|
موقف العمال الكوردستاني
بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 4945 - 2015 / 10 / 4 - 18:32
المحور:
القضية الكردية
..من مشروع الدولة القومية الكوردية.؟!!
إن قضية الدولة الكوردية باتت تتداول بشكل أكثر عمقاً مع المستجدات الإقليمية وتحديداً مع سيطرة "داعش" على المناطق السنية في كل من العراق وسوريا _أو على الأقل مساحات واسعة منها_ وخاصةً بعد إعلانها عن دولتها؛ (الدولة الإسلامية) وقد أدلى الكثيرون بمواقفهم السياسية بخصوص هذه الأحداث المتسارعة والمستجدة وفي مقدمتها نية حكومة إقليم كوردستان (العراق) والرئيس مسعود بارزاني عن إجراء استفتاء وتحت إشراف دولي (الأمم المتحدة) إن كان من أجل ضم كركوك والمناطق الكوردستانية الأخرى لجغرافية الإقليم أو الاستفتاء على إعلان الدولة الكوردية، مما دفع ببعض الأوساط الإقليمية والدولية للوقوف على القضية وإبداء الرأي؛ وذلك بين مؤيد وداعم للمشروع وقد وقفنا عندهم في مقالنا السابق (دولة كوردستان.. من الحلم إلى الواقع) وبين رافضٍ وممانعٍ لها وها إننا سوف نقف في مقالنا هذا عند هذه الجبهة المعارضة والواقفة في وجه هذا الطموح والحلم الكوردي، وهي تشمل أغلب القوى القوموية الشوفينية من أحزاب وحكومات المنطقة والتي تغتصب كوردستان قضية وجغرافية وكذلك بعض القوى الدولية التي تتحفظ على التوقيت وعلى رأسها أمريكا وذلك لتقاطع مصالحها مع الدول الغاصبة لكوردستان وأيضاً لكي لا تخضع لعمليات ابتزاز من تلك الدول وعلى الأخص إيران وتركيا بدرجة أقل.
حيث أبدى وزير الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في زيارته الأخيرة للإقليم _قبل أيام_ بأن أمريكا تود من القيادات الكردية في العراق العمل من أجل إنجاح العملية الديمقراطية في البلاد و"دعاها إلى السعي من أجل الاندماج السياسي مع بغداد". إن الموقف الأمريكي هذا _بالنسبة لنا_ مفهوم كون؛ أمريكا تدرك حساسية موقعها ومصالحها وتوازن القوى في المنطقة وبالتالي فإن موافقتها على الخطوة الكوردية تعني تقديم عدد من الامتيازات للمحور الآخر وتحديداً إيران وروسيا وفي عدد من الملفات منها ملفات سوريا، العراق، أوكرانيا وأخيراً _وربما أولاً_ الملف النووي الإيراني. وبالتالي فهي (أي أمريكا) تقف في المنطقة الرمادية، على الرغم إن موقفه الأخير _أي السيد كيري يوم أمس_ وفي مقابلة مع سي إن إن وقوله: "من الواضح أن العراق يتجزأ. والوقت الآن متاح أمام الشعب الكردي لتقرير مستقبله، وسنقف مع ما يقرره الشعب". وقوله أيضاً؛ "إنه لا ينظر إلى منطقة كردستان على أنها منطقة منفصلة" ومؤكداً على اعتقاد الولايات المتحدة في أن "العراق الموحد هو عراق قوي" هو موقف متقدم بعض الشيء ويحمل موافقة ضمنية للدولة الكوردية القادمة.
