أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاروق عطية - عمو فؤاد والكيف وليلة الجمعة














المزيد.....

عمو فؤاد والكيف وليلة الجمعة


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 4975 - 2015 / 11 / 4 - 19:36
المحور: سيرة ذاتية
    


رأيت من المفيد أو من اللآئق أن أحدثكم عن بعض من ذكريات أيام الطفولة والنمو والشباب بدلا من أحلام هذا الزمن الرديئ الذي لا تتحقق فيه أحلام من يجدّ ويكدح ويطفح الكوتة مهما حصل علي شهادات لا تنفع ولا تفيد إلا بملئ جدران البيت بها مبروزة يأفخر البراويز, قد يعيد الحاصل عليها النظر إليها من آن لآخر ويسترجع صدي ولي أمره صائحا: "يا واد سيبك من الصياعة ولعب العيال وخليك في دروسك حتي ترتقي وتصل لعظمة سعد باشا زغلول أو مصطفي النحاس باشا أو قؤاد باشا سراج الدين", حين يحاول الذهاب للمدرسة أيام الراحة الأسبوعية لممارسة كرة القدم مع أترابه ويتنهد ويتمني لوكان لم يستمع لنصائحه التي ضاع أوانها مع حركة ضبات 1952 التي قلبت الموازين , وأهدرت قيمة العلم ومن يتعاطاه وأنكرت عظمة سعد زغلول وحقرت من مصطفي النحاس وأهدرت قيمة سراج الدين, ورفعت من قيمة المحاسيب وأهل الثقة من الطبالين والراقصين والأرجوزات والمتلونين علي كل لون والآكلين علي كل الموائد , ولاعبي الكرة من الفاشلين والجهلاء. وتصور لو أنه خالف والده الرأي واهتم بلعب الكرة أو تعلم العزف علي آلة موسيقية أو درب صوته علي القناء أو مارس الرقص, لربما كان له شأن عظيم في دنيا الكرة المجنونة, أو الطرب من نوعية كوز المحبة اتخرم اديله بنطة أو دلعها وشنكلها أم حسن وأمثال هذه التفاهات التي تعطي من يتعاطاها الملايين ومن يهجرها للعلم والدراسة والحصول علي أعلي الشهادات الحسرة والندم, ومنك لله يابويا اللي منعتني من اللعب والهلس والتهجيص.
كان التعليم زمان يختلف عما هو عليه اليوم. وكانت الوزارة المختصة تسمى وزارة المعارف العمومية. والدراسة النظامية تبدأ بالمرحلة الابتدائية وهى أربعة سنوات, يدخل التلميذ السنة الأولى بعد أن يكون قد قضى ثلاث سنوات على الأقل فى روضة الأطفال حيث يتعلم فيها الكتابة والقراءة وعمليات الحساب البسيط كالجمع والطرح وجدول الضرب وعمليات القسمة البسيطة. وعندما تُقَدَم أوراقه للاتحاق بالأولى الابتدائ يُمتَحَن فى الحساب والخط والإملاء والمطالعة, إذا لم ينجح لا يقبل. وكانت المرحلة الابتدائية أربعة سنوات نهاية كل سنة دراسية يعقد إمتحان جاد يرسب فيه عدد ليس بالقليل. وكان بعض أولياء الأمور من الحصافة بأن يروا عند تعثر إبنهم فى السنوات الأولى يأخذونها من قصيرها ولا يتركونه حتى يشيخ ويكبر سنه, لكن يخرجونه من المدرسة ويلحقونه بورشة ليتعلم مهنة تعينه على الحياة, مش زى هذه الأيام الغبرة التى ينتقل فيها التلميذ سنة وراء سنة دون أن يتعلم حتى كتابة إسمه بطريقة صحيحة ويستمر كذلك فى الإعدادية وحين يصل إلى الثانوية يُكتَشف فشله متأخرا فلا يصلح للدراسة ولا يمكنه تعلم صنعة. وكان فى نهاية المرحلة يتم إمتحان على مستوى المديرية (المحافظة الآن) لا يقل أهمية عن امتحانات الثانوية العامة هذه الآيام.
