|
( ق2 ف3 ) أخطاء خلدونية منهجية
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 4939 - 2015 / 9 / 28 - 08:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كتاب مقدمة إبن خلدون: دراسة تحليلية القسم الثاني : قراءة في مقدمة إبن خلدون الفصل الثالث : اجتهادات إبن خلدون لعصره وعصرنا أخطاء خلدونية منهجية فيما عدا التصوف السنى والثيوقراطية ، فإن عقل إبن خلدون إجتهد في علم العمران أوالإجتماع ، يضع القواعد والقوانين مستلهما أحداث التاريخ وتطور الحركة التاريخية ، ويربط بين الإنسان والمكان ، بين الجغرافيا والتاريخ ، وأحيانا يضيف لهذا الربط العنصر الثالث وهو الزمان ، وفي كل الأحوال فإن إجتهاده في علم العمران قد خرج به على مستوى العصر المملوكي بكل تأكيد ، بل أحيانا يقترب من نوابغ الحضارة ( العربية الإسلامية ) الذين كانوا إستثناء من قاعدة المنهج العقلي الأرسطي ، مثل البيروني والخليل بن أحمد والرازى الطبيب . بين العقل الخلدونى والعقل ( الخليلى ) : الخليل بن أحمد الفراهيدى 1 ــ بل أنه في إختراعه لعلم جديد يجعله أكثر إقترابا من العبقرية العربية الفريدة الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي إخترع علم العروض ووضع أسس علم اللغة ( الصرف ) وقواعد النحو وبدايات علم الأصوات، ولم يأت بعده من يتطاول إلى قامته في تنوع المواهب والإختراعات مع عزة النفس والتواضع والإبتعاد عن صحبة الأمراء والأغنياء مكتفيا بالفقر والتفرغ للعلم ، وكان عصره لم يعرف بعدُ تأسس الديانات الأرضية وتسلطها من سنّة وتشيع وتصوف ، حيث توفى في منتصف القرن الثاني ( بين 160هـ ، 170هـ) ، شهد عصره جدلا فقهيا وعقيديا ، ولكنه كان في تفرغه للبحث فيما ينفع الناس بعيدا عن الجدل الفقهي والعقيدي العقيم الذي أبعد العقل عن القرآن وأدخله في متاهات عقيمة . 2 ـ ولا ندري ماذا كان مصير العقل الخلدوني إذا عاش منطلقا في عصر الخليل بن أحمد .! ذلك أنه – بعد دراسة متأنية للعقلين الخليلي والخلدوني – وجدنا الكثير من المشترك بينهما ، مع إختلاف الصفات الشخصية والظروف الإجتماعية ، واختلاف العصر والثقافات . ولكن يبدو أحيانا أن كلا منهما قد أراد أن يكون ما كان بمحض إختياره ، فالخليل إختار بمحض إرادته الفقر والتفرغ للعلم والبحث والإبتعاد عن عصره وعن الأغنياء والأمراء ليعطي أكبر مساحة من الحرية لعقله العبقري ، بينما إختار إبن خلدون أن ينغمس في السياسة ويخدم الحكام ويخضع لثوابت عصره ، ويستخدم عقله العبقري في تسويغها وفى تبريرها . ومن هنا إنطلق الخليل بن أحمد فأتى بما لم يسبقه إليه أحد في اللغة والعروض وفي شذرات من الكيمياء والموسيقى ، على قلة إمكاناته وفقره الشديد وعلى بساطة المُتاح له من العلم والمعارف فى عصره ، حيث لاتدوين ولا ترجمة . بينما عاش ابن خلدون فى وقت إكتمل فيه تدوين الفكر ولم يعد إلا الاجتهاد فى الابتكار ، فإنطلق عقل إبن خلدون فوق مستوى عصره البائس علميا وفي مجال محدد بعيد عن المشاكل وهو علم العمران . 