أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - هذا ما وجدنا عليه آباءنا















المزيد.....

هذا ما وجدنا عليه آباءنا


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 4956 - 2015 / 10 / 15 - 23:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتبت قبيل عيد الأضحى على صفحتي الشخصية في الفايسبوك : لست مقتنعا بأضحية العيد..يقولون: إنها سنة مؤكدة .. وأقول: لقد صارت تلك السنة المؤكدة عادة ،مساوئها أكبر بكثير من محاسنها، والكثير من المسلمين يشترون ما يضحون به مضطرين خاضعين لحكم العادة والضغط الاجتماعي الديني ليس إلا..لكنني - مقابل ذلك - أحبذ أن يفرح الناس، دون أن يكلفوا أنفسهم ما فوق طاقتهم..
استغرب الكثير من قولي ذاك..الكثير استهجنوه.. وصل الأمر ببعضهم إلى حد اتهامي بالخروج عن الإسلام..قلة فقط هم من أيد رأيي..
لا بأس..عددوا معي:
1- يستغل السماسرة مناسبة عيد الأضحى فير فعون أسعار الأنعام كباشا ونعاجا وبقرا وماعزا..يستغلون الناس..الخضارون مثلهم يفعلون..الفقراء هم الضحايا دائما..
2– تذبح ملايين الرؤوس في يوم واحد وهو ما يعني استنزافا حادا للثروة الحيوانية..يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار اللحوم حتما في بقية أيام السنة وجعل الفقير عاجزا عن شرائها وحرمان أفراد أسرته من تذوق طعمها..
3- – جسد الإنسان يحتاج – علميا – إلى 250 غ لحما ..بمناسبة عيد الأضحى يفرط حد التخمة في تناول اللحوم..
4- تمتلئ بفعل ذلك الإفراط في تناول اللحوم مستشفياتنا بالمرضى المتخمين الذين سيستهلكون حتما الكثير من الأدوية التي نحتاج إليها حتما في الأيام الأخرى، وهي أدوية تخصص لها الدولة الكثير من الأموال..
5- ذبح ملايين الرؤوس يعني اسهلاكا مفرطا للماء ، غسلا للأحشاء والجلود، واستهلاكا مفرطا أيضا للصابون ، وهو ما يحيل حتما إلى التبذير ..
6- يعني أيضا ازدياد تراكم أكياس جمع النفايات المنزلية ، الأمر الذي يؤدي إلى كثرة الأوساخ وعجز عمال البلديات عن نقلها إلى المزابل العمومية في الوقت المناسب، والنتيجة الحتمية هي كثرة الذباب والدود والجرذان..إلخ..
7- يذهب الفقير إلى سوق الأنعام ليشتري – مضطرا – أضحية العيد التي يستلف غالبا ثمنها أو يدفعه بالتقسيط الخانق ، فتحلو في عينيه أضحية ما ، يفاجأ بأن سعرها مرتفع ..يتحسر ويشتري أضحية أخرى ثمنها يتناسب وما في جيبه..جاره يشتري كبشا كبيرا قرناه ملتويان..يقول أبناؤه متألمين وتقول زوجته متحسرة : هل رأيت كبش جارنا؟..ياله من كبش..أين أضحيتنا من ذلك الكبش..يتألم المسكين..يقول لزوجته وأبنائه: كل حسب قدرته..هكذا تولد أضحية العيد الحسرة في النفوس..تولد التباهي أيضا..تبرز مدى التفاوت الطبقي..
– يعترض البعض فيقول: الغني المسلم يعطي جزء من أضحيته للفقير، فيزيل من نفسه تلك الحسرة ويذيب ذلك التفاوت الطبقي..حسنا، لماذا لايكون ذلك العطاء في غير عيد الأضحى؟..هل يعني ذلك أن الفقير وزوجته وأبناءه ، وربما والديه، ملزمون بأكل اللحم في أيام عيد الأضحى فقط؟.. لاحظوا بأن ذبح ملايين الرؤوس في يوم واحد واستهلاك لحمها بشكل تُخَمي مفرط في أيام معدودات يؤدي حتما إلى ارتفاع أسعارها طوال أيام السنة..
