|
قراءة: في اوراق عالم نووي عراقي
جاسم العايف
الحوار المتمدن-العدد: 1358 - 2005 / 10 / 25 - 07:53
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
تخلو المكتبة العراقية – في حدود علمنا – من كتابة السيرة ، حياتيا ، ثقافيا ، سياسيا ، الا ما ند ر ، وينعكس هذا واضحا في السيرة الخاصة في ظروف القهر السياسي المستمر ولعل ذلك يعود الى معادلة الفناء والبقاء التي تواجه الانسان في ضل اجهزة القمع السلطوية ، اذ يتحول فيهاالى حالة دائمة من التوتر تحت هاجس الدفاع عن النفس والتخفي مما لا يعطيه او يوفر الوقت المناسب لاستبصار تجربته وتحويلها الى فعل كتابي قادر على توضيح الالتباسات المحيطة بالواقع في تجلياته،ولعل القليل من الذين نجوا من مفارم اقبية نظام البعث الدموي قد تحدثوا عما لا قوه او شاهدوه من الاهوال المرعبة ، ( وكتاب الهروب الى الحرية .. اوراق من ايام المحنة في سجون صدام ) (1) يتحدث عما واجهه العالم النووي العراقي د. حسين الشهرستاني في سجون النظام البائد . يشكل الدكتور حسين الشهرستاني مع الدكتور جعفر ضياء جعفر و مجموعة اخرى من العلماء العراقيين العمود الفقري للمشروع النووي العراقي السلمي ، حيث اكمل د. حسين دراسة الدكتوراه في الكيماء النووية في كندا ، وقبلها كان يواصل الدراسة في موسكو وبريطانيا ، عام 1970 عمل في مركز البحوث النووية ومواصلة البحوث العلمية والتفرغ لها وكانت بحوثه تنشر في المجلات والدوريات المتخصصة العالمية وتلاقي اهتماما في المؤتمرات الدولية العلمية ، وتسببت هذه البحوث في اهتمام المحافل الدولية العلمية بالعراق كدولة نامية يقدم علماؤها بحوثا علمية ناضجة في مجال حساس وهو الطاقة النووية ، وكانت توجه له الدعوات لالقاء المحاضرات في الدول الاوربية المتقدمة في هذا المجال .
(2)
شتاء عام 1979 اعتقل من قبل النظام البائد وكان يشغل منصب المستشار العلمي وهو ارفع منصب في مؤسسة الطاقة النووية ، التي كان رئيسها الفعلي صدام حسين ، نقل ( موثق اليدين معصوب العينين ) الى مديرية امن بغداد التي تقع في وسط عاصمة الخوف والصمت وا لرعب وهناك واجه ( .. الانقطاع .. الضياع .. محاولة انتزاع الاعترافات الوهمية .. ) وُوضع بمواجهة السفاح ( فاضل البراك ) وضابط الامن المعروف ( فاضل الزرقاني ) الملقب ( بجزار البصرة ) لجرائمه الكثيرة التي مارسها في البصرة .. ومن خلال لغة التعذيب التي تبدأ بـ ( الصنارة ) حيث يتم تعليق الانسان من يديه المربوطتين الى الخلف بصنارة مثبتة في السقف ويطلق على هذه الطريقة الوحشية بالتعذيب اسم ( الفرانكوية ) تيمنا بدكتاتور اسبانيا ( فرانكو ) ، وبعد تعليق المتهم لاكثر من عشر دقائق يبدأ الالم الرهيب يسري في الكتفين وكانهما تكادان تنخلعان ،و يمتد الالم شيئا فشيئا ليشمل كل اعصاب الجسم البشري ، ثم يبدأ دور ( الزنبور ) حيث القضبان والعصي الكهربائية التي توضع على المناطق الحساسة من الجسم ومن خلالها يسري التيار الكهربائي في كل العروق ويهز الجسم هزا عنيفا ، يظل التعذيب مستمرا حتى يتصبب العرق البارد من البدن وهذه علامة الموت القادم خلال اقل من دقائق بسبب تعرض القلب لضغط هائل واحتمال توقفه المفاجئ ، فيسرعون لانزاله بسرعة من الصنارة خوفا عليه من الموت السريع – ليس رأفة - حتى يستعيد انفاسه ويعاودون الكرة مرة اخرى ، وهكذا .. كان احد المحققين يقول له ( انني استخدم طريقة "الاسفنجة مع المتهم" ) حيث استمر " بالعصر " وكلما زاد " العصر " خرجت من المتهم بضعة "قطرات" اجمعها الواحدة تلو الاخرى ، استمرهذا الوضع معه لاشهر .. ان انواع التعذيب الوحشي لا تنحصر في الصنارة والسياط والقضبان الكهربائية بل هناك عشرات الاساليب الاخرى المبتكرة والمستوردة من الدول الاجنبية ،دول الحرية وحقوق الانسان والمد نية والحضارة وحرية الضمير، !!