|
كروان (وحيد) بين الغربان
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 4975 - 2015 / 11 / 4 - 22:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كروان (وحيد) بين الغربان طلعت رضوان هل يستطيع أى إنسان مقاومة الأصولية الدينية ، حتى لو كان هذا الإنسان يشغل منصب وزير الثقافة ، بينما كافة أجهزة الدولة (خاصة التعليم والإعىلام) مع الأصولية ، وضد العلمانية والليبرالية ، بل وضد إحداث أى تنوير للعقل المصرى أعتقد أنّ أى إنسان يمتلك عقلا حرًا وضميرًا حيًا لابد أنْ يتضامن مع وزير الثقافة حلمى النمنم فى حملته ضد الأصوليين الإسلاميين (المؤمنين) بصواب (السلف) ولا يعنيهم التغيرات التى حدثتْ عبر أكثر من 14قرنـًا ولا التطور الذى أحدثه العلم science وتطبيقاته العملية. يرى النمنم أنه من الظلم لشعبنا الذى أبدع جدوده أول حضارة إنسانية رسّـختْ لمبدأ أنّ (الضمير) أقوى من كل القوانين الوضعية ، ووصفهم هيرودوت بأنهم ((يزيدون كثيرًا عن سائر الناس فى التقوى)) ومع ذلك يأتى الأصوليون ويتهمون شعبنا بالكفر، ويرفضون مبدأ (المواطنة) لذلك كانت سعادتى بتعيين النمنم فى منصب وزيرالثقافة ، لأنه فى كل كتبه التى أصدرها كان يهتم بترسيخ مبادىء حقوق الإنسان بمفهومها العالمى كما جاء فى إعلان ديسمير1948. كما كانت له مواقف عديدة فى مواجهة جيوش الظلام من طلبة الأزهر، مثل (فتنة) رواية (وليمة لأعشاب البحر) للأديب السورى الكبير (حيدر حيدر) فأصدر كتابه المهم (وليمة للإرهاب الدينى) عن دار الحرية عام 2000. ولكن رغم سعادتى بمنصبه ، فإنّ تلك السعادة يُـعكــّـرها التوجس من عدم مؤازرة باقى مؤسسات الدولة لمشروعه التنويرى. وأعتقد أنّ هذا المشروع لن يتحقق إلاّ بعد النجاح فى إزالة الألغام التالية ، ومساعدته فى كيفية التخلص منها مثل : لغم الأصوليين المُـعششين فى وزارة الثقافة. فهل سيسمح له النظام السياسى بنقلهم إلى وزارات أخرى لاشأن لها فى توجيه الرأى العام مثل الزراعة والرى؟ لغم الأصوليين المُعششين فى أجهزة الإعلام (الحكومية والخاصة) وكيف يمكن التخلص من خطر توجهاتهم التى تــُـرسخ لضرورة العودة للخلف وبالتالى للتخلف ؟ وهل ستستجيب تلك الأجهزة لدعوة الوزير نحو (التنوير) بالاستعانة بالتنويريين الحقيقيين بدلامن الظلاميين؟ لغم الأصوليين المُـعششين فى التعليم الأولى والجامعى ، وبمراعاة أنّ الخطورة لا تكمن فى الأصوليين الإداريين فقط ، وإنما فى المُـدرسين الأصوليين الذين يُوجـّـهون عقول الطلبة الذين هم أجيال المستقبل ؟ ولعلّ ما حدث بعد قرار رئيس جامعة القاهرة (د. جابرنصار) بمنع المنتقبات من التدريس ، يكون دالا على صحة توجسى ، حيث انصبّـتْ عليه سهام الأصوليين من كبار (الدكاترة) الجامعيين الذين أزالوا أقنعتهم وتعروا تمامًا بهجومهم على ذلك القرار، مثلهم مثل غلاة الأصوليين ، أى أنه بدلا من تعميم القرار على كل جامعات مصر، وقفوا ضده، فماذا يفعل النمنم وأغلب الجامعيين ضد التنوير؟ وماذا يفعل مع الطفل الذى يذهب إلى الحضانة ويقف أمام شبح أسود (المُـربية أو المُـدرسّة) ؟ لغم مناهج التعليم : سأفترض أنّ العاملين بوزارة الثقافة تعاونوا مع الوزير لتحقيق مشروعه التنويرى ، وسأفترض أنّ الدكاترة الجامعيين راجعوا أنفسهم وتخلوا عن مشروعهم الظلامى لصالح لدولة القانون والحداثة ، ومع ذلك فإنّ مناهج التعليم كفيلة بنسف أى محاولات نحو (دولة المواطنة) وعلى سبيل المثال فقد راجعتُ كتب المعاهد الأزهرية المقررة على طلبة الصف الأول والثانى والثالث للأعوام الدراسية 1997/98، 2002/ 2003، 2014/ 2015 فوجدتُ التطابق التام فى كل السنوات ، ولكن الاكتشاف الأهم أنّ محاور الكتب الأزهرية تسعى لترسيخ 1- تعميق الاغتراب الوجوى 2- ينقسم البشر إلى أحرار وعبيد 3- مسلمين وكفار(= غير المسلمين على الاطلاق) 4- دونية المرأة 5- تعظيم الخرافة. وسأكتفى ببعض الأمثلة : البشر ينقسمون إلى أحرار وعبيد : فى الجزء الثانى من كتاب (الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع) المقرر على الصف الثانى الثانوى (أدبى وعلمى) يتعلم التلاميذ أنه فى حالة استلام العبد فيُـشترط ذكر نوعه (= جنسيته) لأنه يقول بعد تلك الجملة مباشرة ((فإنْ اختلف صنف النوع كرومى.. إلخ) وعن الأشياء التى يصح رهنها الأمة (= المرأة العبدة) وكتب المؤلف ((لا يملك العبد بتمليك العبد سيده ولا بتمليك غيره لأنه ليس أهلا للمُـلك لأنه مملوك فأشبه ب البهيمة)) البشر ينقسمون إلى مسلمين وكفار: فى فصل (مُبطلات الصلاة) يتعلم التلاميذ ((تــُـكره الصلاة فى الأسواق وفى الحمام وفى المزبلة وفى الكنيسة وهى معبد النصارى)) وهكذا ساوى المؤلف بين الكنيسة والمزبلة. ولم يكتف بذلك وإنما أضاف ((قال رسول الله لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) وعن صلاة الاستسقاء يتعلمون أنه لامانع من حضورأهل (الذمة) ولكن يُـكره إخراجهم لأنهم ربما كانوا سبب القحط وقال الشافعى : ولا أكره من إخراج صبيانهم ما أكره من إخراج كبارهم لأنّ ذنوبهم أقل ، لكن يُـكره لكفرهم. وقال النووى: وهذا يقتضى كفر أطفال الكبار. وقد اختلف (العلماء) فيهم إذا ماتوا. فقال الأكثرون إنهم فى النار)) والتعليم الأزهرى يزرع فى عقول التلاميذ أنّ المصريين (المسيحيين) ليس لهم الحق فى موارد الدولة وليس لهم حق الإقامة فى مصر، فقال المؤلف ((يُـمنع الذمى من أخذ المعدن والركاز (= الموارد الطبيعية) بدارالإسلام ، كما يُـمنع من الإحياء بها لأنّ الدار للمسلمين وهو دخيل فيها)) ويتعلمون فى (شروط وجوب القصاص) أنْ لا يكون المقتول أنقص من القاتل بكفر أو رق ، فإنْ كان أنقص بأنْ قتل مسلم كافرًا فلا قصاص . ويتعلمون أنّ ((تارك الصلاة كسلا يُـقتل حدًا على الصحيح. الموقف من المرأة: أصرّ المؤلف على التفرقة بين الرجل (المسلم) والمرأة (المسلمة) فقال : إنّ الأنثى ناقصة عن الرجال لقول الرسول: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة. وفى حالة إعطاء الزكاة فإنّ الأمر يتطلب ((ضرورة إخبار عدليْن أو عدل وامرأتيْن)) أى أنّ الرجل = امرأتيْن . وفى (فصل الوصية) يتعلمون أنّ الوصية لا تجوز إذا ((لم تكن المرأة فراشـًا لزوج أوسيد ، فإذا كانت فراشـًا.. إلخ)) فالمرأة ((فراش للرجل)) ويتعلمون أنّ (الحر) له أنْ يجمع بين أربع زوجات من الحرائر ((مع جواز الجمع بين الإماء بملك اليمين من غير حصر. أما (العبد) فيجوز