|
القسطنطينية مقابل الأندلس والقدس
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4970 - 2015 / 10 / 29 - 23:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القسطنطينية مقابل الأندلس والقدس
مروان صباح / في غمرة المشهد الفلسطيني المعقد ، يضطر المراقب العودة إلى أصول المسألة ، فهناك ملاحظات بعضها مرتبطة بالنتائج ، وأخرى ، مرجئة إلى زمن قادم ، قد يمتد أو يقصر ، وبين النتائج والمُرجأ ، هناك تاريخين ، لا يمكن محوهما من الذاكرة الإسلامية ولا المسيحية أيضاً ، وقد يكونان هما السبب في تغير الكون ، تماماً ، عند الساعة الواحدة صباحاً في 20/ أيار 1453م تمكن جيش محمد الثاني ، الذي أصبح يسمى بعد الفتح القسطنطينية ، بمحمد الفاتح ، دخول المدينة ، بالطبع ، كانت خطوة مفصلية كبير في التاريخ ، بل ، تحولت الأمة التركية إلى عنصر تهديد للقارة الأوروبية برمتها ، بخط حدودي طويل وحجم بشرى لا يستهان به ، وبين ارتدادات التخبط الغربي ، لفقدانه جغرافيا بالغة الأهمية ، جاء الرد بعد 39 سنة ، في عام 1492 م عندما أسقط الغرب حكم المسلمين في الأندلس وأتمت عملية الاسترداد وطرد الغالبية العظمى من السكان ، وبين هذا وذاك ، مرّ اليهود في أوروبا بمراحل بعضها حملت اضطهاداً واسعاً وعنيفاً ، نتيجة سلوكهم الفج مع المسيحية ، كديانة ، والآخر ، بسبب محاولة ترسيخ نظام مالي تجاري متوحش ، مبني على البنوك الربوية ، في البداية مارست إنكلترا عام 1290 م ، الطرد قبل أي دولة أخرى ، تلتها ، فرنسا في عام 1391 م ومن النمسا ، لاحقاً ، 1421 م ، وبالطبع ، طردوا مع المسلمين من الأندلس ، وبين الطرد الأول والثاني والعاشر شهدت فلسطين تدفق لليهود بين القرنين الثالث عشر والتاسع عشر .
تعود فكرة استرداد فلسطين والقدس مجدداً ، إلى القارة الأوروبية ، ومن هنا ، ولد الاتفاق بين الغرب واليهود بعد تفاهمات أجرتها الحركة اليهودية مع الدول الطامحة في اعادة استعمار المنطقة العربية ، طبعاً ، تتقاطع الفكرة ، بينهما ، على أساس عودة السيد المسيح وأقامت المملكة اليهودية ، التى عبر عنها بعمق الروائي الروسي دستويفسكي ، في كتاب يوميات كاتب 1885م ، في ختام المقالة الشهيرة ، يسرد الكاتب عن المسألة اليهودية في روسيا ، بالطبع ، وهنا الكلام للكاتب ، فمملكة اليهود تقترب ، مملكتهم الكاملة، ستحل بانتصار كامل لتلك الأفكار التى تنهار أمام مشاعر حب الإنسانية والتعطش للحقيقة ، والمشاعر المسيحية والكرامة القومية وحتى الوطنية للشعوب الأوروبية ، ستقبل على العكس ، النزعة المادية والرغبة الشهوانية ، الحسية ، لتأمين الحياة المادية ، الخاصة ، والتعطش الشخصي لتكديس الأموال بكل السبل والوسائل ، وهنا يطرح دستويفسكي رؤيته المستقبلية للعالم ، من خلال ظواهر لا تقبل التأويل بقدر أنها فاضحة النوايا ، عندما يستشعر المثقف الغربي ، بأن التحول في المفاهيم والسلوك البشري ، أصبحا مرتهنين بأيدي من يتحكموا بالمال وتوظيفه لخدمة المشروع الأشمل ، لقد لعبة الحركة اليهودية دوراً ، من المفترض أن لا يستهان بقدراتها ، طبعاً ، من خلال النفوذ المالي تارة ، وأخرى ، استنجدت بأوتار المدّ الديني ، وهذا ، على الأقل ما يفسر لكثير من الباحثين والكتاب ، وأنا منهم ، بأن الحملة التى اعادة الأندلس إلى الحضن الأوروبي ، كانت ممولة من الحركة اليهودية ، تماماً ، كما كشفت الملفات السرية ، عن حملة نابليون ، وهذا التمويل ، سمح للعلاقة ، أن تعيد رسم وصياغة العالم القادم على أسس بعيدة عن الماضي ، على الإطلاق ، عنوانها إسقاط العائلات الأرستقراطية واستبدالها بأفراد برجوازيون ، بتوازي مع دفع الحراك التنوير ، الذي أبهر العالم بالاختراعات والصناعات ، وبالتالي ، أسقط المفاهيم التقليدية للكنيسة المسيحية .