، ومنها : - المثقب الكهربائي لثقب العظام . - المنشار الكهربائي لقطع الاصابع او اجزاء اخرى من الجسم . - شعلة النار الغازية التي تسلط على بعض اجزاء الجسم خاصة الاعضاء التناسلية وغيرها حتى تتفحم . - سائل حامض الكبريتيك لاستخدامه في تذويب اصابع اليدين او الرجلين واحيانا للاعدام بالقاء المتهم في حوضه. - المكواة الكهربائية لحرق مواضع خاصة من البدن كالظهر او القدمين او البطن او الفخذين او (… ) . ( ص 33 ) . هذه الوسائل الوحشية اطلع د. حسين عليها ورأى ضحاياها وعايشهم لايام وليال ولاشهر وكان يتم اختيار السجناء في " طوابير " مربوطين في سلك " بوجبات " يتراوح عدد " الوجبة " بين 30 -60 سجينا ويختفي اثرهم ويتنبأ في ذلك الوقت بوجود المقابر الجماعية ويقدم رقما مرعبا للضحايا اذ يقدر ذلك بحدود 300 الف انسان تم اعدامهم في مديرية امن بغداد وسجن ابو غريب وبقية محافظات العراق - ص38 . اننا اذ نقدم هذا الرقم المخيف الى جميع من لمع صورة الوحش صدام حسين ونظامة الدموي من العرب وغيرهم من المرتزقة الذين ما زالوا يدافعون عنه حتى اللحظة فمن المؤكد ان هذا الرقم يبدو متواضعا قياسا لما حل بالاكراد في حملات التطهير العرقي والتي امتدت طوال حكم البعث الدموي وكذلك ما جرى في جنوب العراق بعد انتفاضة اذار عام 1991 وفي مدن الفرات الاوسط خاصة الحلة وكربلاء والنجف والتي قام فيها صدام واعوانه بذبح الآلاف من العراقيين بتواطؤات دولية واقليمية وان كل الصراخ المدوي عن الحرية وحقوق الانسان لم يثنه عن اقتراف تلك الجرائم المهولة وقد اشارت المعلومات الموثقة احصاء 289 مقبرة جماعية لضحايا نظام البعث الارهابي وتم التأكد من وقوع مجازر جماعية في 49 مقبرة منها، حيث تحول العراق الى ارض تطفو على مقابر جماعية،وان عدد العراقيين المفقودين ضمن حملة الفضاعات والمجازر البشعة التي ارتكبها السفاح صدام حسين منذ توليه السلطة في سنة 1979 حتى سقوطه في 9/ نيسان 2003 ، بلغ ما بين 800 الف الى مليون و300 الف انسان بحسب كثير من التقديرات الموثقة وان عملية النبش واعادة دفن رفات الضحايا يستدعي عدة سنوات ويتطلب خبراء اجانب في الطب الشرعي ويحتاج الى ملايين الدولارات وان مؤتمر مدريد بشان اعادة اعمار العراق قد خصص 100 مليون دولار في شكل اموال سائلة وتجهيزات لمسألة المقابر الجماعية في العراق وان الخبراء الاجانب سيبدأون عملهم في يناير / 2004 بشان مقابر العراق الجماعية من خلال لجان دولية ومحلية شكلت لهذا الغرض (2)، وقد حاول بعض الذين خضعوا لهذه الاساليب اللانسانية والوحشية، اثناء التحقيق، الانتحار واصيب بعضهم بالجنون ونوبات الهيستريا المتواصلة وكان الكثير منهم مثال الجلد والصبر والتحدي والترفع حتى عن نداء الحياة ذاتها ، متمسكين بالصمت المطلق بمواجهة ذئاب الامن ووحوش المخابرات الذين قطّعوا اجسادهم جزءا فجزءا ، والبعض منهم حتى لم يبح باسمه الحقيقي للمحقيقين مفضلا مغادرة مسرح الحياة بهوية منتحلة صادف وجودها معه عند القاء القبض عليه .
