|
التدخل العسكري الروسي ونتائجه المحتملة
منذر خدام
الحوار المتمدن-العدد: 4967 - 2015 / 10 / 26 - 09:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انشغلت وسائل إعلام مختلفة، في الآونة الأخيرة، بأخبار تتعلق بالتدخل العسكري الروسي المباشر في سورية، مركزة على نتائجه المحتملة سواء على الوضع العسكري الذي أخذ ، خلال الأشهر القليلة الماضية، يميل بصورة واضحة لصالح المعارضة المسلحة ، أو على التسوية السياسية للأزمة السورية التي يعمل عليها المبعوث الدولي السيد ستيفان ديمستورا. لم تتأخر أيضا الجهات الرسمية الأمريكية في التعليق على هذا التطور الجديد في الأزمة السورية الذي، على ما يبدو، لم يفاجئها، لتضعه في خانة محاربة داعش بصورة عامة. فالرئيس الأمريكي باراك اوباما، في تعليق له على التواجد العسكري الروسي المباشر في سورية، قال بأنه " يأمل أن تساهم روسيا في الجهود الدولية لمحاربة داعش ". هذا وقد عده جنرال أمريكي متقاعد بأنه أشبه بقلب الطاولة على السياسة الأمريكية بخصوص الأزمة السورية، مما سوف يسرع من عملية البحث عن حلول سياسية لها. وفي السياق ذاته، جاءت تصريحات جون كيري وزير الخارجية الأمريكية إذ قال " ينبغي تكثيف الجهود للبحث عن حل للأزمة السورية".بدوره السيد ستيفان دي مستورا، وفي جواب له عن سؤال يتعلق بالتدخل العسكري الروسي في الأزمة السورية وتأثيره على فرص التسوية السياسية لها قال: على العكس التدخل الروسي لا " يتعارض مع مساعيه لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية"، واستطرد قائلا بأن هذا التطور الجديد في الأزمة سوف يزيد من " اهتمام الدول المعنية بالأزمة للبحث عن حل سياسي لها". من المعلوم أن التعاون العسكري بين سورية وروسيا له تاريخ طويل، فروسيا هي المزود الرئيسي لسورية بالأسلحة، إضافة لتخرج ألاف الضباط السوريين من المدارس العسكرية الروسية، والتواجد المستمر للخبراء العسكريين الروس في سورية. هذا التعاون العسكري المتعدد الجوانب لم يتوقف خلال الأزمة الراهنة التي تعصف بسورية، بل على العكس توسع كثيراً ليشمل الجوانب السياسية والاقتصادية. فالاهتمام الروسي بسورية لا يمكن اختزاله بمنح الروس قاعدة عسكرية ذات طابع خدماتي على الساحل السوري بالقرب من طرطوس، فهو يتجاوزه كثيرا إلى أبعاد إستراتيجية تتعلق أساسا بأهمية موقع سورية بالنسبة لروسيا، إضافة إلى العلاقات السياسية التاريخية المتينة بين البلدين.ويذهب بعض الروس لإعطاء هذه العلاقات طابعا اجتماعياً، ففي تعليق لأحد المسؤولين الروس قال أن أكثر من ثلاثين ألف أمرآة روسية متزوجين من سوريين، وكثير منهن مع أولادهن وأزواجهن يحملون الجنسية الروسية وبالتالي لا تستطيع روسية أن تكون غير مبالية تجاه مصيرهم جميعا. باختصار الروس كانوا منذ بداية الأزمة واضحين جدا في دعمهم للنظام السوري، ولطالما رددوا أنهم لن يسمحوا بتكرار المأساة الليبية على حد زعمهم. في مقابل ذلك لم يمارسوا ضغطا يذكر على قيادة النظام للقبول بالحلول السياسية التي طرحها الموفدون الدوليون إلى سورية، ومنها المبادرة الراهنة للسيد ديمستورا، بل غالباً ما كانوا يتبنون وجهة نظر النظام. تعددت القراءات السياسية للتدخل العسكري الروسي المباشر في الأزمة السورية من خلال تواجد وحدات مقاتلة روسية في قواعد جوية سورية، وتوقيته الراهن. الروس يقولون أنه جزء من الحملة الدولية لمحاربة الإرهاب، وليس من أجل دعم النظام، وان روسيا من أكثر الدول تضررا من انتشار الإرهاب في سورية، نظرا لوجود أكثر من ألفين وخمسمائة روسي يقاتلون في صفوف داعش. ويضيف بعض مسؤوليهم المعنيين بالملف السوري أن ما يقومون به من