|
سوريا بريئة......لو كان الجناة سوريين.
نور الدين بدران
الحوار المتمدن-العدد: 1356 - 2005 / 10 / 23 - 10:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كما أن القادة اللبنانيين الأمنيين الموقوفين، حتى لو تمت إدانتهم، لا يجوز لأحد أن يأخذ لبنان بجريرتهم،كذلك يجب أن ينظر إلى حالتنا في سوريا، وإذا كانت وسائل الإعلام تميز بين المشبوهين أو حتى الجناة وبلدهم في حالة لبنان،فهذا ما لا يحدث فيما يخص سوريا، وبكل أسف نحن السوريين لنا القسط الأكبر من المساهمة في هذه الإهانة، ولاسيما مسؤولينا ووسائل إعلامنا، والأخطر ذهنيتنا الاستبدادية الشمولية،حيث التعميم في كل شيء،إما أن سوريا مدانة،وإما لا يوجد مسؤول سوري له ضلع في الجريمة،وعلى هذا الأساس،فتقرير ميليس إما كله أكاذيب أو كله حقائق،فرغم كل ما جاء في التقرير المذكور من وقائع وأسماء ومواعيد وأمكنة وحوارات وتسجيلات وغير ذلك، فإن وزير إعلامنا يردد :"إنه تقرير مسيس موجه ضد بلدنا لصالح جهة معينة" ولم أعرف من هي هذه الجهة اللعينة،فمعاليه لم يحددها، وحتى الآن لم أعرف لماذا سيخون القاضي ميليس مهنته وسمعته القانونية والعالمية،ويتبعه في طريق الخيانة معاونوه القادمون من بلدان متعددة، ويقفون جميعاً ضدنا ويجيّرون تقريرهم لصالح تلك الجهة الخبيثة الخفية،وأيضاً لم أعرف لماذا يمكن أن تقف الجمعية العامة(مسبقاً) أو مجلس الأمن أو العالم ضدنا،أو لماذا تكون أجهزتنا الأمنية (وهذه أمنية ورغبة كل مواطن)على حق. من ناحيتي لم أسمع ولم أر ما يقنعني بحقيقة مطلقة،لاسيما بخصوص الأجهزة المخابراتية التي صبغت كل شيء تقريباً بصيغتها الزاجرة القامعة. كدت لا أصدق عيني وأنا أشاهد على شاشة التلفزيون ممثل بلدي في الأمم المتحدة السيد فيصل المقداد واقفاً كضابط في القوات الخاصة،أمام الصحفيين،وهو يعاملهم كأنهم مجموعة مجندين ويصرخ في وجوههم : "يجب أن توقفوا هذه الأكاذيب، سوريا لم تقتل أحداً، نحن دخلنا إلى لبنان لنوقف القتل". بعد أن أدى الرجل دوره كممثل للجانب المظلم،يبدو أنه تذكر أن سوريا هي أيضاً منبع أدب وذوق فاستدرك واعتذر عن انفعاله وكثرة أدبه. *** إن التجربة تقول أن المخابرات والعسكر في كل زمان ومكان،وفي سوريا أيضاً، يقتلون من يخالفهم الرأي،وليس في هذا جديد، فكثير من مواطنينا السوريين،الذين كانت لهم آراء مخالفة للنظام قضوا اغتيالاً أو في السجون،وكل ما في الأمر أنهم ليسوا رفيق الحريري،ولم يجدوا من يتبنى التحقيق في نهاياتهم المأساوية. حدث ذلك وما زال يحدث،ولكن كل من يقول أن سوريا فعلت ذلك سيكون مخطئاً، سلفاً، لأن سوريا على الدوام بريئة،وأولئك القتلة هم على الدوام قلة يجب أن تنال جزاءها،من سوريا قبل غيرها،وذلك بأن تستأصلهم من جسدها،كما يستأصل الورم الخبيث،لأنهم سيأتون على هذا الجسد كله. *** في سبيل ذلك يجب أن يفهم السوريون الشرفاء،أن التعاون مع العالم وتقديم كل التسهيلات،هو واجب وطني،وأن الدفاع عن أولئك إن وجدوا هو خيانة