عندما يلقى طعام الفلسطينيين للكلاب الإسرائيلية!

نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 367 - 2003 / 1 / 13 - 01:49
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

ضمن مسلسل العذاب اليومي والتجاوزات التي لا يقبلها العقل البشري, ولا يتحملها الإنسان العادي, وضمن النهج العبثي الذي تتبعه وحدات الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة قامت أحدى المجندات, بممارسة هوايتها التنكيلية, وبتجريب عقليتها الإجرامية حيث كانت تفتش حقائب العمال الفلسطينيين عند حاجز ترقوميا في مدينة الخليل المحتلة,فأخذت طعام العمال المتجهين لأعمالهم في مناطق الخط الأخضر وألقت به إلى الكلاب.نعم ألقت بالطعام للكلاب فللكلاب اليهودية في إسرائيل الديمقراطية قيمة أفضل وأهم من قيمة الإنسان الفلسطيني, في قطاع غزة والضفة الغربية.

 فعلت المجندة الإسرائيلية فعلتها ولم تأبه بالرجال العمال الذين وقفوا مذهولين وهم ينظرون للصعلوكة الإسرائيلية المستكبرة, المدججة بالسلاح والمعبئة بالحقد والكراهية وهي تعبث بحقائبهم وحاجاتهم وزادهم وكرامتهم وحتى شهامتهم ورجولتهم..

وقد عجز العمال عن الرد على التصرفات الاستفزازية للمجندة اليهودية المكلفة بالتفتيش على الحاجز المذكور خوفا من منعهم من التوجه للعمل. لأن في منعهم من عبور الحاجز لمكان العمل, يصبح الواحد منهم كالعاجز, بلا طعام وبلا مال وبمصيبة تجويع لعائلات فلسطينية كاملة تنتظر لقمة العيش بعدما أصبحت المساعدات العربية محرمة بفعل الضغوط الأمريكية والتهديدات الإسرائيلية.

 

أنه واقع الحال اليومي لمليوني فلسطيني يعيشون أصعب أيام الانفلات العنصري الصهيوني, فالسياسة الإسرائيلية الحالية تقضي بترهيب الشعب وترويعه من أجل كسر إرادته كما أنها ترمي إلى تجويعه من أجل إذلال الجياع, لكن الرد يأتي دائما بعكس توقعات إسرائيل, فالعمليات الفلسطينية الموجعة تكون بطبيعة الحال جزءا من الرد على المعاملات الفاشية وغير الإنسانية التي تمارس على حواجز الموت والرعب والاستغلال والاستبداد.

ولا يمكن لتلك الأعمال الإرهابية الشاذة التي تتبعها مجندات الاحتلال من المرور مرور الكرام, ولسوف يأتي اليوم الذي سيلقي فيه طفل فلسطيني من الخليل أو جنين بالمجندة المعتوهة لتكون بدورها أيضا طعاما للكلاب. وهذا اليوم لم يعد بعيد المنال وليس باليوم البعيد أو الصعب, لأننا أمام حالة حصار وإغلاق وموت تخنق الناس وتضيق على البشر حياتهم بكل الوسائل الجنونية البشعة الممكنة. والذي يزرع الوباء لا بد له أن يحصد الأمراض والنتائج الباهضة.

 

 وحصاد إسرائيل سوف يكون عسيرا ووبالا وجحيم, لأن الجيش الإسرائيلي الذي يحرس بشاعة الصهيونية السياسية, عبر حماية برامجها الاستعلائية وتكريس الاحتلال الاستعماري, سوف يترنح في المستقبل القريب تحت وطأة ضربات المقاومة الفلسطينية. وشعب الشهداء والفداء لن يتراجع عن برنامجه التحريري مهما عظمت التضحيات ومهما بلغت الشدة في سياسة القمع والعنف التي يمارسها الاحتلال.

 

أما عمال فلسطين فلهم صبر الأرض والسماء وعظمة التضحية في عالم الجهاد من أجل لقمة العيش ومن أجل صد ورد الهمجية الصهيونية البشعة, هجمة الثور الهائج, الذي فقد كل أمل في انتصاره على الحقيقة. وحقيقة الاحتلال أصبحت جلية وواضحة, لأنها انكشفت وتعرت وغدت مضرب المثل في العالم. وممارسات الاحتلال سوف توسع من دائرة أصدقاء فلسطين وأعداء إسرائيل.

 لقد بدأ العالم يميز بين معسكرات النازية وما حل لليهود فيها من ويلات ومآسي, وبين معسكرات الصهيونية وما يحل فيها للفلسطيني من عذاب وتنكيل وموت وويلات ومشاهد تبكي وتدمع وتدمى لها القلوب. وما مشهد طعامكم أيها العمال,الذي رمته مجندة الاحتلال ألا لقطة قصيرة من فيلم صهيوني طويل, تقوم ببطولته إسرائيل وتدفع تكاليفه وثمن دعايته الولايات المتحدة الأمريكية, كما تساهم في إخراجه وإنتاجه الأمم المتحدة.

* نشرت كاملة في الميديل أيست أون لاين- لندن يوم 11-1-2003 

 

#نضال_حمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات