|
خطة الطريق الأوروبية
لينا سعيد موللا
الحوار المتمدن-العدد: 4964 - 2015 / 10 / 23 - 01:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أشارت بعض التقارير الأميركية أن 55 عضواً من الكونغرس قد طالبوا في كتاب وجهوه للرئيس أوباما بالاجتماع بالرئيس الروسي بوتين، والاتفاق معه على خطة طريق لحل سياسي في سوريا يكون الإيرانيون والسعوديون والأتراك طرفاً فيها . كان هذا قبل اجتماع الرئيسين في نيويورك الشهر الفائت الذي تم على هامش اجتماعات اللجنة العمومية للأمم المتحدة. يدرك الروس أن أي مبادرة تحمل توقيعهم لن يكون لها أي صدى بعد تدخلهم العسكري المباشر كطرف في الحرب السورية، لذلك فقد اتفق الطرفان بأن تكون مبادرة التسوية أوروبية وبقيادة المانية. ومنذ أيام تحركت الديبلوماسية الأوروبية مخاطبة طهران، عارضة عليها وقف دعمها للنظام ووقف تدخلها مقابل المضي بوقف العقوبات الاقتصادية والتي مورست ضدها خارج نطاق الاتفاق النووي، والتي ستمكن طهران من إعادة بناء دولتهم .. وهي عقوبات متنوعة أصابت الاقتصاد الإيراني بالكساح وكانت لأسباب عدة. وفي هذا الاطار قدمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل وباسم المجموعة الأوروبية لنظيرها التركي مبلغ 3 مليارات يورو كمساعدة، كما الموافقة على تمكين الأتراك للسفر إلى أوروبا من دون تأشيرة دخول. مقابل تليين موقفها من المبادرة الأوروبية .. وقد أعلنت أنقرة مؤخراً أنها تقبل بمرحلة انتقالية يكون الأسد طرفاً فيها شرط أن لا يتجاوز وجوده فيها مدة 6 أشهر، وهو موقف يمكن اعتباره تغيراً هاماً لتسهيل سير خطة الطريق التي ستنطلق في المرحلة القادمة .
السعودية التي تشكو من القرارات الفردية بعد وفاة ملكها عبد الله ومرض ملكها الحالي سلمان بن عبد العزيز بمرض الزهايمر، تعاني من نزيف حاد ومكلف في اليمن، خاصة أن طيران التحالف لم يتمكن من حسم المعركة ضد الحوثيين وهو تسبب بدمار رهيب، ومعروف ان طبيعة اليمن القاسية قد حالت تاريخياً دون نجاح الجيوش الجرارة من تحقيق أي نصر على أرضها، فالعثمانيون الذين وقفوا على أعتاب فيينا عجزوا عن البقاء في اليمن، كما أن عبد الناصر لم يتمكن من البقاء في اليمن لفترة طويلة كما لم يحقق هدفه في الحسم العسكري . أما مصر التي تعتمد على مساعدات الخليج وخاصة السعودية منها في دعم اقتصادها المتعثر، فقد بقيت قريبة من النظام وتقيم معه تعاوناً أمنياً حيوياً لاستيعاب الحركات الجهادية المتطرفة، مما شكل مفارقة غريبة .. تبدو اليوم متعاونة أيضاً مع المبادرة الأوروبية كطرف عربي فاعل.
أما روسيا فهي حريصة هي الأخرى في أن تبقي على مصالحها الاستراتيجية، وتحاول من خلال مباحثاتها الأميركية والأوروبية مراعاتها، خاصة أن نفقات تدخلها تثقل كاهل ميزانيتها، وهي تتمنى سراً وجهارة التوقف عند حد معين دون التورط بتدخل بري غير محمود العواقب.
أما الأسد فهو غير مستعد لمناقشة أي خطة تفرض مرحلة انتقالية، وهو يرفض تماماً أي مشاركة فعلية في قيادة البلاد، لكنه ولا شك لن يقو على مقاومة توافق دولي فيما لو تحققت أركانه. أما حظوظ المبادرة في النجاح فهي مرهونة بتجاوب الأطراف وقدرة الخارجية الأوروبية العريقة في صياغة خطة طريق تحقق الحد الأدنى من التوافقات الدولية والإقليمية.
