|
تجديد المسار... أي دور للمنبر 6
جميل حسين عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 4950 - 2015 / 10 / 9 - 15:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عاشرا: إن ما يؤدي إليه مضمون هذا العقد الرابط بين الخطيب، والدولة، هو الذي يمنحه شخصية اعتبارية، وعامة، تحاسب على كل ما يقع فيها من إخلال بالوظيفة، والمسؤولية، وتناقش في كل خروج صدر منها عن الخط العام للنظام الاجتماعي، والسياسي. ولهذا، فإن دور الخطيب الملتزم بمحتويات العقد الاجتماعي الذي يمنح المجتمع قوة التراصف إلى جانب مصالحه المشتركة، ليس فيما يبلبل به عقول الغوغائيين، ويدغدغ به أسحار الأوغاد، بل بتنمية ذوق الجمال في العقول، وحس الكمال في القلوب، حتى تعيش في خضم التطورات البشرية منتعشة بنفسية هادئة، وآمنة، لا تأنف مرعى الحياة بدعوى أنها تريد حياة بديلة عن التي اكتسبت نعماءها، وآلاءها، ولا تغرق في يم الماديات التي تفقدها جوهرها الروحي، والمعنوي. لكن المفجع في القضية، أن الخطيب يداهن بعض التوجهات التي تمنحه صفة فقدها في مركب نقصه، ومولد وهمه، لكي يثبت وجوده بادعاء كاذب في حمايته للملة، والشريعة، وإن كانت الدولة قد منحته تلك الصفة الوجودية، وذلك حين أجازته بتزكيتها لأن يكون خطيبا، يعتلي منبر المسلمين للتوجيه، والإرشاد، لكنه من دناءة قصده، يختار مخالفة النظام الخاص لمهمته، وينابذ السياقات العامة لوطنه، لكي يجد له متنفسا بين صدور فقدت التوازن في حياتها الروحية، والمادية، ولم تجد ملجأ لستر سوأتها إلا بين رياض الذكر، وحياض العلم. وحقا، إنه لشيء مقرف في الوفاء بالأمانة، والصدق في الذمة، أن يمارس الخطيب الدعارة المعنوية في رحاب المسجد، رغبة في الوصول إلى منزلة لم تتح له بقدره، ولا بجهده، أو لشهرة لم توهب له بعلمه، ولا بروعه. ولهذا، فإن مرتادي المساجد من عموم المصلين، لا يحضرون الجمع، والجماعات، إلا لكي يشهدوا جمالية الخطاب الإلهي، ونقاوة اللفظ الديني. وهذا ما نعنيه بالذكر الحقيقي لله، والتذكير به، والقيام بأمره، والصدق فيه، والإخلاص له. ولكن حين نلج بحبوحة المسجد لرغبة معنوية مكنونة في البواطن، فتجابهنا وجوه غاضبة، وغائرة، وحالكة، غربت عنها شمس السعادة المضيئة، وودعتها بهجة الحياة اللذيذة، فاستبطأت ما عند الله من فضل، ونول، واستأنت ما في وعاء النفاق من كنز، وخبز، وخالت أن في عبوسها حماية لباب السماء، وفي غموضها وقاية لمورد الشريعة الغراء، فإننا نشعر بامتعاض، وتقزز، وارتباك، ونحس بأننا نعيش خلل وضع غير متوازن، ولا معتدل. ولا ندري، هل نحن في محراب الجمال، فنسرح بعشقنا بين أفيائه المديدة.؟ أم نحن في غابة تنمر الذئب بين أمدائها العليلة، فنخشى من فجأة غوائلها الغريبة.؟ فماذا يفيدنا أن نرى خطيبا رث البزة، وطر اللحية، وهو يظهر المسكنة، ويبدي المسغبة، ويثير الشفقة، ويستحث اللوعة.؟ لن نستفيد شيئا ننجز بها سبقا، ولا علما، ولا أملا. كلا، بل سنكون في عطشنا إلى روحانيات المسجد سكارى، وفي فقرنا إلى دماء الكرامة حيارى. ولله در ابن خلدون حين قال: "ومما يشهد لذلك، أنا نجد كثيرا من الفقهاء وأهل الدين والعبادة، إذا اشتهر حُسن الظن بهم، واعتقد الجمهور معاملة الله في إرفادهم، أخلص الناس في إعانتهم على أحوال دنياهم، والاعتمال في مصالحهم، وأسرعت إليهم الثروة، وأصبحوا مياسير من غير مال مقتنى، إلا ما يحصل لهم من قيم الأعمال التي وقعت المعونة بها من الناس لهم ". إن ما يحكيه ابن خلدون عن واقع عاش مخاضه العسر، ومزاجه العكر، لم يكن بعيدا عما نعانيه من مداهنة بعض رجال الدين للأغنياء، والأثرياء، أو لذوي الوجاهة، والوساطة، أو لأهل الأهواء، والأدواء، وهم يرون في ذلك جمالا، وكمالا، ويشهدون في ذلك سموا، وعلوا. وأي جمال للعالم إذا كان منظره مجافيا لمخبره.؟ بل أي كمال في عقل العالم إذا كان شهرته برِقِّه أعظم عنده من خموله بعفته.؟ لعلي لا أجانف الحق إذا قلت: إن ما آلت إليه دائرة العلماء، والخطباء، والوعاظ، لن تُرضى منقبتها الحسيرة فيما سيأتي به الزمن من دواه تميز بين الغث، والسمين، والرديء، والجيد، ولن تحمد مغبتها في واقع مفتوح على عوالم غير محدودة، ولا معدودة، بل صارت من شدة ظهورها وسرعتها أشد خفاء من الهباء. ولذا، فإن الخطيب الذي تتهلل أساريره لما يسترفده بفقره، وإملاقه، لن يكون أمانا للمجتمع في تحولاته العميقة، ولا وقاء يحميه من أنانياته المتوحشة، ولا وعاء يحوي تناقضاته، وإكراهاته، وإسقاطاته. بل سيرسخ لعادات عقيمة، وقيم بليدة، وسينشئ بين دائرة العلم لنمط من السلوكيات الغامضة، والمعاملات الفاسدة. وإذ ذاك سيكون فتنة، وبلبلة، لا رحمة، ومنة. لأن البُله من العامة يظنون أن ما يصبغ به ذلك الخطيب ظاهره، هو الحق عينه، أو هو الصورة الحقيقية التي يجب أن يكون عليها كل خطيب في مجتمعه، والصفة اللازمة له في وظيفته. وذلك ما عانينا من ويْلاته سنوات طوالا. فقد زعم العامة أن ما يقوم به بعض الخطباء من تقبيل للأيدي، أو من تسييد للأثرياء، أو من تهليل للوجهاء، هو الضرورة الواجبة في رونق صورة الخطيب وبهائه، لكي يكون أثيرا في عين ناظره، ومقبولا في ذوق سامعه. وفي ذلك تمريغ لهيبة الخطيب وصولته، وتلطيخ لسيرته، ومكانته. إذ لا يعبر بتلك المشاهد المخزية إلا متطاول على المنبر، أو مستحوذ على صفة العلم، أو مجبول على فتنة العاجلة، وهو يستهديها ببيع آخرته. لكن الخطيب الذي يقدس مبادئه، وقيمه، لا ينزل من عليائه إلى حضيضه، ولا من سموه إلى دنوه، لكي يمتهن ذاته بإذلال قدره، وإرهاق ظاهره، بل يصون وجهه عن المذلة، ويحمي صفته من المزلة، ولا يضيره بعد ذلك ما ناله من فقر، أو من غنى. ومن هنا، فإن إمعان الخطيب في إظهار صورة الفقر على حقيقته، لن يخلقه نبيا، أو ملاكا، أو قديسا، أو مهديا، أو مخلصا، بل سيصرف احترام الناس عن علمه إلى الإشفاق على حالته، والإنفاق على عالته. وحينئذ، لن تكون روحانية الرابطة التي تربطه بغيره معتبرة في التقديس، ولن تصير نوارنية وظيفته ملهمة لجمال الآفاق المجللة بالآمال الكثيرة التلبيس. ولذا، فإن صورة الخطيب تتنافسها رغبتان: رغبة في الاستحواذ على النفوس، والعقول، والقلوب. وتلك هي عقيدة الذي يتصيد فراخ الحظ باسم الدين. ورغبة في الإيثار المعبِّدة لسبل العشق، والخير، والطاعة. وتلك هي أريحية الذي يتوق إلى كمال الصورة في ظاهرها، ونقائها في باطنها. ولا عجب إذا أظهر ذا فقره، فنال حظا لم يغنه في دنياه، ولا في أخراه، وأظهر ذا ورعه، فانداحت أمداء الوجود بين جوانحه، وأحشائه، وانسابت أنظاره إلى ما هو جمال في الإنسان، وإلى ما هو أمان في الأكوان. وهذا النوع كتاب مفتوح، ومعنى ممنوح، لا يلقي عليه أحد نظره، إلا وأدرك فيه نبله، ولا يرافقه رفيق، إلا وأحس بعلو كعبه، وسمو غوره. فأيها أقرب إلى إدراك حقيقته، وطبيعة وظيفته.؟ هل ذاك الذي يغازل أكياس منن العامة.؟ أم ذاك الذي يجانس الخلق بصراح ما في حشاشته من مكارمه الخاصة.؟ إن انفتاح قلب الخطيب على ما حوله من طبيعة، وكون، وحياة، وكون، هو الذي يمنحه مفتاح العلاقات الاجتماعية، والروابط الإنسانية، ويجعله قادرا على مشاركة المجتمع في همومه، وغمومه، ومؤازرة المحرومين، والمنكوبين، ومصافاة ذوي الهمم العالية، والذمم الوافية. وكل ذلك، لا يفقده جوهر ذاته، ولا عنصر مهمته، لأنه فطن، مرن، يسكت حيث حقه السكوت، ويتحدث حيث واجبه الحديث، ويبين ما أصله التبيين، ويلوح بما فرضه التلويح. فلا يخاطب ذا بعقل ذاك، ولا يجادل ذا برأي ذاك. بل يداري ما تنطوي عليه الحقائق المختلفة، فيصرفها في طرقها المتنوعة، وينشرها بوسائلها المتعددة. فلا يغيب عنه ما حقه الحضور، ولا يهجره ما حقه الوصل. فهو كالأب، والطبيب، والحكيم. لا يأتي بابا مغلقا عليه بعنف، ولا يلجه إذا فتح إلا بلطف. تلك هي أخلاق العلماء الذين بنوا دولا، وهذبوا أجيالا. وما الخطباء إلا نوع منهم. وتلك هي أدبهم التي احتفظوا عليها في الزمن القديم، وهل لها من حام في زمنها الحديث.؟ إن سكوت الخطيب عند خوض العامة في أمر شأنهم، ووجومه عما لا يفيده في رأيهم، لا يدل على جهله، ولا على غبائه، بل تلك هي الحكمة التي سيطر بها الخطباء على النفوس الهزيلة، والعقول الرديئة، وتفاعلوا بها مع أفذاذ النبهاء، والنجباء. لأن خوضه في كل أمر عظيم، أو كل في شأن ذميم، لن يجعله قريبا من قبول غيره، بل من كثرة حديثه، يفقد جدة كلامه. وهو في وظيفته، لن يؤثر بسطوته، ولا بسلطته، بل سلاحه الكلام المتزن، والخلق المتوازن. وذلك ما جرت عليه العادات والتقاليد التي تربينا عليها صغارا، وإذا سامحنا القدر بنوبته، ولم يعاندنا برزيته، فإن ما نشأنا عليه، لن يمر بين الديار من غير أن نجود به في سيرتنا الذاتية، وهي التي أسميناها "ابن الفقيه". وهكذا، فإن دور الخطيب على المنبر، هو ما أنيط به من مهمة رعاية الأمة بمقتضيات القانون المنظم لسير الوظيفة الدينية، والمحدد لعلاقة الخطيب بالدولة الحديثة. وهنا لا بد أن نطرح السؤال الرابع: هل للمنبر من رسالة في صياغة الوعي الإنساني، وصناعة جمالية الحياة البشرية.؟ أو بعبارة أخرى: ما هو الدور الروحي للمنبر.؟ وأي إضافة يمكن للمنبر أن يضيفها إلى الإنسان، والدولة، والحضارة.؟ إن أكبر دور يؤديه المنبر في حياة الأفراد، والجماعات، هو إقامة ذكر الله عز وجل في القلوب المتلهفة إلى سر المجهول من عوالم الخفاء. وهذه القيمة الروحية التي ينضح بها خطابه، وشعاره، هي رسالة المسجد أصالة، ووظيفة الدولة في مسؤوليتها عن حماية المعتقدات من الماديات المجافية للطبيعة البشرية، والمجانبة للحقيقة الكونية. وكل دور خارج عن هذا السياق في ترتيب المراتب بين الدين، والإنسان، وبين الإنسان، والمدنية، وبين المدنية، والنظام، وبين النظام، والدولة، فهو مروق عن خبر السماء المنبعث سره من عالم الأزل إلى عوالم التكوين، والتلوين. أو لم يقل الله عز وجل في القرآن: "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه." أو لم يقل: "وأن المسجد لله، فلا تدعوا مع الله أحدا." أو لم يقل: "لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه." أو لم يقل: "إنما يعمر مساجد