|
قراءة فى صحيح البخارى (2)
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 4978 - 2015 / 11 / 7 - 21:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يُـصر العروبيون والإسلاميون وأدعياء الليبرالية وأغلب الماركسيين (المصريين) على ترديد مصطلح (الفتوحات الإسلامية) بل إنّ العروبى الكبير (د. جمال حمدان) كتب إنّ (الفتوحات الإسلاميه) أدّتْ إلى تكوين ((امبراطورية عربية/ إسلامية تحررية)) فى كتابه (استراتيجية الاستعمار والتحرر) الصادر عن (دار الشروق – عام 1983- ص26، 27) بينما كتب التراث العربى / الإسلامى تــُـكذب هذا الادعاء ، ومن بين تلك الكتب (صحيح البخارى) حيث أنّ جامع الأحاديث التزم بما سمعه من الرواة ، فجاءتْ تلك الأحاديث لتكشف الحقيقة بلا أية رتوش أو أية أصباغ للتجميل . والأحاديث لم تقتصر على الغزو، وإنما شملتْ فرض الإسلام بالقوة والتهديد بالقتال ، وهو ما ذكره البخارى عن فلان عن فلان عن ابن عمر بن الخطاب قال ، إنّ النبى قال ((أمرتُ أنْ أقاتل الناس حتى يشهدوا أنْ لا إله إلاّ الله وأنّ محمدًا رسول الله.. فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلاّ بحق الإسلام)) (حديث رفم 25) وهذا الحديث ورد فى أغلب كتب الأحاديث ، وكرّره البخارى أكثر من مرة ، وقد لاحظتُ أنّ المُـعاصرين لنا ، الذين ينقلونه يُـضيفون التعبير الشائع (مُــتفق عليه) وهذا الحديث يبدأ بداية لاهوتية / ربانية عندما استخدم كلمة (أمرتُ) وبالطبع فإنّ (النبى) لم يكن يتلقى (الأوامر) من البشر، وإنما من (الإله) الذى يأمره بقتال (الناس) وكلمة (الناس) هنا تعنى (التعميم) بحيث تشمل العرب وغير العرب. وعن فلان عن فلان عن أبى هريرة أنّ النبى قال ((انتدبَ الله لمن خرج فى سبيله لا يُـخرجه إلاّ إيمان بى وتصديق برسلى أنْ أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة. ولولا أنْ أشق على أمتى ما قعدتُ خلف سرية . ولوددتُ أنى أقــْـتـلُ فى سبيل الله ثمّ أحيا ، ثمّ أقــْـتـلُ ثم أحيا ، ثمّ أقــْـتــلُ)) (حديث رقم 36) فى هذا الحديث يتوقف العقل الحر أمام ما يلى 1- تكرار كلمة (أقــْــتـلُ) ثلاث مرات ، بما يعنى الإصرار على (القتل) 2- أنّ من يفعل ذلك (أى الخروج فى سبيل الله ، وفق ما جاء فى نص الحديث) له (أجر أو غنيمة) أى القتل بمقابل مادى ، أو يكون له نصيب فى (الجنة) كما أنّ هذا الحديث أكــّـده وأكمله حديث آخر قال فيه ((من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله عزّ وجل)) (حديث رقم 123) وعن فلان عن فلان عن أنس قال : قدم أناس من عـُـكل أو عـُـرينة فاجتووا المدينة. فأمرهم النبى بلقاح ، وأنْ يشربوا من أبوالها وألبانها ، فانطلقوا ، فلما صحوا قتلوا راعى النبى واستاقوا النعم (يقصد الغنم) فجاء الخبر فى أول النهار، فبعث فى آثارهم ، فلما ارتفع النهار جيىء بهم ، فأمر (النبى) فقطع أيديهم وأرجلهم وسُـمّـرتْ أعينهم ، وألقوا فى الحرة يستسقون (أى يطلبون الماء) فلا يُـسقون)) وكان التبرير الذى جاء فى ختام الحديث أنّ هؤلاء قتلوا وسرقوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله)) (حديث رقم 233) فإذا كان هؤلاء قد قتلوا (راعى النبى) وسرقوا الغنم ، فهل يكون العقاب قطع الأيدى والأرجل ووضع المسامير فى أعينهم ؟ أليستْ تلك الواقعة تدل دلالة واضحة على أنّ ذلك المجتمع لم يعرف (نظام القضاء) أو حتى أبسط شكل من أشكال دولة القانون ، كما عرفته شعوب قديمة ، مثل المصريين القدماء واليونانيين القدماء؟ وإذا كان المجتمع العربى/ البدوى/ الرعوى لم يعرف (دولة القانون) فكان من الطبيعى أنّ أبناء ذلك المجتمع يشربون (بول) البعير، كما جاء فى الحديث. وعن فلان عن فلان عن جابر بن عبد الله أنّ النبى قال ((أعطيتُ خمسًا لم يُـعطــَـهنّ أحد قبلى : نــُـصرتُ بالرعب مسيرة شهر، وجـُـعلتْ لى الأرض مسجدًا وطهورًا ، وأحلــّـتْ لى المغانم ولم تحلّ لأحد قبلى ، وأعطيتُ الشفاعة ، وكان النبى يُـبعث إلى قومه خاصة ، وبُـعثتُ للناس عامة)) (حديث رقم 335) فكيف يكون التوفيق بين بداية الحديث عن (النصر بالرعب) ونهايته عن أنه (بُـعث للناس عامة) فهل المعنى هو بث الرعب فى نفوس كل الناس ؟ وأعتقد أنّ هذا الحديث فيه تأكيد على المصير الذى كان من نصيب الذين تمّ تقطيع أيديهم وأرجلهم وتسمير (نسبة إلى وضع المسامير) أعينهم فى الحديث السابق . وعن فلان عن فلان عن أنس بن مالك أنّ رسول الله دخل عام الفتح على رأسه (المـِـغفر) فلما نزعه جاء رجل فقال أنّ ابن خطل مُــتعلــّـق بأستار الكعبة. فقال الرسول ((اقتلوه)) (حديث رقم 1846) وهذا الحديث أراه مبتورًا من سياقه العام ، أى من مجمل المشهد ، حيث أنّ الراوى (أنس بن مالك) لم يذكر تفاصيل التعلق بأستار الكعبة ، فهل كان يتعبـّـد أم كان يفعل شيئــًا مُـشينــًا ؟ وهذا الفعل المُـشين هو ما جعل النبى يأمر بقتل الرجل ، وفى كل الأحوال (بفرض أنّ الرجل ارتكب فعلا مُـشينــًا) فلماذا كان العقاب (القتل) وليس أى (عقاب) آخر؟ وعن فلان عن فلان عن جابر بن عبد الله قال : سمعتُ رسول الله يقول ((من لكعب بن الأشرف فإنه آذى الرسول)) فقال محمد بن مسلمة : أنا . وانتهى الحديث بقتل كعب بن الأشرف (حديث رقم 2510) وهذا الحديث أيضًا مبتور السياق ، حيث لم يرد فيه أية تفاصيل عن نوع (الأذية) التى سبـّـبها ابن الأشرف للرسول ، هل لأنه كان يقول الشعر المُـعارض للنبى ، كما ذكر ابن إسحاق وابن هشام وغيرهما ، أم لأسباب أخرى ؟ وهل قول الشعر المُــعارض يستدعى القتل ؟ وعن فلان عن فلان عن أبى هريرة قال : بعثنا رسول الله فى (بعث) وقال لنا ((إنْ لقيتم فلانــًا وفلانــًا – رجليْن من قريش سماهما – فحرّقوهما بالنار. ثم أتيناه نوّدعه أردنا الخروج فقال ((إنى كنتُ أمرتكم أنْ تــُـحرّقوا فلانــًا وفلانــًا بالنار، وإنّ النار لا يُــعذّب بها إلاّ الله ، فإنْ أخذتموهما فاقتلوهما)) (حديث رقم 2954) وهذا الحديث أيضًا مبتور السياق ، حيث أنّ راوى الحديث (أبو هريرة) لم يذكر السبب الذى جعل النبى يأمر بقتل هذيْن الرجليْن من (قريش) ولماذا لم يذكر البخارى اسم كل منهما واكتفى بأنْ كتب ((رجليْن من قريش سماهما)) أى أنّ أبا هريرة ذكر اسمىْ الرجليْن . ولماذا تراجع النبى عن أمره بحرق الرجليْن ؟ وكيف غاب عنه المُـبرّر الذى ساقه وهو أنّ ((النار لا يُـعذّب بهما إلاّ الله)) ؟ وصحيح أنّ (حرق) إى إنسان شىء بشع ، ولكن هل (القتل) لمجرد أنه أقل بشاعة من (الحرق) يكون مُـسوّغـًا لاغتيال أى إنسان اختلف مع الرسول ؟ خاصة وأنّ الحديث جاء غفلا عن ذكر السبب الذى جعل النبى يغضب من هذيْن الرجليْن ، وأمر بقتلهما. وهل قتل الخصوم أحد الأسباب التى جعلتْ الرسول أنْ يقول لأتباعه ((واعلموا أنّ الجنة تحت ظلال السيوف)) ؟ (حديث رقم 2966) وهل الرغبة فى القتل والشغف به هو ما جعل الرسول لأنْ يقول ((لولا أنْ أشق على أمتى ما تخلــّــفتُ عن سرية. ولكن لا أجد حمولة ، ولا أجد ما أحمّـلهم عليه. ويشق علىّ أنْ يتخلــّـفوا عنى ، ولوددتُ أنى قاتلتُ فى سبيل الله فقــُــتلتُ ثم أحييتُ ثمّ قــُــتلتُ ثم أحييتُ)) (حديث رقم 2972) فما سر هذا الشغف بالقتل والقتال ؟ هل هى الصحراء الجافة التى حرمتها الطبيعة من المياه العذبة ، وبالتالى نــُـدرة المحصولات الزراعية ، ومن هنا جاء الاعتداء على القبائل (العربية) التى عرفتْ الزراعة مثل يثرب ، وبعد السيطرة على القبائل العربية بدأ الاعتداء على الشعوب الأخرى ، وهذا ما تأكد فى حديث ((بـُـعثتُ بجوامع الكلم ، ونــُـصرتُ بالرعب ، فبينما أنا نائم أتيتُ (ضمة على همزة الألف) بمفاتيح خزائن الأرض ، فوُضعتْ فى يدى)) ثم قال أبو هريرة ((وقد ذهب رسول الله وأنتم تنتثلونها)) (حديث رقم 2977) والكلمة الأخيرة فى كلام إبى هريرة معناها تجنونها أو تحصدنونها. وقد تأسّـستْ قاعدة القتل على مرجعية دينية صاغها محمد فى حديث شهير ((من بـدّل دينه فاقتلوه)) (حديث رقم 3017) ودعّم النبى ذلك الأساس الدينى بحديث ((من أطاعنى فقد أطاع الله ، ومن عصانى فقد عصى الله ، ومن يـُـطع الأمير فقد أطاعنى ، ومن يعص الأمير فقد عصانى) (حديث رقم 2957) وذكر البخارى حديثــًا طويلا عن شخص اسمه (خبيب الأنصارى) كان من أسرى غزوة بدر، وتمّ بيعه بعد الغزوة واشتراه (بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف) وكان خبيب هو الذى قتل رب الأسرة (الحارث بن عامر) يوم بدر، فلبث عند الأسرة أسيرًا... ولما خرجوا من الحرم ليقتلوه ، قال لهم خبيب ((ذرونى أركع ركعتيْن)) فتركوه ، فركع ركعتيْن ثم قال : لولا أنْ تظنوا أنّ ما بى جزع لطولتها اللهم أحصهم عددًا ثمّ أنشد : ولستُ أبالى حين أقتلُ مسلمًا على أى شق كان لله مصرعى وذلك فى ذات الإله وإنْ يشأ يُـبارك على أوصال شلوٍ مُمزّعِ فقتله ابن الحارث (حديث رقم 3045) وأكتفى بهذا العدد من الأحاديث عن قتل الخصوم ، لأنّ غيرها ، سواء عند البخارى أو مسلم أو غيرهما ، لا تخرج فى معناها عن الأحاديث المذكورة ، والتى أعتقد أنّ فيها الدليل القاطع على عقلية العرب الشغوفة بالقتل ، مع التأكيد على أنّ التوقف عند اسم قائل الحديث ، سواء أكان النبى محمد ، أو أى شخص آخر، ليس له أهمية ، فهو فى النهاية – وفى كل الأحوال – عربى/ بدوى/ رعوى. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة فى صحيح البخارى (1)
-
بورتريه عن شخصية خالتى
-
كروان (وحيد) بين الغربان
-
كيف نشأ الجيش فى مصر القديمة
-
محمود درويش وأمل دنقل
-
هل يمكن قتل (الرغبة فى القتل) ؟
-
لماذا العرب ضد العرب
-
لماذا تعدد الإسلام بتعدد الشعوب ؟
-
هل السياسيون كارثة على شعوبهم ؟
-
هل يجرؤ أى حاكم الاعتداء على اسم وطنه؟
-
القبائل العربية فى مصر
-
العرب قبل وبعد الإسلام (19)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (18)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (17)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (16)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (15)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (14)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (13)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (12)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (11)
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|