|
العرب بين الماضي التليد والواقع الوئيد
علي سعد زيني
الحوار المتمدن-العدد: 4942 - 2015 / 10 / 1 - 19:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعلمنا منذ الصغر في مدارسنا إن للعرب حاضرة و حضارة عريقة كانت تسود فيها العدالة والقيم الإنسانية المجتمعات آنذاك ، وحفظنا أسماء الملوك والحكام وفتوحاتهم ، تعلمنا الحكم والأمثال والحكم والعبر والعظات من والمآثر من بعض الشخوص العربية كحاتم الطائي والمهلب ابن أبي صفرة وآخرون غيرهم , درسنا في كتب التاريخ كيف إن العرب اخترعوا الإسطرلاب ، والمزولة وأدوات التشريح ... الخ بينما كان الغرب سادرا في الظلام ،ولكي نعي عوامل التخلف والردة الحضارية للعرب الآن علينا أن نتتبع سمات الحضارة العربية وأسسها منذ بدء نشأتها وبشكل مختزل . يعود أصل العرب إلى قبائل نزحت من جنوب اليمن واستوطنت في شبه الجزيرة العربية إذ تشير بعض الدراسات إن كلمة عرب لفظة أشورية تطلق على أهل البادية الرحل ،وكانت تلك المجاميع البشرية أو القبائل تسكن في مناطق التي يتواجد فيها الكلأ والماء ويتزعم تلك المجاميع زعيم القبيلة الذي يمتاز بمؤهلات خاصة تؤهله زعامة القبيلة ومنها الفطنة، القوة والبأس ويتولى شؤون أفرادها ويحمي مضارب قبيلته ، فكانت كل قبيلة تغزو القبيلة الأخرى طمعا بالموارد الطبيعية أو نتيجة لخلاف شخصي بين أفراد القبيلتين كما في حرب البسوس أو ولعا جنونيا بالسيطرة والهيمنة فتغير كل قبيلة على أخرى محدثة فيها القتل السلب والنهب تاركة ورائها إرثا من الحقد والثأر قد يطال الأجيال اللاحقة التي تلي ذلك الغزو ، فسمات تلك المرحلة يمكن أن تستمد من البيئة الصحراوية القاسية ، أو ولاء بعض زعماء القبائل إلى الإمبراطوريات القديمة كالإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية الرومانية التي كانت تتصارع فيما بينها صراعا محتدما وذلك رغبة منها للتوسع والسيطرة على اكبر رقعة جغرافية ممكنة . كانت كل تلك العوامل السالفة الذكر قد شكلت تكوينة الفرد العربي ، ومنذ ذلك التاريخ اقصد العرب في جاهليتهم ومرورا بفترة البعثة النبوية ونزول الوحي على صدر نبي الإسلام محمد (ص) لم يألف الفرد العربي صفة النفاق تلك الصفة التي غرست بذورها في العهد المدني من الدعوة نتيجة لوجود اليهود في المدينة المنورة الذي كانوا من التجار وأصحاب المقاطعات الزراعية يتخوفون من ضرب مصالحهم الاقتصادية ، أو تحول الدين الإسلامي من طور الدعوة إلى طور تكوين ما يشبه مصطلح الدولة في عصرنا الراهن لتسيير شؤون المسلمين الاجتماعية والاقتصادية والدينية، فكل ما نشاهده من مآسي اليوم هو نتاج مزج المقدس بالمصالح الشخصية والفئوية والتي تجلت تداعياتها بعد وفاة نبينا محمد (ص ) إذ انقلبت الأمة على مبايعة الإمام علي (ع) إماما ووصيا للنبي (ع) الذي كان عهده يتسم بفصل منصب الإمامة الإلهي عن منصب الخلافة الزائف فكانت الفترة التي سبقت عهد الإمام (ع) بداية لتأسيس مفهوم الإسلام السياسي ، مرورا