- يقول البعض الآخر : تهون تلك الأسعار المرتفعة لأضحية العيد أمام اجتماع الأهل والأقارب وفرحهم الجماعي.. جميل..لكن، ألا يمكن لأولئك الأهل والأقارب أن يجتمعوا ويفرحوا بشكل جماعي في يوم آخر دون ان يكلفوا أنفسهم ما فوق طاقتهم؟، يهمني هنا الحديث عن الفقراء - وهم الأغلبية - أساسا..
– البعض يعترف بما أشرت إليه من مساوئ ، لكنه يطرح السؤال: هل تعني تلك المساوئ المشار إليها دعوة إلى التخلي عن أضحية العيد؟..يضيف: لرمضان مساوئ كثيرة أيضا، هل نطالب بالتخلي عن صيامه؟..الواقع يقول صراحة: من الصعب، بل من المستحيل الدعوة إلى ذلك او المطالبة به..رجال الدين ومن ورائهم عامة الناس يقفون بالمرصاد لكل دعوة من هذا النوع..يرون فيها دعوة إلى الخروج عما هومعلوم من الدين بالضرورة..يرون صاحب تلك الدعوة مسيئا للدين ومشاعر المتدينين.. وقد يطالبون بمحاكمته..وربما يصدرون الحكم عليه قبل محاكمته..هذا يعني أنها دعوة لا معنى لها ..لن تحقق شيئا في الواقع..هنا يطرح السؤال: هل على المثقف في عالمنا العربي المسلم السكوت عما يشاهده من سلبيات ترتبط آليا – في واقع اليوم – بالممارسات الدينية؟.. يطرح السؤال الثاني: كيف نواجه تلك المساوئ/ السلبيات؟..سيقول رجال الدين أئمةً وفقهاءَ بأن الإسلام بريئ من تلك المساوئ..إنها سلوكات مسلمي الحاضر الذين لم يفهموا الإسلام على حقيقته..هنا نسجل اعتراف أولئك الأئمة والفقهاء بوجود تلك المساوئ..هنا نطرح السؤال عليهم: ما الحل إذن؟..إجابتهم الجاهزة: على المسلمين الارتقاء بأنفسهم ليكونوا في مستوى إسلامهم..كيف يرتقون؟..ما دور الدين ورجاله في تحقيق ارتقاء المسلمين وعيا وسلوكا؟..أيهما يرتقي بالاخر؟ هل الدين ورجاله هما من يرتقي بالمسلمين ،أم المسلمون هم من يرتقي بدينهم؟..أيهما أسبق البيضة أم الدجاجة؟..وحتى تأتي اللحظة التي يرتقي المسلمون فيها ليكونوا في مستوى دينهم ماذا يفعلون بممارساتهم الدينية التي تبدو مساوئها أكبر بكثير من محاسنها؟ ..إجابة رجال الدين حتما هي: على الناس مواصلة ممارساتهم الدينية..والناس سيواصلون تلك الممارسات بكل ما ينجر عنها من مساوئ، ودون أي تفكير او تغيير..فقط، بعض الوعظ يُسمعه أولئك الأئمة الناس في مساجدهم أو يقول به الدعاة في قنواتهم الفضائية وإذاعاتهم..والوعظ والإرشاد لا يغيران شيئا في الإنسان..ما يغيره إيجابيا هو العقل..بناء العقل هو الأساس..وفي مجتمع لا يطالع فيه الناس الكتاب، والكتاب المختلف والنقدي أساسا لا أمل في بناء العقل..لا أمل..دار لقمان تبقى على حالها..
