أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - تقرير القاضي »ميليس«.. ليس حكم إدانة















المزيد.....

تقرير القاضي »ميليس«.. ليس حكم إدانة


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1357 - 2005 / 10 / 24 - 10:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل تذكرون تقارير لجنة مفتشي الأمم المتحدة في العراق، سواء عندما كان يتولي رئاستها الاسترالي »باتلر« أو السويدي »بليكس«؟
وهل تذكرون كيف كانت هناك لنفس التقارير الصادرة عن هذه اللجنة أكثر من قراءة وأكثر من تفسير:
قراءة للإدارة الأمريكية وذيولها.. لا تري في هذه التقارير سوي »إدانة« مطلقة للنظام العراقي.
وقراءة للنظام العراقي بقيادة الرئيس صدام حسين.. لا تري فيها سوي »تبرئة« كاملة من الاتهامات الأمريكية والبريطانية بامتلاك أسلحة دمار شامل.
وقراءة متضاربة للنخبة العربية حيث دأب قطاع من هذه النخب العربية علي أن يكون ملكيا أكثر من الملك وأمريكيا أكثر من الأمريكيين فقام هؤلاء باستنطاق تقارير باتلر وبليكس باتهامات للنظام العراقي بقدرته علي تهديد السلم العالمي ولو راجعنا الصحف الصادرة في تلك الأيام الغابرة لرأينا »فتاوي« مذهلة لعدد لا يستهان به من »خبرائنا الاستراتيجيين« تؤكد بثقة مفرطة أن نظام صدام حسين يتحصن خلف ترسانة مرعبة من الأسلحة البيولوجية والجرثومية والكيماوية.. وربما النووية أيضا.. التي يمكن اطلاقها في غضون خمس وأربعين ثانية.
أما الحكومات العربية فكانت تتعامل مع تلك الأزمة كما لو كانت خاصة ببلد يقع في القطب الشمالي أو الجنوبي لا تربطنا به أي علاقة ولا يهمنا مصيره!
واستمرت هذه القراءات المتضاربة.. حتي وقعت الواقعة، وتم شن حرب عدوانية علي بلاد الرافدين أدت إلي احتلاله.
وبعد هذا الاحتلال.. ثبت أن كل الاتهامات التي وجهتها الادارة الأمريكية إلي النظام العراقي بامتلاك أسلحة الدمار الشامل لم تكن أكثر من أكاذيب.
كما ثبت من وقائع معتقل أبو غريب وقصف مدن كثيرة بالطائرات أن تباكي الادارة الأمريكية علي الديمقراطية وحقوق الإنسان في ظل نظام صدام حسين لم يكن أقل زيفاً، لأن المقابر الجماعية للنظام السابق تتضاءل إلي جوار المقابر الجماعية الأمريكية ووقائع الاعتقال والتعذيب في عراق أمريكا لا تقل بشاعة عن الخطابات التي رددتها الابواق الأمريكية عن عراق صدام.
لكن يبدو أننا لم نستوعب الدرس.. رغم الحقائق الدامغة والدامية في العراق.
فيكاد نفس السيناريو يتكرر في سوريا.
والأخطر أن نفس دود أفعالنا - نحن العرب - تكاد تتكرر حرفيا ازاء المأزق السوري.
فالأمر الواضح وضوح الشمس هو أن الإدارة الأمريكية تستهدف سوريا وتريد تغيير النظام في دمشق - مثلما غيرت النظام في بغداد- أو علي الأقل ترويضه وتدجينه وارغامه علي تغيير توجهاته الاستراتيجية، وبالذات فيما يتعلق بالعلاقة مع لبنان - وخاصة مع حزب الله - والعلاقة مع المنظمات الفلسطينية والعلاقة مع العراق. والمطلوب من دمشق - بهذا الصدد - ودون لف أو دوران هو عدم عرقلة الاستراتيجية الأمريكية الرامية إلي بناء »شرق أوسط كبير« جديد منسجم مع رؤي المحافظين الجدد الممسكين بمراكز صنع القرار في واشنطن واستراتيجيتهم »الامبراطورية« في المنطقة التي تكملها الاستراتيجية الشارونية الاسرائيلية كجزء لا يتجزأ منها.