3 ــ وكان من الممكن أن ينطلق عقل إبن خلدون أبعد من علم العمران ليشتبك مع الثوابت الدينية الصوفية والسنية لعصره ناقدا مُصلحا ، ولكنه أراد التصالح مع العصر وأن يستخدم عقله في ذلك التصالح . ومن هنا كانت جنايته على عبقريته ، خدم عصره وظلم عقله . وبعد أن ظلمه الزمان وهو العصر – ظلمه أيضا المكان ، وهو موطنه الأصلي . 4 ــ وبين المكان والزمان تناثرت بعض الأخطاء . أهمها الخطأ المنهجى بإستغراقه فى موطنه الأصلى وتعميم أحكامه على العمران النهرى . أهم أخطاء إبن خلدون في المقدمة : إستغراقه في ظروف موطنه 1 ـ وقد عرضنا لتأثر إبن خلدون بعصره في المنهج والموضوعات الأساسية . وهذا الأثر في حد ذاته هو النقيض الأساسي لإمكانات إبن خلدون العقلية ، ولم يكتف بتقييد العقلية الخلدونية ، بل أوقع صاحبها في أخطاء تناثرت بين سطور المقدمة . 2 ــ وأسهم ( المكان ) بوقوع ابن خلدون فى خطأ منهجى ، مبعثه إستغراقه في ظروف موطنه الذي كان يحيط به مكانيا وزمانيا ووجدانيا وماديا . ونعطي لذلك أمثلة عامة ، فهو يتجاهل دور المرأة السياسي ، مع أن شجرة الدر لم تكن بعيدة عنه زمنيا ، ومع أن خبرته كمؤرخ تجعل جعبته مليئة بشواهد على تأثير المرأة السياسي المباشر والخفي في العصرين العباسي والمملوكي . إلا أن البيئة البدوية التي تأثر بها إبن خلدون تصادر وجود المرأة إجتماعيا و إقتصاديا قبل أن تسمح بالحديث عن دورها السياسي . ولذلك كانت المرأة وهي نصف المجتمع أو نصف العمران غائبة عن حديث إبن خلدون في علم العمران . ولا ننسى أيضا تأثره بالدين السُّنى ونظرته المتدنية للمرأة ، ولا ننسى تمجيده للصحابة والفتوحات، ولعل هذا كان السبب فى خلو ( المقدمة ) من أى إشارة لأعظم زعيمة للبربر، تلك البطلة الأمازيغية التى وقفت ضد الفتح العربى. 3 ــ وفي المقابل إستغرق إبن خلدون في حديثه عن العصبية ودورها في إقامة السلطة والدعوة والأمة ، ولفظ العصبية بالذات يعطي الدلالة على المجتمع البدوي الصحراوي حيث يكون الإنتماء للقبيلة والنسب الواحد ، وحيث تكون القبيلة دولة متحركة ، داخلها جيشها الخاص وقوانينها الخاصة ورئاستها الخاصة ، وحيث يقع العبء على الرجل في الدفاع والقتال وتحصيل المعاش ، وتتحول المرأة إلى سلعة مقتناة يمكن أن تضيع بالسلب والنهب وتصبح من ممتلكات الآخرين في أي إغارة محتملة . وهكذا فالمجتمع القبلي هو مجتمع الرجل أو المجتمع الأبوي المطلق . ومن هنا كان تأثر إبن خلدون بهذا المصطلح ومدلوله ، وقد خضع له بحكم البيئة والمكان ، بل إنه إحتفى بمصطلح العصبية وخرج به من نطاق بيئته المحلية في الصحراء إلى آفاق أرحب ، فأصبحت العصبية في حديث إبن خلدون عن البيئات الأخرى النهرية تعني القوة المسلحة – مهما كانت طبيعتها – طالما يكون ولاؤها في شخص معين ، حاكما كان أو داعية للدين أو السياسة . 