لن يكون الحل السياسي الدولي على إنجاح المبادرة، فهو يحتاج بالمقابل إلى برنامج عمل وطني واضح وسياسات تنفيذية قادرة على إنجاحه، ومن دون هذا البرنامج الحيوي والذي يطال جميع القطاعات السورية، لن تتمكن الحكومة المؤقتة من معالجة أي من المشاكل المستعصية التي أصابت الجسد السوري، وهو أمر يبدو في غاية الحساسية. لذلك فإن دولاً أوروبية قامت وخلال الفترة الماضية بدعم برنامج واضح لإعادة تأهيل القطاعات السورية التي تضررت بفعل الأزمة السورية، شارك فيه خبراء سوريين من كافة الاتجاهات والميول السياسية، برنامج سيشكل خطة ترشد السلطة المؤقتة المتوافق عليها، على سلوك سياسات تشكل خطة طريق وطنية قادرة على تجاوز المحن السورية المتعددة والمتراكمة. وهو يتضمن التحديات التي تواجه جميع القطاعات المتضررة في المرحلة الانتقالية، ويحدد الأهداف التي يجب تحقيقها خلال زمن هذه المرحلة في كافة المحاور، ويقترح الأدوات الأفضل التي يجب توفيرها لتحقيق مضمونه بنجاح وسلاسة. وكذلك طبيعة القرارات الاسعافيه والأولويات التي يجب اتخاذها للحد من الانهيار المتزايد ضمن كل قطاع، ومن ثم المضي في تنفيذ برنامج تنموي لدولة سورية مستقرة. يبقى أن نجاح هذا الحراك الدولي محفوف بالمخاطر، خاصة أن مصالح الدول ما تزال متضاربة ومتعارضة، لكن وفي المقابل .. يبدو أنها الفترة الأنسب التي يحتاجها اللاعبون الدوليون والإقليميون لإنجاح مساعي الوساطة، وفي حال نجاح الديبلوماسية الأوروبية في إقناع جميع الأطراف بتسوية ما، فإننا سنكون على أعتاب مرحلة جديدة ستحمل انفراجات قد تؤدي على حل سياسي وعملي لوقف الحرب وإعادة الاعمار، أما التفاصيل فستفصح عنها المرحلة القريبة القادمة.
#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عبر من التاريخ
-
التغيير يبدأ من هنا
-
الأيديولوجيات وحرب المصالح
-
جلد الذات
-
ترسيخ الرعب
-
داعش
-
الديمقراطية عندما تكون نسبية .
-
الشعب السوري وكيفية البداية
-
السوريين والمستقبل
-
الدين وموروث السلاطين
-
حوار مع ذاته
-
ثورتنا والثورات العالمية
-
حرب داعش ومصالح الدول الكبرى
-
عن المونديال والبرازيل وثورتنا
-
في حماية سوريا القادمة
-
هل يكفي أن يتغير لون الديكتاتور لكي نستكين ؟
-
احتمالات الضربة من جديد 1
-
احتمالات الضربة من جديد 2
-
صراع حول تقاسم الارهاب
-
للنصر حبكة وهدف
المزيد.....
-
رئيس كوريا الجنوبية يقبل استقالة وزير الدفاع ويعين السفير لد
...
-
الأسد يوجه بزيادة 50% على رواتب العسكريين وسط تصعيد عسكري شم
...
-
توغل إسرائيلي شمال خان يونس، ومقتل العشرات في غارات جوية
-
تعليق الدراسة بسبب انقطاع الكهرباء في كوبا
-
القاهرة.. منتدى لخريجي الجامعات الروسية
-
وفد أوكراني يلتقي مستشار ترامب المستقبلي
-
وسائل إعلام فرنسية: ميشيل بارنييه سيقدم استقالة حكومته الخمي
...
-
الولايات المتحدة تهدد بفرض عقوبات على جورجيا بسبب قمع الاحتج
...
-
فيتنام.. مقتل 12 جنديا في انفجار خلال تدريب عسكري
-
بعد زلزال دمياط.. رئيس البحوث الفلكية في مصر يوجه رسالة حاسم
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|