نقطتين مقابل نقطة واحدة ، تمكن الغرب والصهيونية ، معاً ، من استرداد الأندلس وتطهير أرضها عرقياً ، بينما ، في فلسطين مازالت أرضها عصية على مشروع التطهير العرقي ، مقابل ذلك ، تحولت تركيا ، مُسلمة بالكامل ، وأصبح استردادها يحتاج إلى مواجهة تختلف عن جميع المواجهات التقليدية ، وكذلك ، تفكيكها ليس بالسهولة التى يعتقدها البعض ، لكن ، هناك وقائع على الأرض ، لا يمكن الإغفال عنها ، فالقدس والضفة الغربية ، اليوم ، تخوضان معركة ، من أخطر معارك الدنيا ، لأن ، الهدف هو ، الاستعانة بالأساليب والطرق التى استعانت بهما محاكم التفتيش ومارست فيها التطهير العرقي بحق سكان الأندلس ، وقد تكشف تصريحات نتنياهو ، حفيد بيغن ، بأن لا محل للعرب في فلسطين ، إلا ، على قياس المعتقد التوراتي ، وهذا في أفضل حال ، وهنا نعود في نهاية المطاف إلى مقال دستويفيكي ، حين تكلم بإسهاب عن شكواهم حول الظلم الذي يتعرضوا له ، ويقول أن اليهود ينفردون بشذوذهم وأصالتهم أمام جميع القوميات الروسية والسبب يعود بالطبع ، إلى ، الجيتو أو الحارة ، روحه التى تبث فيهم ، عدم الرحمة تجاه كل ما هو غير يهودي وعدم احترام أي شعب أو قومية أو أي جوهر إنساني آخر ، ما لم يكن يهودي ، ولاحقاً ، يختصر دستويفيكي المشهد بنموذج لأحد ممثلين اليهود الذين يعملون على المسرح ، إيجو بوتخوفيش ، قد سجل التاريخ في أحد سجلاته ، ما أشار له إيجو ، وهو بالطبع ، يقصد الروس ، لا يحبون لا اليهود ولا القوقازيين ولا أبناء اسيا الوسطى ولا العرب ولا الأفارقة ، بل ، لا يحبون أحداً ، ولأنكى أن الروس لا يحبون أنفسهم ، ثمة حالة من فقدان الحب تنعكس بدورها على المشاكل القومية ، لنكتشف جميعاً عبر تصريحات نتنياهو ، بأن ، الذي أحب اليهود حتى العشق في هذا الكوكب ، فقط هتلر ، لكنه ، المسكين أساء التصرف .
لقد دفعت الصهيونية العالمية من الجهد والصبر والمال ، وأيضاً، ضحت بأعداد كبيرة من اليهود ، اختلف المؤرخون حول الأرقام ، في سبيل تحقيق الاستيلاء على فلسطين ، وهي تدفع اليوم بعد خمسمائة عام من العمل المتواصل ما تبقى من مخزون لديها ، كي تُخضع الجغرافية العربية وتركيا تحت سيطرتها بالكامل ، وهنا ، يستوجب على المسلم اولاً ، والعربي ثانيا ً، والفلسطيني خاصة ، أن يجيب عن سؤال ، صحيح أنه ، كلما أوشك أن يغيب أو يُغّيب ، سرعان ما يعود بقوة ، هل أساليب التصدى المتبعة للمشروع الصهيوني ترتقي إلى مستوى إرادة الحركة الصهيونية . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أُسس التدخل الروسي في سوريا وجنوب أسيا
-
استعلاء ناجم عن تفوق فارغ
-
بين البحث عن الاستقلال والتورط بخطط الحاخامات
-
الأخ الكبير يدافع عن الأقليات بعد ما دافع عن الشعوب ال سلافي
...
-
الانتقال من تحت الأقصى إلى ساحاته العلوية
-
مستشرقون الغرب ،، ورثة علماء المسلمين والعرب
-
أهو عشق في تكرار الفشل الأمريكي أم استكمال المشروع .
-
حيرة الكهنة وبراءة المنتفضين
-
هستيرية الأفراح والنجاح
-
الطفل آلان ، يُسقط جميع الأقنعة ،، والسيدة مركيل بألف رجل ..
-
العقل التبريري ينتج مجتمعات مريضة
-
هيهات أن يجيب الرئيس بوتين عن مصير الضفة الغربية ..
-
كيف نعيد الثقة بأنفسنا
-
ننتهي من ضجيج حتى نجد أنفسنا بين ضجيج أشد وأنكى
-
حماس بين البدائل وحتمية الفشل
-
نور الشريف والمشهد الأخير
-
المرحلة الثالثة من المشروع الإسرائيلي في الضفة
-
تحدي أهوج لشهر رمضان
-
من بيع السلاح والنفط إلى علاقة اقتصادية أقوى توجت بإدارة مست
...
-
قطعان ينتظرون الذبح
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|