|
كيف نشأ الجيش فى مصر القديمة
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 4974 - 2015 / 11 / 3 - 23:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اعترف كثيرون من المؤرخين وعلماء علم المصريات ، أنّ جدودنا المصريين القدماء لم يهتموا بصناعة السلاح فى بدايات تكوين الدولة المصرية. وعلــّـل عالم المصريات الألمانى (أدولف إرمان) ذلك بأنّ ((المصريين القدماء لم يتعطشوا نحو الأخذ بالثأر، كما كانت الحال فى الشعوب الأخرى ، ولذلك بقيتْ هذه العادة غريبة عنهم ، وكذلك لم يكن لديهم كلمة صريحة يُعبّرون بها فى لغتهم عن هذا الشعور، ومن أجل هذا بقيتْ ديانتهم خلوًا من الطقوس المُـخيفة التى تحيد بالديانات الأخرى عن الطريق المُعـتـدل ، ولم يكن فيها مكان لآلهة ظمأى نحو الدماء ، ولا طقوس تــُـسرف فى الشرور والشراهة)) (ديانة مصر القديمة – ترجمة د. عبد المنعم أبوبكر ، ود. محمد أنور شكرى – هيئة الكتاب المصرية- عام 1997- ص 11) ومن أجل ذلك لم يهتم ملوك مصر بتكوين فِـرق للجيش إلاّ بعد كثرة الغزوات من الأنظمة الآسيوية. وهذاهو الموضوع الذى عالجه د. عبدالرحمن زكى فى كتابه (الجيش فى مصرالقديمة- هيئة الكتاب المصرية- عام 2015) وأشار إلى أنّ قادة الجيش كان يتم تعيينهم بالانتخاب. وأنّ الجيش لم يكن ((عصابات تقوم على السُخرة أو السلب ، بل كان جيشـًا مُـنظمًا على الإدارة الحربية)) وأظهرتْ النقوش على مقبرة (ونى) تكوين الجيش بواسطة حكام المقاطعات. وكان يتم تسجيل أسماء الجنود. ودلــّـتْ الرسوم المنقوشة على جدران الطريق لهرم الملك (أوناس) أنّ كل فصيلة تحت قيادة ضابط . ودلــّـتْ نقوش أخرى على تنظيم الجيش وفرقه وتسليحه. وفى مقابر الأسرتيْن11، 12 فى بنى حسن وغيرها مناظر تدل على العناية بتدريب الجنود على الألعلب الرياضية. وكذلك على مناظر تــُـوضّـح المعارك الحربية وحصار القلاع. وكان كل جندى يأخذ من حاكم المقاطعة مساحة معينة من الأرض ليعيش هو وأسرته من إنتاجها. وفى القرن الخامس ق.م كان كل جندى يمتلك حوالى سبعة أفدنة من الأراضى الصالحة للزراعة. ولم يكن يُـفرض على الجنود أية ضرائب. وذكر تفاصيل مقاومة الهكسوس والدور العظيم لأسرة (سقنن- رع) وولديه (كاموسى وأحمس) والدور المهم للأم التى وقفتْ وراء الصبى أحمس حتى كبر، وبفضله تم تحرير مصر من الهكسوس. وكان الجيش مُـدربًا ويتألف من عدة فرق وكل فرقة تعتمد اعتمادًا كليًا على نفسها. والضباط كانوا يدرسون (الثقافة العامة) بجانب الثقافة الحربية. وكمثال على ذلك الحوار الذى دار بين ضابطيْن فى عصر الرعامسة حول الثقافة العامة، مثل ظروف البلاد الخارجية. وذكر تفاصيل الحوار الذى دار بين تحوتمس الثالث وقادة الجيش قبل معركة (مجدو) ووصلتْ الدقة لدرجة تدوين ما يحدث أثناء الحملات الحربية، وبعضها منقوشة على جدران معبد الكرنك. كما أنّ مصر القديمة عرفت نظام (جنود الاحتياط) كما فى العصرالحديث. ودلــّـتْ النقوش التى كتبها (آمن- حتب- حِـبو) على تفاصيل التجنيد والفرق بين الجيش العامل وجنود الاحتياط وكتب ((لقد وضعتُ فِـرقــًا على الطريق لترد الأجانب إلى بلادهم وخصوصًا البدو الرحل. وقمتُ بنفس العمل على الشواطىء عند مصبات النهر. وتمكنتُ من تأديب همج آسيا)) وفى عهد الدولة الوسطى كانت إدارة الحدود مُـقسّمة تقسيمًا مُـحكمًا، وكان يُـشرف على الحدود الشرقية أمير المقاطعة رقم16(بنى حسن الآن) وفى أوقات السِلم كان الجنود والضباط يُساهمون فى انجاز مشاريع البناء. وفى الوثيقة المعروفة ب (بردية أنسطاسى) المعلومات التى كان يجب على كل (موظف حربى) أنْ يلم بها. وقدرته