حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 1358 - 2005 / 10 / 25 - 08:08
المحور:
المجتمع المدني
الوعي هو القدرة علي الفهم والتحليل، علي التمييز بين الغث والثمين، علي تحديد الفعل بالقدر اللازم للحركة دون الوقوع في براثن الشطط، علي انتقاء رد الفعل. تتفوق الأمم بوعيها، بالعقل لا الطيش، بالاتزان لا التوهان؛ يستحيل أن تعلو أمة والهوى الأهوج غالب.
شهدت مصر، مع كل الأسف، ما دفعني لهذه المقدمة، هجوم علي كنيسة بالأسكندرية بعد ما أثير حول مسرحية فيها ما يُتصور أنه إساءة للإسلام. إصابات بين أبناء الشعب الواحد، بدلاً من الوحدة و التآلف رانت البغضاء والكراهية، الدخان الأسود ملأ الصدور كرهاً وغلاً، اختلط الصواب بالخطأ، غَلَب الخطأ، هزم العنف كل عقل، لماذا؟ لا أحد يعرف يقيناً، لم يشاهد أحد المسرحية، اِنجروا وراء شياطين الدمار، أعملوا التدمير، تدمير الذات.
ألهذا الحد وصلت الخفة؟ قطعان الخراف تسير في طابور لا تُعرف غايته، ولو كانت التهلكة، هل من يحاكونها بهذه الكثرة؟ إلغاء العقول ظاهرة مرضية اِبتُلينا بها، في كل مناح الحياة. شظف العيش، قلة الثقافة، انعدام الدور السياسي المحترم، تلاشي الوعظ الديني المنزه، تؤدي إلي ما نحن فيه، إلي انعدام الوعي، إلي سيطرة غرائز الغاب، بما فيها من أنانية وجشع ووحشية.
المجتمعات العقلانية لا مجال فيها لسلوك القطيع، الشعوب تفهم وتعي، تُستشار، ميراث طويل من الوعي وتقدير الأمور، من فهم الآخر، من الإيمان بالتعددية، الديانات والأفكار أقوي من أن تهزها أية تفاهات، العنف الجماعي آخر الخيارات، إن لم يكن مستحيلاً. إنها مجتمعات تفرغت للعلم والعمل، تقدمت وتفوقت، حاضرها رغد، مستقبلها مشرق.
نتباهى بالتاريخ، لا نفهمه، نَغفَل عظاته، خرجنا منه، البقاء لا يكون إلا للأقوى، عقلاً ووعياً، الاِنقراض دوماً مصير ثِفال الفهم. عندما يغيب الوعي لا مفر من خروج الروح، خروج بلا عودة،،
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