أما مواقف الدول الغاصبة لكوردستان فهي أولاً وأخيراً _ومثل كل القوى الشوفينية_ نابع من مفاهيم عنصرية فاشية بحق المكونات الأخرى وكذلك لتخوفها من انتقال "العدوى" إلى الداخل ومطالبة الكورد بتلك الأجزاء الكوردستانية المغتصبة بحقها في تكوين جغرافياتها السياسية وذلك أسوةً بإخوتها في إقليم كوردستان (العراق).. وربما يكون موقف الدولة التركية أقل تشنجاً _إن أبعدنا الموقف السوري من المعادلة نتيجة أزمتها_ كون لها (أي لتركيا) مصالح اقتصادية كبرى مع الكورد، وبالتأكيد هي تفضل شريكاً اقتصادياً ضعيفاً (الإقليم) على أن يكون (بغداد _ والتي تفضل إيران على تركيا كشريك) وذلك لكي تكسب المزيد من الامتيازات الاستثمارية وخاصةً في مجال الغاز والنفط وقد رأينا موقف الناطق باسم حزب العدالة والتنمية؛ حسين سيليك وتفهمهم لنيل الكورد حقوقهم في دولة ولكن ونتيجة الانتخابات الرئاسية القادمة، فإن تركيا _حكومة العدالة والتنمية_ لن تكون قادرة على إبداء موافقتها كونها سوف تحسب ألف حساب لصوت الناخب التركي.
أما الموقف الإيراني فهو محسوم سلفاً وهو ضد أي كيان سياسي كوردي مستقل وذلك لأسباب عدة؛ إن موافقتها تعني: 1_ إضعاف حليفه السياسي في العراق (حكومة المالكي الطائفية) والرضوخ للمشروع التقسيمي في المنطقة أو ما يعرف بمشروع شرق أوسط جديد وسياسة "الفوضى الخلاقة". 2_ إن الموافقة على الدولة الكوردية تعني الدخول في متاهة الصراعات الداخلية ومطالبة كورد الجزء الشرقي من كوردستان (إيران) بحقوقهم المشروعة إن لم تكن في دولة مشابهة فعلى الأقل في دولة كونفدرالية أو فيدرالية. 3_ إعلان الكورد لدولتهم في كوردستان سوف يعطي دافعاً اقوى للسنة _ليس في العراق وحدها_ بل في إيران أيضاً ومنهم عرب الأهواز بحقوقهم في دولة تضم المكون السني العربي في هذه المنطقة. 4_ مسألة النفط والامتيازات والاستثمارات التي سوف تحصل عليها كل من تركيا والسعودية ودول الخليج بينما تكون إيران قد فقدت كل تلك الثروات والتي تعتبرها من حصتها كونها خاضعة لحلفائها السياسيين في المنطقة. وبالتالي فمن الطبيعي "تفهم" موقف إيران الرافض لإعلان الكورد عن دولتهم في إقليم كوردستان (العراق).
لكن ما لا يمكن تقبله _وليس فهمه_ موقف حزب العمال الكوردستاني (جميل بايق) والاتحاد الديمقراطي (صالح مسلم) من إعلان الدولة الكوردية حيث يتهم الأول (أي بايق) قيادة إقليم كوردستان _مع عدد من دول المنطقة والعالم_ بالوقوف وراء تنظيم "داعش" ويضيف؛ "أن هناك مخططا لتقسيم العراق وسوريا وفي المدى المتوسط تقسيم تركيا أيضا فضلا عن وجود مخطط لتقسيم إيران منوها إلى ضرورة أن تغير كل من تركيا وإيران من سياساتها في المنطقة كي لا تتعرض للتقسيم" وكأن الذي يتحدث هو شخص لا ينتمي للكورد وليس بأعلى شخصية قيادية في قنديل، بل هو قيادي في سياسة إحدى الدول الغاصبة لكوردستان أو يقول كلاماً منقولاً عنهم؛ وذلك عندما يبدي تخوفه الصريح على تقسيم تلك الدول التي تغتصب كوردستان وكأن كوردستان سوف تتعرض للتقسيم وليس لنيل الاستقلال والخلاص من عبودية دامت لعصور وأحقاب تاريخية طويلة وها هو الحلم بات قريباً ليتحول إلى واقع على الأرض.
