أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حمدي - عيد الأضحى والبعد الروحاني والاجتماعي














المزيد.....

عيد الأضحى والبعد الروحاني والاجتماعي


هشام حمدي

الحوار المتمدن-العدد: 4941 - 2015 / 9 / 30 - 02:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يشتمل عيد الأضحى على آلاف الدلالات والمعاني التي يصلح أن تتحول إلى مدماك لحضارة راقية نقية سامقة ونهضة إنسانية تكرس إنسانية الإنسان، فالتلاقي والاجتماع والحوار ومبدأ السواسية والسوية التي نشاهدها كل عام عند وقوف الحجاج بعرفة واستحضار أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام وما جرى بينه وبين ابنه نبي الله إسماعيل عليه السلام، كلها مفردات بخطاب حضاري قل نظيره.
نحن معشر المسلمين بحاجة إلى فهم وإدراك أعيادنا الدينية فهمًا جديدًا، نتلقاها به ونأخذها من ناحيته، فتجيء أيامًا سعيدة عاملة، تنبِّه فينا قيمها الروحية السمحة، وتجدد أرواحنا بمعانيها، لا كما نعيشها الآن كالحة عاطلة بعيدة عن المعنى، وكأن أكبر عملها هو شراء كبش سمين وملئ بطن حصين وارتداء قماش عهن دفين، بل وزيادة ابتسامة على النفاق...
فمبدأ عيد الأضحى إذن يحمل الكثير من القيم التربوية والتي تتمثل في دعوة الدين الإسلامي إلى التحاور مع أولادنا ومناقشتهم فيما يتعلق بمستقبلهم وإقناعهم به ويتجلى هذا في قوله تعالى في سورة الصافات الآية 102: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ-;- فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ-;- ۚ-;- قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ-;- سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)، إن المتأمل في هذه الآية يجد مخاطبة سيدنا إبراهيم عليه السلام لولده بكل معاني الرحمة والشفقة ويخبره عما رآه في منامه وما يتعلق بمصيره ومستقبله ويريد أخذ رأيه في المسألة فالحوار والنقاش هما جناحا الصعود الحضاري، ومن خلالهما نكرس نقطة البداية نحو نهوض أخلاق وفكر وتفكير المسلمين ونهضة اقتصاد العالم الإسلامي وتكامله.
إن الفداء ليس لإسماعيل بل لظاهرة الحياة الروحية المؤمنة بجبلة النمو والخير، إسماعيل لم يقل (مرحبا بالموت) بل قال (افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ-;-) به إيمانا من جانبه بأن فطرة النمو والخير لن تأمر بالموت. حتى عندما وضع والده السكين على رقبته ( فلما أسلم وتله للجبين" -الصافات الآية 103) لم يفارقه هذا الإيمان لقد كان واثقا بالله، وفداه الله ("وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ" -الصافات الآية 107) والذبح ليس قربانا ولا كبشا فقط بل الذبح كائن مخلوق يعيش بغرائزه يتناسل ويتوالد ليتكاثر في مشهد يعاد ويكرر نفسه بهدف الإعادة والتكرار إنه الكائن المخلوق الوحيد الذي لا بد أن يضحى به، فالمبدأ الأصلي من يثق بالله وبجبلة النمو والخير يعيش ويحيا حتى إذا كان بين أنياب الموت ومن يثق بغرائزه وبفطرة الإعادة والتكرار والجمود يموت حتى إذا كان وسط الأحياء.
من هذا المبدأ صار المجتمع الإنساني مختلفا عن المجتمع الحيواني الذي يحكمه قانون القوة والتكاثر بالغريزة والعبودية للإعادة والتكرار، أيضا من هذا المبدأ لم يعد هناك تشابه اجتماعي وشبه مجتمعي أو عدم التشابه والشبه هو مقياس الإنسان بل أصبح مقياسه السلوك والفعل.
لقد ظهر الفرق والفارق بين مجتمع النمل ومجتمع الإنسان ورأى النبي إبراهيم عليه السلام أن ابنه النبي إسماعيل عليه السلام ليس إعادة أو تكرار له بل ذاتا مختلفة عنه وأن هذا الاختلاف ليس ناجما عن التكاثر والتوالد بل ناجم عن فطرة النمو. ولذا فإن الإيمان بالنمو يصبح نقطة توافق كامل، هنا ولد المجتمع الإنساني المشار إليه في سورة الصافات الآية 102 (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) أي بداية النشاط المجتمعي الاجتماعي في البحث عن سد حاجات المأكل والمشرب والإنجاب.
لقد كان إسماعيل الابن البكر للنبي إبراهيم عليه السلام تلك الحقيقة التي أشار إليها القرآن في سورة الصافات (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ 102 فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ 102) كان إسماعيل نقطة الفصل بين مجتمع قائم على التكاثر يرتبط أفراده بقطعة الأرض كما ترتبط الأغنام والقطعان، ويخضع كل فرد منهم لدائرة محكمة الإغلاق من السلوك المعاد والمتكرر لغرض التكرار والإعادة، وبين مجتمع إنساني يرتبط أفراده بحب الحياة وطبيعتها النامية، ويطيع كل فرد منهم فطرته في النمو سواء تمثلت هذه الطاعة في تكرار وإعادة أنماط السلوك أو في الخروج عنها؛ أيضا كان إسماعيل مفترق الطرق بين مجتمع مؤمن وآخر غير مؤمن، والاقتصار على فهم الحادثة باعتبارها أضحية لغرض الذبيحة قد يشير بوضوح إلى أن المجتمع الإنساني يستطيع أحيانا أن يفقد الجوهر في غمرة حفاظه على إعادة وتكرار شكل المظهر.
أخيرا، إن خليفة الله في أرضه ليس حيوانا اجتماعيا (يفسد في الأرض ويسفك الدماء) لغرض التكاثر والتوالد بل إنسانا يحمل مخا وظيفته العقل المستخدم في التفكير الذي من شأنه كسر الحلقة المفرغة في عالم الشهوة والغريزة ويخرج بالحياة من دائرة الإعادة والتكرار لهدف التكرار إلى دائرة مفتوحة قابلة للسمو والنمو المطرد في اتجاه أحسن وأفضل إنه ليس حيوانا إضافيا مثل بقية الحيوانات التي تعيش الحياة الدنيا في سلسلة التوالد والتكاثر بل حلاً جذريا لكسر سلسلة التوالد والتكاثر ونقلها إلى مستوى الرقي والنمو إنه الكائن المخلوق الذي لا يولد بل ينبت وهو بذلك يحتاج إلى التربة. ليبقى السؤال المطروح: ما هي التربة وهل توجد فعلا تربة صالحة للطبيعة؟ وهل يوجد جواب على هذا الإشكال الأزلي؟
الإنسانية هي الحل