- يعترض البعض الثالث فيقول: الأضحية سنة مؤكدة سُنت أساسا إرضاء لله، والمسلم يضحي ليقترب أكثر من الله وينال مرضاته..لا بأس..يصير هنا البعد الديني المرتبط بعلاقة الفرد بخالقه أهم من البعد الإنساني..السؤال يطرح: هل يغير تقرب المسلم من ربه بالأضحية شيئا ما في سلوكه ؟..الواقع يقول: لا يغير..هل يحتاج الله إلى أضحية المسلم ليرضى عنه؟..لا أعتقد أن طرق إرضاء الله كثيرة، أبرزها وأهمها فعل ما يفيد الناس ويحسن من واقعهم وأخلاقهم فيه..القيام بحملات جماعية لتنظيف الأحياء فعل يرضي الله..الذبح الجماعي لأضحية العيد وتوزيعها بين المشتركين فيها بالعدل واشتراك الأغنياء والفقراء في الأضحية دون ان يدفع الفقير شيئا من المال يزيل الكثير من حالة التمايز الطبقي والحسرة وتألم زوجات الفقراء وأبنائهم هو سلوك يرضي الله..حماية الثروة الحيوانية من الاستنزاف بما يجعل أسعارها في متناول الجميع طوال أيام السنة يرضي الله أيضا..وهكذا..
لكن الأمر: هذا ما وجدنا عليه آباءنا..لا يحق لأي شخص انتقاد ما وجدنا عليه آباءنا من ممارسات تتم باسم الدين أو يدعو إليها الدين.مهما كانت سلبياتها ومساوئها ..
الدين علاقة بين الفرد وخالقه/ معبوده..علاقة ذاتية.. يبني الدين من خلالها في الفرد جانبه الروحي أساسا.. الدين بهذا المعنى تأمل وتفكير وتخيل وتذكر يستلزم الصمت والممارسة الفردية.. بتلك الممارسة يُبنى عقل الفرد، يتسامى روحيا، يرتقي إنسانيا ..
للأسف، في مجتمعاتنا العربية المسلمة يمارس الدين بالصخب الجماعي..تنتشر مكبرات الصوت في ربوع الحي أو القرية حيث تتواجد المساجد..يحرص الأئمة والخطباء على رفع أصواتهم إلى أقصاها..يُفقدون الفرد بسلوكهم ذاك إمكانية التأمل والتفكير والتخيل والتذكر..يجعلونه يندمج في تلك الممارسة الجماعية بشكل كبير..يؤدي ذلك الاندماج الصخبي إلى ترسيخ مجتمع القطيع ليس إلا..لا عقول تبنى.. لاأرواح تتسامى..لا ارتقاءً إنسانيا يكون..
لا تعجبوا إذن وأنتم ترون ممارساتنا الدينية الجماعية الصاخبة هذه لا تغير شيئا في سلوكنا بالمعنى الإيجابي..
لا تعجبوا وأنتم ترون ترسخ ظواهر الخمول والخضوع واللامبالاة والاتكالية والشكلانية أكثر..
لا تعجبوا.. ذاك هو سلوك مجتمع القطيع



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاجئون، الغرب والمسلمون ( خواطر)
- انطباعات عائد من تونس
- من طرائف جدتي
- قصائد قصيرة
- (كلنا قطعان، أنتم ونحن) قالت الحيوانات
- خواطر عن الفتح..وعن الغزو أيضا..
- عن الحداثة، العلمانية وواقع العرب المسلمين اليوم..ج 4
- عن الحداثة، العلمانية وواقع العرب المسلمين اليوم..ج 3
- مجتمع القطيع
- عن الحداثة، العلمانية وواقع العرب المسلمين اليوم..تكملة
- نعمة
- عن الحداثة، العلمانية وواقع العرب المسلمين اليوم
- بغير المعرفة لن نتقدم ، لن نتأنسن، لن نكون..
- بين منظومتنا التربوية ومنظومتنا الدينية
- عاصفة الأخضر حامينا إلى أين؟
- بعيدة محطة القطار
- أيها الماضي الضابح، إرحل
- احترام العالم لنا ولمقدساتنا يبدأ من احترامنا لأنفسنا
- لاهوية لي إلا الإنسان
- فأس الصمت تحفر قلبه


المزيد.....




- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - هذا ما وجدنا عليه آباءنا