أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - حزب النور سنة 1919














المزيد.....

حزب النور سنة 1919


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4947 - 2015 / 10 / 6 - 20:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماذا لو وُجِد حزب النور في مصر حول عام 1919؟ السؤال فاسد ولا إجابة له. لأن المناخ الفكري والمجتمعيّ آنذاك ما كان يسمح بوجود حزب ديني يخدع الناس ويتاجر بأحلامهم من أجل مصالحه الشخصية. صحيحُ السؤال هو: "هل يمكن وجود حزب النور أو ما شابهه في الربع الأول من القرن الماضي؟ والإجابة بالنفي لأن المصريين آنذاك كانوا في مجملهم من الوعي بحيث لا ينخدعون في اللحى وزبائب الصلاة التي تُخفي وراءها ما تُخفي. حزب النور يلعب لعبة مزدوجة إسلامية/مسيحية. يخدع بسطاء المسلمين بإيهامهم بأن ذلك الحزب طريقهم نحو الجنة. ويخدع بسطاء المسيحيين بإيهامهم بأنه سيحلّ لهم مشاكلهم التشريعية مع الكنيسة في أمور الزواج والطلاق وغيرها. أما مصر في بدايات القرن الماضي فكانت غير مصر الراهنة.
اشتعلت ثورة 1919، فتوحّد المصريون، مسلمون ومسيحيون، تحت راية واحدة وهدف واحد هو تكريس دولة مدنية علمانية تحترم جميعَ العقائد وتقف على مسافة متساوية من جميع الأديان ولا تتحيز لمواطن لانتمائه العقدي على حساب مواطن آخر، إنما كل المواطنين أمام الدولة سواءٌ، مادام احترم ذلك المواطنُ الدستورَ والقانونَ والتزم واجباتِ المواطنة.
أما ثورة 2011 فحينما اشتعلت؛ تفرّق المصريون شعوبًا وقبائلَ لا تعارفوا، بل تعادوا وتباغضوا وتعنصروا وتشرذموا وتشتتوا وتقاتلوا. وبدأت الأحزابُ الدينية في التكّون وبثّ لهيب الفُرقة والفتنة بين المواطنين، بعدما كانت ممنوعة قبل 2011 بموجب القانون رقم 40 لعام 1977.
ما الفارق بين مصر 1919، ومصر 2011؟
عام 1919، كانت هناك نخبةٌ فكرية وطليعية وسياسية محترمة وجادة وجسور لا ترتعد فرائصُها من حملة السيوف، ذوي اللحى الزائفة. تحمل تلك النخبُ مشاعلَ التنوير وتجوب دروبَ المجتمع غير عابئة بصراخ الظلاميين ذوي الحناجر الغليظة والأنياب المسنونة والعقول المعتمة والقلوب التي سوّدتها المصالح والمطامعُ بسديم الجهل والبغضاء. تلك النخبة كانت تدعمها سلطتان. حكوماتٌ لا تدعم الإرهاب، وشعبٌ يصبو للتنوير.
عام 2011، صار المجتمع في مجمله أُميًّا، ولا أستثني للأسف خريجي الجامعات، فكانوا صيدًا سهلا للظلاميين الغيبيين الذين يقتاتون من جيوب البسطاء وإن كانوا فقراء، لأنهم يشترون، بقروشهم النحيلة، قصورًا في الجنّة بوهم إرضاء مشايخ التغييب بما لم ينزله الُله لا في كتاب ولا في سُنّة. وبمَ يحتمي أولئك الظلاميون؟ يحتمون بسُلطتين. السلطة الأولى: حكومةٌ تدعم الإرهاب الفكري، رغم تصدّيها الحقيقي الحاسم للإرهاب المسلح، وكأنها لا تدري أنهما صُنوان. والسلطة الثانية: شعبٌ أصبح، بعد عقود من سموم التجهيل الممنهج، ينتهجُ النهج الوهابيّ الصحراوي. والآن زادت السلطتان سلطة ثالثة: هي أولئك المسيحيون الذين انضموا لحزب النور ليمنحوه شرعية دستورية زائفة، لا يعرفون أنهم سيكونون أول ضحاياها.
كأنما لا تدري حكومةُ مصر، وحاكمُ مصرَ، أن "حزب النور" هو داعش "منزوع السلاح”. ينتظرُ فقط سلطة "التمكين" ليحوز السلاح الذي يطيح بالرقاب والجماجم والأفئدة! كأنما لا تدري حكومةُ مصر، وحاكمُ مصر، أنه حزب غير دستوري، يخالف المادة 74 من الدستور المصري، وإن احتمي بحكم قضائي يدعم بقاءه! كأنما لا تدري حكومةُ مصر، وحاكم مصر، أن تمكّنَ حزب النور من البرلمان القادم، وهو أمر بات مرتقبًا، يعني هلاك مصر ونفوق ثورتين عظيمتين قامتا ضد الفساد وضد الإضلال باسم السماء. كأنما لا تدري حكومةُ مصرَ، وحاكمُ مصر، أن وجود حفنة من المسيحيين داخل حزب النور ليس إلا لونًا من ذرّ الرماد في العيون التي تهوى العماء، حتى ننسى أنه حزبٌ ديني رجعي يدعو للطائفية والإقصاء والفرز الديني وتقسيم المجتمع المصري شيعًا وفرقاءَ وقبائلَ متناحراتٍ! وكأن حكومةَ مصرَ، وحاكمَ مصرَ، لم يقرأوا، ويُقرّوا، المادة 53 من الدستور المصري التي نصُّها: “التمييز والحضّ على الكراهية جريمةٌ، يعاقب عليها القانون"! وهل يفعل أعضاء حزب النور غير الحض على الكراهية والطائفية آناء الليل وأطراف النهار على المنابر وعلى شاشات الفضائيات؟! فهل عوقبَ منهم أحدٌ؟! البتّة! إنما يُكافئون ويغنمون كل يوم أرضًا جديدة وتمكينًا جديدًا، ودعمًا سياديًّا جديدًا!
مازلنا نرفض جميعًا قيام حزبكم الذي يحمل في جوفه كل معالم العنصرية والطائفية وركائز التقسيم المجتمعي وإن زعمتم غير ذلك. داعش الدموية لا تنتظر تأشيرة دخول إلى مصر، كما يظنُّ الطيبون. لأن داعش موجودة في مصر وتحمل الجواز المصري، فقط ينقصها السلاح الذي سوف تحوذه عما قريب بمقاعد البرلمان.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيف والرمح والقرطاس والقلم
- المراجعات على نهج ناجح إبراهيم
- أرجوحةُ الخَدَر ودولةُ الحاجة
- الأوغاد لا يسمعون الموسيقى
- حوار شامل مع الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت حول التيارات المتطر ...
- صباحُ الخير يا زينب
- الكارت الخائب
- أنا أغنى امرأة في العالم
- مسيحيو حزب النور
- بيان إلى السلفي ناجح إبراهيم من فاطمة ناعوت
- إحنا آسفين يا خروف!
- مرة واحد فكّر، طق مات ( حوار تليفزيوني مع كاتب)
- شهداءُ من أبناءِ زايد
- موت أمي
- طفلُ البحر... لا أحدَ يريده!
- دموع مريم، قضية أمن قومي
- لماذا يكرهون هذا الرجل؟
- هل تعرف طاعن نجيب محفوظ؟
- صفر مريم النبيل
- حزب النور، حاوي الحواة


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - حزب النور سنة 1919