(3)
منتصف عام 1980 نقل من السجن الانفرادي الى مكان مجهول ( بعد النزول من السيارة قالوا لي : اصعد السلم ، فصعدت بعد خطوات فتحوا بابا ودفعوني الى الداخل ثم اغلقوا الباب ، ثم رفعت ( العصّابة ) عن عيني وجدت نفسي في زنزانة ضيقة " 2 م × 3م " كدسوا فيها اكثر من 34 شخصا ، جو حار خانق ، رائحة نتنة قاتلة .. اسوأ بكثير من زنزانات الامن العامة وسجن ابو غريب الانفرادي ، الذين معي في الغرفة شبه عراة وجوههم صفراء شاحبة ومخيفة من الضعف والهزال ، اشباح ، وفي الواقع لم يكونوا اكثر من هياكل عظمية نحيفة تنتظر الموت لم استطع معرفة اين انا ..؟ حتى اطمأن لي من كان في الغرفة وقالوا لي : هذا المكان يسمى " حاكمية المخابرات " والمبنى عبارة عن " كنيس يهودي " تستخدمه مديرية المخابرات العامة كدائرة للتحقيق وهو مخصص لقضايا التجسس ويقع في ( منطقة البتاوين ) بالقرب من ساحة التحرير في بغداد ، بقيت في هذا المكان خمسين يوما دون تحقيق .. الا انني شاهدت ما كان يجري بحق الآخرين من الاهوال المدمرة فالتعذيب كان يجري دون حدود ودون ملاحظة النتائج التي قد تؤدي الى موت المعتقل تحت التعذيب .. ان نسبة " التلفات " المسموح بها تحت التعذيب في مديرية الامن والاجهزة التابعة لها 10% أي لا يمكن لأجهزة الامن التمادي في التعذيب بحيث يرتفع عدد الضحايا الى اكثر من عشرة في كل مائة معتقل بينما حاكمية المخابرات وكل الاجهزة والدوائر التابعة لها فان النسبة هي 100% الداخل الى هذه الابنية لا يرجى خروجه منها الا مستسلما او ميتا سوى الحالات النادرة ص , 140- 142، ((ايها الداخلون هنا تخلواعن كل أمل - باب الجحيم - دانتي)) . بقي د. حسين لاشهر في اقبية المخابرات العامة ولم يخضع لاي تحقيق او سؤال ثم نقل الى مكان آخر حيث اقتيد الى بيت فخم جدا ومؤثث تاثيثاً حديثاً ووضع في خدمته بعض ضباط المخابرات وطباخ ، وكان هذا البيت يعود الى عدنان الحمداني وزير التخطيط الذي اعدم مع مجموعة من قادة حزب البعث بعد تولي صدام حسين المسؤولية الاولى عام 1979 .. وقد زود بجهاز راديو وتلفزيون وجريدة يومية وتمتع ببعض الرعاية الطبية وبدأت صحته تتحسن تدريجيا ثم زاره ( شخص يرتدي قميصا ، فتح ياخته وعلق في رقبته قلادة ذهبية تبدو من تحت قميصه ، وفي فمه علك ، ولحيته كثة وكان مظهره اشبه شيء بالسفلة من ابناء الشوارع ثم عرف نفسه قائلا : انا برزان التكريتي .. ) ، ونقل له تاثر صدام واسفه الشديدين بما جرى له والقى باللوم كله على ( جماعة ) الامن ، بعد ان وصفهم بأحط الاوصاف ثم عرج على المكانة العلمية والدولية له وطلب منه بالنص " المساهمة بتطوير سلاحنا النووي لانه يعطينا ذراعا طويلة ، لاعادة ترتيب خارطة الشرق الاوسط ، وان هذا العمل خدمة للوطن " . بعد قصف المفاعل النووي وتدميره من قبل اسرائيل عاود برزان الزيارة طارحا فكرة اعادة بناء المفاعل مرة اخرى ومساهمته في ذلك عندها اصر د. حسين على