أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - حميد طولست - درس لا ينسى !!














المزيد.....

درس لا ينسى !!


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4938 - 2015 / 9 / 27 - 03:14
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


درس لا ينسى !!
قصة ذاتية ، من نبت الواقع المعاش ، يكاد الندم يأكلني كلما تذكرت تفاصيلها ، التي لا يمكن أن أنساها أبدا ، أنقلها للقارئ حرفيا ، ودون تبديل أو استعانة بخيال ، بأحداثها التي كنت محورها الرئيسي ، وشخوصها الذين أنا البطل فيها، وبمكانها ، الذي كان إحدى حدائق مدينة أكدير مسرحها ، وزمانها الذي كان سبعينيات القرن الماضي ، أسردها هنا طامحا في إفادة القارئ أولا ، والتخفيف عن نفسي ثانية ، مما اجتاحها من براكين لأسى الأسف ، وللتنفيس على صدري مما أثقله من عواصف الندم ، التي لا يكفي السلو عنها لمحوها ، كما قال طه حسين ، وإنما بالندم وحده الذي يطهر القلوب ويهئ النفوس للتوبة النصوح ، ذلك الندم الذي باتت الحياة ، لا تطيب معه في هذا الزمان الأغبر ، إلا لمن لا يبالي به ، ويعتبره من المفاهيم الطوباويةٌ المثالية ، التي لا تقر بأحكامها مجتمعاتنا ، ولا تلتزم بمفاهيمها شعوبنا، وتعتقد أن الأبله من يؤمن بها ، والسفيه من يعمل لها ، والضعيف المهزوز من يخضع لها ويحرص عليها ، والعاقل الحصيف من يعرض عنها ، و يضرب بها عرض الحائط ، عملا بالمثل المغربي الدارج "ما في الهم غير اللي كيفهم"..
ومع هذا وذاك ، ورغم أنها قصة بسيطة جدا ، لا تنشر فنا ، ولا تقدم إبداعا ، ولا تتناول قضية جوهرية مما يشغل بال الجماهير ، ولا تحكي إلا حدثا مكرورا مجترا ، يوحي بالملل والقرف ، إلا في خيال كاتبها ، فقد قررت ، بعد إذن القارئ أن أنشرها عساها تغير بعضا من سلوكيات مجتمعنا الهجينة المتخلف ، التي تتحكم في نفوس السواد الأعظم من مجتمعاتنا ، وتسوسها بقوانينها، وتسيرها على هواها، ويأمل أن يكون مغزاها درسا وعبرة ، يمنع التمادي فيها ، ويحد من تغولها ، كما كانت له درساً وعبرة ..
لقد حدثت القصة في فترة فورة مراهقتي ، و إبان عنفوان شبابي ، وما كنت أعيشه خلالهما من خيال حالم ، لا حدود معه لحرية ، ولا حرمة لحقوق ، ولا حصانة لممتلكات ، والكل مستباح بالنسبة لي ومشاع لأمثالي من الشباب ، وأن الدنيا "فدانية " أي سايبة ، لا نصر فيها إلا للقوي ، ولا بقاءً إلا للأقوى والمتجبر ، أو هكذا كنت أظن وأتصور ساعة دخلت ذات يوم ربيعي لإحدى حدائق مدينة أكدير الغناء ، فأثارت انتباهي نبتة نادرة الشكل ، غير المألوف المظهر ، واستمالتني غرابة شكلها ، وسحرتني ألوانها الزاهية ، وأسكرني شذى عطرها الفواح ، وأصابني الهيم بها ، بحالة من الجمود العقلي ، غشت بصري ، وأضعفت قدرتي على التمييز والحكم على الأمور، وأصبح غير قادر على إدراك الحقائق المبسطة، ودون تعقل ولا رَويَة ، قرر السطو عليها واغتصابها وأخذها لتزين شرفة بيتي ، وكالمسحور بحبها - لأن حب الأشياء يحول الحكماء إلى بلهاء ، كما يقال - جلست قريبا منها ، على حافة الحوض الإسمنتي ، الذي زرعت في ترابه الأسود الفاحم الموحل ، ومددت يدي خلف ظهري لأمسك بالمسكينة ، أرجها يمنة ويسارا ، وهي تقاوم في كبرياء ، وبعد لحظات، أحسست باستسلام جذورها ، تحت قوة الجذب وضغك الشد ، وبدأت تنسحب نحوي ، واعتقدت ساعتها أني بلغت غايتي بعد لأَي ، فوجئت بنظرات تخترقني ، على بعد قريب ، تتابع ما اقترفت من جرم ، بل جريمة، في حق النبتة البريئة ، كانت نظرات حارس الحديقة الذي تنبه بفراسته الحادة ، إلى فعلتي .. سار نحوي بوجه بشوش تملؤه ابتسامة عريضة ، تحدث بلطف غير معهود في حراس الحدائق ، لم يستعمل مثلهم الكلام البذئ الذي يخدش الكبرياء ، وكانت عباراته تنم عن حلم ونباهة صحابها ، قال بلكنته السوسية ، بعد تقديم التحية: يا بني هل تفكرت في مصير تلك الزهرة ؟ ولأنك وبدون أدنى شك ، لا تعلم أنها تموت بعد يوم أو يومين بسبب بعد الإجثتات ، ولا تعرف كيف استنبتت ، وتجهل طرق زارعتها المعقدة في بلاد الله البعيدة التي جلبت منها لتسر الناظرين من زوار حديقتنا ، ثم ذكرني بالحكمة القائلة :"إن امتلاك الأشياء لا يعني امتلاك بهجتها" ، والتي لم أفهم معناها متأخرا ، وأقصى ما قد يمر بالإنسان هو أن يفهم الأشياء في وقت متأخر جدا.
تمكن الحارس بعتابه اللين غير المباشر ، وحديثه اللبق الخارج الخارج من قلبه ، أن يجعلني أراجع نفسي ، وأحاسبها واعترف بما اقترفت من خطأ ، واستحي منه ، وأقرر الانتهاء وعدم العودة إليه ، وادعوا الله العفو والمغفرة تطبيقا لوعده سبحانه وتعالى :"إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف "
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطأة الاستسلام ، ومرارة الانكسار ، وفجاعة الاندحار !!
- رسالة عاجلة إلى السيد عمدة فاس الجديد
- تشظي امبراطورية حميد شباط .
- على نفسها جنت مركل !!
- مراسلة عاجلة : تجربة انتخابية مثالية ..
- مفارقات انتخابوية !!
- هل أفشل - PJD -انتفاضة فاس ، بتمكين من لا يرغبون فيه من جهته ...
- حزب المصباح يبيع جهة فاس مكناس..
- مركل درس في الإنسانية والرجولة !!
- من وحي الانتخابات : للمظاهر فهي خداعة
- إلى من طغى وتفرعن من المترشحين!!
- رجال الدين والسياسة ..
- من وحي الانتخابات . متسلقو المجالس !!
- لماذا نبخل بالكلمة الطيبة الساحرة؟؟
- -الإتيكيت- او أخلاقيات وذوقيات التعامل
- آه يا خوفي من آخر المشوار
- استراحة في الحي اللاتيني ، أقدم أحياء باريس
- من المستحيل أن أنتخب كذاباً غشاشاَ خداعاً ؟
- لاتظلموا قلمي !!
- علة تأخر المجتمع العربي والإسلامي .


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - حميد طولست - درس لا ينسى !!