أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة .الجزء الثاني : العنف الفردي والمجتمعي















المزيد.....

خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة .الجزء الثاني : العنف الفردي والمجتمعي


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 369 - 2003 / 1 / 15 - 02:55
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


                                                                                       
                                                                      

لقد وردت في رسالة فرويد تلك( التي تطرقنا الى محتواها في الجزء الأول من هذه الدراسة )  مجموعة مما يمكن أن نسميه تأملات تنحو منحى الفرضيات العامة والمبادئ الأولية حول ظاهرة العنف يمكن تلخيصها – حرفياً – في التالي:
ـ المبدأ العام هو أن يلجأ الناس لاستخدام العنف بغية حل النـزاعات بينهم حول مصالح معينة.
ـ  في البداية كانت القوة العضلية هي التي تقرر مشمولات الملكية الخاصة والسيطرة.
ـ  بعد دخول السلاح إلى الميدان بدأ التفوق الفكري يحل محل القوة العضلية البهيمية.
ـ  إن قتل الخصم يرضي ميلاً غريزياً لدى المنتصر ولكن هذا الميل قابله ميل آخر (نفعي) فتح الباب لعصر الاستعباد بإبقاء المهزوم على قيد الحياة ولكن كأسير وعبد.
ـ  إن وحدة الأفراد الضعفاء تصنع القوة، إذن الوحدة بوصفها عنف الجماعة يمكن أن تحطم عنف الفرد. وهكذا صار الحق هو قوة الجماعة، وإن السيادة لم تعد لعنف أفراد بل لعنف الجماعة.
ـ  إن تحقيق الانتقال من العنف إلى الحق الجديد أو العدالة الجديدة يتطلب شرطاً سيكولوجيا هو ثبات ودوام وحدة الأكثرية.
وعلى مستوى التعميمات والتجريدات النظرية المحضة يوضح فرويد لمكاتبه الركائز المنتقاة التالية:
ـ تتكون الغرائز البشرية من نوعين فقط: غريزة الحياة التي تسعى للبقاء والاتحاد (الليبيدو) أو الغرائز الجنسية (الإيروسية)، أما الثانية فهي غريزة التدمير أو الغريزة العدوانية.
ـ  إن نشاطات الإنسان، ومنها العنف كسلوك عدواني، لا تنشأ نتيجة دافع غريزي واحد دمجت فيه عناصر (الليبيدو) وعناصر الغريزة التدميرية فقط بل، وكقاعدة، لا بد من وجود جملة دوافع مركبة.
لقد نظر العلماء بعد عدة عقود إلى هذه النواتات الفرويدية على أساس إنها بدائية بل ومحافظة ولكن هذه الملاحظات ذات المنحى التقييمي لا تنقص في الواقع من القيمة فائقة الأهمية تاريخياً لها كأسس علمية ريادية في مضمارها وقد فتحت الباب واسعاً لاحقاً لتأسيس منهجيات جديدة متنوعة ومتخصصة في تفرعات علم النفس المجتمعي.
وحري بنا أن نواصل متابعة التطورات البحثية والنظرية ضمن حدود، وبما يخدم دراستنا للظاهرة موضوع بحثنا ألا وهي ظاهرة العنف، ولكن هذه المرة، بمزيد من التخصصية، ومع اجتهادات ومشاريع تفسيرية لعلماء آخرين، سيكون فرويد من ضمنهم ولكن ليس كرائد ومؤسس بل كصاحب مشروع نظري تفسيري بين مشاريع أخرى.
إن التعريف النفساني التقليدي للعدوان، بشكليه الأكثر هولاً: العنف الفردي والحرب، على إنه شكل من أشكال السلوك البشري لا يضيف جديداً على الصعيد الماهوي. أما الإغراء المتمثل بإضافة تحديد معين لهذا التعريف الأولي كالقول مثلاً إنه (شكل من أشكال السلوك البشري الشاذ أو غير الطبيعي) فقد يدفع بالباحث إلى منـزلقات معيارية (قيمية) واستهدافات أدلوجية وسياسية نرى إنها في أحسن الأحوال منتوج للظاهرة لا منتجها، وإذن فهذان المحذوران – المؤقتان – ليسا على صلة مفهومية بالموضوع.
يفترض الباحثون النفسانيون إن العدوان وبالتالي العنف هو ثمرة أو حاصل جدلية: التحريض/ الكبح. والمقصود بالتحريض هو مجموعة العوامل الكامنة في النفس الإنسانية التي تحرضه وتدفعه للقيام بالنشاط العدواني بغية إلحاق الأذى بالآخر أو الآخرين: ويضيف إليها بعضهم ما يدعونه العوامل الظرفية. فالتحريض إذن هو مجموع العناصر أو العوامل الحاثة. أما الكبح فيعني عندهم مجموعة العوامل المانعة أو المعرقلة للقيام بالعدوان. ويرى فرويد أن عنصر الكبح الرئيس يكمن في الأنا العليا التي تنمو وتتطور بنمو وتطور علاقة الطفل بأسرته؛ ويعتقد آخرون منهم دولارد، إن الكوابح تنتج من عوامل ظرفية ومحيطية (بيئية) وإن أساس الكبح هو في العقاب وتوقع العقاب.
إن هذه الخلافات في التأصيل والتأسيس المنهجي ليست ترفاً نظرياً يتعلق بحالات فردية ومسارات سريرية لعلاج هذه الحالة أو تلك بل إنها تهم وبشكل رئيس موضوعة العنف الجماعتي أو المجتمعي. ليس بسبب التفسير الساذج والقائل بان المجتمع ليس إلا مجموعة من الأفراد أو القول بأن ما يصح على الفرد يصح على المجتمع فرغم جاذبيتها تظل هذه الفكرات بعيدة عن تعقيدات الظاهرة المعنية. وكما لا يصح الحكم على سكان مدينة ما بأنهم عباقرة بسبب وجود مجموعة منهم فيها لا يصح الحكم ـ استنتاجاً ـ على ما تبقى من السكان بأنهم أغبياء. والحال فإن فرضيات القائلين بالأساس الفزيولوجي أو العضوي للعدوان قد تؤدي إلى استنتاجات من هذا النوع فإن الجهد المنهجي الذي تقوم به التفسيرات التاريخية والبيئية ستعدل وتقوم كثيراً من الزيغ النظري الحاصل جراء النوع الأول من المنهجيات.