رؤية اطفاله وزوجته الكندية الاصل والتي اعتنقت الدين الاسلامي قبل زواجها منه ، كان يجري تغيير مكان اقامته ، حيث اسكن مرة بجوار مسكن وزير الصحة السابق د. رياض ابراهيم الحاج حسين الذي اعدم هو الاخر اواسط الثمانينات ، وارسل مرة للسكن في جزيرة الحبانية ، واقيمت له مرة اخرى خيمة في الصحراء بالقرب من تكريت للقاء اسرته . وازاء الرفض المتواصل من قبله للعمل في البرنامج النووي العسكري الصدامي اعيد الى اقبية المخابرات حتى حانت الفرصة لهروبه منها بمساعدة احد عمال الخدمات في سجن المخابرات العامة وبتنسيق مع بعض اقاربه حدث هذا في شباط عام 1991 اثر القصف الجوي المتواصل على بغداد وتفكك مفاصل سلطة القمع واجهزة الدولة ، ثم وصل الى خارج العراق مستصحبا عائلته، بعد الانتفاضة ومن هناك قام بدوره في الدفاع عن حقوق الانسان في العراق وفضح المجازر البشعة التي يتعرض لها العراقيون في الداخل على يد النظام البعثي .
(4)
الاهتمام بالطاقة النووية في العراق يعود الى اواخر العهد الملكي وبداية العهد الجمهوري حيث تم تأسيس معهد النظائر المشعة للاستخدام السلمي ، وفي عهد الزعيم عبد الكريم قاسم تم التوقيع على اتفاقية للتعاون الاقتصادي مع الاتحاد السوفيتي السابق شملت بناء مفاعل نووي بطاقة 2 ميكا واط وفي سنة 1964 افتتح مركز البحوث النووية والمفاعل النووي الصغير وذلك لانتاج النظائر المشعة للاستخدام في التطبيقات الصناعية والزراعية والاغراض الطبية ثم توسعت فعاليات المركز لتشمل مجالات مختلفة اخرى كالفيزياء النووية والكيمياء النووية للتحري عن الخامات المشعة في العراق وكانت البحوث ذات طابع سلمي بحت . بعد مجيء البعث للسلطة في انقلاب 17/ تموز/ 1968و بسبب توتر العلاقة بين السوفيت والنظام العراقي جراء الازمة مع الشيوعيين في داخل العراق - ص29 - قررت الحكومة العراقية في عام 1974 التعاون مع دول اخرى لتطوير الطاقة الذرية وتفعيل البحوث ذات الطابع السلمي، عندها تسلم صدام حسين رئاسة لجنة الطاقة الذرية وتم التعاقد مع فرنسا لبناء مفاعل تموز للبحوث النوية بطاقة 40 ميكا واط وكان د. حسين احد اعضاء الوفد العراقي الذي فاوض الوفد الفرنسي حول ذلك .. ابتداء من عام 1979 بدأ التحول في عمل المركز حيث امر صدام العاملين في المركز باعادة النظر في بحوثهم ومشاريعهم بالانتقال من الجانب السلمي الى البحوث الستراتيجية العسكرية وقد تم تحويل منظمة الطاقة الذرية من مؤسسة علمية بحثية قائمة على اسس اخلاقيات التعامل العلمي والانفتاح والتعلم والتعليم الى مؤسسة بوليسية مغلقة تحكمها قوانين صارمة من السرية المطلقة ليتحول الفرد فيها الى آلة صماء لا ارادة له ويتحرك حسب التوجهات الامنية القاسية سواء في محيط العمل او الاسرة او العلاقات الاجتماعية ، وتطورت القيود والضغوط على العاملين في البرامج النووية حتى اصبح المنتسب للبرنامج النووي ممنوعاً من الاتصال باي كان او الخروج