|
عن القضية السورية
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4969 - 2015 / 10 / 28 - 16:40
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
عندما شاهد العالم تدفق آلآلاف من اللاجئين السوريين إلى أوربا ، كان الكثير من هنا و هناك يسألون ، إلى متى سوف تبقى معاناة الشعب السوري ؟ وإلى متى سيظل الجسد السوري ينزف دماً والبلد يُحطم ؟ ، وكيف يمكننا مساعدة الشعب السوري في إيجاد حل لمشاكله المتعددة ؟ ، وفي سُلم الأولويات تكون الإجابة من وحي هذه التراتبية السياسية التي : أولها : كما قالوا هو - في تشكيل إتئلاف من الحكومة والمعارضة الوطنية يكون قابلاً للحياة ، و يمكنه التوصل إلى حل عبر الحوار والمفاوضات المباشرة - ، وهذا الكلام جاء وفقاً لمقتضيات جنيف 1 سنة 2012 ، جنيف واحد قالت : على أطراف النزاع في سوريا القيام بتشكيل حكومة إنتقالية من االحكومة والمعارضة - ، لكن هذا القول لم يرق للبعض ممن أعترضوا على وجود بشار الأسد وعلى الدور الذي يمكنه القيام به - من أجل هذا ومن أجل مصالح أقليمية تعطل جنيف واحد ولم يعمل - ، مع إن أمريكا لم تُمانع بوجود دور ما للأسد في تلك المرحلة ، ولذلك كانت قد سحبت في ذلك الحين شرطها لرحيل الأسد كشرط مسبق للتفاوض ، وإيضاً من جانب أخر لم يكن الرئيس الأسد لم يكن في تلك الفترة مستعدا لمفاوضات حقيقية وجادة نظراً للوضع العام وما يحيط به ، وكانت المعارضة آنئذاك تعيش أحلاماً وردية رفعت معها سقف مطالبها لتنحي الرئيس ، وفي ذلك الوقت أيضاً كانت القوى الإرهابية تزداد نفوذاً ونمواً مستفيدة من الشحن الطائفي والتسويق الإعلامي والجهد الإقليمي ، إضافة إلى القناعة التي بدت واضحة لدى الدول المعنية في إن المعارضة الوطنية لا تشكل قوة فعلية على الأرض تستطيع معها فرض شروطها ومطالبها ، مما ساعد في هيمنة القوى الإرهابية المسلحة على الساحة ، مستفيدة من الدعم الذي حصلت عليه من بعض الدول من أسلحة وأموال مما زاد في تعقيد الأزمة وصار مفهوم الحل الوسط أعني - ممتنعاً ، لهذا أوصدت هذه القوى مبادرة جنيف واحد من خلال زيادة نسبة المطالب وتصعيدها ، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك إتجاه واضح من قبل المجتمع الدولي لتشكيل تحالف في ضرب القوى الإرهابية والمتمردة ، فتراخت قضية الحشد الدولي أو التحالف الدولي لما كان له من أثر سلبي في معالجة قضية ليبيا وقتل القذافي ، نعم كانت فكرة تشكيل تحالف دولي في هذا الشأن أقل تحدياً نظراً لما أحدثه التحالف ضد القذافي من نهايات غير مطمئنة بالمرة ، وفي ذلك الوقت كانت روسيا تمنع من خلال مجلس الأمن أية إجراءات عسكرية كان يطالب به البعض لخنق سوريا وحصارها كما فعلوا بالعراق ، وبهذا حفظت موسكو دمشق من السقوط والإنهيار تلافياً لما كان سيحصل ، وهذا الموقف من موسكو أثبت نجاعته ومنهجيته ونجاحه بإمتياز ، وهذا الموقف الروسي أغضب حلفاء واشنطن السنة وبدى وكأن هناك تناقضاً بين واشنطن وموسكو حول مستقبل سوريا ، إن ما يثير قلق صُناع السياسة هو في الضمانات الأمنية والإستراتيجية للمنطقة ، والأمر المُثار هنا في تلك الزوبعة عن إمتلاك إيران للقدرات النووية ، مع إن الأمر بحسب الواقع لا يتعدى سوى الجوانب الفنية والسلمية ، وفي ذلك الشأن كانت تجرى مفاوضات عسيرة وشاقة ، إذن لم يكن ممكناً القبول بجنيف واحد من دون تهيئة الأرضية الطبيعية والموضوعية لذلك الأمر ، هذا إذا أخذنا بنظر الإعتبار موقف الأقليات الدينية والعرقية في سوريا وخوفها من بطش الحركات الإرهابية المسلحة ، والتي كانت تهدد كل يوم بذبح المسيحيين والشيعة والعلويين والدروز ، كان الهاجس لدى الدولة موجوداً مع فقدان الضمانات الراسخة ، ويقيناً لم يكن ممكناً توفير ضمانات من دون سلطة الرئيس الأسد فهو القادر على حفظ التوازن وعدم طغيان الأكثرية هذا ما ترآه جميع الأقليات في سوريا ، وهذه المعضلة جعلت من المتشددين التمسك بخيار القتال مع ما يكلف من دمار وقتل معتقدين إنهم بذلك يحققون مايريدون بايديهم ، ونسوا إن الشعب والجيش السوري أتخذ خياراً بموقفه مع الحكومة الرسمية ، وهذا عنصر مضاف زاد في حنقهم وكرههم للشعب والجيش السوري ، أضف إلى ذلك الصراع الطائفي السياسي بين السعودية وإيران مما أربك فرص الحل لدرجة كبيرة ، ولا ننسى دور أردوغان وحلمه في التأسيس للسلطنة وأمبرطوريتها على حساب المتاجرة