وبكلام آخر، فإن دراسة ظاهرة العنف الفردي ضرورية جداً لدراسة ظاهرة العنف الجماعتي أو المجتمعي( ) لأنهما من طبيعة واحدة من ناحية الجوهر البشري أو الإنساني لكليهما، ولأنهما ـ في الوقت نفسه ـ ليسا من طبيعة واحدة على صعيد تعقيدات الظاهرة مأخوذة في كليتها التاريخية. لسوء الحظ ما ثمة إمكانية لنـزع طابع التعقيد أو حتى التناقض الظاهري في أمور تخص النفس البشرية كهذه. كيف نفهم مثلاً الخلاصة العجيبة التي أطلقها كونراد لورنز والتي تقول (إن الناس المفطورين على الطيبة تماما ًوالذين لا يستطيعون حتى معاقبة طفل شرير، قد برهنوا على أنهم قادرون تماماً على إطلاق الصواريخ أو إلقاء الأكداس المكدسة من القنابل الحارقة على المدن الغافلة وبالتالي قتل مئات وآلاف الأطفال في أفران اللهب. إن كون الرجال العاديين الطيبين هم الذين يفعلون ذلك تحمل من الغرابة والهول ما تحمله أية فظاعة شيطانية من فظاعات الحرب( ))؟ بإمكان أيٍّ كان الهرع إلى التفسير الوظيفي وميكانزمات الطاعة غير إن ذلك لن يكون كافياً أو دقيقاً كفاية فعمر الحروب بين بني البشر أطول كثيراً من عمر الصواريخ ووسائل القتل الغربية الحديثة.
لا يستطيع الخائض في موضوع الصياغات النظرية حول ظاهرة العنف والعدوان إلا أن يعرج على مشروع نظري قائم على جدلية التحريض والكبح نعتقد بأنه يتميز بأهمية خاصة وهو مشروع نظر له ثلاثة من علماء النفس هم جون دولار وليونارد دوب ونيل ميلر وتدعى نظرية الإحباط والعدوان. وفرضيتها الأساسية تقول إن العدوان يفترض مسبقاً وعلى نحو دائم وجود الإحباط والعكس صحيح. ومن المفيد الاطلاع على بعض الخطوط العامة لمبحث (الإحباط/ العدوان)( ):
ـ العدوان لا يظهر دائماً بشكل مكشوف إنما قد يكون مضموناً لنـزوة أو حلم.
ـ قد تنشط مجموعة محرضات لتحقيق استجابة معينة واحدة.
ـ العمل الذي يختم سلسلة أعمال ضمن ثنائية الإحباط عدوان يدعى الاستجابة النهائية.
ـ إذا حدث ما يخفف درجة قوة التحريض وحال دون بلوغ الاستجابة النهائية ستحدث الاستجابة البديلة. إن قوة التحريض تتناسب طردياً مع درجة الإعاقة وعدد سلاسل الأفعال وردود الأفعال المحبطة والاستجابة المحبطة.
ومن أهم الخلاصات التي ينتهي إليها أصحاب هذه النظرية:
ـ التعبير عن أي عمل من أعمال العدوان هو تنفيس يخفف من التحريض على أعمال عدوان أخرى.
ـ ثمة وحدة وظيفية تمثلها ظاهرتا التنفيس والتحويل.
ـ الكبح المباشر لأعمال العدوان هو إحباط إضافي يحرض على العدوان.
ـ بما أن معاقبة الذات هي شكل من أشكال العقاب فإن العدوان على الذات يتغلب على قدر من الكبح وهو قلما يقع إلا إذا تعرض التعبير عنها إلى كبح أشد.
لقد ظلت نظرية (الإحباط – العدوان) ولفترة طويلة حكراً على ميدان العدوان الفردي ولكن الثنائي (إيفو وروزا فايرابند) بادرا إلى تطبيقها على الظاهرات الاجتماعية وقد حاولا بقدر معين من النجاح تصور ودراسة جذور الثورات والتغيرات السياسية العنيفة. وهذه بعض الأسس والركائز النظرية لبحثهما مما له صلة بموضوعنا:
ـ السلوكيات العدوانية ذات العلاقة بالسياسة هي تحديداً درجة أو مقدار العدوان الذي يوجهه أفراد أو جماعات ضمن نظام سياسي معين ضد مركب أصحاب السلطة والأفراد والجماعات المرتبطة بهم.
ـ إنه أيضاً مقدار العدوان الموجه من قبل أصحاب السلطة والأفراد والجماعات المرتبطة بهم.
ـ إذا كان الإحباط يؤدي إلى العدوان فإنه قد يؤدي أيضاً إلى نماذج أخرى من السلوك الإيجابي كتقديم الحلول البناءة للمشكلات القائمة.
ـ الإحباط المنظومي هو ناتج التناسب بين (تلبية الحاجات الاجتماعية) و(تشكل الحاجات الاجتماعية).
ـ يكون الاستقرار السياسي ممكناً إذا انخفض الإحباط المنظومي نسبيا.
ـ البلدان التي تسيطر عليها أجواء عدم الاستقرار السياسي هي التي تعاني من مستوى مرتفع من الإحباط المنظومي.
لا ريب إن صبر بعض القراء قد شارف على النفاد إن لم يكن قد نفد فعلاً لأننا ما زلنا – كما يعتقد – بعيدين عن موضوعنا، وعذرنا إننا لن نكون قادرين على التقدم في محاولتنا التفسيرية والتوضيحية لتلك الظاهرة دون الإحاطة النسبية بصياغات ومقولات علم ظل الأبعد عن متناول واهتمام القارئ العربي وسننتقل الآن لوضع تصور أولي لما سميناه خرافة العنف العربي في التاريخ كما ينظر إليها المروجون والآخذون بها ولنا عودة فيما بعد لعلم النفس المجتمعي.


