|
لنكن جميعا في خدمة أهداف الإضراب
حزب العمال التونسي
الحوار المتمدن-العدد: 1360 - 2005 / 10 / 27 - 13:13
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
يدخل إضراب الجوع الذي يشنه ثمانية من رموز أحزاب المعارضة والجمعيات المستقلة أسبوعه الثاني. وقد حظي هذا الإضراب منذ أيامه الأولى بمساندة كافة قوى المعارضة السياسية والجمعيات والمنظمات المستقلة والشخصيات الديمقراطية التي بادر جميعها بتكوين لجنة مساندة وطنية تضم العشرات من وجوه المجتمع المدني والسياسي.
كما أثار هذا الإضراب موجة من التعاطف في معظم أنحاء البلاد حيث انطلقت عملية تكوين لجان مساندة. وكان له أيضا صدى إيجابي في أوساط النقابيين والشباب الطلابي ولدى عائلات المساجين السياسيين وكذلك في أوساط التونسيين المهاجرين في البلدان الأوروبية وفي أمريكا الشمالية حيث تعدّدت المبادرات لشدّ أزر المضربين ودعم مطالبهم.
ولم يتأخر العديد من الأحزاب الديمقراطية والتقدمية والجمعيات والمنظمات الدولية في أكثر من بلد من التعبير عن تضامنهم مع المضربين وتأييد مطالبهم المشروعة. كما اهتمت وسائل الإعلام العربية والأجنبية بالإضراب وأخبرت عن دوافعه وأهدافه والحركية التي خلقها.
وما من شك في أن هذا التعاطف الكبير الذي يقابل به الإضراب مرتبط بشدة الاحتقان الذي يميّز الوضع ببلادنا نتيجة استشراء القمع السياسي الذي بلغ في الأشهر الأخيرة، مع الهجوم على الرابطيين والقضاة والصحافيين والجامعيين حدا لا يحتمل، وكذلك نتيجة تفاقم الأزمة الاجتماعية التي يمثل انتشار البطالة وتدهور المقدرة الشرائية للكادحين والأجراء وانتشار الجريمة عناوينها الكبرى. وهو أخيرا نتيجة لتفاقم ظاهرة الفساد التي أصبحت حديث الناس من شمال البلاد إلى جنوبها مؤججة نقمتهم. وقد جاء الإضراب في مثل هذا الظرف لتحريك الوضع وتغذية الأمل وفتح الآفاق.
ومن الأسباب الأساسية لهذا التعاطف أيضا طبيعة المطالب التي يرفعها المضربون وهى حرية التنظم والإعلام والصحافة وإطلاق سراح المساجين السياسيين وسنّ قانون العفو التشريعي العام. فهذه المطالب تمثل الحد الأدنى الذي أصبح يجمع كافة الأحزاب والجمعيات والشخصيات الديمقراطية على تعدد مشاربها الفكرية والسياسية. إن الحرية السياسية تمثل مطمح الأغلبية الساحقة من التونسيات والتونسيين المتضررين من الاستبداد والدكتاتورية علاوة على أنها الشرط الأول لأي تحسن في الوضع السياسي ببلادنا وهو ما يفسر سرعة التفاف الجميع حول مطالب المضربين التي رأوا فيها مطالب وطنية في هذه المرحلة.
وأخيرا فإن من أسباب التعاطف أنه لأول مرة يحصل تحرك سياسي مشترك كهذا يجمع رموزا ينتمون إلي نزعات فكرية وسياسية وإلى تنظيمات مختلفة. إن الطابع الجماعي لهذا التحرك لم يعبىء أنصار الأطراف المشاركة فيه فحسب بل أسهم أيضا في تعبئة عدد كبير من المناضلات والمناضلين المنظمين وغير المنظمين بعيدا عن تلك الروح الفئوية القاتلة التي لا تزال تعيق إلى حد الآن العمل السياسي في بلادنا، وجمعهم حول هدف موحد.
ولئن أثار هذا الإضراب الحماس في صفوف الديمقراطيين ولدى عائلات المساجين السياسيين فقد ردّت السلطة بأسلوبها المعتاد أي المحاصرة الأمنية لمقر الإضراب والتعتيم الإعلامي المطلق. ثم جاء خطاب بن على في اختتام أشغال اللجنة المركزية للحزب الحاكم يوم السبت 22 أكتوبر، أي في اليوم الخامس للإضراب ليصف المضربين دون الإشارة إليهم بشكل واضح بـ"قلة من المناوئين" ويتهمهم بـ"اللاوطنية" وبـ"محاولة الإساءة إلى بلدهم وصورتها في العالم".
