|
أمريكا وإسرائيل فى سوريا بين الواقع والخيال
رشا ممتاز
الحوار المتمدن-العدد: 4960 - 2015 / 10 / 19 - 22:05
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
على عكس ما يردده الاعلام المصري على وجه الخصوص والعربي بشكل عام وبالتالي يردده السواد الأعظم من الرأي العام العربي خلف وسائل الإعلام المختلفة في كون الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل هم من يقفوا بتدخلهم وراء الثورة السورية وتنظيم داعش وكافة أزمات المنطقة.
تبدوا الوقائع على الارض على عكس ما يشاع بل يمكن القول بأن غياب امريكا عن الساحة وتأخرها فى التدخل فى الازمة السورية أحد اهم الاسباب التى اغرت مختلف القوى الاقليمية مثل السعودية و وقطر وايران وتركيا وحزب الله للتدخل وتعقيد الازمة لإدارة الصراع لصالحها ..
فقد اكتفت الادارة الامريكية منذ اندلاع شرارة الثورة السوريه بالتصريح بضبط النفس او انصياع الرئيس السورى لمطالب الشعب والرحيل ورفضت الادارة الامريكية وكذلك الرأى العام اى تدخل فى الازمة السوريه واعلنت رفضها بشكل مباشر للتدخل العسكرى من جديد فى منطقة الشرق الاوسط فى ظل عدم وجود ما يهدد مصالحها ..
حتى بعد استخدام النظام السورى للسلاح الكيماوى فى مواجهة المتظاهرين تحمس الرئيس الفرنسى فرنسوا هولند فى 2013 للتنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية لتوجيه ضربات للنظام السورى وكثف اتصالته مع البيت الابيض بهذا الشأن ولكن كان رد اوباما انه لم يحصل على الاصوات الكافيه فى الكونجرس وانه لن يتدخل دون غطاء دولى قانونى وانه ليس جورج بوش ! واكتفت امريكا بدعم المعارضة السورية بالسلاح الخفيف بعدما كان الدعم مقتصر لفترة طويله على التوجيه التكتيكى ورفض الدعم المسلح .
وفى الوقت ذاته فضلت واشنطن طريق الدبلوماسية وكثفت جهودها مع روسيا لاجبار سوريا على تفكيك ترسانتها من الاسلحة الكيماوية تلك الجهود التى اتت ثمارها فى خطة رباعية بدأت بنضمام سوريا لمنظمة منع الاسلحة الكيماوية فى الامم المتحدة ثم تحديد اماكن تخزينها ثم ارسال مبعوثين من المنظمة للتفكيكها والتخلص منها .
حتى بعدما شكلت داعش خطر على الغرب والمصالح الامريكية فى المنطقة لم تتدخل امريكا لضرب داعش بشكل مباشر دون الرجوع للنظام السورى كما هو الحال فى الضربات التى وجهتها فرنسا للتظيم بشكل منفرد مثلا ولكنها اخطرت النظام السورى فى الامم المتحدة بنيتها فى استهداف تنظيم داعش وقد رحب الاسد بهذا الاخطار الرسمى واعتبره انتصار له ودعم لشرعيته .
حيث يتبع الرئيس الامريكى باراك اوباما سياسة تهدف الى الحد من التدخل العسكرى المباشر فى منطقة الشرق الاوسط وتجنبه قدر المستطاع خاصة على مشارف الانتخابات الرئاسية , بعدما ابتلعت الحرب فى كل من العراق وافغانستان الجهود الامريكيه وبدا الامر وكأنه مستنقع لا يمكن الفرار منه , وتركت امريكا فى المقابل الساحة الاسيوية فارغة لتملاءها الصين وقد انتبهت مؤخرا لذلك واصبح تركيز جهودها لاستعادة نفوذها فى منطقة اسيا والباسفيك على رأس اولوياتها فى سياستها الخارجية .
لهذا تبدوا الضربات الامريكية الموجهه لداعش مقتصره على الضربات الجوية لطائرات دون طيار لان فكرة نزول قوات امريكية على الارض فكرة مستبعدة تماما, بينما تفضل تسليح الاكراد مثلا لمواجهة التنظيم وفتح المجال لتلعب روسيا دور اكبر فى ادارة الصراع .
اما بالنسبة لاسرائيل على عكس ما نسمعه من خزعبلات اعلامية ونظريات مؤامرة عن كونها تقف خلف ثورات ما يسمى بالربيع العربى وكذلك خلف تنظيم داعش فقد نظرت اسرائيل فى البداية للثورة التونسية كتجربة فريدة من نوعها فى بلد عربى ورحبت بها كخطوة لكسر الجمود فى المنطقة وتوجهها نحو التطوير ونالت ثورة تونس مساحة كبيره من الدعم والمنشتات الصحفية ..
ولكن مع انتشار لهيب الثورة في مختلف الدول العربية ليطال مصر وسوريا و اليمن ليبيا , تبدد حلم التغيير الى الأفضل حيث تحولت ثورات الربيع العربي الى شتاء إسلامي مخيف يفجر المنطقة و يهدد امن إسرائيل , أو كما وصف رئيس الدفاع الاسبق ايهود باراك بلاده بالفيلا التى تقع فى وسط غابة .
سرعان ما تغيرت النظره للامور و بدأت اسرائيل فى تكوين حمله ضغط ناجحه لدعم الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى خلفا للاخوانى محمد مرسى بقيادة رئيس الوزراء بينايمين نتنياهو والضغط على البيت الابيض والبنتاجون و الكونجرس الامريكى فى سبيل استمرار تقديم المساعدات العسكرية لمصر والحفاظ على معاهدة السلام وحفظ الاستقرار فى المنطقة رغم الانقلاب العسكرى الذى يخالف قانونيا استمرار المساعدات العسكرية الامريكية.
