أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الديمقراطية والعقل العربي _ ح2














المزيد.....

الديمقراطية والعقل العربي _ ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4979 - 2015 / 11 / 8 - 22:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذه التبدلات والتحولات التي لم تنهي عند هذا الحد بل أعقبها الكثير من التغيير نتيجة الصراع السياسي والفكري والمصالح بين طبقات تغيرت أنتمائاتها وتنوعت مبررات وأسباب هذا التغير جعلت من المجتمع العربي الناشئ والذي تطور لاحقا إلى مجتمع جزئي من مجتمع أكبر وإن أحتفظ بعنصره الحضاري والفكري وهو اللغة العربية إلا أن الانقسامات والتشظي الديني والمذهبي عصفت بهذه الوحدة وشكلت من داخله شروخ وحدود وكأن هذا المجتمع مجموعة من الثقافات والحضارات أو لنقل العقليات المتناقضة التي لم يستطيع لا الدين الواحد ولا اللغة الواحدة أن تجمع هذا الطيف المتنوع من الكتل الأجتماعية على مشترك أساسي يمكن تقيم الأنتماء والهوية على أساسه , مما يعني في الحقيقة أن ما يطلق عليهم العرب اليوم هم مجموعة من القبائل الموزعة عشوائيا والمتداخلة بينها والمتشابكة بروابط متينة إلا أنها تتنازع لكي لا تكون مجتمع واحد برغم أن الفرصة مفتوحة بشكل أكبر من أي مجتمع أخر تحت نفس الظروف والمعطيات .
بقدر ما كان الدين الإسلامي بالقراءة المحمدية وبالتطبيقات التي وقعت عمليا في صدر الإسلام عامل وحدة وتوحد ومسايرة لمفهوم التوحيد وتحت شعار يا أيها الناس وشعار المسلمون أخوة والمؤمنون أخوة ولا فرق بين أسود وأبيض ولا بين عربي وأعجمي ,تحول الإسلام فيما بعد وعلى أيدي المفسرين والمتأولين والمجتهدين ونتيجة للصراعات بين المدرسة القريشية المكية المحافظة والتي لم تتخلى عن عنادها وتكوينها الفكري لصالح الإسلام والإنسانية و إلى عامل صراع وتقسيم واختلاف في فهم الفكر وفي القراءة وفي التطبيقات حتى عاد الإسلام غريبا في بلاد المسلمين ولم يبقى منه كتجربة جسدها الرسول الكريم إلا الاسم الذي يجتمع عليه العرب وغيرهم , وأنتقلت هذه الخلافات من الدائرة العربية المركزية لتنتقل لأطراف الدولة والمجتمع الأكبر وهو مجتمع المسلمين ولم ينجو هذا التقسيم أيضا من تقسيم داخلي ,فإنشطرت المدرسة المحافظة إلى مدارس والمدرسة المقابلة إلى مذاهب وصار الجميع ضد الجميع وأختفى من الوجود الأجتماعي شكل الهوية الجامعة الهوية التي تنتمي للعنصر الثقافي والحضاري لتتحول إلى هوية كيانات متضادة .
من الصعب اليوم إقناع العربي المشرقي أو المغربي أن طرفي الدين الإسلامي الرئيسيين السنة والشيعة هم قبل هذه المسميات مجتمع واحد وعنصر أجتماعي مشترك توحده اللغة والانتماء للإسلام , فهو يظن أن كلمة الشيعة تعني أنه فارسي ولو كان من الأعاريب الأقحاح ولا ينفعه هذا النسب ولو كان لا يعرف الفارسية ولم يتكلم بها لا هو ولا أسلافه في يوم من الأيام , هذا الشرخ ولد عند الطرف الأخر كره حقيقي للهوية العربية برغم من شعوره الداخلي أنه حامل أصيل لهذه الهوية , وصل الأمر أن الفارسي السني يتهم الشيعي العربي بأنه مجوسي وخارج الإسلام بأعتبار أن الفرس قبل إسلامهم كانوا مجوس في حين يعتز بإسلامه العربي وينسى أصوله وإنحداراته الفارسية , وهكذا مع بقية العناصر اللا عربية التي تنتمي للإسلام في موقفها من العرب الشيعة , وهذا واحد ن أهم عوامل ظهور الشعوبية أما يسمونها فكرة كراهية العرب من قبل الشعوب التي دخلت الإسلام عنوة تحت حد سيوف المدرسة المحافظة وليس سيف الإسلام كما هو شائع وهو الحقيقة المرة التي لا يريد العرب اليوم في أكثريتهم كمسلمين محافظين الأعتراف بها .