بالدم السوري ومعاناته ، لذلك كان التوصل إلى حل تفاوضي في سوريا غير ممكن وفرصه ليست كافية ، نعم كان رهان تركيا على الحرب في سوريا ظناً منها أنها سوف تخسر كل شيء اذا خسروا الحرب ، كانت اللعبة السياسية تجري على هذا الأساس ولما فشل حزب أردوغان في الإنتخابات الماضية ، وأعتقد إن الغرب كان وراء فشله حضر لعمل هزة في وجدان المجتمعات الغربية من خلال السماح لمخابراته بدفع تلك الموجات من البشر نحو أوربا ، كعوامل ضغط تسبق الإنتخابات القادمة لكي يتلهى الغرب بمعاناته الإقتصادية مع ورطة اللاجئين ، وهي ورطة في الحقوق في الحاضر وما تشكله من عبء في المستقبل على طبيعة المنظمومة الثقافية والمجتمعية في أوربا ، ولهذا أتفقوا على ان يكون دور روسيا أكثر فاعلية من الموقف السياسي ليكون داعماً ومساعداً في العمليات العسكرية ، وهي الخطوة التي باركناها وأعتبرناها بمثابة - ضربة الجزاء - التي وجهت لبعض اللاعبين في المنطقة ، ومن خلالها يمكن العودة أو توسيع دائرة العمل بمقتضيات جنيف واحد ، ومن هنا قدمت روسيا نفسها على انها الدولة الحريصة على بقاء سوريا دولة واحدة موحدة هذا طبعاً بمساعدة إيران والحكومة السورية ، وسوف لانستبق الاحداث لكننا نأمل ان لا نوفر لتركيا نفوذاً في شمال سوريا .وثانيها : هو تقسيم سوريا إلى دويلات منزوعة السلاح ، كأن يكون للعلويين دولة في الساحل إلى دمشق بمحاذات الحدود مع لبنان ، ودولة للسنة في البادية والمناطق الشرقية ، ودولة للأكراد وهذا الذي ترفضه تركيا من رأس ، وتقسيم الحدود الأدارية مما يفقد الجميع الشرعية والقوة .وثالثها : سوريا المتحدة حيث ستتولى القوات المسلحة مسؤولية الأمن وإدارة المناطق ، والسؤال هو ما هو الضمان الفعلي الذي من شأنه أن يحفظ هذه الدولة بالفعل ؟ ، إن التوصل إلى حل للقضية السورية يبدو الآن ممكناً في ظل الإنكسار والتشتت في قدرة القوى الراديكالية المتطرفة ، وكذا في رغبة الدول في نهاية الحرب لما تسببه من اضرار ليس على المجتمع والأرض السورية ، إنما على الصعيد الدولي وهذا ما نلاحظه من خلال الهجرات الكبيرة التي ستغير الديمغرافيا الوطنية في البلاد الأوربية على المستوى القريب ، ولكي نكون واقعيين أكثر في حماية سوريا والعراق والمنطقة العربية يجب ان يكون هناك شعور بالثقة بين أطراف فاعلة ومؤثرة ، إن من الأهمية بمكان التشديد على فتح الحوار المعمق بين دول الأقليم المحيط بسوريا والعراق ، فالصراع هناك محصلته الكلية صفر نتيجة للخسائر في الممتلكات والارواح .
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا نؤيد روسيا وإيران ؟
-
لتحيا روسيا
-
تضامناً مع ثورة الإصلاح في العراق
-
قراءة هادئة في تطورات القضية السورية
-
الأحزاب الدينية وفقدان الضمير
-
بيان صادر عن الدائرة الثقافية والإعلام المركزي في الحزب اللي
...
-
الليبرالية الديمقراطية هي المنقذ الوحيد للعراق
-
الشرف
-
كنت هناك
-
ما بين - المليشيا والحشد - من الإختلاف في اللفظ وفي المعنى
-
مبدأ - أذهبوا فأنتم الطلقاء -
-
أضغاث أحلام بعض الإيرانيين
-
وهذا ردي على هرطقات الأزهر
-
بمناسبة يوم المرأة العالمي
-
في سياق مقال الأخ - آراس جباري - عن العلمانية والليبرالية لد
...
-
جدلية الحرية والقانون
-
عاشت فرسنا
-
كلمة في يوم الجيش العراقي
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين .المقالة الثانية : العقيدة ا
...
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين ... المقالة الثانية
المزيد.....
-
الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل
...
-
تسع خطوات عاجلة لـ 10 نقابات مهنية مصرية ضد تهجير ترامب للفل
...
-
انتهاء إضراب “النساجون الشرقيون”.. وهيكلة المرتبات خلال 15 ي
...
-
وقف إطلاق النار في غزة.. نصر فلسطيني جزئي بعد خسائر لا يمكن
...
-
خواطر واعتراض واحدة من “أطفال يناير” على ميراث الهزيمة
-
الانتخابات الألمانية القادمة والنضال ضد الفاشية
-
م.م.ن.ص// رقم إضافي لقائمة حرب الاستغلال البشع للطبقة العامل
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تدعو إلى التعبئة قصد التنزيل
...
-
غضب صارخ عند النواب اليساريين بعد تصريحات بايرو عن -إغراق- ف
...
-
النهج الديمقراطي العمالي يحيي انتصار المقاومة أمام مشروع الإ
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|