا كانت مقاومته واجبا سياسيا.أن الكذب السياسي مفهوم إشكالي لا يمكن الجزم بشأنه بطريقة قطعية، والقول بأن له ماهية ثابتة على ضوئها ينبغي الحكم عليه حكما مطلقا. ففي كل حقيقة، وفي كل قول صادق، يوجد شيء من الشك. وإذا كنا لا ننكر أنه قد تكون للكذب منافع محمودة في بعض المستويات السياسية، فإننا نفضل عدم الكذب حتى لا يتم تخريب الصحة السياسية للجماهير والشعوب فتندفع إلى ممارسة أعمال هوجاء (الإرهاب مثلا)، أو إلى الانكفاء على نفسها والقعود عن دعم المسيرة الديمقراطية في بلدانها. وإذا كنا لا ننكر على السياسة أن تأتي بعضا من الأكاذيب النافعة، فإننا لن نوافق أن تصبح الدولة مصنعا ضخما لتفريخ الأكاذيب، واختلاق الإشاعات، ونكث الوعود والتحلل من الالتزامات، احتقارا منها لشعبها الذي من الواجب عليه في نظرها أن لا يعرف الحقيقة. فالسياسة لا ينبغي أن تصبح مرادفة للكذب في أي حال من الأحوال، أو أن يُمسي الكذب فنّا محترما، وعلامة على الانتماء إلى عالم ما بعد الحداثة الهجين. فاستعمال الكذب بشكل منهجي بالنسبة لشعب معين يؤدي لا محالة إلى إنهاكه، وإرهاق قدرته على الصبر، وفقدان مناعته إزاء الحقيقة والصدق، مما يغرقه في جو من اليأس، هذا الجو الذي هو البيئة المباشرة لاستنبات العدمية والإرهاب. أليس الإرهاب تجسيدا حيا لسيادة الكذب السياسي في أعلى صوره؟
#كرار_حيدر_الموسوي (هاشتاغ)
Karrar_Haider_Al_Mosawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطويرجاوي نوري جواد ابو اسراء كارثة سيل فساد وعهر حل بالعرا
...
-
سفاهات وصفات ومميزات واصول ازلام وغلمان الاحتلال ودلائل الخس
...
-
رؤية اصلاح المسؤول والطفيلي وسياسي الصدفة الملوثين بالفساد و
...
-
العواهروالفسدة الساقطين مسؤولون الحكومة العراقية
-
يالسخرية القدر فكيف استدل السايس على المهر
-
هل من شريف مهني عراقي اصيل لو زفت ابزفت وكاز ماكو
-
سياسيوا العراق تجار فساد وعهر وتدمير
-
تسويف وكذب وافتراء واللعب على الطرفين فكيف السبيل للقضاء على
...
-
امارة كهنة وعباد وسربلية وشعوذة مقيتة للعهر والسقوط
-
سقطت اوراق التوت وثبت زيفهم وبان عريهم رغم تبديل اقنعتهم
-
داعش صنيعة امريكا واسرائيل وعبدة التلموذ
-
نماذج من تحاليل سرطان الدم والنخاع لسبيرم السياسين والمسؤلين
...
-
منذ متى استشعروا فاقدي الاحساس والضمير والشرف بحكمة الحمار
-
فمن يستحق ان يرجم بالحجارة ؟ العاهرة أم السياسي بائع الوطن و
...
-
عكفت شمسنا بضوئها على حكومة لاظل لها وامتازت بذيولها واذنابه
...
-
لماذا يخاف المسؤول في العراق وما ضرورة افواج الحمايات
-
انتفاض قنبر وبوهيمة التضليل الممنهج الكالح
-
كيف الانقلاب وعلى من يا أمعة اولم تتعضون ياجريدية البلاليع
-
ماذا بقى للساقط والمنحط والدوني و ابن الزنى لقد حصد السياسي
...
-
الكرامة والخيانة والحرية والعدالة وبالونات السياسين المزركشة
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|