|
هل بدأت نهاية الإرهاب في سوريا ؟ ..
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 4945 - 2015 / 10 / 4 - 14:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحرب الدامية المتصاعدة ، في التدمير ، والتقتيل ، والتشريد ، التي تشنها على سوريا ، قوى منظومة الإرهاب الدولي ، التي تضم دولاً استعمارية عريقة ، وكيانات إقليمية وعربية ، موالية لها ، وتنظيمات إرهابية متعددة الجنسيات ، منذ سنوات ، مفتوحة على سنوات أخرى ، تنذر بالمزيد من الدمار والدم ، ترجئ عند البحث عن مخارج لوقفها، وإنقاذ الشعب السوري ، والإنسانية ، من هذه الكارثة الفاشية اللعينة .ترجئ استخدام التنظير ، والفلسفة ، لتفسير انتقال الوجود الروسي العسكري في سوريا إلى مرحلة جديدة ، بناء على طلب من الدولة السورية ، مرحلة المشاركة العسكرية الجوية ، لدعم الجيش السوري ، الذي يحمل عبء حرب وطنية ، وإنسانية عالمية طاحنة ومديدة .. ودعم الشعب السوري الذي يدفع ثمن هذه الحرب على مدار الساعة خلال أكثر من أربع سنوات ، من دمه ، وعمرانه ، ووجوده الجغرافي والسكاني ، ضد القوى الإرهابية الفاشية المتوحشة . وتتطلب التعاطي مع التفاعلات الحربية ، بموضوعية ، وصفوف وطنية موحدة ، وعقول مفتوحة ، وقلوب ، متآخية .
الكل يعرف ، منذ عشرات السنين ، أن لروسيا قاعدة بحرية عسكرية في طرطوس ، ومن يتصور أن هذه القاعدة ، موجودة لإجراء أبحاث عن الثروة السمكية في المياه الشرقية للبحر المتوسط ، ولا تعنيها بشيء ، الحرب الفظيعة التي يشنها " حلف الناتو " بواسطة الإرهاب الدولي ، على بعد مئات الأمتار منها ، وهي مستهدفة في هذه الحرب ، هو أكثر من ساذج في السياسة .
والكل يعرف أيضاً ، أن بين روسيا وسوريا علاقات صداقة قديمة متعددة ، منذ العهد السوفييتي حتى الآن ، وأهمها الجانب العسكري . وإن لم تكن كل تجهيزات الجيش السوري العسكرية روسية المصدر ، فإن معظمها على الأقل هو روسي . فضلاً عن وجود تقاطعات ومصالح روسية سورية تاريخية مشتركة ، في كثير من المسائل الدولية ، وخاصة في مسائل احترام سيادة الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة . ومؤخراً في مسألة كسر احتكار القطبية الدولية ، ومخططات الهيمنة الأميركية على العالم ، ومسألة التصدي للحروب التي تشنها قوى الإرهاب الدولي ، لصالح هذا الاحتكار وهذه الهيمنة . ، على بلدان عدة ، وتهدد بلدان أخرى بما فيها روسيا ، من خلال ( 14000 ) إرهابي شيشاني ، هم الآن يقاتلون في سوريا والعراق .. وغداً سيقاتلون في الاتحاد الروسي .
ولذلك لم يكن من الغرابة بشيء ، أن تقوم روسيا ، وخلف ظهرها تهديد إرهابي جدي قائم ، وتصميم أميركي غربي ، على ضرب أعمدة استحقاق نهوضها ، كدولة لها الحق الكامل ، في السيادة ،وحركة السوق العالمية ، والتطور الحضاري والتكنولوجي ، أن تقوم بدعم الدولة الصديقة سوريا ، التي باتت تتقاسم معها مخاطر جدية ، تمثلها عدوانية منظومة الإرهاب الدولي ، التي تشتبك مع الجيش السوري ، في مئات المعارك ، على امتداد واسع من الأراضي السورية في وقت واحد . وجاء التحالف الأميركي الدولي ، المريب في بنيته ، وأدائه ، وأهدافه ، الذي يضم ستين دولة ، ليستبيح الأجواء السورية بذريعة الحرب على " داعش " . وليرفع من منسوب هذه المخاطر .