#هشام_حمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاريخانية في قراءة التراث الفكري الإسلامي
- تعليب الوعي
- الاستشراق بين الاختلاف والائتلاف
- ذكرى نكبة فلسطين ... صوت 67 عاما، بلا صدى
- تديين المظهر وتسييس الجوهر
- الغرب فوبيا بدل الإسلاموفوبيا
- العالم العربي الاسلامي بين عار الصهيونية و نار الداعشية
- عن السياقة في الدار البيضاء ... أتحدث
- سؤال التقدم والتنمية، من يجيب؟
- حرية الرأي في التعبير
- فساد أم إفساد الدولة
- الإعلام الافتراضي ومواطنو التواصل الاجتماعي
- الاستهلاك حرب إيديولوجية جديدة
- الإساءة للرسول وأنموذج شارلي إبدو
- إنسانية الإنسان بين مطرقة التدمير وسندان التعمير
- متلازمة فلسطين..... (غزة) و الهوان
- التراث الفكري الإسلامي القديم بين تنقيح وتصحيح أم تجديد! ؟
- أنا أعتذر، إذن أنا موجود
- القوة الناعمة....الجيل الرابع من الحروب
- أنفاق حماس...معابر غزة... حدود فلسطين


المزيد.....




- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام حمدي - عيد الأضحى والبعد الروحاني والاجتماعي