كما بدا التعاون الاسرائيلى المصرى اكثر وضوحا بعد سيطرة الجهاديين والدواعش على سيناء وتهديدهم للامن الاسرائيلى حيث وجدت اسرائيل نفسها بين عدة اختيارات اما تطبيق معاهدة السلام بشكل حرفى و التى تحد من وجود القوات المصرية فى المنطقة واما ان ترد بشكل مباشر على الارهابيين متحمله مجازفة ما سيثيره التدخل العسكري من زوابع الرأى العام ضدها وضد النظام المصرى , واما مخالفة المعاهدة بشكل ودى و الاتفاق على السماح بتكثيف التواجد العسكرى فى سيناء والتعاون الامنى فيما بينهم للسيطرة على حدودهم من عدو مشترط وهذا ما حدث .
اما الوضع فى سوريا فبدا مربكا وغير واضح المعالم بالنسبة لاسرائيل حيث وجدت نفسها بين نظام الاسد مدعوما من ايران وحزب الله وجميعهم اعداء لاسرائيل وبين تنظيم داعش ودولة الخلافة والاكثر خطرا على اسرائيل ..
لهذا وقفت اسرائيل موقف المتفرج ولما تتدخل بشكل مباشر فى الازمة السورية ولم تختر الوقوف فى صف اى من اطراف الازمة وتبنت المقولة الشهيرة لمناحم بيجن اتمنى حظ سعيد لجميع الاطراف !
ومع تصاعد اعمال العنف والتفجيرات على حدود الجولان بدت قوات الامم المتحده فيها عاجزه وغير مؤثرة , اكتفت اسرائيل بالرد على الهجوم ..
و اختارت طريق المساعدات الخيرية للمشاركة فى الازمة السوريه حيث اقامت مستشفى ميدانى لعلاج المصابين وتحويل الحالات الحرجه لتلقى العلاج على اراضيها حيث تم علاج الالاف المصابين السوريين فى المستشفيات الاسرائيلية حتى الان
(800 مصاب فى 2013)
, وحماية الاقلية الدرزية من الاستهداف وتوجيه انذار لكل من الجيش الحر وجبهة النصره كما شاركت اسرائيل عن طريق المنظمات الخيرية الغير حكومية اشهرها منظمة
Israeli Flying Aid
بتقديم الوف الاطنان من المساعدات الغذائية والعلاجية للاجئيين السوريين فى كل من تركيا والأردن منذ اندلاع الحرب السورية وحتى الان .
كما يتردد مؤخرا اصداء التنسيق المشترك بين القوات الجوية الروسية والاسرائيلية لضرب تنظيم داعش فى اطار التنسيق مع دول الجوار المهدده من قبل داعش مثل تركيا واسرائيل مما يضع التخلص من تنظيم داعش على رأس الاولويات
من المؤكد ان سقوط نظام بشار الاسد سينهى جبهة التحالف الشيعية بين ايران وحزب الله والاسد وسيكون حتما فى صالح اسرائيل ولكن فى الوقت ذاته المعارضة العلمانية لنظام الاسد ضعيفة على ارض الواقع ولا يعول عليها الامر الذى سيفسح المجال لدولة الخلافة الاسلامية لتملاء الفراغ مما يشكل تهديدا اكبر لاسرائيل التى على ما يبدو تفضل التعامل مع عدو واضح المعالم تعرف امكانياته وخطواته ولها باع فى التعامل معه على وحش هلامى لا يمكن تصوره .
#رشا_ممتاز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحجاب والليبرالييون الدواعش
-
رسالة إلى شمامى الكله
-
مصر وتنين الارهاب ..
-
بين شارلى ورائف بدوى
-
وسائل تمكين الإسلام السياسى
-
لماذا فشلت الثورة ؟
-
اكذوبة شيوخ التنوير
-
الدولة وسياسة التحرش
-
انقلاب بما لا يخالف شرع الله
-
حل الأحزاب الدينية مطلب ثوري وواجب وطني
-
حقيقة الشيوخ وحقيقتنا .. حدث بالفعل.
-
كل سنة وأنتم طيبين رغم أنف الحاقدين
-
الإخوان و اغتيال القضاء ...كلاكيت تانى مره
-
تزوير الإستفتاء واجب شرعي!
-
على غرار برلمان الثورة ..شفيق مرشح الثورة ؟!
-
مرشحى الرئاسة بين فلول ظاهر وفلول خفى !
-
لا للختان لا للسلفيين والإخوان .
-
فى وجه طيور الظلام , كلنا عادل إمام
-
جعلوني فلولا (مصر بين توابع الفلول والإخوان)
-
بالأدلة عبد المنعم أبو الفتوح هو المرشح الأصلي للإخوان
المزيد.....
-
لقطات مروعة وثقتها كاميرا مثبتة على جسد ضابط وهو يضرب سجينًا
...
-
بعدما حاول منعه سابقا... ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق
...
-
محلل عسكري: الاتحاد الأوروبي يعاقب نفسه ولا حاجة لروسيا أن ت
...
-
جهاز الأمن الفيدرالي الروسي يحبط هجمات إرهابية ضد ضابط بوزار
...
-
نصيحة غذائية بسيطة لتحسين صحة القلب وتقليل الكوليسترول
-
أبرز الروبوتات الشبيهة بالبشر في 2024
-
أمل ينبعث من ركام الحرب في سوريا.. زوجان مسنان يعودان إلى من
...
-
زاخاروفا: الإنصات لزيلينسكي خطير لسببين
-
موسكو: الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تحضران لاستهداف الق
...
-
وزير خارجية الهند يناقش المشاكل العالمية مع مستشار ترامب
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|