وبذلك يصح أن نطلق على الخطوة الروسية العسكرية الجديدة ، توصيف " المفاجأة " التي صدمت الطرف الآخر ، بكل تنوعاته ومسمياته ، سواء من حيث أنها قطعت مسار الحوارات المنافقة حول مصير سوريا ، أو السرعة في اتخاذ القرار وتنفيذه . وارتداداً لهذه المفاجأة الصادمة ، أطلقت شخصيات دولية وإقليمية ، منخرطة في حرب الإرهاب الدولي على سوريا ، تصريحات متسرعة ، قلقة ، مضطربة ، ترفض أي تغيير في قواعد لعبة الحرب التي أشعلتها ، ومولتها ، وتبنتها : - الرئيس الفرنسي " هولاند " أكد على مواصلة الحرب وإقامة منطقة عازلة يعود إليها اللاجئون السوريون .. وحظر جوي .. - رئيس الوزراء التركي " أحمد أوغلو " : لا " للأسد " .. لا .. " لداعش " . - ناطق باسم الرئيس الأميركي " لا استقرار في سوريا مع بقاء " الأسد " . - وأخيراً صدر بيان مشترك " أميركي ، ألماني ، فرنسي ، بريطاني ، سعودي ، تركي ، قطري " ينتقد ما سماه التدخل الروسي في سماء سوريا . أما ردود فعل السوريين الموالين لهذه الدول ، فهي تسقط من الحساب ، لأنها لا تعدو كونها تؤدي دور الكومبارس في مجال تحديد المواقف السياسية ، لأنها ليس لها ما يتحرك بفاعلية باسمها وينصاع لأوامرها فوق الأرض السورية .
بمعنى أنهم جميعاً يتمسكون بالتحالف الدولي الأميركي المريب ، لاستخدامه في مهام هجومية مدمرة ، على سوريا في وقت ما ، بدلاً من الهجمات المهزلة المزعومة على " داعش " . ويريدون بقاء الحرب مشتعلة في سوريا ، وتكريس بقاء التنظيمات الإرهابية كأمر واقع في المشهد السياسي السوري ، وفرض التعامل معها ، كطرف رئيس من أطراف الأزمة السورية ، عندما تصبح التسوية السياسية ملبية لشروطهم ومصالحهم .
الأمر الذي يستدعي ، إلقاء نظرة أعمق لخلفية الحضور الجوي الحربي الروسي في السماء السورية ، ولانعكاسات هذا الحضور ، على المنظومة الرأسمالية الكونية ، وانقساماتها ، وصراعاتها على القطبية الدولية ، وعلى عملية تقاسم النفوذ والمصالح الدولية . من هذه الزاوية ، يمكن فهم الخطوة الروسية في سماء سوريا والحرب على سوريا ، كمشاركة في الحرب على الإرهاب الدولي ، وكمظلة أمان جوية في السماء السورية . وهي بذلك جعلت ، المخططات الدولية للتدخل العسكري المباشر ، في مناطق استراتيجية سورية حيوية ، وشديدة التأثير على البنى الحكومية والعسكرية السورية ، وإقامة مناطق عازلة وحظر الطيران السوري ، من الماضي ، وفتحت من الآن فصاعداً صفحة جديدة من العلاقات الثنائية الندية مع الولايات المتحدة الأميركية ، وفي العلاقات الدولية ، ووضعت القطبية الأميركية الدولية الأحادية موضع الإلغاء العملي . وزعزعت ، وأسقطت المعادلات ، والمفاهيم السياسية التي ألغت قيم التحرر الوطني والقومي ، وحق الشعوب في تقرير مصيرها ، التي بنيت على أن أميركا باتت في زمن " العولمة " سيدة العالم . ولابد من الخضوع لإرادتها ، وللأقدار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحددها للعالم كله .
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن روسيا المحكومة الآن بقوانين التطور الرأسمالي ، هي غير روسيا " الاتحاد السوفييتي " الذي كان محكوماً بقيم تحرير الإنسان والشعوب من الاستغلال والاضطهاد . وأن روسيا الآن جزء من النظام الرأسمالي الكوني ، لا تشكل معسكراً متناقضاً تناحرياً مع معسكر رأسمالي آخر . لكنها تشكل طرفاً رأسمالياً صاعداً متحالفاً مع مجموعة دولية " بريكس " تشاركه الطموح التنافسي المتحرر من عقلية التوسع والفتوحات الاستعمارية القديمة البالية ، مع طرف رأسمالي يحتكر القطبية الدولية والهيمنة على العالم ، من أجل بناء عالم متعدد الأقطاب يحترم سيادة الدول وخياراتها السياسية والاجتماعية ، ويلتزم بميثاق الأمم المتحدة . ما يؤدي إلى لجم المؤامرات ، المغامرات العدوانية ، لتسويق إنتاج قطاع الصناعات الحربية ، وللسيطرة على الطاقة ، والتحكم بمستويات المعيشة في قارات بكاملها ، وإلى فتح آفاق نمو اقتصادي عالمي محكوم بالتكامل ومستويات معيشة عادلة لكل الشعوب .