وكذلك فإن رفيقه الآخر (صالح مسلم) يقول لصحيفة (باس): "مضى أوان الدولة القومية لن يقبل بها احد" ويضيف "برأيي ليس الوقت هو لاعلان الدولة الكوردية، لن يعود بالنفع على الكورد اهمال العلاقات بين الشعوب والتفريق بينها لست أرى هذه سياسة صائبة" وحسب رؤيته بأن "الشعوب ستعادي بعضها اذا ما جرى اللجوء الى الدولة القومية" ويقول في ذلك "لست ارى التوقيت مناسباً لهذا بالنسبة للكورد" ورداً على سؤال للصحيفة نفسها؛ (ما اذا كان حزب الاتحاد الديمقراطي PYD يؤيد البقاء ضمن الدولة السورية او الانفصال عنها)، يقول السيد مسلم "لانريد الانفصال عن سوريا نريد البقاء قسماً منها، نريد ان نؤسس مع المكونات الاخرى سوريا ديمقراطية شرط ان يحصل الكورد على حقوقهم الانسانية".
وهكذا فإن الاثنان يبديان تخوفهما من مسألة تقسيم البلدان التي تحتل الجغرافية الكوردستانية وربما موقف الأخير (صالح مسلم) الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي أكثر وضوحاً حيث يقول بصريح العبارة بأنه "مضى أوان الدولة القومية" وبالتالي يعبر عن النهج السياسي لزعيم التيار الذي ينتمي إليه ألا وهو السيد عبد الله أوجلان وطرحه لمسألة "الأمة الديمقراطية" والعابرة للدولة القومية.. وهنا نقطة خلافي الجوهرية مع هذا المشروع؛ حيث يشبه إلى حد بعيد مشروع "الأممية الشيوعية" والذي هو الآخر حاول القفز على الدولة القومية، لكن رأينا كيف باءت التجربة بالفشل وأُعِيد تشكيل خارطة تلك البلدان على أسس قومية (الاتحاد السوفيتي وجمهورية يوغسلافيا السابقتين). وبالتالي _وبرأي_ فإن مشروع "الأمة الديمقراطية" هو الآخر مصيره الفشل كسابقه الاشتراكي الشيوعي؛ كون لا يمكن إنجاز الديمقراطية _كذلك الشيوعية_ في واقع وبيئة متخلفة منقسمة طائفياً مجتمعياً بين الانتماءات الدينية المذهبية والطائفية وأيضاً القومية والأيديولوجية وبالتالي فلا بد من تحقيق الهويات الفرعية والجزئية ومن ثم البحث عن أطر تكاملية على غرار الاتحاد الأوروبي أو مجلس دول التعاون الخليجي وإلا فإن مصير الوحدات الاندماجية الجبرية _وإن كانت تحت يافطة مفاهيم "الأمة الديمقراطية"_ هي الصراعات الداخلية والتفتت والحروب الأهلية كما هي الحال _اليوم_ في معظم البلدان النامية.
لكن ما لا يمكن تقبله في خطاب السيد مسلم هو تخوفه من الآخر وبأن "لن يقبل به أحد" ولا نعلم كيف له أن يقول هكذا كلام وحزب العمال الكوردستاني يقاتل الدولة التركية منذ ما يقارب ثلاثون عاماً فهل كانت تركيا تقبل بهذا الحق وأنتم تقاتلونها؛ بالتأكيد المستعمر و"السيد" لن يقبل بتحرر "العبد" واستقلال كوردستان.. وإلا فلما كانت تلك الحروب والكريلا والبيشمه ركة وكذلك فإن قوله بأن "الشعوب ستعادي بعضها اذا ما جرى اللجوء الى الدولة القومية" يوحي وكأن شعوبنا تعيش في وئامٍ وسلام.. وهو ينسى هنا _أو يتناسى_ كل هذه الحروب والدماء التي تسال في المنطقة بل حروب وقرابين العمال الكوردستاني ذاته وأحدهم نجله شرفان. وهكذا فليت حزب العمال الكوردستاني أكتفى بمقولة السيد صالح مسلم الأخيرة: "لست ارى التوقيت مناسباً لهذا بالنسبة للكورد" وذلك بخصوص إعلان الدولة الكوردية حيث كنا قلنا عندها؛ وجهة نظر وقابلة للنقاش والجدل حولها، مع العلم وبرأي العديد من المحليين، بأن التوقيت الحالي هو أنسب توقيت ممكن الإقدام على هكذا خطوة والعبور من ضفة الحلم بالدولة الكوردية إلى تحقيقها ولو في جزء من كوردستان.
