|
عملية اغتيال روح انهزامية والصدمة الحضارية
مهند نهاد الريكاني
الحوار المتمدن-العدد: 4958 - 2015 / 10 / 17 - 22:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقالي بعنوان (عملية اغتيال روح انهزامية والدمة الحضارية) ..
بداية ً ربما علية الاعتراف ان عملية استأصل هذا الورم ليس بالامر السهل بمكان ... وكذلك القرأن عندما استأصل هذا الورم وعندما اغتال هذهِ الروح الانهزامية تدرج في ذلك ..
1- من واقعنــــا:-
كثير من الانهزاميين وربما نكون منها ايضا يتصورون ان الامر محال علينا ان نصل لبعض ما وصلت اليه حضارات اخرى (غربية,شرق اسيوية,....الخ) ولسان احدهم اليوم يقول "الفرق بيننا وبينهم كالفرق بين السماء والارض" وربما يكون التعبير صحيحا وهم كذلك ... لكن هذا لا يعني أن تتقاعس ويبعث ذلك على الروح الانهزامية وترك الامور كما هي وانتظار المخلص او الادعاء والتبرير كمقولة (الجنة لنا والنار لهم) ومن هذه التبريرات التي لا احب ان اصفها بشيء... وبسبب هذه الروح الانهزامية ولاسباب اخرى ايضا ترى ان الخمول يعم الامة بافكارها واهدافها وسقف تطلعاتها وترى الموظف البسيط (ليس العموم وانما اتحدث عن البعض) يجد في التعيين والوظيفة راحة العمر ولا يبالي بها ولسان احدهم يقول (ما شأني انا ليحدث ما يحدث المهم راتبي يصلني) فتراه يتنصل عن التكاليف ولا يؤدي الامور على وجه التمام وتراه متقاعس يشعر بالضيق والتعب واللامبالاة والروتين لانه ليس له هدف وليس له ما ينجزه وقد يجد لك تبريرات عندما تتحدث له عن وجوب استأصال هذا الورم وقد يرى في اناس مثلي انسان غارق في الخيال ولا بأس...
حتى اولئك الذين لديهم بصيص امل قد تسربت فكرة الانهزام الى بعض جوانب حياتهم حتى وان لم يشعروا بها لكن الصدمة الحضارية ورؤية نتائج الاخرين احيانا لا تجعلهم يتحفزون للمنافسة بقدر ما يجعلهم يشعرون بالعتب والندم والانهزام .. والامثلة كثير في ما أوردت وانتم على يقين بها ...
2- عملية_استأصال الورم والجيل الاول من المسلمين:-
عندما استأصال القران الكريم هذا الورم في حياة الجيل الاول من المسلمين استغرق اكثر من عشرة سنوات وهذا الاستأصال جاء بالتدريج لكي يربى النفوس ويثبت العقيدة .. بل تدرج معهم في الفهم الى ان تعرف المسلمون او الجيل الاول على مفردة الاستخلاف ومن ثم مشتقاتها تعرفوا عليها بصفة الفرد بالمرحلة المكية بصفة النبي داوود عليه السلام ومن ثم بدأ القران رحلة طويلة مع المسلمين لتشكيل بنية متينة جدا ستغير وجه التاريخ وتشكل حضارة من اعدل وارقى صور الحضارة التي وجدت على وجه الارض وهذه العملية قد مرت بمراحل وقطعت شوطا لكي تبصر النور ... ان الانسان بطبيعته ينسى وقد نسي شيء من اهم الاشياء على الاطلاق هو انه خليفة الله في الارض واليوم يظن البعض ان الخلافة تعني وجود خليفة ونظام اسلامي فقط ولكن ينسى ان هو نفسه يجب ان يقيم هذا المشروع وانه هو الجندي المجهول في هذه المنظومة ولكن للاسف بطبيعتنا دوما ما ننتظر مخلص او نبحث عن تبريرات ... ودائما ما يظلم الانسان نفسه كما يقول تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰ-;---;--كِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) سورة يونس.. وكيف يكون ظلم الانسان لنفسه؟؟ يظلم النسان نفسه بان لايكون على ما خلق لاجله وسبب وجوده ان يقضي حياته في شيء اخر غير الذي خلق من اجله لحياة جمع المال والحصول على علاقات جنسية وحياة الحصول على الشهرة وغيرها من الامور التافهة التي لا تضيف شيئا وهو يراه الهدف من الحياة او على الاقل من حياتهِ ... كل انواع المظالم التي وجدت وعاشتها البشرية تجد جذورها في هذا السياق ظلم الانسان لنفسه فكريا واخلاقيا واجتماعيا وغيرها الكثير..