4 ـ ومن هنا تكررت أخطاؤه الفرعية كقوله أنه لابد في القتال من وجود العصبية القائمة على القرابة والنسب ويتناسى أن الفتوحات العربية ، وقبلها المعارك في عهد النبي لم تقم كلها على القرابة والنسب ، بل إن الدفاع عن الوطن في البيئات النهرية لا شأن له إلا بالإنتماء للأرض ، أرض الوطن وتجعل جميع المواطنين على إختلاف النسب والأعراق والملل والنحل يتضامنون معا في رد الإعتداء عن الوطن الواحد ، كما حدث فى ثورات المصريين ( الأقباط ) ضد عمرو بن العاص والأمويين والعباسيين ، وثورات البربر ضد الغزو العربى . ولا يقال هنا أن فكرة المواطنة وليدة الثقافة المعاصرة وكانت غائبة عن عصر إبن خلدون ، لأن إبن خلدون هنا يتحدث عن قواعد عامة لعلم العمران ، والمفروض أن تسري في كل زمان ومكان ، ثم إن شواهد إبن خلدون التاريخية كمؤرخ تحوي الكثير عن تضامن أبناء الوطن الواحد ضد الغزاة ، خصوصا في الحملات الصليبية التي لم تكن بعيدة عن عصره . 5 ــ ومن ذلك قوله " إذا كانت الأمة وحشية كان ملكها أوسع " ، " الأمم الوحشية أقدر على التغلب ممن سواها " وإختيار كلمة " وحشية " ينطبق تماما على الطبيعة الصحراوية الجبلية أكثر من إنطباقه على البيئات النهرية المُسالمة . وإذ كانت الوحشية هي المقياس، وفي الوحشية يتنافس المتنافسون ، فإن القوة الآن – وقبل الآن – ليست في الوحشية ، ولكن للأقوى في العدد والعتاد والذكاء . ينطبق ذلك على العصور القديمة قبل عصرنا ، فالإسكندر الأكبر في فتوحاته وإنتصاراته كان أبعد ما يكون عن الوحشية بالمفهوم الخلدوني ، بل إن بعض الفتوحات العربية -- مع رفضنا لها قرآنيا وإسلاميا – كانت فى بعض الحالات أبعد ما تكون عن الوحشية بمفهوم إبن خلدون . وقد تنطبق رؤية إبن خلدون على أعراب القرامطة وعلى المغول والتتار خارج موطنه ، وقد ينطبق على الوهابية فى عصرنا ، ولكن لا يصح التعميمم أو أن يكون ذلك قاعدة إجتماعية في علم العمران . 6 ــ ومن تأثر إبن خلدون ببيئته البدوية الصحراوية نظرته المتدنية للتجار والخدم ، فحيث يكون الإحترام لمن يحمل السلاح أساسا ثم لمن يحمل القلم في الدول الصحراوية ، فإنه لا يتبقى من الإحترام شئ للتاجر الذي يكون فريسة للمسلحين اثناء تنقله في تجارته ، والذي لا يلبث أن يعوض خسائره من البدو عن طريق التحايل والكذب والمساومة ، ومن هنا يؤكد إبن خلدون مرتين على أن أخلاق التجار " نازلة عن خلق الرؤساء والأشراف وبعيدة عن المروءة " . والخدم في هذا المجتمع البدوي أقرب للرقيق إن لم يكونوا من الرقيق ، ومن الطبيعي أن الأحرار الذين تضطرهم الظروف للعمل في الخدمة لا يتمتعون بأي إحترام في تلك المجتمعات. ومن هنا يؤكد إبن خلدون على أن الخدمة ليست من المعاش الطبيعي ، وإن شأن الرجل ألا يحتاج لمن يخدمه ، وأن الخادم الكفء الثقة لا يوجد ويتناسى حديث القرآن الكريم عن { التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ : النور 31} وقول بنت الرجل الصالح لأبيها عن موسى { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ :القصص 