عظمى، وليس غير التعاون المطلق والشفاف مع الأمم المتحدة والعالم المتمدن،يمكنه أن يثبت براءة البريء،أو إدانة المجرم. إننا كسوريين لا نعرف الحقيقة،وتهمنا كما تهم آل الحريري، وجميع المطالبين بها، تماماً،لذلك لا يمكننا أن نقطع برأي،ففي بلد لا فصل بين سلطاته التي تقبض عليها أجهزة الأمن التي تحاسب ولا تحاسَب، كل شيء ممكن،بل إني أعترف بجهلي التام وحيرتي الكبيرة،أمام أحجية من يحكم من؟ولا أدري ما إذا كان ظاهر المنصب يتماثل فعلاً مع جوهره، حيث مراسيم تشريعية وقوانين وقرارات صادرة ومصدقة، يعطلها موظفون صغار، وقرارات يمكن لبعضها أن يمس مستقبل البلاد بأسرها، بتنا نتساءل ويتساءل معنا كثيرون في العالم،ما إذا كانت تمت أو يمكن أن تتم بدون معرفة السلطة السياسية، ومنها موضوع تقرير السيد ميليس مثلاً لا حصراً. *** بسبب جهلي هذا،أتوجه بالنداء للحاكم الفعلي أينما كان موقعه، لصاحب القرار مهما كانت صفته أو رتبته، إذا كان يهمه مصير هذه البلاد،وضمنها منصبه،أن يبطل هذه المعزوفة المملة والتي لم تعد مقنعة حتى للخواء الذي لا يرد بغير الصدى، معزوفة الشعور المتضخم بحراسة الأوابد والثوابت التي أكل الدهر عليها وسلح، ليفتح هذا المجهول عينيه على حقيقة أن العالم تغير، وهو مازال يريد المقاومة،وأية مقاومة؟ مقاومة الدفاع عن التخلف والفساد، ولا شيء آخر، وكأن المقاومة لا تكون بوسائل عصرية ومن أجل قضايا حديثة. *** آن لنا أن نفهم،بخصوص تقرير ميليس وغيره،من قضايا بلادنا، أننا نحن ضد العالم وليس العكس، نحن الذين وضعنا الأنشوطة حول عنقنا وليس العالم، نحن من عزل نفسه عن العالم،فهذا الأخير لا يعزل أحداً وليس من مصلحة قواه العظمى سوى المزيد من الاندماج، لأن في ذلك تقصير للرحلة،وعدم مضيعة للوقت والنفوس والجهود، وأن هذا العالم ماض في طريقه وسينتصر شئنا أو أبينا، قادته الولايات المتحدة أو سواها. وفي هذا الإطار يجب أن ننظر إلى موافقة الأمين العام كوفي عنان على التمديد للجنة التحقيق على أنه فرصة ذهبية لنا،فنقدم كل تعاون لكشف الحقيقة،وليكن الفصل تاماً بين سوريا البريئة مطلقاً، وبين بضعة مجرمين،وحتى في أقصى الحالات بين سوريا والنظام السوري. أن تجني براقش على نفسها شيء، أما أن تجني على قومها فهذه هي الطامة الكبرى،فقصة صدام حسين لم تحدث في العصر الجليدي.
#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوق الحريق يغنون
-
إعلان التغيير الديمقراطي أم الإسلامي؟
-
تأويلات ميتة لانتحار راهن.
-
هل يشكل الانتحار حلاً؟
-
بين دهشة الغربة ومألوف الوطن 3
-
.بين دهشة الغربة ومألوف الوطن 4
-
وردة القلب
-
بين دهشة الغربة ومألوف الوطن 2
-
بين دهشة الغربة ومألوف الوطن(1)
-
أيها الطائر...
-
الظل والمسرح
-
أيتها الغابة
-
الفاسقة
-
الرسالة
-
الأقوى من الحبّ
-
وجدتها....وجدتها.
-
غبار نجمي
-
يا لها
-
أغمض عينيك ..قل لا واتبعني.
-
حين انتظرتكِ
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|