احمد العطار
الحوار المتمدن-العدد: 1357 - 2005 / 10 / 24 - 10:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الذين يفكرون ثم يكتبون أحترمهم ...
والذين يكتبون ثم يفكرون أعذرهم ...
والذين يكتبون ولا يفكرون أبدًا ...
أرد عليهم ...
"فرج فودة"
لماذا العودة الى فرج فودة و كتاباته:
كنا قد خصصنا المقال السابق"الجزء1" للتعريف بشخصية فرج فودة ,,من خلال عرض بعض الشهادات و الاضاءات لمفكرين و كتاب و أناس عايشوا الرجل أو كانوا
قريبين منه . وكنا قد ختمنا بالوعد بأننا سنتناول في هذا المقال , ,الحديث عما عبرنا عنه في صيغة سؤال :" لماذا العودة الى كتابات فرج فودة وفكره؟ " و الجواب الأني و السريع الذي قدمناه هو للاستفادة من صولاته و جولاته في نقد الاسلام السياسي المتطرف, و دعاة الارهاب و اللاعقلانية. و الحق أقول بدءا أن مسألة العودة هاته لاينبغي أن يفهم منها على أنها ارتداد الى الماضي أوحتى استدعاء له بقدر ماهي عودة بلأساس الى كتابات هذا المفكر من أجل استحضار نزعة العقلنة و الحداثة بغية استاناف مسيرتنا النهضوية التنويرية"المأمولة". وهذه العودة أو هذا الاستحضار -لفكر الرجل و منهجيته - لا يستقيم الا من خلال قراءته قراءة نقدية تاريخانية أولا ومن ثم يمكننا تحيينه وضخ دماء جديدة فيه تواكب ما استجد و استحدث في واقعنا المعاصر. و بذلك نكون قد كونا لانفسنا مرتكزا أخر و مرجعا ينضاف الى أترابه من رواد التنوير .انه اذن وصل و اتصال بهذا الفكر لامن أجل اجتراره بل من أجل الأخد من مضامينه و منهجيته و طرائق تعامله مع هذه المعضلات التي تنخر جسد المجتمع العربي.واذا ما أخدنا بعين الاعتبار فرج فودة كصاحب قضية ,و كذو تجربة مهمة في محاربة الفكر المنغلق الاستأصالي و اذا ما استحضرنا في ذات الوقت واقع الأصولية الحالي و استقرءنا الضروف الأنية التي تشهد نفوذا قويا لشبكات الارهاب العالمي و متطرفي "السلفية الجهادية الجديدة " سلفية القرن الواحد و العشرين التي تضرب بيد من حديد أقطارا عدة غربية و عربية . وهي جماعات -معولمةحداثية لا تقليدية- تتألف من شباب جامعي متعلم, و متمكن من أدق التكنولوجيا الحديثة . شباب انتقل بشعاراته و انفجاراته من الصعيد المحلي الى الصعيد العالمي .من القطري الى الأممي .وهو يمثل في أصليته رد فعل على هزيمة 1967 , وفي أنيته رد فعل على الغطرسة الأمريكية, التي استباحت بلدانا عربية و اسلامية. فمثلت غزوات بن لادن و على رأسها غزوة 11سبتمبر أقوى رد على الهمجية الامبريالية.وما يهمنا الاشارة اليه هاهنا هو التأكيد على حقيقة-تفقأ العين -وهو أن تطرف اليوم ليس هو تطرف الثمانينات و بداية التسعينات من القرن الماضي انه تطرف يحصد الاخضر و اليابس, العرب و العجم معا , مسلمين وذميين على حد سواء
انطلاقا مما سبق ذكره قد تجد الدعوى" للعودة الى كتابات ف فودة وتجربته" التي قدم حياته ثمنا لها ما يزكيها أو ما يجعلها ذات قيمة واقعية, هذا ان لم نرى و يرى فيها اخرون شيئا يحتمه العقل, و يمليه المنطق, و تقره الضروف الموضوعية الراهنة
اذا ما حاولنا اضفاء تحليل فلسفي-ماركسي- على ما ذكرناه انفا فانه اذا ماعتبرتا التفريخ الأصولي اللاعقلاني المتطرف يمثل "القضية" فأن نقيضها الموضوعي" نقيض القضية" يجب أن يمثل في نضرنا تفريخا عقلانيا نقديا حداثيا,في مقابل- التيارات اللاعقلانية, و الرؤى الرجعية في فكرنا وو اقعنا- وفي هذا الصدد يندرج فكر ف فودة . و بالتالي يكون المركب الجدلي الذي يركب ما بين القضية و نقيضها و يتجاوزهما الى الكل هو بناء مجتمع ديموقراطي عقلاني تقدمي مسالم
نستطيع أن نعلن بعد هذا الذي سبق و بكل صراحةضم رأينا الى موقف الأستاذ محمد شكري سلام مؤلف كتاب: "الاسلام-الدين - السياسة.نقد فرج فودة للأصولية