26}. غياب مصر عن العقلية الخلدونية 1 ــ وبسبب تأثره ببيئته المحلية قرر أن موالى الدولة التي تصل إلى الشيخوخة يكونون عيالا على هذه الدولة ، ولا يستطيعون الإستقلال بأنفسهم وتأسيس دولة خاصة بهم . وقد ينطبق هذا على الممالك السريعة التي قامت وانهارت في شمال أفريقيا حيث القبائل وعصبياتها ومواليها التابعون لها وهم من الدرجة الثانية ، وبالتالي فإن هذه التبعية تحدد مكانتهم ودورهم وتصادر أحلامهم في إقامة دول مستقلة على حساب الأسياد أصحاب الأنساب . 2 ــ ولكن ذلك لا ينطبق على البيئات النهرية في مصر والشام . فالمماليك كانوا جندا مملوكين للدولة الأيوبية ، ولكن ما لبثوا أن أقاموا الدولة المملوكية وتزعمتهم امرأة هي شجرة الدر . ثم تعرضت هذه الدولة الوليدة إلى أقوى محنتين وانتصرت فيهما وأنقذت العالم العربي الإسلامي منهما ، وهما المغول والحملة الصليبية التي قادها لويس التاسع (658هـ ، 648هـ) وبعدهما أصبح من تبقى من أمراء وسلاطين البيت الأيوبي تابعا لهذه الدولة المملوكية إلى أن انقرضوا ، وظلت الدولة المملوكية تحكم من سنه 648 هـ . إلى أن جاءها إبن خلدون لاجئا سنة 784 وبقيت بعده حتى سقطت سنه 921هـ . أي أنه عاش في كنف الدولة المملوكية ، التي كانت بعيدة عن بؤرة شعوره ، وليس ذلك بغريب ، إذ أنه كتب المقدمة في منتصف سنة 779 قبل أن يأتي إلى مصر بخمس سنوات ، ثم هذبها ونقحها في مصر دون أن يستفيد من ظروف الموطن الجديد السياسية والعمرانية ، لأن أصداء الشمال الأفريقي كانت تسكن عقله ويكفي أنه في مصر ظل محافظا على لباسه المغربي إلى أن مات. 3 ــ إن البيئة النهرية – ومصر أبرز مثل لها – تخالف البيئة الصحراوية ، والجزيرة العربية والشمال الأفريقي أبرز مثلين لها ، أي كان بمقدور إبن خلدون وقد عاش الشطر الأول من حياته في الشمال الأفريقي (732- 784) ثم عاش الشطر الأخير في مصر ( 784- 808هـ) أن يتحدث في المقدمة عن ذلك التفاعل المستمر والفروق بين بيئتين مختلفتين مجاورتين ، بيئة الصحراء وبيئة النهر . خصوصا وأن الدواعي لذلك كثيرة فيمن يتصدى لتأسيس علم جديد ، إذ يظل تأسيسه ناقصا طالما اقتصر وانحصر في بيئته ، ثم من خلالها ينظر للعالم والعمران ويضع له القواعد ، وبالتالي كان ذلك تقصيرا هائلا من إبن خلدون . 4 ــ ونعرف حجم هذا التقصير حين ننظر أفقيا إلى تاريخ حياته ، إذ أنه في الشمال الأفريقي قضى الشطر العملي من حياته متعبا في تقلبات سياسية بين تونس وتلمسان والمغرب والأندلس ، حوالي ربع قرن من الزمان . ونجح خلال هذا الإنشغال أن يقتنص هُدنة يكتب فيها المقدمة والتاريخ ، وكان يتوق إلى التفرغ للبحث والتأليف ، ثم جاءته الفرصة في مصر كي يودع الطموح السياسي ، ويتفرغ للعلم خلال ما تبقى له من عمر، وحيث كان الرزق وفيرا ،ويعيش فى أمن من المطاردة كما كان العهد به سابقا ، وحيث كان العمل بالقضاء لا يعوق التأليف ، فقد كان القضاة من العلماء أصحاب التأليف ، و حيث كان منصب القضاء