من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله." أو لم يقل: "يا أيها آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون." إذا تأملنا في خبايا هذه النصوص الإلهية، فإننا سنجد أن أهم دعامة بنيت عليها المساجد هي التقوى، وأن أجلى مظهر لقيمتها، هو إقامة ذكر الله في حياة الناس، حتى يكونوا متصفين بالصفات الإلهية في الفكر، والصورة، والغاية. فهذا هو الأساس الذي بني عليه المسجد، وهو الغاية في رسالة المنبر. إذ المنبر ليس إلا لسانا ناطقا برسالة المسجد. والمسجد ليس إلا ناطقا باسم لغة السماء. ولذا، لا بد من رعاية هذا الدور بما تقتضيه الوظيفة الدينية للخطيب، حتى لا يكون المسجد سببا لإشعال فتيل الفتنة، والفرقة، وإشغال هادئ العقول بالتفاهة، والرقاعة. وإذا فقد المسجد خاصيته الإلهية، وصار مهيعا للنزاعات البشرية، فإننا نفرغ ماهيته من حقيقته، ونبتر أفنانه عن شجرته، ونفصل أذواقه عن أفيائه. وإذ ذاك نخلع عنا ربقة كل ما هو نظام، ووئام، ونزيح عنا صفة كل ما هو قيمة، ومزية، ثم تغدو توجهات الدولة في رعاية المجتمع في واد، وقصد المسجد في واد. وإذا تعادينا فيما يؤلفنا، ويؤمننا، فلا محالة، سيختل الأمن، وتعم البلوى، وينتشر الفساد. وذلك مما يتعارض مع مقاصد الشريعة، وينتافى مع ملامح الحقيقة، ويجعل الأمر المجموع متفرقا، والواقع المستقر مفتونا، وبذلك يحصل للأمة شر عظيم، وخطر جسيم. وهكذا، فإن شعار تحرير المسجد من رقابة الدولة الذي يرفعه دعاة الفتنة، لا يستند إلى دليل منطقي، ولا إلى نص شرعي، لأن إنشاء الدولة بمفهومها الساري على صيرورة الإنسان، والمجتمع، وعلاقتهما بالنظم المتفاعلة في الحياة العامة، والخاصة، يقتضي بالضرورة أن يوجد هناك نظام متكامل، ومتطاول. له سلطة قوية تقهر المارقين، والمحاربين، وتعاقب المنحرفين، والمفتنين. وما لم تكن الدولة بهذه القوة القادرة على ردع الفتن، والأهواء، وإحلال الأمن محل الخوف، والاستقرار محل الفوضى، فلا يمكن لها أن تستمر في وجودها، ولا أن تستقر في كيانها، ولا أن تحمي بيضتها، ولا أن تقوي شوكتها، ولا أن توطد صولتها. وتحقيق ذلك مطلب شرعي، ومقصد بشري، لأنه حماية للدين، والملة، ورعاية للبلاد، والعباد. وذلك مما لا يتم إلا بسلطة الدولة على جميع مكوناتها، ومركباتها، بما تستلزمه قدرتها على التسيير، والتدبير. وإن قلنا بعكس هذا ظنا، أو تخمينا، أو جنوحا ذهنيا، وفكريا، وزعمنا أن الخطيب حر في قول ما يريد، وحكاية ما يصيد، فقد أخللنا بتحقيق الوظيفة العامة للمسجد، والمجتمع، والدولة. وهنا يلزمنا أن نعتبر ذلك العقد الرابط فيما بين الخطيب، والمجتمع، أو فيما بينه وبين الدولة، ملزما للقيام بالوظيفة الدينية بما تقتضيه من التزام، والتحام. وهي مسؤولية عقدية قبل أن تكون مصلحة شخصية. لأن نيل رغبة المصلحة الشخصية هنا مؤسسة على شرط تعاقدي، ونظام تكاملي، ولا بد من الوفاء بمضمونه، والإخلاص في مرسومه، وإلا كان الخطيب آكلا للسحت فيما يأخذه من مقابل على وظيفته. إذ الدولة في العادة لا تمنحه ذلك المقابل من الوقف إلا من أجل إفراغ يديه من الكسب المادي، لكي يقوم بهذه المهمة وفق الشروط المتفق عليها ضمن العقد المتضمن لتبادل المصالح بين الخطيب، والدولة. وهنا يستفيد الخطيب مبلغا من المال، يفي بحاجاته الضرورية من الحياة المادية، وتستفيد الدولة ما يضمنه العقد