أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 8















المزيد.....

ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 8


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4970 - 2015 / 10 / 30 - 13:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أبو مريم منفذ عملية السفارة في بيروت
في جولتي تلك عام 1981 بين سوريا ولبنان قبيل ذهابي إلى إيران، التقيت في لبنان بشاب وسيم مؤدب هادئ، قُدّم لي باسم أبو مريم.

وبعد أشهر، سمعنا بتفجير السفارة العراقية في بيروت، وعلمنا أن منفذها كان ذلك الشاب الوسيم المؤدب أبو مريم. لم أعد أتذكر متى كان، لولا أني بحثت الآن في الڠ-;-وڠ-;-ل، فوجدت أن الجريمة الإرهابية وقعت بالتحديد يوم الثلاثاء الخامس عشر من كانون الأول 1981. في وقتها كنا كلنا مشاركين في الجريمة، بما في ذلك كاتب هذه السطور، لأننا فرحنا بها كانتصار يحققه حزبنا المجاهد في سبيل الله، حزب الدعوة الإسلامية، على النظام الديكتاتوري الدموي، غير ملتفتين أن الجريمة لا تبرر بالجريمة، فإذا كان النظام قد قتل عشرات الآلاف من الأبرياء، لا يبرر لحزب معارض أن يقتل عشرات الأبرياء من موظفين ديبلوماسيين، ومراجعين عراقيين ولبنانيين. صحيح إن السفارة كانت وكرا لإرهاب السلطة، ولكن تبقى الجريمة جريمة، ويبقى الإرهاب إرهابا. ولي عودة إلى هذا الموضوع في حديث بيني وبين شرطة الجنايات السياسية لمدينة هامبُرڠ-;-، بعد اختطاف الطائرة من مجموعة إرهابية من حزب الله اللبناني بقيادة محمد حمادي في 14/06/1985، وورود أخبار للمخابرات الألمانية بقدوم مجموعة من لبنانيين ينوون القيام بعملية، من أجل ابتزاز السلطات الألمانية وإجبارها على إطلاق سراح حمادي. سآتي إلى تلك القصة لاحقا.

كنت كثير التردد إلى إيران، التي كان يحلو لنا تسميتها (إيران الإسلام)، وكان الجعفري لا يذكرها إلا باسم (الجمهورية الإسلامية المباركة)، أو (دولة الإسلام المباركة). وكنت أطيل المكوث هناك. لا تفوتني أثناء وجودي صلاة جمعة، فكنت عملا بالاستحباب أسير مسافة طويلة نسبية على الأقدام نحو جامعة طهران - مشغولا بالأذكار والصلوات المستحبة [ومنها تكرار «اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم» مئة مرة، الذي تعلمته في بداية تديني من نوري حمودي شقيق همام حمودي] - حيث كانت تقام صلاة الجمعة، بإمامة منتظري في البداية، ثم بإمامة خامنئي أو رفسنجاني بالتناوب في أغلب الأحيان، حيث الهتافات الجنونية أثناء الصلاة، لاسيما تكبيرات الإيرانيين «الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. خميني رهبر .. مرگ بر ضد ولايت فقيه .. مرگ بر أمريكا .. مرگ بر إسرائيل .. مرگ بر منافقين .. مرگ بر .. صدام» [ولفضها بالضبط «الله [بتخفيف اللام] أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. خميني رهبر .. مرگ بر زد ڤ-;-لايت فقيه .. مرگ بر أمريكا .. مرگ بر إسرائيل .. مرگ بر منافقين .. مرگ بر .. سدام»]. ومعناها «الله أكبر، خميني قائد، الموت للمخالفين لولاية الفقيه، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، الموت للمنافقين [يقصدون أتباع منظمة مجاهدي الشعب المعروفة بمجاهدي خلق]، الموت لصدام». وهناك دعاء للخميني يطلقه المصلون أيضا وهو «خدايا خدايا تا إنقلاب مهدي خميني را نگهدار»، ومعناه «يا ألله يا ألله حتى ثورة المهدي احفظ الخميني»، ولكنه كهتاف ترجم إلى العربية على هذا النحو: «إلهي إلهي حتى ظهور المهدي احفظ لنا الخميني». بينما ترجم العراقيون التكبيرات هكذا «الله أكبر .. الله أكبر .. الله واحد .. خميني قائد .. النصر للإسلام .. الموت لصدام». عشنا تلك الأجواء الهيستيرية، وشاركنا فيها، وإن كنا أحيانا لم نكن نتفاعل كثيرا مع الغلو الذي كان عند الإيرانيين، مع إننا لم نكن مبرئين تماما من الغلو، لكن الفرق إن غلونا كان غلو العقلاء (نسبيا)، وغلوهم غلو المجانين، وإنما العقلاء هم الذين يعاتَبون عندما يجانبون العقل والعقلانية.