لإبن خلدون فترات محدودة ، وبعدها عاش في فراغ وكان بإمكانه أن يشغل هذا الفراغ في تنقيح المقدمة في ضوء المناخ الجديد والمعلومات الجديدة والنضج العقلي وخبرة السنين والمصادر العلمية المتوافرة والحياة العلمية الهادئة ، ولكنه لم يفعل. لذلك ظلت مصر بخصوصيتها ومناخها السياسي والإجتماعي غائبة عن مقدمة إبن خلدون ، لا ترى في المقدمة إلا حديثا عما يصل إلى إبن خلدون وهو بشمال أفريقيا عن ثراء مصر وتقدمها في العلوم والصنائع في عصره وهو عنها بعيد ، بالإضافة إلى بعض إستنتاجات تاريخية هزيلة . ثم إذا جاء إلى مصر واستقر بها لم يحاول التنقيح الحقيقي والإضافة طيلة أربعة وعشرين عاما قضاها في مصر . 5 ــ والمحصلة النهائية أن حياة إبن خلدون العملية هى حوالي نصف قرن من الزمان ، أضاع ربع قرن في حياة سياسية فاشلة في المغرب يتوق إلى لحظات تفرغ للعلم ، وفيها أنتج المقدمة والتاريخ ، ثم جاءه الإستقرار في الربع قرن الأخير من حياته فتكاسل عن التنقيح الحقيقي والتعديل والإضافة ، وضاعت منه الخبرة المصرية خلال إستقراره الطويل في مصر ، ضاعت من مقدمته ، وهذه المقدمة هي أروع ما كتبه إبن خلدون ، وأروع ما كتب في العصر المملوكي (648-921هـ) . ومن أروع ما أنتجته الحضارة العربية ( الاسلامية ).! ونعطي بعض الشواهد 1 ـ يقول عن مصر وكان في شمال إفريقيا " ويبلغنا لهذا العهد عن أحوال القاهرة ومصر من الترف والغنى في عوائدهم ما يقتضي منه العجب ، حتى أن كثيرا من الفقراء بالمغرب ينزعون إلى النقلة إلى مصر لذلك " ويقول " كما بلغنا عن أهل مصر أن فيهم من يعلم الطيور العجم والحمر الأنسية .. وغير ذلك من العجائب التي لا توجد عندنا بالمغرب " ويقول " كما يحكي لنا عن مصر لهذا العهد وأن بها معلمين منتصبين لتعليم الخط . . " . ومن الواضح انه كتب ذلك في المقدمة وهو يحلم بالإستقرار في مصر لينعم بكل ما يتصوره فيها من نعيم . وجاء فعلا إلى مصر سنة 784 ، ولقى فيها العلماء وأسهم في حركتها التعليمية ونظامها القضائي ، دون أن يضيف شيئا إلى مؤلفاته ، بل أن بعض سطور المقدمة تشير إلى أنه قام بتنقيح جزئي هزيل جدا وهو في مصر، قال فيه ملاحظتين ، الأولى قوله " ولقد وقفت بمصر على تآليف متعددة لرجل من عظماء هراة " يقصد سعد الدين التفتازاني والثانية قوله " ... ولا أوفر اليوم من الحضارة في مصر ، فهي أم العالم وإيوان الإسلام وينبوع العلم والصنائع " ثم يذكر ما وصل إليه من كتب سعد الدين التفتازاني . ولم تنجح مصر بحضارتها وعلومها في حث العقلية الخلدونية على المزيد من الإبداع سواء في تطوير المقدمة أو في مؤلفات أخرى ، في مرحلة النضج والإستقرار . ولذلك ظلت الأخطاء في المقدمة ، منها ما يخص مصر ، وما يخص غير مصر . 