وأخيراً بقي أن ننقل لكم موقف القيادة الكوردية وتحديداً موقف الرئيس مسعود بارزاني حيث قال _وذلك خلال مقابلة أجرتها معه قناة (BBC) البريطانية_ أنه "منشغل الآن مع برلمان إقليم كردستان، للعمل على تحديد يوم يجرى فيه استفتاء بشأن استقلال كردستان، لافتاً إلى أن العراق مقسم فعلياً الآن". وأضاف أيضاً أن "قرار استقلال كردستان ليس قراره"، موضحاً بأنه "قرار مواطني إقليم كردستان" وبخصوص موعد إجراء الاستفتاء قال الرئيس بارزاني "إن تحديد موعد الاستفتاء لا يستغرق إلا أشهراً"، منوهاً "إن الخطط الكفيلة بإجراء الاستفتاء مستكملة وبقي فقط تحديد موعده". وهكذا فإن المشروع الكوردي بات قاب قوسين _كما يقال_ وبالتالي هو قابل للتحقيق رغم كل المعوقات وجبهة "الممانعة" له. وهكذا فإن الحلم الكوردي في دولة كوردستان بات قريباً.. لكن وبكل تأكيد لن تكون جنات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار، بل ستكون هي الأخرى محملة بإرث ثقيل من التخلف والاستبداد والطغيان ولذلك فعلى النخب الثقافية والسياسية أن تكون مدركة لحجم العمل والجهد؛ وذلك لبناء الدولة الفتية القادمة باسم دولة كوردستان.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكورد ..ومرحلة الاستحقاق القومي*
-
استقلال كوردستان
-
وهم التفوق ..لدى النخب العربية.
-
المؤتمر القومي الكوردي.؟!!
-
محوران.. ومشروعان لحل المسألة الكوردية.
-
توحيد الصف والموقف الكوردي
-
حكايات إسلامية(1)
-
كوردستان.. وجنوب السودان.؟!!
-
كوردستان محتلة.
-
عراق فيدرالي ديمقراطي
-
طلب النعيم
-
صلاح الدين الأيوبي ..والتأسيس للدولة الكوردية .؟!! (2)
-
صلاح الدين الأيوبي ..والتأسيس للدولة الكوردية؟!! (1)
-
رسالتي
-
سيكولوجية العبد
-
العالم الخامس.. الكورد نموذجاً
-
خارطة الطريق الجديدة
-
أنت.. إنسان
-
القيادات الكوردية ..بين الواقع والطموح.!!
-
الكورد ..في رؤية القوميين العرب.
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: مقتل عدد قياسي من موظفي الإغاثة في 2024 أغلبه
...
-
الداخلية العراقية تنفي اعتقال المئات من منتسبيها في كركوك بس
...
-
دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا
...
-
قرار المحكمة الجنائية الدولية: هل يكبّل نتانياهو؟
-
بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه..رئيس الوزراء المجري أوربان يبعث
...
-
مفوضة حقوق الطفل الروسية تعلن إعادة مجموعة أخرى من الأطفال
...
-
هل تواجه إسرائيل عزلة دولية بعد أمر اعتقال نتنياهو وغالانت؟
...
-
دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت
...
-
قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
-
مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|