محمد البورقادي
الحوار المتمدن-العدد: 4975 - 2015 / 11 / 4 - 08:21
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هناك في الطريق وبالظبط على جنبات الطريق .. تحفنا أشجار الأوكاليبتيس وأشجار الزيتون ..تسقط علينا ظلالها وتخفف على أبداننا من وطأة الشمس ومن حر الصيف ..وأنت مار بعربتك من هناك ..تبصر نباتات يابسة صفراء وقد كانت بالأمس مزهرة خظراء..وتبصر أرضا كلحاء قد أضنتها حرارة الشمس فأردتها ضمآنة لهتاء..
وتسائل نفسك قبل أن تسألك وتقول ..ما بال الشجر يانعا ومورقا وما بال النبات مصفرا مكفهرا.. والإثنان يقطنان نفس الأرض ويقتاتان على نفس الكلأ ويرتويان من نفس المنبع..ومع ذلك لكل حاله ومنظره وحياته ومماته ..وبينما يأخذك البهت والحيرة وتلتف بك عقد المنطق فتقودك لبديهيات علمية ومكتشفات مسبوقة فتحسب بذلك أن جذوع الشجر عميقة القرار تشف الماء من الباطن وأن جذوع النبات سطحية تسبح في القشرة الخارجية للأرض وهذه الأخيرة تنهكها حرارة الشمس فيسري الإنهاك في كل ما تحمل عليها ..تستوقفك حكمة البديع عز وجل ويسوقك إلهامه إلى الإعتراف ببديع صنعه وكمال خلقه وميزانه الذي لا يخطأ ولا يغفل عن مثقال ذرة إلا أحاط بها ..
كذالك اقتضت حكمته البالغة في إحياء الشجر على الدوام وإروائه من نبع لا ينفذ وتزويده بجذوع طويلة كالحفارات تحفر حتى الأعماق لتنهل من فيض الرحمان فتبقى في حياة ممتدة طوال أعوام تؤتي تمرها كل حين بإذن ربها ..وتظل كل عابر سبيل بورقها وأغصانها وتنفث الأكسجين في كل مكان فيحيا به الإنس والحيوان ..
من قدر لهذا ومن أوجده ومن حسب له حسابه وأحسن خلقه ..!!
ولو أن الشجر يذبل بحرارة الشمس ويجف بقلة المطر كما يحدث للنبات لما كان من أكسجين نستنشقه ولوجدتنا نصارع الموت بالإختناق ونكابد مرارة الحياة بالسم الزعاف الذي تطرحه ما كسبت أيدينا من قنابل ومركبات ومصانع ومولدات للطاقة ولصارت صدورنا حرجة ضيقة كما لو أننا نصّعد في السماء ..ولصار نفسنا كأنه يخرج من سم الخياط ..فسبحان العليم الحكيم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى..
#محمد_البورقادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