ومن النافل أن مثل هذه الاتهامات مردودة لا فقط لأن تحقق الحرية السياسية أصبح يمثل مطمحا أساسيا للأغلبية الساحقة من المجتمع التونسي باعتبار وأن هذه الحرية تمثل اليوم الشرط الأول للنهوض بالوطن، ولا فقط لأن كل الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات المستقلة التي تعبر عن ذلك المطمح بأشكال ومن مواقع مختلفة، قد بادرت بدعم المضربين وتبني مطالبهم وأخذها على عاتقها من خلال إطلاق مبادرات عدة بل كذلك لأن نظام بن علي ليس مؤهّلا لإعطاء دروس في الوطنية للمضربين ولكافة القوى الديمقراطية والتقدمية في تونس وهو الذي فرط في ثروات البلاد للشركات والمؤسسات المالية الأجنبية ولحفنة من الأشخاص الذين لا تربطهم بالوطن سوى علاقة النهب، ودمر طاقاتها الثقافية وحرم شعبها من أبسط الحقوق بل حولها إلي سجن كبير مما أساء إلى سمعتها عالميا إذ لم يعد يصدر تقرير دولي من منظمة أو من مؤسسة تعنى بالحريات وحقوق الإنسان دون الإشارة إلى ما تتعرض له من انتهاك في تونس. وفوق ذلك فإن نظام بن علي هو الذي يسعى حقيقة بكل الوسائل إلى الاستقواء بالخارج وتحديدا بواشنطن وباريس على الحركة الديمقراطية في تونس ضمانا لبقائه ناهيك أنه انخرط في التطبيع مع الكيان الصهيوني منذ أواسط التسعينات وهي اليوم يستدعي شارون لزيارة تونس منتهكا مشاعر شعبها الوطنية والقومية والإنسانية إرضاء للإدارة الأمريكية.
ومهما يكن من أمر رد فعل المسلطة، وهو رد منتظر ومعتاد، فإن المهم اليوم هو أن هذا الإضراب قد خلق حركية سياسية جديدة، يمكن أن تساعد، إن استمرت وتطورت وتعمقت، على تجاوز حالة التشتت والارتباك وحالة الإحباط الحالية. ولا يمكن أن يتحقق مثل هذا الهدف دون:
أولا: تفعيل مطالب المضربين خاصة، ومطالب الحرية السياسية عامة، ميدانيا على المستوى الوطني والجهوي والمحلي حتى يتسع الحراك حولها وتأخذ شيئا فشيئا بعدا وطنيا وشعبيا. وهي غاية المضربين عن الطعام إذ أنهم لا يضربون كما أوضحنا من أجل مطالب شخصية أو قطاعية أو فئوية بل من أجل مطالب عامة ذات طابع وطني، لذلك فإن أفضل مساندة للإضراب تتمثل في تبنّي مطالبه وتوسيع الحركة على قاعدتها.
ثانيا: التفكير من الآن في أفق ما بعد الإضراب حتى تتواصل الحركة حول المطالب التي أثارها وتتسع وتتعمق وترتبط رأسا بالهدف المرحلي الذي ينشده كل ديمقراطي حقيقي ألا وهو وضع حد للدكتاتورية الغاشمة وإقامة نظام ديمقراطي يفتح آفاقا رحبة للشعب التونسي ولتونس.
فلنعمل الآن ولنوتر قوانا من أحل إنجاح الإضراب ولنترك جانبا كل ما من شأنه أن يضر بسيره لأن ذلك لا يخدم إلا بن علي ونظامه.
#حزب_العمال_التونسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا جرى بين الاتحاد والحكومة؟
-
نحو أزمة اجتماعية حادة
-
قانون جديد لتكريس الحكم الفردي المطلق بتونس
-
بن علي يخضع جميع الموظفين لشبه مراقبة إدارية
-
المنتديات الاجتماعية، إجابة العصر المنقوصة
-
الوضع الاجتماعي في تونس الانفجار آت لا ريب فيه
-
دفاعا عن الرابطة وعن استقلالية العمل الجمعياتي وحريّته
-
النضال هو الوسيلة الوحيدة لمجابهة الدكتاتورية وإرغامها على ا
...
-
أزمة النسيج تشتد ونضالات العمال تتصاعد
-
لا مستقبل لشباب تونس في ظل الدكتاتورية
-
رائحة أزمة نقابية!
-
كلمة الرفيق حمه الهمامي في ندوة بروكسيل حول -الشراكة الأوروم
...
-
بيان مشترك حول تفجيرات لندن
-
مرة أخرى:لا خلاص للعمال إلا بالوحدة والنضال
-
في اليوم الوطني لمقاومة التعذيب والذكرى 18 لاستشهاد نبيل الب
...
-
طبقة عاملة، منزوعة السلاح، مهدورة الحقوق !
-
بمناسبة الانتخابات البلدية: حزب العمال يدعو إلى مقاطعة المهز
...
-
من المستفيد من المفاوضات الاجتماعية؟
-
حزب العمال يدعو إلى مقاطعة المهزلة الجديدة
-
أجل مغرب عربي بلا مساجين سياسيين: كلمة الرفيق حمه الهمامي
المزيد.....
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|