3- واقعنا وواقعهم على وجه المقارنة :-
تخيل معي ان تكون في جزيرة صحراوية وانت من البدو .. ولا تملك شيئا الا القليل ربما تكون وقتها من العبيد والبيوت من طين او لربما لديك خيمة ... وترى حينها الحضارة الرومانيه بالياتها وقلاعها واتساع رقعة جغرافيتها وكذلك الحضارة الفارسيه بمواردها وجمال طبيعتها وكنوزها الذهبية وقوتها القتالية ماذا سيكون شعورك؟؟ اجيب بالنيابة عنك ستشعر بهيبة تلك الحضارات وانه كما اليوم تسبقك بالالاف السنين وانه لا مناص باللحاق بهم لهذا تبقى كما انت في بيتك الطيني وترعى ماشيتك الى ان تموت وكذلك باقي الاجيال ... (مثل اليوم وان اختلف الادوات لكن الروح والمشاعر واحدة) لكن هذا الحال لا يدوم مع الجيل الاول مسلمو مكة والذين رباهم القران وبث فيهم روح "الايمان بالامكان" كما يصفه الدكتور احمد خيري العمري وانه امكانية ان تكون خليفة ويكون لك هدف هذه الفكرة هي التي تثبت لك العقيدة وتجعل هذا النقص وهذا الفرق وتلك الهوة بينك وبين تلك الامم تتلاشى وهذه اهم نقطة في درب الحضارة والاستخلاف .. لذلك استأصل القران هذا الورم وهزم فيهم روح الوهن والضعف والانهزام وذلك الشعور المألوف بانهم سبقونا بقرون وانه لا مناص من اللحاق بهم وعزز فيهم روح الايمان بالامكان اي بامكانية ان تكون الخليفه امكانية ان تكون المصلح امكانية ان تكون امة امكانية ان تكون حضارة وهذا ما حدث لقرون عديدة مع الحضارة الاسلامية .. أذا ما الذي اختلف؟ بل واقعنا اليوم افضل من واقع الجيل الاول ونحن مؤهلين اكثر علميا وتقنيا لهذا الدور لكن البذرة الصالحة والفكرة السليمة التي امتلكوها لا نملكها لهذا كانوا مؤمنين بهذا الامر والدور ولم يبرروا لانفسهم مثلنا اليوم وقد لحق بهم من الاذى مالحق وانت اليوم جالس على التبريد وتتباكى على حالك والروتين هم كانوا بروح عقدية مؤمنة لديهم رؤية واضحه للمستقبل لهذا اصبحوا فيما بعد ما خططوا له مسبقا بل واصبحوا من افضل الحضارات على الاطلاق .. ان كنت موضوعيا ولك اهتمام بالنهضة من جديد قارن بين واقعك وواقعهم وستلاحظ انك افضل حالا ومعاشا وراحة منهم واترك لك المقارنه ..
4- أعـادة ألبنــاء يتطلب هــدم الفكر الخاطئ واستأصاله:-
الامم والحضارات لاتسقط فجأة بل تدريجيا تبدأ الامم بالغرق من القدمين ثم الركبتين ثم البطن ثم الرقبة والى هنا الانسان يستطيع التعايش مع هذا مادام لا يحرمه الاوكسجين وهذا الغرق يتخذ اشكال متعددة كالغرق بالديون او بالذنوب او بالجرائم او بالاخلاق الهادمة والكثير من الافات الاجتماعية ...فهم يتعاملون مع هذا الخطر المتزايد ويتعايشون معه باعتباره امرا عاديا وضريبة الحياة المعاصرة لكن ما ان يبلغ الغرق انوفهم ويحرمهم التنفس يبدأ الخطر وعدا ذلك عم يبحثون عن حلول في سبيل التعايش مع هذا الغرق وهم لايدركون ان هذا الغرق سوف ينهي حياتهم سوف ينهي حضارتهم سوف ينهي مبادئهم كما فعل طوفان نوح ...