بجور الدولة الأموية وإهدار مقدرات الدولة على المنافع الشخصية وسفك الدماء مرورا بالفتوحات والغزوات التي تسمى ظلما وعدوانا بـ "الفتوحات الإسلامية "والإسلام منها براء ، فكثيرا ما نقرا عن تلك الغزوات وما لحق أهلها من ويلات ودمار وسلب ونهب ولم نقرأ عن مشاعر أهل تلك البلدان التي طالتها تلك الفتوحات ، مرورا بفترة حكم العباسيين الذين وصلوا إلى الحكم بدعوى دينية زائفة لإسقاط الحكم الأموي وابتداء عهد جديد من عهود الإسلام السياسي المظلمة تمثلت مظاهرها بالقتل وعمليات الإبادة الجماعية التي لحقت بالعلويين والسجون وسياسة تكميم الأفواه ، و بالرغم من دموية تلك المرحلة إلا أنها تمتاز بازدهار عمراني ونشوء للحركة الفكرية والثقافية واستقطاب العلماء وإنشاء دور العلم ومنها دار الحكمة والمدرسة المستنصرية والمدرسة النظامية وإن كانت أهداف إنشاء تلك المدارس هدفا سياسيا بحتا ألا وهو محاولة بائسة لتقليل من شان المدرسة الفكرية للإمام جعفر الصادق (ع) ، واستقطاب العلماء والمفكرين من شتى أصقاع العالم ،وظهور العديد من المخترعين العرب الذين أسهموا في بانجازاتهم العلمية في رقي الحضارة العربية وبلوغها أوج عظمتها وازدهارها الذي لم يدم طويلا فبسقوط الدولة العباسية انهارت أنظومة الحضارية للعرب وبدأت مرحلة التخلف والجمود والانحطاط الفكري المتمثلة بسقوط الدولة العباسية ، ثم أعقبتها مرحلة الهيمنة الصفوية والعثمانية التي أرست دعائم مفهوم الإسلام السياسي في الحكم وجسدتهما على ارض الواقع وذلك رغبة منهما في الهيمنة والتسلط على الدول العربية الرازحة تحت حكمهما . وفي خلال الفترات الثلاث السابقة نجد إن الغرب قد قضى على مفهوم مزج الدين بإدارة الدولة من خلال حركة مارتن لوثر الإصلاحية وإنهاء حكم وتسلط الكنيسة وعدم تدخلها في تسيير شؤون الدولة ومن ثم الولوج بعهد جديد تمثل بالنهضة الفكرية والثورة الصناعية التي عمت أرجاء أوروبا في القرن الثامن عشر ودخول المفاهيم الحديثة التي تنهض بالمجتمعات وتسهم برقيها وتسيدها على الشعوب التي لم تلحق بركب التطور والانفتاح .. فبأربعة عام استطاع الغرب أن يسبق العرب بملايين السنين الضوئية فكل الذي قرأته عن ماضينا التليد نسفته عبارة واحدة وجدتها في الانترنيت هي " العرب لا يتقدمون إلا في السن .
#علي_سعد_زيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكريات من غياهب الزمن المر !
-
اللامنطق هو منطق زماننا !
-
لسان دَلالَة !
-
خليها سكتة يا لفتة !!
-
الإنسانية بين مطرقة التأسلم وسندان الإلحاد !
-
في أروقة العالم الكحلي !
-
ماذا لو ؟
-
العودة الى المعقل الأخير
-
دايخ بزمن بايخ - توليفة عراقية -
-
وداعا مقبرة الأحلام ...
-
الحرب على الأبواب !
-
متيمة بالعراق !
-
مليكة المساء
-
جاسمية المصيبة صاحبة الخلطة العجيبة !
-
وللشتاء فصولا لاتحكى !
-
رحلة في كوكب اللامكان
-
ثيروقراطية أم ديموقراطية ؟
المزيد.....
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|