أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - علاء اللامي - إتلاف الإتلاف : نحو إعدام عقوبة الإعدام في عراق الغد















المزيد.....

إتلاف الإتلاف : نحو إعدام عقوبة الإعدام في عراق الغد


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 369 - 2003 / 1 / 15 - 03:24
المحور: الغاء عقوبة الاعدام
    



                             إتلاف الإتلاف :
                  نحو إعدام عقوبة الإعدام في عراق الغد !
                                                                   

... والإتلاف هو الاسم القديم في العراق لعقوبة الإعدام فحين تأسست الدولة العراقية الحديثة في بداية العشرينات ، بعد أن أغرق البريطانيون الثورة الشعبية في الجنوب والفرات وبعض جهات الشمال في حمامات من الدماء ، وأسسوا دولة ملكية صنيعة لهم شاعت هذه الكلمة فكان قارئ الصحف يقرأ  أن الشخص الفلاني حكم عليه بعقوبة الإتلاف! ومفردة "الإتلاف" العراقية أدق كثيرا و كثيرا جدا من مفردة "الإعدام" التي شاعت فيما بعد في اللغة الجزائية والقضائية المصرية ومنها انتقلت الى العراق والشام .. الخ ، فانسحبت المفردة العراقية الصحيحة وسادت بديلتها الأقل دقة . لماذا نقول أن مفردة "الإتلاف" أكثر كثر دقة من " الإعدام " ؟ السبب بسيط ، فعلميا يمكن القول أن الإعدام أي الإحالة من الوجود الى العدم  هو فعل مستحيل عمليا ونظريا ، وقد أشار الى ذلك قدماء الحكماء والفلاسفة لأنه يشبه الإيجاد من العدم وهذا فعل خاص بالخالق الميتافيزيقي وليس بالبشر ، ولكن "الإتلاف " أي إلحاق الضرر بالجسد الحي حتى درجة إزهاق الروح مع بقاء الجسد الإنساني للمعدوم هو الفعل الممكن والمقصود .
وكما خرجت كلمة "الإتلاف " من بلاد الرافدين ثم طمست ، تخرج اليوم من هذا البلد أو للدقة من أبنائه الأحرار في خارجه ،  دعوات  لإلغاء هذه العقوبة القاسية والتي لا تفسير ولا فائدة منها  فالجرائم  في الدول التي تأخذ وتطبق هذه العقوبة ليست أقل  إن لم تكن أكثر من الدول التي فارقتها وألغتها نهائيا . إنها دعوات  خجولة  ولكنها متبصرة  ، واهنة لكنها نامية بإصرار . نقرأها في الصحف وعلى مواقع الإنترنيت بأقلام  عراقيين ذاقوا مرارة القمع  ومعاناة الغربة فرست بهم سفن الوجدان الى هذا الميناء الحزين الجميل  .
ومن الأمور  التي يثيرها هذا الموضوع ، موضوع إلغاء عقوبة الإعدام ، والتي ينبغي التأكيد عليها والدفاع عن جوهرها ما يلي :
- إن الإغراء المتمثل بأن وجود هذه العقوبة يشكل رادعا مهما للمجرمين أو لمشاريع المجرمين خاطئ و مدحوض تماما و بالأرقام  ،فهذه العقوبة المطبقة بقسوة في الولايات المتحدة مثلا لم تخفض أبدا نسبة الجرائم الحادثة هناك الى مستوى الجرائم الحادثة في فرنسا التي لا تطبق هذه العقوبة ،وربما توصلنا بعد دراسة الإحصائيات الى العكس . وإن نسبة الجرائم لم تقل وربما تصاعدت بحدة في العديد من الدول التي تأخذ بهذه العقوبة وتطبقها بذات القسوة المطبقة في الولايات المتحدة .
-إن هذه الدعوة لا تتناقض مع التعاليم السماوية التي وإن كانت أقرت تلك العقوبة في فترة من تاريخ البشر لكنها فضلت عقوبة أخرى غير الإعدام عليها في نص الآية 178 من سورة البقرة ( يا أيها الناس كتب عليكم القصاص في القتلى ... فمن  ُعفيَ  له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ) والمعنى واضح فبديل الإعدام لا يصل الى السجن المؤبد بل هو الأداء أو الديَّة يدفعها القاتل لذوي القتيل فالقرآن هنا أكثر رحمة من "المتقرأنين " ! أما الآية الأربعون من سورة الشورى فواضحة أيضا وتقول ذات المعنى تقريبا ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله .. )
- ثمة خصوصية عراقية تجعلنا نتوقع تصاعد الأصوات والدعوات المنادية بإلغاء هذه العقوبة واستبدالها بعقوبة أخرى كالسجن المؤبد في العراق تحديدا لأنه البلد العربي والشرقي الذي سفكت فيه الدماء  بغزارة وأزهقت في الأرواح على امتداد أكثر من سبعين عاما في حركة تفترس فيها الدولة المسلحة والمدعومة من الخارج المجتمع الذي جرده البريطانيون من السلاح خلال التجربة الملكية القصيرة . وقد أشار الى هذه الحقيقة  فيصل الأول في مذكراته وتشكى  من أن لدى العراقيين من أبناء القبائل من السلاح ثلاثة أضعاف ما لدى الدولة . ومعلوم أن ذروة هذه العملية الافتراسية تصعد اليوم أمام أنظارنا من ركام الجثث  البشرية والدمار والخراب الشامل بسبب قمع النظام الشمولي  المتخلف والحصار الغربي والعربي الهمجي .
وأخيرا ، فقد كان كاتب هذه السطور وعدد من أصدقائه من المثقفين العراقيين قد شرعوا في الثمانينات من القرن الماضي ومن الجزائر التي لجأوا إليها للعمل في ميدان التعليم وهربا من قمع الحكم في بلادهم في تشكيل جمعية ثقافية اسمها " جمعية إتلاف الإتلاف " . وكانت تقوم على المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام من قانون العقوبات العراقي ونشطوا لفترة بهدف تجسيد هذه الفكرة ، ثم جاءت حروب أخرى، وحلت مآس جديدة وتفرق الأصدقاء من الجزائر العزيزة أيدي سبأ ، ولكن الفكرة الصحيحة لا يقتلها  الزمن بل  الكسل والاستقالة من الحياة . الفكرة الصحيحة  كالنجم البعيد يتألق ويعلن حضوره حتى وإن لم يومئ إليه أحد.. فهل  هناك من يريد أن يتألق بهذه الفكرة دفاعا عن الحياة ؟