الدينية-منشورات اختلاف-" و الذي يرى أن مسألة "العودة" هاته مسألة ملحة و مطلب له ما يبرره,وهي عودة تستمد مشروعيتها كما يقول من ثلاث دوافع مقنعة
الدافع الأول : هو مرور أزيد من عقد زمني على استشهاد ف فودة اذ يشكل الاقدام على عرض بعض كتاباته احياء لنزعة النقد و نزوع الجرأة اللذان وسم بميسمها اقتصاد الكتابة لدى مؤلف "الحقيقة الغائبة"و "حوار حول العلمانية"ا
الدافع الثاني : هو نقد نزعة اللانقد السائدة ازاء الأصولية الاسلامية عبر استرجاع تجليات النقد العنيف لمثقف واضح وجريء .بمعنى أن العودة الى ف فودة حاملة لتعرية نقدية لصورية المثقف الراهن الذي يقترب صمته ازاء مضاهر التطرف السياسي الديني, من حالة استقالة نهائية لارجعة فيها من تأدية وظيفته الأساسية ,صياغة رؤية نقدية للعالم الاجتماعي
الدافع الثالث : ...ان العودة الى كتابات ف فودة ترجعنا أكثر الى طبيعة الهاجس السياسي القوي الموجه لعمل الجماعات الاسلامية وهو هاجس مغلف بحمل شعار"الدولة الدينية-أو الخلافة على منهج النبوة/الكاتب -وضرورة تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية و حدودها(نفس الكتاب الم>كور ص 6 و ما بعدها)ا
ثلاث دوافع قد تكون مقنعة و يمكن اضافة دوافع أخرى. ان من يركب شعارات مثل: التطبيق الفوري للشريعة, أو الاسلام هو الحل, و الاسلام مصحف و سيف ...الخ. و هو في قرارته يبغي الوصول الى الحكم, و يرمي الى امتلاك السلطة و مقعد السلطان. مقحما الشريعة السمحة و الاسلام الحنيف كوسيلة لتحقيق مآرب ذاتية ايديولوجية, مستخدما من أجل الوصول الى هدفه ارهاب العباد و التقتيل في البلاد و قراءة الواقع بعقل اسقاطي/ماضوي . ينبغي علينا مواجهته بفكر مضاد , و مقارعته بسلاح مخالف ,انه سلاح العقل و المنطق, هذا الذي لانجد له في كتاباتهم سندا و لافي أطاريحم و رءاهم مرتكزا, سبيلنا الى ذلك الدعوة بالتي هي أحسن و مجادلتهم بالحجة و البرهان
ان نقد الفكر الديني المتطرف, و تقويم الرؤى الأصوليةالمنغلقة, و الدخول معها في حوار نقدي موضوعي . و اجمالا ان تأصيل ثقافة النقد و نشر القيم الاسلام السمحة " الديموقراطية-الاخاء- المحبة- الاختلاف -العلم- العقل ...|مستلهمين في ذلك نموذج ف فودة و هو ليس نموذجا يتيما . بل هناك نماذج أخرى تبتدأ برواد التنوير: "الطهطاوي و محمد عبده و قاسم أمين .مرورا بطه حسين و العقاد و احمد أمين. وصولا الى العروي و الجابري و أركون و علي حرب...و أخرون غيرهم لايسع المقام لذكرهم . هو السبيل الوحيد للقضاء على التزمت و الارهاب و الانغلاق الذي هو غمامة صيف لابد انها الى اقشاع و نتيجة للتبعية و التخلف و هي حتما
الى زوال. انها تمثل في جوهرها ضواهر تجاهلناها فتعاضمت و تناسيناها فاستفحلت."اليس معضم النار من مستصغر الشرر"-كما تقول العرب-ا
كانت اذن محاولتنا هذه تروم تبرير الدعوى للعودة الى فكر ف فودة , و من وراءه العودة الى تراثنا العربي الاسلامي العقلاني وقراءته قراءة نقدية عصرانية ,وذلك من أجل تقعيده واعادة تأسيسه خدمة لقاضايانا و ا شكالياتنا المعاصرة
أخدت قضية العلمانية في الخطاب العربي- الحديث منه و المعاصر- نصيبا وافرا من النقاش. وتمثلت عند فرج فودة كعصب أساس, لرؤاه و منطلقاته الفكرية.حتى أضحت لفترة من الزمن موسومة به و أضحى هومرتبطا بها .فلقب ب"العلماني الشهير" لشدة ايمانه بها كخلاص و كمدخل للدولة المدنية الحديثة .كيف كان يرى فرج فودة العلمانية و ما طبيعتها عند هذا المفكر؟ .هذا ما سنسلط عليه الضوء في المقال المقبل
#احمد_العطار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