أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - العراقي والشارب














المزيد.....

العراقي والشارب


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 4952 - 2015 / 10 / 11 - 20:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعتز العراقي بشواربه لكونها إحدى الفوارق المميزة بينه وبين المرأة فهو رمز الرجولة واستدل على ذلك من قوله للذي حلق شاربه (طالع وجه المرة) بسبب دونية المرأة الاجتماعية لهذا فحلق الشارب عيب لأنه يلغي هذه الفوارق، لان كل تمييز قائم على أساس فوارق سواء كانت حقيقية أو وهمية، فالشارب على هذا الأساس له مكانة معنوية معتبرة فبه تقطع الوعود فإذا امسك رجل شاربه ووعد قائلا (أخذها من هالشارب) فإنه يجب أن يفي بوعده وبعكسه يكون الرجل منقوص الرجولة والهيبة، والشارب رمز النخوة والمروءة والعزة والشهامة فحين يطلب الآخرين الحماية أو المساعدة يقولون للرجل (آني بشاربك) فيصبح الرجل مجبرا على تقديم العون والمساعدة للشخص، والمثل العراقي يقول (الحرمة بشارب الخير) أي أن المرأة تحت رحمة نخوته، وإذا ما أردنا مدح رجل كريم أو شجاع قلنا له (والنعم من شواربك) فهي مدح وإطراء له، والرجل ذو الشوارب الطويلة يسمه الناس غالبا (أبو شوارب) وتراه يهتم بجمال شاربه فيقلمها بالمقص ويمشطها وبعض الرجال يصبغها إذا كان فيها شيب، وبعضهم يفتل أطرافها لتكون أجمل وأطول فيقال عنه (شاربه يقف عليه الصقر) لأنها دليل رجولته وشبابها وجمالها، ومن أصعب الأشياء على الرجل شتم شاربه كقول البعض (خره بشواربك، شوارب القواد، ازينهن بالقندره) ذلك لان بعض سماسرة الجنس يتخذ من الشوارب الطويلة غطاء لإبعاد الشبهة عنه أو تعويض عن سمعته السيئة، وبعض المستخنثين أيضا يتخذون من الشوارب لتعويض رجولتهم المفقودة، فصارت هذه المشابهات شتائم تطلق على الشارب.
لكن للشباب وبدافع التمرد البنوي يسخرون من الشوارب (وهم في الحقيقة يسخرون من شوارب آبائهم لكنهم يسقطون هذه السخرية على شوارب الآخرين وشواربهم) إذ يقولون ساخرين (لو بيهن حظ الشوارب، لما نبت على العانة) و (لو كان الرجل بشاربه لكان الهر أو الصرصار سيد الرجال) وهم يشتمون شواربهم علنا (خره بيهن، أو نسيتهن عالمغسلة) وانتشرت فقرة حلق الشوارب بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وانتشار أحزاب الإسلام السياسي التي أوجبت على أعضائها حلق الشارب أو تخفيفه وإطلاق اللحية، لكن هذا الشاب سيعاود تربية شاربه حالما يتقدم بالسن، ومعروف عن الفنانين أنهم يحلقون شاربهم لأنهم دائما يُتهمون بالميوعة والحساسية المرهفة.
واللحية أيضا لها مدلول اجتماعي حيث يقول عالم الاجتماع الدكتور (علي الوردي) (ورث أهل المدن في العراق هذه العادة من البدو، وظلوا متمسكين بها حتى عهد قريب. فكان الرجل منهم إذا رجا أحد في حاجة أمسك بلحيته متوسلا بها، وإذا تعهد بشيء جعل لحيته ضمانا له حيث يقول انه في حالة عجزه عن أنجاز عهد سوف "يزيّن لحيته" أي يحلقها.
ومنذ أواخر القرن التاسع عشر جاءت الى العراق "موضة" حلق اللحية. والظاهر أنها جاءت عن طريق "الافندية" الذين تخرجوا من المدارس الحديثة في استنبول، فاخذ بعض أهل المدن يقلدوهم فيها.
وحدث من جراء ذلك صراع بين أنصار اللحية وخصومها، والتزم رجال الدين جانب أنصار اللحية، وافتوا بتحريم حلقها. ولايزال الكثيرون منهم يقولون بهذا الرأي حتى يومنا هذا.
يمكن القول بأن العناية بالشوارب أخذت تحل محل العناية باللحية عند بعض أهل المدن، لاسيما " الاشقياء" منهم)