 

 

جريدة " الزمان " عدد الثلاثاء 14/1/2003



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة .الجزء ال ...
- خرافة العنف الدموي في العراق في ضوء العلوم الحديثة - الجزء ...
- الابتزاز والقمع لا يشرفان المواقع العراقية على الإنترنيت !
- مؤتمر لندن ليس المرجعية الصحيحة للمعارضة العراقية !
- المثقف والحرب :كيف نظر الكاتب والفنان الأمريكي -بول بولز- ال ...
- ملاحظات سريعة أخرى حول النسب القومية والطائفية
- إيضاحات الى السيد راضي سمسم
- دفاعا عن العراق والحقيقة وليس عن المجلس الأعلى
- إيضاحات إضافية مهمة :حول النسب القومية والطائفية في العراق
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا و دلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب الع ...
- المعجم الماسي في التنكيت العباسي - الجزء الثاني
- ليكن انتقام العراقيين تسامحا !
- الشحاذ السياسي والتحليل النفسي !
- سلاح الصمت بين الركابي والنعمان
- الآداب الممنوعة وحصة العراق
- الشاعر العراقي سعدي يوسف يفضح عرس بنات آوى !
- اعتذار النظام للكويتيين يعكس هشاشته ، ويعطي الصدقية للخيار ا ...
- الحوار المتمدن تجربة رائدة وفي صعود دائم


المزيد.....




- ألمانيا... اعتقال مشبوه بتهمة التحضير لأعمال إرهابية لصالح - ...
- حماس: طوفان الأقصى أعاد لقضيَّة اللاجئين الفلسطينيين حضورها ...
- السويد تبرئ ضابطا سوريا سابقا متهما بارتكاب جرائم حرب
- بالإنفوغراف.. تعرف على أعداد اللاجئين في يومهم العالمي
- شبكة حقوقية تؤكد اعتقال نحو 4700 لاجئ عادوا لسوريا
- مراسلنا: الاحتلال أعاد اعتقال د.عزيز الدويك بطريقة همجية + ف ...
- حماس تتمسك بعودة اللاجئين وترفض محاولات إسرائيل إلغاء الأونر ...
- أكوام القمامة ومياه الصرف الصحي تهددان صحة النازحين بقطاع غز ...
- مع تشديد ألمانيا لقوانين الهجرة.. مخاوف من ارتفاع عمليات تهر ...
- الأمم المتحدة: أعداد اللاجئين في جميع أنحاء العالم بلغت أعلى ...


المزيد.....

- نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام / رزكار عقراوي
- حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية ... / محمد الحنفي
- الإعدام جريمة باسم العدالة / عصام سباط
- عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية) / محمد الطراونة
- عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد ... / أيمن سلامة
- عقوبة الإعدام والحق في الحياة / أيمن عقيل
- عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة ... / زبير فاضل
- عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء) / رابح الخرايفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الغاء عقوبة الاعدام - علاء اللامي - إتلاف الإتلاف : نحو إعدام عقوبة الإعدام في عراق الغد