|
داعش وما قبله وما بعده: الإسلام هو المشكلة
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4980 - 2015 / 11 / 9 - 12:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مع احترامي للمؤمنين بالإسلام، كما هو احترامي للمؤمنين بكل الأديان، ولاسيما لعقلاء ومعتدلي وإنسانيي المسلمين، وعموم أتباع الديانات؛ دعونا نتناول الفكرة بهدوء، وموضوعية، وتجرد، وشجاعة لمواجهة الحقيقة، قبل أن نحكم لها أو عليها. ومع فرض إن الإسلام الذي أعنيه، والذي أراه أساس مشاكلنا، فيما يتعلق بداعش، ومسببات داعش، وانعكاسات ونتائج داعش؛ مع فرض أنه ليس الإسلام الحقيقي، حسب الاعتقاد الصادق لكثير من المسلمين، أو الادعاء غير الصادق لكثير آخرين، فأنا أتناول هنا الإسلام، على ما هو عليه في أرض الواقع، وليس الإسلام المفترض، أو المتمنى في عالم التجريد والمثال. مما حثني على كتابة هذه المقالة، علاوة على الكثير من الأسباب والدوافع، هما مقالتان لكاتبين محترمين، هما جعفر المظفر في مقالته (معركة الجوامع لا الشوارع .. عائدية الإسلام لمن: للمعتدلين أم للتكفيريين..؟!)، ومشرق عباس في مقالته («داعش» باقٍ... «داعش» لم يعد مشكلة). وأذكّر بمقالة لي نشرتها في مطلع شباط 2013، أي قبل سنتين وتسعة أشهر، بعنوان (مجرد سؤال .. ماذا لو قيل: «الإسلام هو المشكلة»؟). ولن أستقطع مقاطع من تلك المقالة، بل سأكتب مسترسلا، ما أعنيه في مقالتي هذه، وأكتفي بإدراج الرابط، لمن يحب مراجعة تلك المقالة: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=344537 كيف يكون الإسلام هو المشكلة؟ وماذا أعني بعبارة «داعش وما قبله وما بعده». هذا ما سأتناوله بقدر من التوضيح، دون الإسهاب. لولا الإسلام، لما كان لدينا ما يسمى بالإسلام السياسي. لولا الإسلام، لما تأسست حركة إسلامية عالمية باسم «حركة الإخوان المسلمين»، وما ولد من رحمها من حركات إسلامية سنية، بما فيها «حزب العدالة والتنمية» التركي وغيره. لولا الإسلام، لما أعجب شيعة العراق المتسيسين، أو الحركيين كما كانوا يحبون أن يسموا أنفسهم، لما أعجبوا بـ«حركة الإخوان المسلمين» و«حزب التحرير»، ولما أسسوا النسخة الشيعية للإخوان باسم «حزب الدعوة الإسلامية»، وأرادوه أن يكون شيعيا عالميا، على غرار عالمية النسخة الأصلية السنية، التي استنسخوا عنها حركتهم الشيعية للإسلام السياسي. لولا الإسلام، لما قام الخميني بثورته، ولما أسس جمهوريته، «جمهورية إيران الإسلامية»، على مبدأ «ولاية الفقيه» بسلطات مطلقة، جاعلا المذهب الجعفري مذهب الدولة الرسمي. لولا الإسلام، لما قامت حرب الثماني سنوات بين ديكتاورية الفقيه، وديكتاتورية البعث الصدامي، والتي دفع ثمنها غاليا كلا الشعبين العراقي والإيراني، بسبب الزعيمين، المشعل أحدهما، والمديم الثاني منهما، لتلك الحرب المجنونة المدمرة. لولا الإسلام، لما ظهرت ظاهرة المجاهدين العرب في أفغانستان، ولما كانت طالبان، ولا القاعدة، وما تفقس عنها من مجموعات إرهابية، في شرق وغرب وشمال وجنوب كوكبنا الأرضي. لولا الإسلام، لما انقسم العراقيون بعد سقوط الديكتاتورية إلى تشيع سياسي، وتسنن سياسي، وضيعوا على العراق فرصته الذهبية، لإقامة دولة ديمقراطية مدنية علمانية حديثة عقلانية إنسانية وطنية. لولا الإسلام، لما وجد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). لولا الإسلام، لما تعاطفت نسبة كبيرة لا يستهان بها من سنة العالم مع داعش. فسنة العالم بأقل التقادير يبلغون 1,28 مليارد في العالم. إذا قلنا نصفهم متدينون، يكون المتدينون منهم 640 مليون، وإذا قلنا إن ربع المتدينين متعاطفون بدرجة أو أخرى مع داعش، فيكون عدد هؤلاء 16 مليون. وأرجو ألا نتوقف عند الأرقام، فأي رقم دون ذلك يمثل حقيقة مرعبة. لولا الإسلام، لما انقسم مسلمو العراق المتفقون على محاربة داعش منهم، في كيفية محاربته، وطبيعة التحالفات المطلوبة من أجل تحقيق هدف القضاء عليه. لما كنا نرى توجها شيعيا واسعا نحو إيران وروسيا وسوريا، وتوجها سنيا واسعا هو الآخر نحو أمريكا. وسبحان مغير الأحوال. لولا الإسلام، لما وجدت لدينا في العراق أحزاب شيعية، وأخرى سنية، وقوائم انتخابية شيعية، وأخرى سنية، وكتل برلمانية شيعية، وأخرى سنية، ومواقف سياسية شيعية، وأخرى سنية. لولا الإسلام، لما وجدنا شيعة عراقيين يتضامنون مع ثورة البحرينيين الشيعة، ولا يتضامنون مع ثورات مصر وتونس وليبيا وسوريا، بقطع النظر عن نتائجها، ولما وجدنا سنة عراقيين يتضامنون مع بقية الثورات، ولاسيما الثورة ضد النظام السوري، ولا يتضامنون مع الشعب البحريني. لولا الإسلام، لما وجدنا شيعة عراقيين يعادون البعث الصدامي، ويتضامنون مع البعث البشاري، ولما وجدنا سنة عراقيين يحنون إلى البعث الصدامي، ويعادون البعث البشاري. لولا الإسلام، لما وجدنا قوى سياسية شيعية تنفذ الأجندات الإيرانية، مهما كانت مضرة بالمصالح الوطنية للعراق، ولما وجدنا قوى سياسية سنية تنفذ الأجندات السعودية والقطرية والتركية، مهما كانت مضرة بالمصالح الوطنية للعراق. لكن عن أي إسلام نتحدث يا ترى؟ فلو قال لنا شخص ما إنه مسلم، سيريد الكثيرون أن يعرفوا عنه، أمسلم شيعي هو، أم مسلم سني، أو – وبعيدا عن هذه الثنائية التاريخية التقليدية - وكما علقت على مقالة الأستاذ جعفر المظفر، حيث ابتكر مفهوما جديدا مهما للنسخ في القرآن، أسماه بالنسخ الأخلاقي في مقابل النسخ الزمني، فأسأل ذلك المسلم، أمُنتمٍ أنت للإسلام الناسخ، أم للإسلام المنسوخ، ثم سأسأله عن أي نسخ يعتمده، النسخ الزمني، أم النسخ الأخلاقي، سأسأله أمسلم مكي أنت، أم مسلم مدني، أمسلم عقلي أنت، أم مسلم نقلي، أمُنتمٍ أنت لإسلام المحكمات، أم لإسلام المتشابهات، ألإسلام التفسير، أم لإسلام التأويل، ألإسلام القرآن، أم لإسلام الحديث، أمُنتمٍ أنت للإسلام السياسي، أم للإسلام المدني؟ فالمشكلة تبقى، ولن تنتهي بأي جواب من الإجابات المحتملة، في إطار الثنائيات المذكورة، وعشرات الثنائيات الأخرى، بل الثلاثيات والرباعيات والعشاريات اللامحدودة، في دين كتابه حمّال أوجه، كما عبر تلميذ القرآن الأول عليّ، ومكتظ بالتناقضات. متى ما استطاع الإنسان المسلم أن يختار أحد الخيارات أدناه، أو يجمع بين أكثر من واحد منها، نكون قادرين على العيش بسلام، والتعايش بمحبة: 1. أن يعتنق إسلاما إنسانيا عقلانيا، وليسمِّه ما يشاء أن يسميه. 2. أن يقبل بالتعددية، لكن ضمن الخيارات المسالمة، في فهم الإسلام. 3. أن يعتمد الإيمان العقلي الظني التأويلي. 4. أن يتعامل مع الدين والتدين كشأن شخصي محض، لا يقحمه في الشأن العام، وأن يقصي الدين عن شؤون الدولة والسياسة، ويجعل مكانه في بيته ومسجده. 5. أن يمرّن نفسه على تقبل سماع نقد الدين، ونفي إلهية الدين. 6. أن يتعايش مع أخيه وابنه وصديقه المرتدّ عن الدين، إلهيا كان أو ملحدا، دون عداوة، أو تكفير، أو قطيعة. 7. أن يقرّ بالأصول الأخلاقية والعقلانية، ويقبل بمبادئ الحداثة، وعلى رأسها السلام والحرية وحقوق الإنسان والمساواة. وإلا فـ «داعش باقٍ» كما كتب مشرق عباس، إلا إذا اعتمد المسلمون إسلام النسخ الأخلاقي، كما كتب جعفر المظفر، أي الإسلام المكي المسالم. وخير لنا وللإنسانية جمعاء، أن نطلق حركة تحرير، تحرير لله، للإيمان، للإنسان، للعقل، من سجون الدين، وزنزانات المقدس الموهوم. عندها تزدهر الأوطان، ويتعايش التنوع، ويعم السلام، وتنتشر المحبة. 08/11/2015
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 12
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 11
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 10
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 9
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 8
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 7
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 6
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 5
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 4
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 3
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 2
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 1
-
ما قلته في لقاء السفارة ب «أسبوع النزاهة؟»
-
إماطة الوشاح عن أسمائي المستعارة
-
الصدق والكذب في حياتنا
-
الاتجاهات السياسية الناقضة للديمقراطية والمواطنة
-
أن يكون المرء بشخصيتين من غير ازدواجية
-
مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 6/6
-
مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 5/6
-
مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 4/6
المزيد.....
-
رسميًا “دار الإفتاء في المغرب تكشف عن موعد أول غرة رمضان في
...
-
ساكو: الوجود المسيحي في العراق مهدد بسبب -الطائفية والمحاصصة
...
-
هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب
-
الاحتلال يسلم عددا من الاسرى المحررين قرارات بالابعاد عن الم
...
-
هآرتس: الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب أسسها إيهود باراك
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|