(اصبحت الشوارب مناط المروءة والوفاء. عند الرجال، على نمط ما كانت اللحية قديما. فاذا قصد الناس رجلا منهم في حاجة قالوا له:"نريدها من شاربك" وهو اذا تعهد بشيء قال لهم:" خذوه من شاربي"، وهو لا يستطيع عندئذ أن ينكث بعهده)(والمعروف عن المرأة أنها كانت تنظر الى الشوارب المفتولة نظرة تقدير واعجاب، فكانت تنادي الرجال عند الاستنجاد بهم في اللمات:"ياحلوين لشوارب".)(1).
هل الفارق بين الجنسين هو التفسير الوحيد لاعتزاز العراقي بشاربه؟ اعتقد أن هناك سبب آخر نفسي سأطرحه من منظور التحليل النفسي وهذا من خلال ملاحظاتي التي أوصلتني إلى وجود علاقة رمزية بين الشارب والعضو التناسلي للرجل فنحن نقول مازحين (الله يطول شاربك) ونكرر العبارة باستبدال الشارب بالعضو (الله يطول ﻋ-;---;--ﻴ-;---;--"حرف الراء محذوف"ك) ونحن نفتخر بطول شاربنا ونفتخر بطول عضونا الذكري، وعادة ما نقارن ساخرين بين شعر الشارب وشعر العانة، وكلاهما نعتبره علامة رجولة، وهناك عبارة ملفته يقولها الرجل عن نفسه أو يقولها عنه الآخرون وهي (أزين نص شاربي) يقولها الرجل كأقصى وعد يفرضه على نفسه حد الموت، ويقولها عنه الآخرون كأقصى شيمة جارحة، علما انه لا يوجد شخص حلق نص شاربه فعليا؟ فلماذا تقال العبارة وما سببها؟ بحسب فرضيتي عن العلاقة الرمزية بين الشارب والعضو الذكري فإن حلق نصف الشارب هو نظير قطع العضو أي الخصاء، فعندما يقول البعض ردا على تهديد (قابل راح يقص ز"حرف الباء محذوف"ي) وهي عقوبة لا توجد فعليا إنما هي ذكرى طفولية من خوف الطفل من الخصاء الذي يتوعد به أبويه حين يداعب عضوه، وحين يرى العضو الأنثوي فيتصور انه قضيب مقطوع لأنه كما يقول (سيغموند فرويد) لا يعرف الفوارق بين الجنسين. وسخرية الشباب من شوارب آبائهم المسقطة على الخارج في جوهرها هو الرد على آبائهم بعدم خوفهم من تهديدات الخصاء.
وإذا استخدمت فرضية الحرام النوعي فان الجماعة تفرض على أعضائها تصنيف نوعي مقدس بين الإنسان والحيوان تحرم تجاوزه، ثم تسقط هذا التصنيف على الجماعات الخارجية الأخرى فتعاملها كالحيوانات، وفي سيادة المجتمع الرجالي فإن الجماعة تفرض هذا التصنيف بين الرجل والمرأة فتعاملها كحيوان زينة وتمنع رفع هذا التصنيف، فالشارب كعلامة على التصنيف النوعي يعتبر حلقه إلغاء للتصنيف الذي وضعته الجماعة الرجالية بين الجنسين، من هنا كان الاعتزاز به.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1_الدكتور علي الوردي، دراسة في طبيعة المجتمع العراقي، إصدارات دار الحوراء، 2005، ص282، 283.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرام النوعي للجنس
- التفسير الاجتماعي للتحية العراقية
- الحرام النوعي للشتائم العراقية
- التفسير الاجتماعي للكذب في المجتمع العراقي
- الحرام النوعي لسلوك المرحاض في المجتمع العراقي
- قيمة السلاح في المجتمع العراقي
- التفسير الاجتماعي للفساد بالعراق
- مدخل لدراسة علمية لفرضية الله
- ملاحظات في علم الاجتماع الإسلام
- علم اجتماع انتفاضة التحرير العراقية
- التحريف النوعي للجماعة الداعشية
- رؤية اجتماعية لزنا المحارم
- مفهوم الروح في المجتمع العراقي
- موجز الدراسات الإنسانية للظاهرة الدينية
- التفسير الاجتماعي للإلحاد والإيمان
- مفهوم الموت في المجتمع العراقي
- القوى الغيبية في المجتمع العراقي (الحظ، البخت، الكرفه)
- العلاقة العلم بالدين
- العراقي وامريكا
- الفرق بين الطائفة والطائفية


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - العراقي والشارب