2 ــ إذ يبدو في المقدمة التجاهل الواضح للبيئة الزراعية ، يقول " إذا كانت المدينة تقترب من الجبال والبوادي فإن عمرانها لا ينقطع حيث يتوافد إليها أهل البوادي ويستقرون فيها " والواضح هنا أن حديثه متأثر بوطنه ولا يشمل البيئة الزراعية ، وإن كان قد جعلها قاعدة عامة . وفي موضع آخر يجعل سبب المجاعات من الظلم والعدوان في نهاية عمر الدولة وكثرة سكانها ، وينتج عن المجاعة سقوط الموتى وانتشار الأوبئة . وأغلب المجاعات كانت تحدث في مصر بسبب فيضان النيل الزائد عن الحد أو نقصانه الزائد عن الحد ، ولم يكن بسبب الظلم ، مع أن الظلم في مصر ثابت البنيان راسخ الأركان ، بحيث يمكن القول إنه ـ أى الظلم ـ إستقرّ فى مصر وحصل ـ بجدارة ــ على الجنسية المصرية .! . ومع ذلك فلم يكن الفاعل المتسبب فى المجاعات والأبئة التى كانت تحدث دوريا فى مصر العصور الوسطى . 3 ــ وتصل قمة تأثره ببيئته البدوية حين يجعل إبن خلدون الفلاحة من خصائص البدو ولا يقوم بها أهل الحضر ، أو أن يقول إن البدو يتكاثرون في المكان الواحد ويحدث بينهم شقاق فيتكتل كل فريق داخل سور وحول ماء ، وتنشأ بذلك المدينة التي تحتاج إلى حكم وإدارة وحصن وجيش وعمران ، وهذا عنده أساس الحضارة ( بدو يتحضرون ) .!. أمّا مصر أم الزراعة وأصل الإستقرار والحضارة والعمران فغائبة عن عقل إبن خلدون . وقد قام أبناؤها ببحث " شخصية مصر " تاريخيا وحضاريا . ومنهم كاتب هذه السطور في كتابه " شخصية مصر بعد الفتح الإسلامي " الذي أثبت أن مصر قد ( مصّرت) الفتح الإسلامي ،أى قامت بتمصيره وأضفت على تدينها الشخصية المصرية ، بالإضافة إلى العلامة جمال حمدان في كتابه شخصية مصر الذى بحث شخصية مصر من حيث الموقع والموضع .
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاجتناب .. ولآخر مرة .!!
-
هذا الشيعى ( عبد الحسين )
-
بين الشورى والإستبداد في تاريخ المسلمين : قراءة سريعة
-
( ق 2 ف 2 ) التأثر الموضوعي فى المقدمة : في القضايا السياسية
-
التأثر الموضوعي في القضايا الإجتماعية : من ملامح التاريخ الإ
...
-
بيان من المركز العالمى للقرآن الكريم : الى متى يستمر قتل الح
...
-
( ق 2 ف 2 ) التأثر الموضوعي لابن خلدون فى المقدمة في القضايا
...
-
التأثر الموضوعي : المعارف الجغرافية بين المسعودي وإبن خلدون
...
-
ابن خلدون بين المنهج العقلى والصوفى
-
( ق 2 ف 2 ) ابن خلدون والمنهج القرآنى
-
( ق 2 ف1 ) أثر التصوف في الحركة العلمية في العصر المملوكي:عص
...
-
(ق2 ف1 ) بعض نواحي الإتفاق بين اللاهوت عند (المسلمين) واليون
...
-
(ق2 ف1 ) المنهج الفكري اليونانى وتأثيره فى الحضارة العربية
-
عمرو بن معد يكرب فارس العرب فى الجاهلية والفتوحات العربية (
...
-
( ق 2 ف1 ) المنهج القرآني للفكر الإسلامي
-
هذا الغرب المسلم .!!
-
عرض مقدمة ابن خلدون: ب6:(ف 45 :51 ) الشعر والنثر
-
عرض مقدمة ابن خلدون: ب6:(ف37: 44)علوم النحو والبلاغة واللهجا
...
-
عرض مقدمة ابن خلدون: ب6:(ف28: 36) عن عبثية الشروح والمتون وط
...
-
عرض مقدمة ابن خلدون: ب6:(ف24: 27 ) علم الكيمياء والفلسفة وال
...
المزيد.....
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|