وعلى هذا المحور تحديداً ، تدور العلاقات والمصالح ، وتبادل الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري ، بين روسيا والدول الأخرى المتقاربة معها في الاتجاه العام ، ويشمل قوس هذه العلاقات ، دول مستضعفة مهمشة معرضة للعدوان والتدمير لنهب ثرواتها واستخدام مواقها الجغرافية المميزة ، خدمة للمصالح الإمبريالية .. بما فيها سوريا . وقد عبر عن ذلك خطاب الرئيس " بوتين " الأخير في اجتماع الهيئة العامة السبعين للأمم المتحدة ، الذي أكد تمسك روسيا بالمنظمة الدولية وبميثاقها ، بمعنى تمرير تطلعاتها الدولية عبر قرارات الأمم المتحدة وشرعيتها , فيما الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها ، يتجاوزون في كثير من الممارسات والحروب ، الأمم المتحدة وميثاقها بكل فظاظة . وما يجري في سوريا الآن والشرق الأوسط وشمال إفريقيا يبرهن على ذلك
وقد أدى انعكاس تصاعد الحرب على سوريا ، وتصاعد توسيع الإرهاب الدولي ، وتوجهه المكشوف للإفلات من السيطرة ، وتهديد للأمن والاستقرار في بلدان عدة في غير قارة في العالم ، إلى ضرورة قيام تحالف دولي فاعل ضد الإرهاب الدولي والقضاء عليه . وعلى هذه الخلفية نشأ " حلف بغداد المعلوماتي " ضد الإرهاب الدولي ، الذي سيبدأ عمله " التنسيقي المعلوماتي ، بين " روسيا وسوريا والعراق وإيران + جزب الله اللبناني " . والذي يعول عليه أن يرتقي إلى المستوى العسكري الشامل بين هذه الأطراف ، وأن يعبد الطرق للحسم العسكري .. وللحلول السياسية لاضطرابات وحروب الشرق الأوسط ، وخاصة في سوريا والعراق .
بيد أن ذلك لن يتحقق في الزمن والشكل المطلوبين ، من خلال الاعتماد على المبادرات والتحركات والتضحيات الصديقة وحسب ، وإنما أيضاً من خلال تعزيز قدرات الذات القائمة على الوحدة الوطنية ، وعلى إحياء المشروع القومي التحرري الديمقراطي ، وإحياء مفاعيله الجماهيرية أولاً ..
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أيلول أسود بشع آخر
-
دفاعاً عن هوية المسجد الأقصى ووجوده
-
المؤتمر النقابي الدولي بدمشق .. توقيته وأهميته
-
لا بديل للوطن .. العودة للدار هي الحل
-
حرب البؤساء العادلة
-
بيان مجلس الأمن والتجربة السورية
-
أردوغان وسوريا المستعصية على الفتح
-
آفاق
-
المطلوب قبل فوات الأوان
-
دفاعاً عن سوريا ووحدتها أرضاً وشعباً
-
معركة ميسلون بين الأمس واليوم - إلى يوسف العظمة -
-
الرعب الإسرائيلي المتجدد من التاريخ
-
لماذا تريد أمريكا رحيل الرئيس ؟ .
-
السلام والأمان والأمل .. بين الممكن والمعجزة .
-
الريحان .. والأمير والسلطان إلى ضحايا كوباني
-
موسم الغزو البربري المفتوح
-
ارتدادات الحرب السورية
-
ما ذنبنا .. ؟ ..
-
الوحدة الوطنية .. أو الضياع
-
المعارضة السورية إلى القاهرة .. ثم إلى أين ؟
المزيد.....
-
مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف
...
-
مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي
...
-
الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز
...
-
استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
-
كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به
...
-
الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي
...
-
-التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
-
أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
-
سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ
...
-
منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|