جهد دبلوماسي وسياسي وعسكري في سورية يتم التنسيق بشأنه مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع دول عربية وإقليمية مؤثرة في الأزمة السورية. بدورها المستشارة الألمانية ميركل التي تعاني بلدها من أزمة اللاجئين السوريين علقت على التدخل الروسي بأنه لا بد من " التعاون مع روسيا لحل الأزمة السورية سياسياً". الإدارة الأمريكية التي جاءت ردود فعلها على التدخل العسكري الروسي مخففة كثيراً لن يضيرها هذا التدخل الذي تعتقد أنه سوف يفشل بحسب أحد تصريحات رئيسها أوباما، وسوف يزيد من حدة الصراع المسلح في سورية من خلال تحفيزه لقدوم الجهاديين من كل حدب وصوب لقتالهم كما حصل لهم في أفغانستان، لكن لسان حالهم يقول لا بأس لتغرق روسيا في وحل المستنقع السوري كما غرقت إيران وحزب الله فيه . من جهتها المعارضة السياسية السورية تباينت مواقفها كثيراُ، فتلك الفصائل القريبة من النظام أيدت التدخل العسكري الروسي في الأزمة السورية، في حين ائتلاف قوى الثورة و المعارضة السورية العامل من الخارج عد التدخل العسكري الروسي المباشر في الأزمة السورية نوعا من الاحتلال الذي يجب مقاومته، وان روسيا بتدخلها هذا قضت على أية فرصة للحل السياسي للأزمة السورية. أما المعارضة السياسية الداخلية ممثلة بهيئة التنسيق الوطنية فقد أدانت هذا التدخل العسكري الروسي المباشر بلغة مخففة بعض الشيء، وأملت أن يكون موجها فعلا نحو محاربة داعش وليس من أجل دعم النظام. أنصار ومؤيدو النظام السوري يشعرون بغبطة حقيقية من تدخل روسيا العسكري، وينسجون الأساطير عن الدور المحتمل القادم لهذا التدخل على مجريات الصراع العسكري ، كما أن معنويات الجيش السوري قد ارتفعت بصورة ملحوظة. و يبقى السؤال ما ذا يمكن لهذا التواجد العسكري الروسي المحدود، حتى الآن، أن يغير من موازين القوى العسكرية على الأرض، وهل روسيا مستعدة فعلا لإرسال مزيد من القوات إذا طلبت دمشق منها ذلك. بحسب بعض المعلومات فإن الروس لن يشاركوا مباشره في القتال، بل سوف يقتصر دورهم الميداني على الاستطلاع الميداني والفضائي، وتحديد بنك الأهداف، وزيادة كفاءة نيران الجيش السوري من خلال توجيهها الدقيق نحو أهدافها. هل سورية أمام فصل جديد من الصراع المسلح على أراضيها، بعد تواجد وحدات عسكرية قتالية روسية ، وما يشاع عن احتمال إرسال الصين ودول البريكس الحليفة للنظام السوري هي الأخرى وحدات عسكرية إلى سورية، أم أن ذلك كله من أجل تهيئة الظروف للحل السياسي وإقناع النظام وبعض الدول الإقليمية المتشددة في موقفها منه أن لا جدوى من هذا التشدد، وان خطر الإرهاب هو خطر حقيقي عليها أيضاً. الجواب سوف تأتي به الأيام القريبة القادمة.
#منذر_خدام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قطار التسوية السياسية في سورية يتحضر للانطلاق
-
ما بين إيران وتركيا
-
من اسقاط النظام إلى التحالف معه
-
المسألة الكردية في سورية بين الحلم والواقع
-
هل الساحل خط أحمر حقاً
-
تسريبات سوتشي وقراءة بين السطور
-
أسئلة ديمستورا ومفاجأة موسكو
-
قراءة سياسية في المشهد العسكري في سورية
-
احياء مسار جنيف من جديد
-
بين الفشل والنجاح ثمة - أسس موسكو-
-
تحولات استراتيجية خطيرة
-
دائرة النفوذ الإيرانية
-
الحل خطوة خطوة على الطريقة الروسية
-
اغتيال الحلم
-
تحولات سياسية استعدادا لمواجهة بين قطبين مذهبيين
-
تمرين تركي لمنطقة عازلة في سورية
-
هل تنجح موسكو فيما فشلت فيه جنيف
-
حقيقة الموقف الأمريكي من الأزمة السورية
-
ما بين لقائي القاهرة وموسكو عشر نقاط سحرية
-
حقية دور روسيا في الأزمة السورية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|