من استقرار الوطن على مبدأ الوحدة العقدية، والدينية، وفي الوقت نفسه، يستفيد منه المجتمع في قيام ضرورة من ضرورياته، وحاجة من حاجياته، وهو وجود مكان مؤهل لتحقيق الشعائر التعبدية. وإذا حاولنا أن نؤطر هذه العملية الرابطة فيما بين الخطيب، والمجتمع، والدولة، فإننا نجدها إما مؤسسة على سياقات تاريخية تعتمد العرف، والعادة، وإما تابعة لسياقات قانونية تتماشى مع كل التوجهات التي تأخذ بها الدولة في جميع مجالاتها الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسة. وكل ذلك ملزم في نظام التعاقد بين الأطراف المختلفة النيات، والمتحدة المقاصد. لأن كل طرف ملزم بما تضمنه العقد من شروط جوهرية، وشكلية، ومكلف بما احتواه من وظائف، وأدوار. ولذا، فإن هذه العلاقة الموثقة بصك شرعي، أو عرفي، أو قانوني، لم يكن المقصد من تحريره أن يقوم الخطيب بنشر سياقات فهمه للدين، والشريعة، ولا ببث ميولاته العقدية، والفكرية، ولا ببسط آرائه في المسائل المختلف فيها، أو المعقدة منها، أو فيما يحتاج إلى استقراء، واجتهاد، بل الهدف منه هو أن يقوم الخطيب بمهمته المنوطة إليه، وفق أجندة حددتها الدولة، ووافق عليها المجتمع، وجعلها الوطن ثوابت لشأنه الديني، والروحي. ولا شك أن الإخلال بشروط هذا العقد، مما يوسع الهوة فيما بين الخطيب ومجتمعه، وبين مجتمعه، ودولته، لأن نظام التعاقد، ولو لم يكن المجتمع طرفا في توثيقه، فهو المستهدف بتبعاته بدلالة التضمين. بل ذلك الإخلال يفسح المجال للخلاف بين رغبات الخطيب ومقاصد الدولة، لأن مقصدية الدولة ككيان جماعي أولى من مرغوبية الخطيب في إبراز توجه مجانف، أو رأي مخالف، أو موقف منافق، أو سلوك مزيف، أو قصد منحرف. وكل ذلك له أثر سلبي على وظيفة المنبر، بل يتعارض مع الجهود المبذولة في التقنين والمأسسة والهيكلة للشأن العام، وسواء في ذلك ما تقوم به الدولة في كل مجالاتها الحيوية التي تنبني عليها حياة المجتمع، أو ما تؤطر به مجالها الديني، حتى يكون فاعلا إيجابيا في صناعة الاستقرار النفسي، والأمن الروحي. ومن هنا، فإن الخطيب الذي يستنكف عن تذكير الناس بالله، وتعريفهم بقيم هذا الدين المؤسسة على التعاون، والتعاضد، يحول المنبر إلى فاعل ميت في بناء مكونات المجتمع الدينية، والروحية، والاجتماعية. وذلك مما يضيع علينا فرصة التقدم، والازدهار، ويجعلنا نقتفي أثر الشقشقات التي يجيد ظاهرة صوتها كثير من الخطباء الذين لا يملكون دراية بالشرع، ولا بالواقع، ولا بمكونات الحياة، وترتيباتها المعقدة. وهنا لا بد أن نطرح سؤالا آخر: هل الخطيب حين يعاند توجهات المجتمع، والدولة، يجعل صوته هو الأعلى، بل الأقدر على صناعة التوازن في النفس، وفي الواقع.؟ أجل، هذا زعم يستحوذ كثيرا على الخطباء، ويستبد بنفوسهم التي أخفقت في صناعة التوازن بين الذات، والفكر، والآخر. لأن لغة امتلاك الحقيقة، لا تؤدي إلى العزلة، والانكفاء على الذات، والاستعلاء بمكنونها. وذلك ما يتضح لكل من ألم بمصطلحات الخطباء، ولغتهم الخاصة، ولكن هل ذلك مما يفيد المجتمع، والدولة، والأمة.؟ لو زعم أحد أنه المهيأ بذاته لكمال الاقتداء، والاهتداء، فهو جاهل أحمق، وغافل عما يكتنف معالم الهداية من أقدار، وأطوار. ومثل هذا يحتاج إلى مشفى للأمراض العقلية، أكثر مما يحتاج إليه هذا المتسكع الذي يضايق الناس في حرية طريقهم، وممشاهم. لأن الأول لم يفقد خصوصية عقله، ولكنه ركب صهوة الجهل، والتخلف، فزعم أن ضرورة قيام المجتمعات على نظام يحدد الحقوق، والواجبات، لا قيمة له في الاعتبار الذهني، والشرعي. وهب أننا سرنا في مسير هؤلاء، فإلى أين مسير هذه الأمة.؟ وما هو المصير الذي ينتظرها.؟ ربما سنعود إلى عهد غابر في البَدائية، فيكون غموض الغاب المجهول أكمل لمرض غربتنا من ظهور وجودنا بين الأمصار، والمدن. إن بناء المجتمعات لن يكون أثرا حقيقيا في صيرورة الإنسان الاجتماعي، والمدني، ما لم يتأسس على نظام، ودولة، وسلطة، وجاه، ونفوذ. وهذه المكونات هي عصب حياتها، وضرورة بقائها. ولا يتم فرض سياقها الديني والتاريخي والحضاري على عموم البلد إلا بقوة قاهرة تفرض العدل، والحرية، والتساوي بين الناس في الحق، والواجب. لكن ما يجعل الخطيب منحازا إلى هذه العقول المبللة بالخوف، والحزن، واليأس، هو زعمه بأن الدولة لا يجوز في حق كيانها أن توجد بها بعض مظاهر الانحراف، والفساد، ولا أن تطرأ عليها بعض العادات الغريبة في نمطها السلوكي المحدد لوجهتها العامة. ومنشأ هذا الوهم من الحلم باللحظة الهاربة التي لا واقع لها في حياة الإنسان، ولكنها كامنة في خياله المبدع لكمال الموقف الإنساني. لأن الجمهورية الفاضلة، أو المدينة الكاملة، لم تقم في حياة الناس منذ تواجدهم على الكون، ولن تقوم لهم فيما سيأتي من تناقضات الحياة، وإسفافها في كثير من أحوالها بأمنيات الإنسان، وإخلالها بالآمال التي ينفجر صراع بقائها بين المصالح المختلفة. بل أحيانا يغلب عليها الخير، وأحيانا يغلب عليها الشر، فتكون لأحدهما في الغالب، لا على جهة التمام. إذ الوجهان لا ينفصلان في الوجود على اللزوم، ولكنهما يتعاركان في الاستحواذ، والاستقطاب. ووجود أحدهما يقتضي الثاني بأوثق العلاقات. وظهور فرد منهما دون الآخر نهاية للكون، وبداية لحياة أخرى لا ثنائية في رغباتها، وحظوظها. لأن فراغ الزمان والمكان منهما، لن يجعلنا إلا قديسين، أو شياطين. ومتى كان الكون منذ بداية الكائن البشري فيه خالصا لأحدهما إلا بين أماني الأذهان، أو الرهبان.؟ ومن هنا، فإن مجتمع النبي (ص) رغم ما غلب عليه من طهرانية، لم يخل من المظاهر السلبية، ولولا ذلك، لما روينا قصة الغامدية، وماعز، وقصصا كثيرة ذكرتها صحاح الكتب في الأحاديث، ودونتها معاجم الأخبار، والتواريخ، والسير. وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على أن الدولة لا يمكن لها أن تستأصل شأفة كل روافد الشر، وبذور الرذيلة، ولا أن تخلق للإنسان تلك الجنة التي يأمل بلوغها، ويحفد من أجل وصولها. لأن كيان الدولة الجماعي مكون من مركب الأفراد المجموعة على معنى كلي. وكل فرد في عالمه غامض، وفي واقعه عارض. وكل جماعة تتركب من مجموع الأفراد، لا تلتف حول مبدأ مقدس، أو مدنس، إلا ووجد ضمنها من يشذ عن القاعدة، ويمشي وراء هواه، ونزواته، وغرائزه. وذلك معروف لمن ألم بعلوم الفلسفة، والنفس، والاجتماع، بل هو واضح لمن درس القرآن، وتأمل أحوال الأمم، وما نشأ فيها من نوازع الشر، ورغبات الخير، وعرف كيف تسير الحياة بجناحين، يحفف أحدهما حول النور، والآخر حول الظلام. وإذا حمل الخطيب في غور عقله ضيق الرؤية، وبؤس الفكرة، فإنه لن تتضح له معالم ارتباطه بوظيفته، ولا بمسؤوليته، ولا ملامح مقاصدها، وغاياتها، وإذ ذاك سيتحول إلى معول للخراب، وهو لا يدرك أن ما يقوم به من تسويق لأمراض نفسه، وعلل باطنه، لن يفضي بالأمة إلى إلا لحظة تمزيق وحدة الصف، وتفريق رابط الجماعة، وإغراق الأمة في بركة الدم البريء. لعل هذا التحليل لدور الخطيب والمنبر يؤدي بنا إلى طرح سؤال آخر: هل الخطيب مؤهل للفتيا، والاجتهاد.؟ إن الفتيا منوطة بالفرد المستجمع لشرائطها، وكذلك الاجتهاد. وما دام الفرد لم يبلغ هذه الدرجة من المعرفة الدقيقة بالشرع، وبأصوله، وأحكامه، ومقاصده، فلا يمكن أن يتناول القضايا المختلف فيها باجتهاداته الخاصة، ويزعم أن ما ذهب إليه، أو ما ذهب إليه غيره ممن تنعق أصواتهم المنكورة في مجتمعاتنا الإسلامية، هو الصواب عينه، والحق نفسه، وكلام الفصل وحده، وما عداه، فهو الباطل المحرمة بركاته. لاسيما إذا كانت القضايا من الأمور الشائكة التي يكتنفها الخفاء من بعض جهاتها، وأبعادها، أو كانت من الشؤون التي تختلف فيها الأنظار، وتتعدد فيها وجهات الرأي، والموقف، وتتنوع فيها الإرادات، والعزائم. وعلى هذا، فإن الدنو عن مرتبة الاجتهاد، والعجز عن النهل من مورده، لا يجوِّز للإنسان أن يفتي فيما لا طاقة له به، بل يقلد غيره ممن صحت منه الفتوى، ويتبع سبيل أهل الإيمان، والاستقامة، والإخلاص. وتقليد الأعلم هنا، ليس نظرا مطلقا على عواهنه، بل لا بد من الخضوع لما يقرره الولي في الأمر العام الذي لا استيعاب لتفاصيله إلا في إطار المؤسسات المكونة لكل تمظهرات الدولة. لأن الدولة التي تؤمن بقيمها التاريخية، والحضارية، لا بد أن لها خصوصياتها الدينية، والمذهبية. ولذا، لا يمكن الخروج عن ذلك، ذرأ للفتنة، والفساد. وإلا، تناول الفتيا والقضاء من لا يستوعب الظرف التاريخي للأمة، ولا يستظهر كل القيم الفلسفية التي تتكون منها الظواهر جوهرا، وصفة. وذلك مما توافرت عليه العقول، وتواطأت عليه القلوب، وصار مع تراكم التجربة في الزمن ثابتا من ثوابت المجتمع، والدولة، وأمرا موحدا لتوجهاتها، وقراراتها. ومن هنا، فإن إطلاقية التقليد للأعلم، لا تمنع من التسيب في الفتوى، والقضاء، والحكم، وذلك مما يدفع بنا إلى التفكك، والتفرق. وهو متناف مع وحدة الوطن في كل خياراته الدينية، والسياسية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أمر مهم، وهو: ما هي حدود مسؤولية الخطيب.؟ إن العقد الذي يربط الخطيب بالدولة، هو الذي يحدد مسؤوليته، ووظيفته، وذلك مما لا يجوز الإخلال به، وإلا، حول الخطيب نفسه إلى كيان مستقل، يجعله مرجعا في كل القضايا والأحداث والنوازل التي تطرأ على واقع الناس، وتمتحن بها إرادتهم بين القبول، والرفض. ومن هنا، فإن حدود مسؤولية الخطيب تتجسد في تذكيره الناس بالله، وبصفات الألوهية، وبأخلاق الربوبية، وأما ما عدا ذلك مما تتوسع فيه أنظار الناس، وتختلف، وتتنوع، وكل واحد يبني فيه رأيه على اجتهاد منضبط بقواعد معينة، أو على تقدير محدد بحدود المعرفة بالأصلح، والأكمل، فمرده إلى غيره ممن لهم دراية وإحاطة بما يدور في فلك المجتمع من تغيرات، وتوجهات. ولهذا لم تترك الدولة هذا الباب مفتوحا لكل متسول، أو متطفل، أو متطاول، بل انتقت من يجسد هذه المرتبة من نخب العلماء الأثبات، فمنحتهم صفة الاجتهاد الذي يؤدي إلى إستصدار أحكام تكون بمنزلة التشريع والقانون في مؤسسات الدولة، وهياكلها التشريعية، والتنظيمية. ومن هنا، فإن الاجتهاد بمقتضى الضرورة من مسؤولية الدولة التي تعرف قيمة الضرورة