إلتحقت بالمرحلة الابتدائية من الأعوام الدراسية 45/1946 حتى 48/1949 وأنا فى السنة الأولى كان فؤاد عبد الجابر زعيم المدرسة بالسنة الرابعة, وانتقلت من سنة دراسية إلى أخرى حتى وصلت للسنة الرابعة وكان يزاملنى فؤاد عبد الجابر, وكنت حين أخاطبه أقول عمى فؤاد فقد كان كبيرا, ذو شنب مفتول ومتزوج وله ثلاث أولاد. فى هذه الأيام لم يكن هناك تحديد لعدد سنوات الرسوب, ويبدو أن عم فؤاد وجد فى المدرسة مرتعا أفضل من العمل فلم يسعى للنجاح.. هكذا تصورت. كان فؤاد زعيما للمدرسة يقود المظاهرات تقريبا كل يوم خميس أى نهاية الأسبوع وكان لا يعدم السبب. فقد كان فى هذه الفترة الصراع علي نيل الاستفلال التام عن بريطانيا, أيضا كانت هناك ارهاصات كفاحية في مراكش (المغرب الآن) ضد الاستعمار الفرنسى. كان عندنا فى مدينة طهطا (مديرية جرجا) بوسط الصعيد قنصلية فرنسية. يبدأ عم فؤاد المظاهرة بالخروج إلى الشارع ويصرخ بصوته الجهورى: يحيا اتحاد الطلبة عندها نخرج جميعا مرددين خلفه الهتاف ونسير إلى المدارس المختلفة مثل مدرسة طهطا الثانوية ومدرسة التوفيق الثانوية والمعهد الدينى والعديد من المدارس الابتدائية والإلزامية جميعهم يمتثلون لنداء يحيا اتحاد الطلبة. ثم يردد هتاف يحيا كفاح مراكش وتسقط فرنسا العاهرة ونتوقف أمام القنصلية الفرنسية مرددين هذا الهتاف عشرات المرات. ثم يلتفت إلينا الزعيم ماسكا طربوشه ويطلب من كل فرد أن يضع تعريفة ( نصف قرش) فى الطربوش لزوم إرسال برقيات تأييد للقضية المراكشية وشجب لفرنسا العاهرة.
ومرات كان سبب المظاهرات تأييد لحزب الوفد واستنكار لحزب الدستوريين أو السعديين, ومرات لطلب الاستقلال التام أو الموت الزؤام (ولو اني لحد الآن مش عارف يعني إيه الموت الزؤام). وذات خميس يبدو أنه لم يجد سببا يخرجنا به إلا الهتاف بتسقط جمهورية الهند الباغية ونحن نردد كالببغاوات خلفه هذا الهتاف, وآخر المطاف يلم التعاريف فى طربوشه ونعود لمنازلنا سالمين. استفزنى موضوع جمهورية الهند الباغية فعدت لكتاب الجغرافيا فوجدت أن الهند لا هى جمهورية ولا ملكية إنما هى مستعمرة تحت حكم التاج البريطاني (في تلك الأيام). فى بداية الأسبوع واجهت عمو فؤاد وقلت له: إيه حكاية جمهورية الهند اللى انت طلعتنا مظاهرة عشانها الخميس الفائت؟ فرد مستنكرا : هند إيه؟ هو انا طلعت المظاهرة عشان جمهورية الهند؟ قلت له: أيوه ولعلمك الهند ليست جمهورية ولا ملكية وهى مستعمرة إنجليزية. فصفعنى على وجهى قائلا: أهو أنا خرجتكم عشان تذاكروا فى بيوتكم وخلاص, هوانت هتحاسبنى؟ وعلمت من بعض الزملاء أن الزعيم يلم التعاريف بعد المظاهرة لزوم شراء الكيف تمهيدا لليلة الجمعة.. وليست هناك برقيات تأييد أو شجب..!!



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم بين الأمس واليوم
- تخبط كاتب وتصحيح معلوماته
- طفولية نظرتنا للأمور
- الجن والتدجيل والتداوي ببول البعير
- حصادنا التآمر وجزاء سنمار
- بعد الوليمة
- الشعوذة وعقدة الأعياد والطقم الاسود
- النيل نجاشي أسمر ملك روحي
- الجميلة والأقرع
- إتش الذي أحببناه حتي قتلناه
- فضيحة أبو العربي في بيرث
- يا خوفي يا بدران
- الحمير وعلي الله التدبير
- الأقباط والسيسي في عامه الأول
- بدون حجاب دونك والباب
- عصر وراء عصر تطور برلمان مصر
- حسرة علي مثقفي هذا الزمان
- مدينة أون المشرقة
- أرقص واتحنجل وخلّي بالك من شنجل
- تكيلا وسالسا وصبايا في بلاد المايا


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاروق عطية - عمو فؤاد والكيف وليلة الجمعة