وفي تلك الأثناء كانت الحرب قائمة بين العراق وإيران، وكان (مجاهدونا) يقاتلون صفا واحدا مع (إخوانهم) الإيرانيين تحت راية (الإسلام)، وراية (التشيع)، وراية (الإمام) الخميني، ضد جيش صدام (الكافر). وكنت كواحد ممن جرفتهم موجة الجنون، ألح أثناء كل زيارة على التطوع في الجبهات، ولكن قياديي الدعوة وعلماءها - جزاهم الله خيرا - كانوا يرفضون لي هذا الطلب، ويقنعونني أن مكان عملي من أجل الإسلام |لاحظوا من أجل الإسلام| هو في ألمانيا. فعندما أتصور أني كنت فعلا قد تطوعت، فقتلت من العراقيين انتصارا لدولة الإسلام المعتوهة، وللخميني المهووس بتكليفه الشرعي بإدامة الحرب، وللإسلام السياسي المتطرف والمتخلف. صحيح كنا نفكر أن القتال إلى جانب الإيرانيين يستهدف فيما يستهدف القضاء على النظام الديكتاتوري في العراق، لكن قتالنا له لم يكن لأنه نظام دكتاتوري، بقدر ما كان بسبب أنه نظام كافر يعادي دولة الإسلام، التي قال محمد باقر الصدر عن مؤسسها الخميني أنه «حقق حلم الأنبياء»، وأوصى العراقيين أن يذوبوا فيه (في الخميني)، كما ذاب هو في الإسلام، أو برواية أخف "بمقدار ما ذاب في الإسلام".

لكن بالرغم من كل ذلك الولاء لما يسمى بدولة الإسلام، كان لحزب الدعوة ثمة استقلالية في التفكير، وكان لنا موقف ناقد تجاه بعض صور التطرف والغلو، وموقف عتاب للإيرانيين لسوء معاملتهم للعراقيين، ولتعسفهم معنا، وتعاملهم بانعدام الثقة بنا وبإسلاميتنا، لأننا لم نكن مندكين كل الاندكاك في التجربة الإيرانية، ولذا كانت تحوم حول حزب الدعوة تهمة (زد ڤ-;-لايت فقيه)، أي (ضد ولاية الفقيه). وهذا ما كان محمد باقر الحكيم وجماعته يزايدون به علينا، فكان شعارهم وجوب (الاندكاك) في المشروع الإيراني، وليس مجرد التأييد والولاء له.

فكان الإيرانيون يضيّقون على حزب الدعوة، ونشاطاته، ومشاريعه، وبرامجه، ومؤسساته، وعلمائه، من منع دخول صحيفته وعلمائه إلى الأسرى العراقيين، إلى فرض اللغة الفارسية على مدرسة العراقيين التي أسسها حزب الدعوة، ثم مصادرة المدرسة، إلى التضييق عليهم في (معسكر الشهيد الصدر) في الأهواز، الذي أخذ منهم بعد سنوات وغُيِّر اسمه إلى (معسكر الشهيد غيور أصيلي)، وهو أحد قتلى حرس الثورة الإسلامية.

أثناء إحدى زياراتي لإيران قام عدد من شخصيات حزب الدعوة مع علماء الحزب (محمد مهدي الآصفي، مهدي العطار، محمد باقر الناصري، عبد الرحيم الشوكي، حسين البشيري، عبد الحليم الزهيري، علي العلاق) وربما آخرين. وحيث كنت صدفة في قم عرضوا عليّ أن أرافقهم، ففعلت ذلك بسرور، وربما فخر. وفي زيارتنا لجنَّتي أحد رموز الثورة، وهو اليوم أحد رموز التطرف المقيت، وإذا به يعدنا بالنظر في مظلوميتنا، ويتحدث بلغة المحبة والثقة والثناء تجاهنا، وقال فيما قال: «إننا نفرش جفون أعيننا تحت أقدامكم». ولكنه كالعادة كان كلاما معسولا بلا أي ثمرة، بل واصل الإيرانيون مواقفهم الاستعلائية تجاه العراقيين، وممارسة التشكيك والتضييق مع حزب الدعوة.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 7
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 6
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 5
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 4
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 3
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 2
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 1
- ما قلته في لقاء السفارة ب «أسبوع النزاهة؟»
- إماطة الوشاح عن أسمائي المستعارة
- الصدق والكذب في حياتنا
- الاتجاهات السياسية الناقضة للديمقراطية والمواطنة
- أن يكون المرء بشخصيتين من غير ازدواجية
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 6/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 5/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 4/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 3/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 2/6
- مع مالوم أبو رغيف فيما أسماه صناعتي للإله 1/6
- ألمانيا تتحول إلى مثل أعلى للإنسانية
- لماذا «العلمانية» وليس «المدنية»؟


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 8