عبد العالي زغيلط
الحوار المتمدن-العدد: 4944 - 2015 / 10 / 3 - 15:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الفرقة الناجية
أصبح الحديث المنسوب للنبي (ص) عن الفرقة الناجية الملاذَ النصي لحالة تدهور الخطاب الديني وتدحرجه من الاستنارة والعقلانية ولو نسبيا إلى التشدد والغلو والتطرف،و قد تجلى هذا التدهور من خلال الحالة الداعشية الغريبة التي هي خلق فرنكشتايني صنع في مختبرات الدراسات الاستشراقية ومكاتب الاستخبارات العالمية ،ونما بتوجيه إعلامي مكشوف تحول معه المسلمون إلى نموذج قروسطي يبتغي أصحابه الخلاص من خلال النقاء المذهبي.
حديث الفرقة الناجية هو القراءة التقسيمية والطائفية داخل المكون الإسلامي الواحد،ومن وراء هذا الحديث الذي تلوكه أقلام وألسنة سدنة هياكل الوهم بتعبير "عبد الرزاق عيد" بات قطاع كبير من المسلمين خرفانا للذبح،وأضحى معه كثير من المغرر بهم من الشباب اليائس في الدول المسماة عربية أدوات للاستخبارات المحلية والدولية تتلاعب بمصيرهم،وحياتهم.
الفرقة الناجية لا وطن لها،لأن نجاتها عابرة لحدود الزمان (الدنيا)،وعابرة لحدود المكان(دار الكفر والإسلام)،ومن ثم فالخرائط التي رسمها الغرب الاستعماري لتركة الرجل المريض بداية القرن العشرين وبتواطؤ محلي يعاد رسمها الآن بتواطؤ أعداء العلن/ أصدقاء السر من الداعشيين وحلفائهم.
لقد مُكِّن لهذه الفرقة الناجية من عقاب الدنيا أن تـُـلفت النظر عن القضية الفلسطينية وتحولها إلى قضية هامشية سياسيا وإعلاميا،كما مُكِّن لها كي تصبح بعبعا تستخدمه الأنظمة الفاشية والقروسطية في الخليج ،وفي غير الخليج لتبقى في الحكم بعنوان لا يقولونه صراحة ولكنهم مهدوا له تمهيدا:نحن أو داعش،ومع الفرقة الناجية من الجوع ـــــــ لأن رزقها تحت كلاشنكوفها ــــــ تحولت اقتصاديات بلدان بأكملها إلى أصفار بعدما وضعت يدها على منابع النفط.
لا شيء يفسر هذا الظهور الإعلامي للداعشية المحشية بنصوص غير قابلة للنقاش إلا الأجندات الخفية والمعلنة للاعبي الشطرنج العالمي والهادفة إلى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ،وإنهاك الأمة اقتصاديا وسياسيا،والأخطر من كل هذا تحطيمها قيميا وأخلاقيا ؛إذ تضررت صورة الإسلام ضررا بالغا يصعب معه رأبها أو ترميمها على مدى عقود وهذا بفعل الفرقة الناجية من كل عقاب دنيوي لا رضي الله عنها.
عبد العالي زغيلط-جامعة جيجل [email protected]
#عبد_العالي_زغيلط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