وبهذا المعني.. فإن اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري ليس هو ما يهم الادارة الأمريكية.
ما يهمها فعلا هو استغلال هذا الحادث لتأليب الدنيا علي سوريا من أجل تمرير الأجندة الأمريكية الامبراطورية - الاسرائيلية.
وللأسف الشديد فإن بعض الممارسات السورية ساعدت الإدارة الأمريكية في مخططها، ومن أسوأ هذه الممارسات التي انتقدناها في حينها التهديد للرئيس اللبناني اميل لحود، وما أعقب هذا التهديد من تداعيات اساءت إلي سوريا وأضعفت مواقفها علي الصعيدين الاقليمي والدولي.
وبطبيعة الحال فإنه لا يمكننا قراءة تقرير لجنة التحقيق الدولية المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن ،1595 الشهير بتقرير »ميليس«، دون أن نضع هذه الخلفية في أذهاننا، ودون أن نضع في أذهاننا حقيقة أخري هي أن »الشرعية الدولية« لا تكشر عن أنيابها سوي علي العرب حاليا.. والسبب في ذلك واضح أيضا، وهو أنهم الحلقة الأضعف علي الصعيد العالمي، فضلا عن أن الخطة الأمبراطورية الأمريكية تنطلق من هذه المنطقة الغنية بالبترول لفرض توجهاتها الكونية الجديدة متذرعة بأن معظم العمليات الارهابية تحمل شهادة منشأ عربية وإسلامية.
ولهذا فإن أحداثا لا تقل خطورة عن اغتيال رفيق الحريري تحدث في بلدان أخري من العالم ومع ذلك لا تقيم واشنطن الدنيا ولا تقعدها، ولا تستدعي مجلس الأمن الدولي للانعقاد واصدار قرارات مصحوبة بانذارات وتهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور.
ولا يحدث شيء من ذلك إلا لنا نحن العرب.. هذا ما حدث في العراق والسودان.. وها هو يحدث مع سوريا.
وبعيدا عن الشعور بالاضطهاد والتفسير التآمري لما يحدث لنا - ونحن بالتأكيد نستحقه بسبب تخاذلنا وفقداننا للإرادة السياسية وتخلفنا عن الوفاء بالحد الأدني من التضامن الأخوي - يجدر بنا مع ذلك كله أن نستخلص عددا من الاشارات ذات الدلالة في تقرير ميليس:
أولا - الادارة الأمريكية، والحكومة البريطانية بالذات، ومن خلفهما عدد من وسائل الاعلام العالمية - وللأسف بعض وسائل الاعلام العربية - تتعامل مع هذا التقرير كما لو كان »حكم إدانة« لسوريا، لا يقبل الاستئناف أو النقض.
وهذا غير صحيح علي الاطلاق فهو مازال أقل - حتي - من قرار اتهام أو »قرار ظني« كما يقال بلغة القانون.
ثانيا: القاضي الالماني ديتليف ميليس نفسه كرر العبارة التالية أكثر من مرة: »هذا خط في التحقيق يحتاج إلي متابعة حثيثة«.
أي أن التحقيق لم يكتمل بعد، والدليل علي ذلك هو قرار مجلس الأمن بتمديد عمل فريق التحقيق إلي منتصف ديسمبر المقبل.
ثالثا - أن التحقيق في حالة اكتماله لا يمثل حكم إدانة لأحد وإنما يتضمن توجيه اتهامات تقوم محكمة لبنانية أو دولية بالفصل فيها واصدار حكمها الذي سيكون عنوانا للحقيقة أما قبل ذلك فلا ينبغي التسرع باصدار أحكام مرسلة.
رابعا: من اللافت للنظر أن إدارة بوش وحكومة توني بلير كانت الاسبق من الكل حيث أعلنتا في نفس يوم صدور تقرير ميليس عزمهما علي مطالبة مجلس الأمن بتوقيع عقوبات علي سوريا رغم أن التقرير ليس نهائيا ولم يتم البت فيما ورد فيه من قبل محكمة تحظي بالشرعية.
وهذا يذكرنا بسلوك هاتين الادارتين بالذات قبيل شن الحرب العدوانية علي العراق.
خامسا - علي عكس التسرع »المتعمد« من إدارة بوش وحكومة بلير، والتسرع »غير المفهوم« من بعض وسائل الاعلام العربية، بالزعم بأن تقرير ميليس قد كشف الحقيقة بالكامل فيما يتعلق باغتيال رفيق الحريري توجد في تقرير ميليس مؤشرات كثيرة تنفي ذلك بل إن هناك مناطق شائكة وخطيرة مازال يكتنفها الظلام.
ولعل أهم هذه المناطق المعتمة هي ما ألمح إليه تقرير ميليس في الفقرة 204 التي جاء فيها بالنص:
»إن الاغتيال ليس عمل أفراد، بل عمل مجموعة، ويبدو أنها مسألة غش وفساد وتبييض أموال، وهذا يمكن أن يكون دافعا للاشتراك في العملية«.
إذن.. هناك احتمالات وسيناريوهات خطيرة أخري يمكن أن تقودنا إلي حقائق مذهلة ليست في الحسبان.
سادسا - حمل تقرير ميليس - رغم كآبته العامة - أخبارا طيبة، من أهمها عدم توجيه أصابع الاتهام بأي صورة من الصور إلي »حزب الله« في اغتيال الحريري وهذه مسألة بالغة الأهمية، لأن أدني شبهة تورط، مباشر أو غير مباشر، من شأنها اطلاق شرارة يمكن أن تضرم نيران حرب أهلية لبنانية تأتي علي الأخضر واليابس.
سابعا - رغم كل الطعون التي يمكن أن تقدمها دمشق ضد تقرير ميليس - ولها الحق في الكثير منها - فإن القيادة السورية أصبحت واقعة تحت ضغط هائل، ويجب عليها أن تتصرف بقدر أكبر من الذكاء للخروج من هذا المأزق وعدم الوقوع في الفخ المنصوب لها بإحكام.
ثامنا - علي الحكومات العربية، ووسائل إعلامها، أن تستفيد من درس العراق، وألا تكرر نفس أخطائها السابقة وإذا كان غير مطلوب منها أن تناطح قرارات مجلس الأمن بالرأس، فإن أضعف الإيمان ألا تخذل سوريا أو تتواطأ مع أعدائها.. لأن الدور عليها.
وهذا ما حذرنا منه قبل احتلال العراق ولم يصدقنا أحد وها هي العجلة تدور ولن تتوقف عند دمشق.
و»صداقة« أمريكا ليست ضمانا لتجنب هذا المصير.
فقد كان نظام صدام حسين سمنا علي عسل مع الإدارة الأمريكية يوما من الأيام (وبالأحري سنوات طويلة ابان الحرب مع إيران).
وكان النظام السوري »حليفا« للإدارة الأمريكية في يوم من الأيام (وحارب العراق خلف العلم الأمريكي في الكويت).
ومع ذلك.. لم تنفعهما صداقة العم سام
ففي السياسة لا توجد صداقات دائمة.. ولا عداوات دائمة.. وإنما مصالح دائمة.
فأين مصلحتنا نحن؟!




