|
الدولار واليوان..معركة كسر عظم
احمد البهائي
الحوار المتمدن-العدد: 4969 - 2015 / 10 / 28 - 13:36
المحور:
الادارة و الاقتصاد
يومان ويمر عام على قرار الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) واعلانه الانتهاء من آخر دفعة من سياسات التخفيف الكمي ، وذلك كان في 30-10-2014 ، حيث بدأت فعاليات اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح 27 -28 برئاسة محافظ بنك الاحتياطي الفدرالي السيدة جانيت يلين ، حيث يترقب المستثمرون حول العالم كلمة يلين بشأن سعر الفائدة الأمريكية ، ويبقى التساؤل قائم حتى الآن هل سوف تقدم يلين على خطوة التشديد السياسة النقدية في اجتماع ديسمبر المقبل ، أما سوف تفاجئ الأسواق قبل ذلك ، وفي حال عدم اتخاذ ذلك القرار في ديسمبر وتريثها لحين الكشف عن توقعات الاحتياطي الفدرالي المقبلة هل سوف ينتظر المستثمرون حتى العام المقبل وفي اي اجتماع منه ؟ .
فالولايات المتحدة تبذل ما في جهدها من اجل بقاء اقتصادها قوي مدعم بدولار ثابت يمثل غطائها الاول ، حيث معركة كسر عظام طاحنة ، يستخدم فيها كل الاسلحة المشروعة والغير مشروعة ، فمع قيام امريكا وقف العمل ببرامج التيسير النقدي ، بدأت تظهر اثارها السلبية على اسواق العملات وخاصة اسواق الدول الناشئة اقتصاديا ، ليس كحركة لتصحيح الوضع كما يدعون بل انتقاما منهم للجوئهم الى الذهب والعملات الاخرى كملاذ امن عوضا عن الدولار ، مما يجعل تلك الدول مجبرة برفع اسعار الفائدة لديها ، وهذا يعني اعاقة نموها الاقتصادي ، حيث قامت الدول العتيقة اقتصاديا كاليابان الي اتباع برنامج التيسير النقدي في اقتصادها تجنبا لانتقام الدولار، واتباع دول الاتحاد الاوروبي الان سياسات نقدية اكثر تشددا تلاها برامج التيسير النقدي ، كذلك قيام روسيا والصين ببيع كميات كبيرة من احتياطياتها ومنها الذهب بهدف انقاذ عملاتهما الروبل واليوان التي هبطتا ، وذلك كله من اجل عودت الدولار مقوم من جديد وكملاذ امن ، ومن هنا تكون الورقة الخضراء كشفرة سيف مسلط على رقاب اقتصادات الدول وخاصة فقراء العالم .
فأبقاء سعر الفائدة على السندات عند مستوى منخفض طيلة السنوات الماضية بفضل السياسة النقدية التي انتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بشراء كميات هائلة من سندات الخزانة وغيرها من الأصول الطويلة الأجل ، والان وبعد تجاوز مرحلة الخطر اصبح لا داعي او ضرورة لهذا الاجراء ، وهذا ما تم بالفعل ، حيث عززت بيانات سوق العمل القوية رؤية مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي بأن الاقتصاد لم يعد في حاجة إلى هذا الاجراء التحفيزي ،وهذا ما أظهرته بيانات حكومية، عن تراجع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 5.9% وهو أقل مستوى له منذ ست سنوات ، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى الولايات المتحدة تخشى من خطر اخر تعمل له الف حساب وهو خطر التضخم ، فهي تريد معدلات تضخم في خدمة اقتصادها ، حيث يبين التاريخ أن ارتفاع التضخم يتبعه عادة ارتفاع أسعار الفائدة ، فهى تقوم بخطوات استباقية لتفادي هذا الخطر القادم ، وخير دليل فترت الثمانينيات ظلت أسعار الفائدة مرتفعة نسبيا حتى بالرغم من انخفاض معدل التضخم إلى 4 في المائة .