الدينية في المجتمع، لا من مسؤولية الأفراد الذين تتعدد مشاربهم، وتختلف مداركهم، وتتسع إلى حدود التناقض، والتنابذ، والتحارب، والتقاتل. وكل خطيب زعم أنه الأقدر من غيره على مرتبة الاجتهاد المفضي إلى الحكم الإلهي المرتبط بالزمان، والمكان، فقد أتى بقول الزور في مجتمع خاضع لصيرورة دينية وقانونية لها أبعادها الدينية، والحياتية. وهكذا، فإن الولع باختيار المواضيع المختلف فيها على المنبر، لن يدل بحقيقته على درك الخطيب لكل ما يموج في محيطه من أفكار، وأنظار، بل يدل على وجود ضمور باطني، وغرور ظاهري، ولكل واحد منهما مورده الذي يحدده، ويفسره. فأما الضمور الباطني، فهو ما تقوم عليه بنية الخطيب في أبعادها النفسية، والمعنوية، ويختلف ذلك باختلاف الروافد الإيمانية التي يتأسس عليها يقينه في الدين، وفي العقيدة. وأما الغرور الظاهري، فهو ما يظهره الخطيب من قدرة على درك الحقائق التي تتفاعل ظواهرها في واقعه. وذلك مما يكون مؤسسا على معرفة بالقضايا التي يتداولها النقاش العام، ويتشاجر حولها الخصوم والفرقاء السياسيون، أو مما يكون مبنيا على مجاملة أحاسيس العامة الذين ينتظرون من الخطيب أن يكون له رأي فيما هو حادث، وحاصل. وهنا، لا بد من الفصل بين أمرين: الأول: إن الخطيب المستوعب لتفاصيل الواقع، وأحداثياته، لا أخاله سيناقش في مكان عام أمورا مختلفة الاتجاهات بتوجهه الخاص، وهو لم يطلب منه بمقتضى العقد إلا أن يخلق جوا من الهدوء والأمان في محل مشترك، يأتيه الأفراد والجماعات لسماع خطاب السماء الروحي. فلو فعل، فإنه لن يبلغ هدفه، ولن يصل إلى مراده، بل سيكون رأيه محلا للقبول، والرفض، وهو مطالب بأن يلتزم الحياد في النقاش المفضي إلى الاختلاف حول الرؤى، والتوجهات. الثاني: إن الخطيب الذي لم يستوعب ما هو ظاهري في الواقع، ولم ينفذ إلى عمق الظواهر المستحدثة في حياة الناس، ولم يعرف ما تقوم عليه من إيديولوجيات، وفلسفات، لا يجوز له تكليفا أن يخوض فيما لا علم له به، ولا أن يفرض موقفه برأيه، بل تكليفه في العقيدة الدينية، هو أن يلتزم حدود معرفته. وإلا تكلم بغير علم، وصار متهما بجريرة تطاوله على مؤسسة العلماء. وتكليفه في الضرورة القانونية، هو أن يجمع الناس حول ذكر الله عز وجل، لا أن يصنع بؤر الخلاف على منبر المسلمين. وهكذا، فإن خدمة المنبر، ليس في مناقشة القضايا المعقدة في النفوس، والعقول، بل في تعريف الناس بباب الله، والتذكير برحمته، وعطفه، والتخليق للحياة البشرية بما يجعلها مطمئنة، وآمنة، وهادئة.
#جميل_حسين_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ 5
-
تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ رقم 4
-
تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ 3
-
كارثة مشعر منى... أي خيار في تفسير النكبة.؟
-
تجديد المسار... أي دور للمنبر.؟ 1-2
-
جذور المعرفة الصوفية
-
حين تلتبس المفاهيم
-
ناسك في دير الحرف 1
-
ناسك في دير الحرف 2
-
مقالات في التصوف
-
حقيقة المجرم
-
مفهوم الحقيقة
-
إزالة الإبلاس عن معاني الإرجاس
-
أفكار مسوقة (الجزء السادس)
-
أفكار مسروقة (الجزء الخامس)
-
أفكار مسروقة الجزء الرابع
-
أفكار مسروقة (الجزء الثالث)
-
أفكار مسروقة (الجزء الثاني)
-
أفكار مسروقة (الجزء الأول)
-
صرخة براءة صغير
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|