هذا التناحر المذهبي والطائفي وضع العقل العربي الجمعي بين محددين متناقضين للهوية أولهما العروبة بأعتبارها جامع ثقافي وحضاري عابر للمكان والزمان وبالتالي فما يميز العربي هو اللغة وثقافتها ونتاج العقل من أدب وفن وفكر وثقافة مصطبغ برائحة العروبة وتأريخها وأثرها على الأمم المشاركة بأعتبارها تحمل لغة القرآن وثقافة الإسلام ,إلا إن شعور العربي بالفخر والكبر وعلو المنزلة تجاه الأخر الذي يساويه في الدين ويتساوى معه في الإسلام يشكل نوع من التعارض وخاصة لمعتنقي المذهب المحافظ , فهو عروبي من جهة ومفتخر بحدة بعروبة وبحق العرب في قيادة الأمم وتفضيل ثقافته الخاصة العنصر العربي على بقية المسلمين يمنعه من أن يجعل من العروبة هذه هوية خالصة .
في حين أن الإسلام الدين الذي جعل قاعدة التسليم والخيرية هي عنوان الهوية تحرج العربي المحافظ ومدع الهوية القومية من التسليم بها على أنها الهوية الجامعة , ضياع العربي وخاصة المسلم بين حدود الهوية العروبية القومية وبين الأنتماء للإسلام السني جعله مترددا وتحولا وغير مستقر في تبني هوية واحدة , في حين أن العربي الأخر الذي لا ؤمن بالمدرسة المحافظة يتمسك بالهوية الإسلامية أكثر وبقوة لأنها تحميه وتحمي أنتماءه لقيم عالمة تساوي بين المسلمين ولا يجد في ذلك حرج .
هذه المقدمة الطويلة تفسر لنا كيفية تعاط العقل العربي مع الديمقراطية ولماذا لم ينجح فيها وفي ممارستها , فهو يريدها ديمقراطية محافظة تؤمن له السلطة ولو لم يكن مستحقا لها إلا بالقدر الذي تفرزه صناديق الأقتراع ومن وجهة ثانية لا يريدها لأنها تكشف هشاشة وعدم قابلية الديمقراطية أن تجسد حكم الطيف الواحد أو الطبقة الواحدة , في الجانب الأخر العقل الثاني حريص جدا على الممارسة الديمقراطية لأنها ستلقي به في مواجهة أستحقاق إنساني مغيب عنه ومسروق منه بالهوية المحافظة , وتعني له أيضا إقرار بهويته الخاصة دون أن يكون ملزما للرضوخ لهوية الأخر .
الديمقراطية العربية وإن كانت فكرة ناشئة ولم تنضج بما يكفي لتكون قادرة على تخصيص وتشخيص الهوية المجتمعية للمجتمع العربي , لكنها مطلوبة بشكل ومرفوضه بشكل , وهذا ما يجعل من العقل العربي في حذر من التعامل معها أو الأنخراط بها لأنها ستعزز من ظاهرة الفئوية والقبلية المتجذرة بالوعي اللا مباشر وأيضا خوفا من تسخيرها من قبل أصحاب السلطة والتأثير وحسب التجربة التي مرت لم يكن العقل العربي موفقا في هذا التعامل , بل وأضحت فكرة الديمقراطية مع الأخطاء التاريخية التي نتجت عن فرضها فوقيا تحولت إلى إشكالية وهم وأذى مزق المجتمع لأنها لم تلد وفقا للهوية وفي ظرف طبيعي ينبتها إنباتا .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والعقل العربي _ ح1
- أخبار جدتي الحكيمة والرب
- الدين والدنيا ح3
- الدين والدنيا ح2
- الدين والدنيا ح1
- العراق بين مطرقة الفوضى السياسية وسندان التخبط الأقتصادي _ ح ...
- العراق بين مطرقة الفوضى السياسية وسندان التخبط الأقتصادي _ ح ...
- الفكر الإسلامي والاختزالية بين دائرة المقدس الطبيعي والمقدس ...
- الفكر الإسلامي والاختزالية بين دائرة المقدس الطبيعي والمقدس ...
- الفكر الإسلامي والاختزالية بين دائرة المقدس الطبيعي والمقدس ...
- رسالة إلى من يهمه الأمر 1
- رسالة إلى من يهمه الأمر 2
- أغاني الضياع ..... والغربة
- من بيان التجمع المدني الديمقراطي للتغيير والإصلاح
- كربلاء (الموقع والتسمية) بين التأريخ واللغة ح1
- أحلام جدتي وفلسفة الفقر _ مقدمة ديوان فقراء حالمون
- كربلاء (الموقع والتسمية) بين التأريخ واللغة ح2
- حكايات الصباح ... والجدة البعيدة 2
- حكايات الصباح ... والجدة البعيدة
- السياسة الأمريكية في مواجهة داعش : بقاء التوازن لتوازن البقا ...


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الديمقراطية والعقل العربي _ ح2