له أنْ يجمع بين اثنتين فقط لأنه على النصف من الحر)) ويتعلمون ((لو كان الرجل تحته حرة أو أمة فللحرة ليلتان وللأمة ليلة)) مع مراعاة لفظ (تحته) أى أنّ المؤلف رفض استخدام لفظ (زوجته) أو شريكة حياته. وسلطة الزوج عن تقدير (نشوز زوجته) تمتد لتشمل عدم فتح الباب له أو زيارة أقاربها دون إذنه أو لم تــُـمكنه من نفسها إلخ ، وبالتالى يحق له الامتناع عن الإنفاق عليها. حتى فترة (عدة المرأة المُـطلقة والأرملة) تختلف بين (الحرة) و(العبدة) ومن الأشياء الخطيرة أنّ المؤلف ساوى بين كتب الشعوذة وكتب الفلسفة فحرّم بيعها. وفى (باب الصدقات) دعوة للغزو حيث قال أنّ من بين المُستحقين للصدقة الشخص الذى يقوم ((فى سبيل الله وهو غاز، ذكر مُــتطوع بالجهاد فيُـعطى ولوغنيًا ، إعانة له على الغزو)) أعتقد أنّ مهمة الكاتب الكبير حلمى النمنم ستظل عسيرة إنْ لم تحتضنها مؤسسات الدولة، لتكون ضمن النسيج العام للمنظومة السياسية والاجتماعية (وليست الثقافية فقط) وأنّ مشروعه التنويرى لن يتحقق ولن ينجح إلاّ بعد إزالة الألغام التى أشرتُ إليها (وهى على سبيل المثال) وكيف سينجح مشروعه التنويرى تحت سياط وجود أحزاب دينية (مهما حاول أعضاؤها التنكر والتمسح فى كلمة المدنية) والكارثة أنّ ذلك تمّ رغم مخالفة الدستور، بل ومخالفة الإعلان الدستورى الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى30مارس2011حيث نصّـتْ المادة رقم 4 على ((لا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى)) أخشى أنْ يكون النمنم (فارس معركة التنوير) دخل المعركة وحيدًا دون سند من مؤسسات الدولة ، ودخلها فى ظرف برزتْ فيه أنياب الأصوليين ، بل وتضامن معهم كثيرون من (كبار المُـتعلمين) المُـتربعين على عرش الإعلام . وإذا كان مقالى فيه نبرة تشاؤم ، فإننى أذكــّـر القارىء بما قاله الفيلسوف الألمانى نيتشه لشعبه ((عليكم أنْ تستشعروا الخطر دائمًا حتى تتقـدّموا ولا تتخلــّـفوا)) ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف نشأ الجيش فى مصر القديمة
-
محمود درويش وأمل دنقل
-
هل يمكن قتل (الرغبة فى القتل) ؟
-
لماذا العرب ضد العرب
-
لماذا تعدد الإسلام بتعدد الشعوب ؟
-
هل السياسيون كارثة على شعوبهم ؟
-
هل يجرؤ أى حاكم الاعتداء على اسم وطنه؟
-
القبائل العربية فى مصر
-
العرب قبل وبعد الإسلام (19)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (18)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (17)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (16)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (15)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (14)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (13)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (12)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (11)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (10)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (9)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (8)
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|