على حل المشكلات التى قد تواجهه. وأهم ماجاء بتلك البردية : على كل (موظف حربى) المعرفة التامة بتخطيط البلاد التى ستندلع فيها الحرب ، وعالمًا بلغة أهلها ، وأنْ يكون فى المستوى العلمى الذى تتطلبه وظيفته. ويعتبر الملك زوسر (الأسرة الثالثة) أول من نظــّـم وسائل الدفاع عن حدود مصر. فقسّم الحدود إلى مناطق وجعل من كل منها (حامية) وهذه الحاميات هى (حصون) كما أنّ زوسر شيّـد سورًا من أسوان إلى فيلة قــُـدر طوله بحوالى12كم ليضمن السيطرة على الحدود الجنوبية. كذلك ما قام به (آمن- حتب الأول) الذى بنى سورًا على حدود الصحراء شرق الدلتا. ويعتقد بعض علماء الآثار أنّ هذا السور ليس إلاّ تجديدًا لسور قديم أقيم فى عهد الدولة القديمة. ولم يقف بناء الحصون عند الأسرة12بعد استتباب الأمن وازدهار التجارة، لاسيما بين الشلال الأول والرابع، بل استمر بناؤها، وقد عثر الآثاريون على قائمة بتلك الحصون ويرجع تاريخ بنائها إلى حوالى مائة عام قبل بداية الأسرة 18وتلك القائمة عثر عليها العالم (كويبل) عام1896 ضمن مجموعة أوراق البردى التى كانت فى (الرمسيوم) وأشاد المؤلف بالقادة والملوك الذين دافعوا عن حدود مصر، مثل (حور- إم- حِـب) و(بسماتيك الثالث) ورمسيس الثانى والثالث إلخ وكل أسرة الرعامسة. *** هامش (1) المؤلف د. عبد الرحمن زكى : شغل منصب مدير المتحف الحربى. وله عدة مؤلفات منها (موسوعة مدينة القاهرة فى ألف عام) و(الجيش المصرى فى العصرالإسلامى- ج1- حتى معركة المنصورة) وج2 (من عين جالوت حتى معركة رشيد) هامش (2) حور- إم- حِب (1342- 1303ق.م) قائد الجيش العام أيام أخناتون، وتوت- عنخ- آمون. تزوج الأميرة (موتنزمت) أخت زوجة أخناتون (نفرتيتى) عُـرف بثقافته الواسعة. وأنقذ حدود مصر التى تخلى عنها أخناتون. وله مدونة قانونية. نشأ جنديًا من عامة الشعب حتى بلغ منصب القيادة. لم يعهد لأحد بالعرش من أسرته ، وإنما أسنده لزميله فى الجيش القائد رمسيس الذى عرف فيما بعد ب (رمسيس الأول)
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمود درويش وأمل دنقل
-
هل يمكن قتل (الرغبة فى القتل) ؟
-
لماذا العرب ضد العرب
-
لماذا تعدد الإسلام بتعدد الشعوب ؟
-
هل السياسيون كارثة على شعوبهم ؟
-
هل يجرؤ أى حاكم الاعتداء على اسم وطنه؟
-
القبائل العربية فى مصر
-
العرب قبل وبعد الإسلام (19)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (18)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (17)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (16)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (15)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (14)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (13)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (12)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (11)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (10)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (9)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (8)
-
العرب قبل وبعد الإسلام (7)
المزيد.....
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
-
ترامب سيرحل الأجانب المناهضين لليهود
-
الكنيست يصدق بالقراءة الأولى على مشروع قانون يسمح لليهود بتس
...
-
عاجل| يديعوت أحرونوت: الكنيست يصدق بقراءة تمهيدية على مشروع
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب الديمقراطي المسيحي عن رفضه حزب البدي
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|