من بيته لزيارة أي شخص او عائلة الا بموافقة الجهاز الامني الخاص المسؤول عن البرنامج ومنع العلماء من السفر الى خارج العراق ، حتى الزواج يحتاج للموافقة الامنية الخاصة وكذلك اختيار محل السكن ومجموعة الاصدقاء الذين يسمح بالتزاورمعهم , ص271 – 272, وبسبب اعتقاله في عام 1979 فانه لم يساهم في التوجه العسكري في برنامج الطاقة النووية ، الا انه كان يلاحظ بقلق بالغ توجه صدام الجنوني نحو الجانب العسكري النووي هذا الواقع الجديد خلق حالة من التوجس والترد د لدى عدد من الكوادر العلمية المتقدمة في الطاقة الذرية ( واذكر انني شخصيا ناقشت الموضوع مع عدد من الكوادر العلمية خاصة د. جعفر ضياء جعفر الذي كنا نشكل معا الحلقتين الرئيسيتين في المشروع وكانت قناعتنا مشتركة بان هذا التوجه لا يخدم العراق كما لا يخدم تطور الطاقة النووية وانما يعرضنا لاشكالات مع دول العالم ، وقد نواجه تحديا دوليا في مجالات تطوير الطاقة النووية للاستخدامات السلمية ( … ) كانت رؤيتي واضحة في ذلك الوقت بان هذا النظام لا يستخدم ايه اسلحة ستراتيجية ضد المعتدين على العراق وانما احتمالات استخدامها ضد ابناء الشعب العراقي هي الارجح لانه نظام قائم على القتل والابادة الجماعية ) – ص274- . ولكن هل نجح صدام في ذلك.. ؟ . يؤكد د. حسين ان صدام كان على وشك تطوير قنبلته النووية الاولى عام 1991 لو لم يقدم على جريمة احتلال الكويت والدخول في مواجهة حاسمة مع العالم ادت الى انكشاف المنشآت والخطط الصدامية في ذلك المجال، وكان بالامكان خلال سنة واحدة من ذلك التاريخ من الحصول على اول قنبلة نووية يجعل بها امن المنطقة وشعوبها والشعب العراقي على (كف عفريت) – ص 282- . لقد تم التوصل الى انتاج اليورانيوم المخصب بدرجة 93 والذي يمكن استخدامه في انتاج قنابل نووية بسيطة واتم انشاء مؤسسات ومعامل كبيرة بتكنلوجيا معقدة ذات تكلفات باهظة جدا " بالمليارات " خاصة في مجال اجهزة الطرد اللامركزي لتخصيب اليورانيوم ، وكذلك الاستفادة من انظمة اخرى للتخصيب ، لكن التقدم الاساسي كان في مجال " اجهزة الطرد اللامركزي " وتم تطوير تصاميم لتجميع القلب النووي للقنبلة ، والعدسات اللازمة ، واجهزة التحكم والتفجير ، والفتيل المطلوب ، وتم اجراء تجارب على نماذج من الاسلحة النووية بدون مادة اليورانيوم المخصب ، باستخدام مواد كيمياوية ذات قابلية انفجارية عالية تشبه القنبلة النووية وكانت بعض هذه التجارب ناجحة وربما لا يعلم الكثير من العراقيين بها - ص281- . لم يكن بإمكان صدام التوصل الى انتاج اسلحة الدمار الشامل لولا الخبرات والتكنلوجيا الاجنبية والدور الاساس في ذلك يعود الى الدول الاوربية وامريكا وكندا وهي التي لعبت الدور الحاسم في تحويل الطاقة النووية العراقية من الاغراض السلمية الى الاستخدامات العسكرية الستراتيجية وقد ساهمت الشركات التابعة لتلك الدول في ذلك ، اذ قامت حوالي "700" شركة امريكية