وللحديث صلة في الجزء القادم وسيكون الثالث  من عشرة أجزاء  .




#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة العنف الدموي في العراق في ضوء العلوم الحديثة - الجزء ...
- الابتزاز والقمع لا يشرفان المواقع العراقية على الإنترنيت !
- مؤتمر لندن ليس المرجعية الصحيحة للمعارضة العراقية !
- المثقف والحرب :كيف نظر الكاتب والفنان الأمريكي -بول بولز- ال ...
- ملاحظات سريعة أخرى حول النسب القومية والطائفية
- إيضاحات الى السيد راضي سمسم
- دفاعا عن العراق والحقيقة وليس عن المجلس الأعلى
- إيضاحات إضافية مهمة :حول النسب القومية والطائفية في العراق
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا ودلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب العر ...
- خفايا و دلالات مؤتمر المعارضة في لندن :أكبر الخاسرين شعب الع ...
- المعجم الماسي في التنكيت العباسي - الجزء الثاني
- ليكن انتقام العراقيين تسامحا !
- الشحاذ السياسي والتحليل النفسي !
- سلاح الصمت بين الركابي والنعمان
- الآداب الممنوعة وحصة العراق
- الشاعر العراقي سعدي يوسف يفضح عرس بنات آوى !
- اعتذار النظام للكويتيين يعكس هشاشته ، ويعطي الصدقية للخيار ا ...
- الحوار المتمدن تجربة رائدة وفي صعود دائم
- تصبح على خير يا رفيق !


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علاء اللامي - خرافة العنف الدموي العراقي في ضوء العلوم الحديثة .الجزء الثاني : العنف الفردي والمجتمعي