أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حميد طولست - روعة الشتاء في- فاس الجديد -














المزيد.....

روعة الشتاء في- فاس الجديد -


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4973 - 2015 / 11 / 2 - 14:36
المحور: سيرة ذاتية
    


‬-;- روعة الشتاء في" فاس الجديد "
طفولتي لا تختلف عن طفولة العديد من أقراني الذين عاشوا مثلي حياة الأحياء الشعبية ، حيث لا يولد أحد بملعقة من ذهب أو فضة في فيه ، ومع ذلك لم تتأزم غالبيتنا ، لا نفسيا ولا عاطفياً رغم الظروف العامة والخاصة التي كانت مزدحمة بخليط من الشقاء والشقاوة ، والأحلام الصغيرة البريئة ..
إن أكثر ما علق بذاكرتي من تلك الحقبة الرائعة ، وفي ذلك الحي الأروع –فاس الجديد- أن الحياة عند أطفاله ، كانت تولد مع بدء موسم الشتاء ، الذي كان عبيره يُنبت في قلوبهم الصغيرة أحلاما غاية في الروعة والجمال ، وقد كان أغلى أحلامي أن ينتهي الصيف بحره وهجيره ، وتبدأ نسائم عطر الشتاء الذي لازلت أتنسمه ، كلما استرجعت ذكرى اللحظات الهنيئة التي عشتها في ذاك الزمان وفي ذاك الحي الجميلين ، حيث كان يروق لي أن أصحو باكرا ، لأراقب هطول قطرات الغيث وهي تضرب المياه الموحلة المتراكمة على أرضية الزقاق الضيق على شكل برك وبحيرات صغيرة جميلة، تم أهيم والأتراب في الدروب تحت المطر ، عارضا وجهي لقطراته لتهدهده ، فأتلذذ بما يسري في جسدي من قشعريرة ، ينتفض لها كياني ، وتنتشي نفسي بشهوة الجوع لانهمار أول قطرات الغيث ، التي نتراكض تحتها في دربنا الدروب المجاورة صارخين مهللين - وكأننا فقدنا الإحساس بالبرد - ننشد في ابتهاج نشيد الشتاء المتوارث :"آشتا تاتا تاتا آولاد الحراتة ، آلمعلم بوزكري ، طيب لي خبزي بكري ..." ــــ ونبقى في مرحنا و فرحنا بالمطر إلى ما بعد صلاة العشاء ، حيث تهدأ الأجواء ، ويفرغ الشارع من المارة، و"تتقطع الرجل " كما كانت تقول أمي -رحمها الله برحمته الواسعة – وهي تنعم عليّ بالنصائح المعهودة ، والعتاب المعهود على رجوعي للمنزل متأخرا ومبلولا ، ثم الوعد والوعيد بالعقاب الشديد ، إن أنا عدت إلى الركض في الشارع طول النهار ، كل ذلك وهي -اسكنها جنانه- تحشو جسدي المرتعش بالـكثير من الثياب الثخينة ، وتكدسها فوق جسدي النحيف طبقات ، حتى لا أصاب بالبرد -الذي كانت درجاته أنداك تقترب في كثير من الأحيان من الصفر-إلى درجة أنني كنت أحيانا لا أستطيع ضم ذراعي إلى جسدي ، لكثرة ما تحت إبطي من ملابس، ولا أقوى ملامسة مناخيري بكم معطفي لمسح ما تدلى منه من سوائل ، الظاهرة المشتركة بين أطفال تلك الحقبة ، لعدم وجود المناديل الورقية المنتشرة بكثرة اليوم ذ
وما هي إلا لحظات وتنتهي المعانة وأشعر ساعتها بالدفء والتعافي ، وآخذ مكاني بين أفراد العائلة المتحولقين حول المائدة المستديرة ، يحتسون حشاء "تادفي " المكون من الكثير من الأعشاب التي كانت المرحومة والدتي تقول عنها أنها تدفئ العروق ، والتي ما كنت أنهي "زلافتي" حتى يداهمني النعاس والنوم العميق ..
وفي الصباح الموالي ، استيقظ باكرا كالعادة ، واستغل فرصة انشغال أمي في شقاء تدبير البيت ، وأعاود مع أترابي ، كرة الركض وتبدأ عملية ملاحقة بعضنا تحت المطر في الطرقات القديمة الموحلة، ونمضي بقية يومنا في اللعب بأمان ، دون أن نشعر بوخزات البرد ، أو نخشى مفاجآت الطريق ، لعدم مرور السيارات لقلتها أنذاك ، ولضيق دروب حينا ..
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسألة أكبر وأخطر من مجرد لحية !!
- نظرية نكيران حول الزوجات والصاحبات !!
- قدرة الروائح على استدعاء الذكريات ..
- محاربة الفساد مسؤولية لا تقبل التأجيل ..
- لماذا لم أكتب عن السنة الهجرية كعادتي !!
- حلم الرحيل!!
- الحزن بالطين عند قدماء المصريين !!
- للأماكن والأشخاص روائح خاصّة تستدعي الذكريات..
- تطوير التعليم يتطلب تدخل كل مكوناته !!
- إلى الذين منحهم الفاسيون ثقتهم الغالية !!..
- ها علاش قال البعض ما يجيش لعريفي لبلادنا !!
- لماذا لا يجرم -التجهيل العمدي-؟
- يا بنت المدينة عليك كنغني !
- تطهير الانتخابات من آفة بورصة الأصوات !!
- هلوسة من أين لك هذا؟
- ألعاب الزمان الرائعة..
- القسم !!
- الحريك السياسي !!.
- عيد المعلم.
- التكريم في مجتمعنا!!


المزيد.....




- بالأرقام.. العجز التجاري الأمريكي أمام الصين وكم من الوقت يح ...
- قبيل زيارة بن غفير.. شاهد كيف احتج متظاهرون بجامعة ييل وهتاف ...
- كييف تتعرض لأحد أعنف الهجمات الصاروخية وتصادم بين ترامب زيلي ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: فشل السياسة الأمريكية حول العالم
- الملك سلمان يكرم 102 سعودي ومقيم تبرعوا بالدم 50 مرة
- المغرب.. استقالات جماعية في شركة -ميرسك- بسبب إسرائيل
- مدفيديف: كان على -الجنائية الدولية- حلّ نفسها بعد قضية نتنيا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف مجمع قيادة لـ-حماس- و-الجهاد ا ...
- باشينيان يدين حرق أعلام تركيا وأذربيجان في يريفان
- ترامب يحيي مرور أول 100 يوم من ولايته بتجمع جماهيري في ميشيغ ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حميد طولست - روعة الشتاء في- فاس الجديد -