وكندية واوربية غربية في مساعدة نظام صدام في هذا المجال ولا يمكن ان تقوم هذه الشركات وبهذا العدد الكبير بهذه الاعمال والمساعدات الفنية والصناعية في مجال حساس وخطير كتطوير الاسلحة النووية وسائر اسلحة الدمار الشامل دون ضوء اخضر من حكوماتها بشكل مباشر او غير مباشر والتي كانت تغض الطرف عن هذه الصفقات المحرمة دوليا وكان التمويه عن التمويل ومصادر التحويل يتم بالترتيب مع بنك ايطالي له فرع في ولاية اطلنطا الامريكية - 283 - . ويؤكد د. حسين ان النظام العراقي بتعاونه مع المخابرات الغربية والامريكية والبريطانية وبالتنسيق مع المخابرات الاسرائلية قام بانشاء شركات وهمية للتصدير واعادة التصدير وكان مقر هذه الشركات في بريطانيا والمانيا وسويسرا وفرنسا وتعمل عبر صفقات سرية يتم بها ايصال المعدات المحرمة دوليا الى العراق من خلال اطراف اخرى واما تلك الشركات الـ"700" فانها كانت تتنافس في خدمة صدام الذي كان يدفع الرشاوي الضخمة بواسطة وكلاء المخابرات لمسؤولي الشركات على موائد القمار وحفلات الدعارة والمجون ولم تكن هذه الاموال التي تجاوزت عشرات المليارات سوى اموال عامة عائدة في اصولها الى الشعب العراقي الذي وقع تحت طالة الحروب العبثية والفقر المريع . لم يكن ما جاء في هذا الكتاب , الذي هواشرطة صوتية ممتدة لاكثر من 20 ساعة ، وتم نقلها بعد ذلك في هذا الكتاب ، لم يكن ذلك سيرة حافلة بالرعب والالم فقط بل كان وثيقة ادانة صريحة وواضحة لنظام الدمار والخوف والقهر الذي اصاب العراقيين في الصميم ، وذبح مئات الالاف منهم في اقبية الاجهزة السرية جراء الشبهات فقط ، مبددا ثرواتهم الطائلة في مشاريع التسلح اللامجدية ، مقصيا الآمال والتطلعات الانسانية المشروعة ودافعا العراقيين نحو هاوية البؤس والرثاثة و التخلف . ديسمبر 2003 --------------------------------------------------------------------- *كتب هذا المقال بعد سقوط النظام ,ونشرجزء منه في جريدة ( المنارة) التي تصدرفي البصرة بعددها المرقم45 المورخ 30 ديسمبر 2003 ،وتزامنا مع محاكمة المجرم صدام حسين أستأذن الحوار المدني لنشره كاملا ويهمني ان أوكد انني لست معنيا بالموقع السياسي الذي عليه د.حسين الآن أو في المستقبل مع احترامي العميق له ولموقعه. (1) الهروب الى الحرية ..اوراق من ايام المحنة في سجون صدام . الدكتور حسين الشهرستاني. الطبعة الثانية / 2003/ بيروت – لبنان (2) تقريرالسيد ة ساندراهود غيكنسون مديرة القضاء الأنتقالي لحقوق الانسان في العراق /جريدة الصباح/العدد113/ في 9/11 /2003
#جاسم_العايف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملاحظات حول الاستفتاء الدستوري العراقي
-
مجلات .. الثقافة الجديدة آراء وتصورات حول الدستور العراقي
-
الدستور في العراق
-
سقوط دكتاتور*.. بين همجية النظام ومرتزقة الثقافة والإعلام
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|