ومن هنا نقول هناك معركة كسر عظام تدور بين الدولار واليوان ، حيث صدرت بيانات حكومية عن الولايات المتحدة الأمريكية لتظهر أن الصين أصبحت أكبر الدول التي تمتلك للسندات الحكومية الأمريكية ، ليصل اجمالي ما تمتلكه الصين من السندات إلى 1.26 تريليون دولار، فالصين تخشى من ارتفاع في اسعار الفائدة الامريكية ، وخاصة في هذا التوقيت ، فأرتفاع أسعار الفائدة ، سيدفع أسعار السندات نحو الهبوط ، بمعنى ان ارتفع سعر الفائدة نقطة مئوية واحدة يعني هذا ضمناً ان السند يتحمل خسارة تقرب من 10 في المائة من سعره ، وبحسبة بسيطة تخسر الصين في حالة ارتفاع اسعار الفائدة نقطة مئوية واحدة ما يقرب 126 مليار دولار في كل نقطة مئوية ازدادت ، مع العلم ان السعر الحالي للاحتياطي الفيدرالي( 0.00%-0.25% )، فمسئولوا الصين على علم بذلك وهذا ما جعلهم يستعدون بأخذ التدابير اللازمة ، فالصين لديها من الاحتياطيات النقدية الضخمة لمواجهة ذلك ما يقرب الى 4 تريليون دولار، وتفعل ما في وسعها من اجل بقاء سعر الفائدة الامريكية عند مستوياتها الحالية،حتى لو تطلب الامر بعض الخسارة المؤقته،فالصين تمتلك من الادوات ما يساعدها على تحقيق ذلك، وهذا ما شهدناه من أكبر هبوط للأسهم في البورصة الصينية " شنغهاي وهونج كونج " في ثمانية أعوام وكان هبوطا متعمدا ومقصودا ، وذلك كان اثناء اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الامريكي يومي 27و28 من شهر يوليو الماضي ،وكانت التوقعات متزايدة ببدء المركزي الأميركي في رفع أسعار الفائدة في سبتمبر الماضي وهذا مالم يحدث بالفعل بعد التراجع الحاد في الاسهم الصينية وهبوط الدولار الى ادنى مستوى له مقابل سلة العملات الرئيسية ، مما زاد الطلب على عملات الملاذ الآمن " اليورو-الين-الفرنك السويسري" امام الدولار ، ففي جلسة واحدة صعد اليورو 1,2% ونخفض الدولار 0.4% امام الين ونخفض 0.43% امام الفرنك السويسري ، حيث قامت الصين بطريقة غير مباشرة في "إغراق" الأسهم ، والسماح لكبار حاملي الأسهم من الخروج من مراكزهم ، وغض النظر عن البيع على المكشوف والمضاربة على النزول ، مما ادى الى انخفاض كبير للأسهم الصينية زاد على 8% ، وهذه كانت رسالة واضحة للمركزي الامريكي من الصين، وبعد القرار ببقاء سعر الفائدة الامريكية دون تغيير، ضخت الصين مباشرة في الاسواق حوالى 183 مليار دولار ، وأعلنت الجهة المشرفة على الأوراق المالية في الصين بشراء أسهم لتهدئة السوق، ولمح البنك المركزي أنه قد يتخذ مزيدا من إجراءات التيسير النقدي ، فالصين تعرف جيدا ما تقوم به وما تريده وخاصة عندما قامت مؤخرا وقبل اجتماع الفيدرالي الامريكي بخفض سعر فائدتها ربع نقطة مئوية ، فرؤوس الأموال الأجنبية تستثمر غالبا في الشركات العملاقة ، وما يهم الصين الشركات الصغيرة التي تملئ اسهمها البورصة الصينية التي يساندها ويشتري أسهمها صغار المستثمرين الصينيين، وعودة الاسهم للارتفاع يعني باختصار أن المستثمرين الصينيين لا يزال لديهم ثقة بقدرة البورصتهم على التعافي ،وهذا هو الاهم بالنسبة للحكومة الصينية ، وهذا يجعلنا نتسأل هل يمكن الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) رفع الفائدة في ظل تلك الظروف والمتغيرات؟ ، هذا ماستجيب عليه السويعات القادمة .
#احمد_البهائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشهد الثالث من خريطة الطريق المصرية
-
وكالات التصنيف.. الاقتصاد المصري تحت المراقبة
-
ايميل (2) الى سيادة الرئيس. عبد الفتاح السيسي-مصر بدون اعلام
...
-
الدب الروسي .. صدق رومني واخطأ اوباما
-
رفع الفائدة..مواجهة الدولرة في مصر
-
الحكومة المصرية من الاسكان الى البترول
-
اليورومنى والبورجوازية الكبيرة
-
هيكل .. والذات العارفة
-
الى السيسي احتكار المرافق العامة هذا ما نخشاه
-
الرحلة المقدسة على خطاها فتحت مصر
-
المستشار الزند ..سقطات وانتلجنتسيا السلطة
-
الخليج..من البروباغندا الى شراكة مع إسرائيل
-
حكومة محلب.. كسابقاتها
-
رد على مقالة (العفريت الأصولي)لطارق حجي
-
هل أخطأت القيادة السياسية السعودية ؟
-
دساتير مصر..البورجوازية والدكتاتورية وجهان لعملة واحدة
-
عاصفة الحزم بين التحليل والوقائع والمتغيرات
-
بلداننا من لوزان تركيا الى لوزان إيران
-
مؤتمر مصر المستقبل .. ما نخشاه الاحتكار
-
السيسي وأردوغان وزيارة التكهنات
المزيد.....
-
مسؤول إسرائيلي: وضع اقتصادي -صعب- في حيفا جراء صواريخ حزب ال
...
-
مونشنغلادباخ وماينز يتألقان في البوندسليغا ويشعلان المنافسة
...
-
وزير الخارجية: التصعيد بالبحر الأحمر سبب ضررا بالغا للاقتصاد
...
-
الشعب السويسري يرفض توسيع الطرق السريعة وزيادة حقوق أصحاب ال
...
-
العراق: توقف إمدادات الغاز الإيراني وفقدان 5.5 غيغاوات من ال
...
-
تبون يصدّق على أكبر موازنة في تاريخ الجزائر
-
لماذا تحقق التجارة بين تركيا والدول العربية أرقاما قياسية؟
-
أردوغان: نرغب في زيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا
-
قطر للطاقة تستحوذ على حصتي استكشاف جديدتين قبالة سواحل ناميب
...
-
انتعاش صناعة الفخار في غزة لتعويض نقص الأواني جراء حرب إسرائ
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|