محمد البورقادي
الحوار المتمدن-العدد: 4974 - 2015 / 11 / 3 - 15:12
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أصبحنا نعيش في عصر سادت فيه هوى الأنفس، واتباعات الظن، ومجارات الهوى..
في عصر المادة والسرعة وتكالب قوى الإستهلاك اللحضي على الإنسان ، الجري والسباق على المحدود والفاني ؛ التسارع إلى الشقاوة والبلادة ، كل يريد الضفر بالقسط الأكبر والحصة المثلى من المنفعة الرمزية والمادية وقد لا يهم في ذلك نوع الوسائل المتخذة لأن الغاية تبرر الوسيلة ولا يهم أيضا نوع الإستهلاك أو قيمته فهو يقصد لذته و
لذاته فقط ..
قد يفتن الإنسان بالضاهر المنمق الساحر وقد يسر للذهاب إليه والسعي ورائه كالمسحور المبهور ، لكن قد يغفل عن حقيقة باطنه وجوهره المكنون ، قد ينسى نفسه ويغيب عن عقله في سبيل إرضاء دوافع ونوازع تفننت في جذبه وسلب لبه حتى أردته يأتمر بها ويسخر كل طاقاته لخدمتها كأنها وعدته بالمكافأة إن امتثل وبالعقاب إن خالف ..
وأي إرضاء يكون لنفس جحود ، تنسى ما قدم لها بالأمس ما إن تحصل على شيء آخر ، ويذوب مفعول سحر مسعاها حين تذوقه ولمسه ، وينطفئ نور وهجه حين التعود عليه ومعايشته ..
وكيف يكون رضوانها وهي تأثر القاصي على الداني ، وتحابي ما لم تصل إليه على ما كانت بالأمس القريب تجهد كنهها لبلوغه وإدراكه..
وكيف تشبع وهي لا ترضى بالقليل ولا بالكثير، ودائما وأبدا تريد المزيد ، ولا القليل يقنعها ولا الكثير يغنيها .. بل كلما أُعطيت كلما تمردت ، وكلما أُكرمت كلما زاد طمعها ونهمها .. وكلما تعودت على شيء أنفت منه واستعلت عليه واستجدت الوصول إلى طبق آخر ولذة أخرى تنسيها مرارة الطعم الأول الذي استألفته حواسها وجوارحها..فقد بلغنا أن الجمال يخبو بكثرة التعود عليه والقبح يُألف من تعايشنا معه ..
والنفس في طلبها الأبدي للمزيد لا تسعى للإرواء والإنكفاء بقدر ما تسعى إلى الهروب المضني من شقاء السؤم ومرض الضجر والملل والروتين ، فهي تعلم أنها لن تنكفي ولن ينحسر ندائها بكثرة الإستجابة لما تطلب ،ولكن قد أضناها تعب الطمع ورتابة الآن فرأت أن تخمده بنوع آخر من الملل والضجر ، كالذي يحاول أن يطفئ النار بالنار ..
#محمد_البورقادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