لذا يقول البعض لماذا نكون شديدين على اخوننا لماذا لا ناخذ بأيديهم ونطبطب عليهم ونصلحهم وبالتالي المجتمع ... البعض لا يدرك ان الاصلاح هنا غير وارد (احيانا تصل الامور لدرجة لا ينفع معها الاصلاح بل الهدم هو بداية البناء السليم) فبعض الافراد والمجتمعات يصل لدرجة لا يجدي معه الاصلاح لان اساساته بنيت على خطأ فالهدم او الغرق هو طريقة لاعادة البناء على اسس صحيحة من جديد ...فانا ابحث دائما عن الفكر البديل والايمان بالعقيدة الاسمى فلا ابحث عن ما ينجي من هذا الغرق فحسب وهو غير مبالي انا ابحث عما يُنجي من هذا الغرق ومن ثم يقود البشريه لاكثر المبادئ والقيم حصانة من الغرق وبناء تلك المبادئ على اسس صحيحة .. لذا كانت بناء المبادئ والقيم الصحيحة والفكر السليم متمثل بصورة سفينة نوح عليه السليم الذي لم يُنجي البعض بسبب انهم أمنوا على وجه الحياد بل الذين امنوا بالدور الفاعل للايمان وبالفكرة التي تقود البشرية نحو حضارة جديدة وليس خوفا وهروبا من الغرق بقدر ما هو انقاذ البشرية واعادة البناء على اسس سليمة ..
5- الحيــاة قضية:-
ان مجمل ما نعيشه يمثل قضيه في نهاية المطاف شئنا أم ابينا ..فالبعض يجعل من حياته قضيه تافهة يلهو ويلعب ويخوض مع الخائضين في اللاشيء والبعض الاخر يجعلها القضية التي خلق من اجلها يجعلها هدفا لطريق اسمى ورؤية اكثر عدالة وبياض لهذا الوجود وأن ايمانك بالقضيه السامية من حياتك يجعل منك متورطا الى حد بعيد بان تثبت ما تؤمن به وهذا سيشعرك بأن تكون الاول في كل شيء .. يجب ان تكون صاحب السبق وان تكون اول مسلم يساهم في اكتشاف السسن الكونيه ... ان تكون اول مسلم يساهم في بناء عالم افضل للعيش ... ان تكون اول مسلم يتخلص من اي دعوة او روح انهزامية ويؤمن بالنهوض مدام اسس بنائه الهية .. ان تكون اول مسلم يبتكر شيء جديدا او يبني مدرسة او مستشفى في قرية نائيه ... وغيرها الكثير التي "ربما" انت اجدر بحملها لان قواعد بنائك الهية وليست وضعية بشريه وهي بالنهاية تصب بقضية حياتك التي تختارها ...
لذا عندما تقرا تاريخ الامم ونهوض حضاراتها تجد ان اغلب الامم لم تصبح حضارات فجاة وانما هذا نتيجة تراكم فكري وتطور وبناء وعدالة واسس ومبادئ سواء أكانت اسس ومبادئ وضعيه بشرية او الهية مقدسة لذا من كانوا يوما حفاة عراة يرعون الماشية وينظرون لباقي الحضارات التي تعاصرهم بعين العظمة اصبحوا هم اقوى وافضل وارقى واسمى واكثر تاثيرا منها غيرت وجه التاريخ البشري وانا كان في عصرهم اناس مثلنا لم يكونوا ليصدقوا هذا والسنن الكونية تقول ما دام ان امرا حدث في التاريخ مرات عديدة وقام به انسان وتحت ظروف اعتيادية يمكن لك انت ايضا ان تقوم بها وعلى نحو افضل بالاستفادة من تجارب واخطاء الاخرين ... وهذا كله ينبغي ان يجعل من الفرد الذي هو الجندي المجهول اكثر فاعلية ولديه اهداف واضحه تصب في مصير هذه الامة وانا دائما ما ادرج هذا بشعار لي ((خطط,طبق,راجع,طور))..
#مهند_نهاد_الريكاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرض الفوضى يصيب العلم
-
المنطق القدري
المزيد.....
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|