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -التَّوْلَه- الجماعية .. فى قضايا مصيرية!
- سور شرم الشيخ .. غير العظيم
- أول قصيدة الحزب الوطنى .. تسد النَّفْس
- هل يطلب المصريون حق اللجوء -البيئى-؟
- لغز الكويز ينافس فوازير رمضان
- تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال سارياً -2
- الانتقال من »الملّة« إلي »الأمة« .. مقتل الطائفية
- نصف جائزة.. ونصف فرحة
- تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال ساريا
- دمج البنوك.. وتفكيك الأحزاب!
- هل المطالبة بتعديل المادة الثانية من الدستور .. حرام؟
- إطلاق سراح السياسة فى المؤسسة الجامعية .. متى؟
- مثقفون.. ملكيون اكثر من الملك فاروق -الثانى-
- كرامات الوزير المعجزة: 9 و10 يونيه في عز سبتمبر!
- لا مكان للمعارضة.. في الدولة الدينية
- !هيا بنا نلعب .. ونتعلم
- انتبهوا أيها السادة : النار مازالت تحت الرماد
- توابع هولوكوست بنى سويف
- بلاط صاحبة الجلالة فى انتظار الفارس الجديد
- ! البقية في حياتكم


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - تقرير القاضي »ميليس«.. ليس حكم إدانة