|
مدخل إلى بيئة الأعمال الدولية
شوقي ناجي جواد
الحوار المتمدن-العدد: 4936 - 2015 / 9 / 25 - 16:11
المحور:
الصناعة والزراعة
مدخل إلى بيئة الأعمال الدولية . شوقي ناجي جواد(*) أهداف البحث 1 ـ إيضاح مفهوم الأعمال الدولية. 2 ـ تحليل مقارن للبيئتين الداخلية والخارجية. 3 ـ التطور التاريخي للأعمال الدولية. 4 ـ تحليل الخصائص الأساسية لبيئة الأعمال الدولية المعاصرة. 5 ـ تحليل مقارن للاستثمار المباشر وأنماطه. 6 ـ إيجابيات وسلبيات الاستثمار الأجنبي. 7 ـ مفهوم المنظمات متعددة الجنسيات وآثارها في الدول المستضيفة. نعيش اليوم حياتنا ونحن محاطين بسلع مستوردة من هنا وهناك، وبدونها ستكون حياتنا صعبة وكئيبة: صناعات الإلكترونية من اليابان، سيارات مغرية من كوريا، أحذية إيطالية، وغذاء مصنع من كل مكان، كلها سلع مغرية ومرغوبة في عموم دول العالم. وحتى نعوض قيم هذه السلع علينا أن نصدر سلعنا وخدماتنا إلى فرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان. وبسبب وضع التجارة الدولية والتخصص، فإننا نستفيد من الحصول على منتجات جيدة وذات كفاءة عالية ونوعية متميزة، وبأسعار مناسبة. وتسعى دول العالم عموماً إلى بلوغ مستوى تكنولوجي مستقل في الوقت الحاضر. فمثلاً تعتمد الصناعات الفضائيات في كل من فرنسا وأمريكا على تكنولوجيا أجنبية من الحاسبات، والإلكترونيات والمواد والعدد والأجزاء المكونة لهذه الصناعة. تغطي الأعمال الدولية مساحة واسعة من الأنشطة والفعاليات المختلفة، مثل الإنتاج والتصدير والإعلان، والتخزين والنقل والاستثمار الأجنبي، ولا ننسى الصيرفة الدولية. وكمفهوم، فإن الأعمال الدولية(international Business) تعني كل الأعمال والفعاليات التي تدور وتسري بين دولتين أو أكثر. ومن المصطلحات المتداولة في هذا المجال: تعددية وطنية، عبر الوطن، أعمال عالمية. فالأعمال متعددة الجنسيات(Multinational Business) هي تلك الأعمال التي تأخذ مجالها في أكثر من ثلاث دول، في حين يقصد بالأعمال عبر الوطن (Transnational Business) أن إدارة وملكية منظمة الأعمال موزعة بين أكثر من دولتين. اما الأعمال العالمية (Global Business) فهي مصطلح مرادف للأعمال الدولية، ويعني أيضاً انتشار الأعمال واتساع عملياتها في عموم دول العالم، ويبقى لدينا مصطلح الأعمال الدولية العليا (Supranational Business ) وهي تلك الأعمال التي لا تتأثر بالحدود المرسومة للدول عندما تتم ممارسة هذه الأعمال. تتكون بيئة الأعمال الدولية من بيئة خارجية (الحالة الاقتصادية الكلية) Macro وبيئة داخلية (الحالة الاقتصادية الجزئية) Micro. إن مكونات البيئة الكلية (الخارجية) هي المتغيرات الاقتصادية والسياسية والقانونية والاجتماعية والتكنولجوجية والحضارية، ويصعب على المنظمات غير المحلية (الأجنبية) السيطرة عليها أو التحكم فيها، في حين نجد أن البيئة الداخلية تحتوي على المتغيرات التالية (العمل، التكنولوجيا، التمويل، رأس المال، التسويق، التنظيم، الإدارة) وتستطيع المنظمات الأجنبية التأثير والسيطرة عليها وبدرجات متفاوتة. ولا ننسى أن عملية اتخاذ القرار في بحور الإدارة والأعمال الدولية أمر تكتنفه الصعوبة والتعقيد أكثر من عملية اتخاذ القرار في البيئة المحلية (الداخلية) والسبب وراء هذا التعقيد هو تنوع العناصر السارية في البلدان الأجنبية. فمثلاً، يجب على إدارة منظمة كبيرة متعددة الجنسيات ترتبط بها عشرات من المنظمات التابعة، كل تعمل في بلد، ان تأخذ بالاعتبار العديد من المتغيّرات الخاصة بكل منظمة تابعة عندما ترغب في اتخاذ قرار ما يخص نشاطها الدولي. وهناك أسباب كثيرة تقف وراء ولوج منظمات الأعمال في مجال العمل الدولي، منها: 1 ـ عندما يصبح السوق المحلي مشبعاً بالسلع، فإن المنظمة تسعى للبحث عن أسواق جديدة. 2 ـ عندما تعاني اقتصاديات بعض البلدان من صعوبات، نجد أن الحكومة تشجع المنظمات على البحث عن مصادر دخل جديدة، ويكون أحدها عن طريق ممارسة النشاط التصديري. 3 ـ في السوق الدولي الذي يشهد منافسة عالية يصبح من المفروض على منظمات الأعمال الحصول على أسواق جديدة، وتطوير منتج جديد، وزيادة فاعلية عملياتها وأنشطتها. وعليه يمكن القول بأن العمل، دولياً، حالة حيوية جداً لبقاء المنظمة التي لا زالت تمارس حتى الآن نشاطها محلياً فقط. وسنعمل خلال هذا العرض على التعرض إلى التطور التاريخي للأعمال الدولية أولاً: تم تقييم الأوضاع الجارية في الأعمال والتجارة والاستثمار الدولي ثانياً، وبعد ذلك نناقش دور وخصائص المنظمات متعددة الجنسيات. التطور التاريخي للأعمال الدولية قد يكون من الصعب جداً إثبات بدايات التجارة والأعمال الدولية، ولكن من الإنصاف الإشارة إلى أن الفنيقيين والمصريين أسسوا شبكة للتجارة الدولية في منطقة البحر المتوسط، شمال إفريقيا، الشرق الأوسط، وفي بعض دول أوروبا قبل4000 عام من الآن، وتاجروا بالعديد من السلع مثل: الأقمشة والأسلحة والأدوات المنزلية وبعض منتجات الصناعات الحديثة، مع التجار في المناطق المنوه عنها آنفاً. فقد استورد التجار الإغريق المواد الأولية من دول حوض المتوسط، وصدروا إليها سلعاً مصنعة. ويمكن القول هنا بأن هذه الأنشطة هي أول الأعمال الدولية للتجارة التي مارست عمليات الاستيراد والتصدير. ازدهرت التجارة الدولية في عصر الرومان، فقد سعت الحكومة والتجار الرومانيون نحو تحقيق الأرباح والسيطرة من خلال توسيع نفوذهم الجغرافي وأسواقهم، إذ أنشأ الرومان شبكات طرق وجسور وموانئ، وبسطوا النفوذ العسكري والسياسي في شمال إفريقيا وحوض البحر المتوسط. وقد تاجر التجار بالغذاء والمنتجات المعدنية والأقمشة والمواد المنزلية والأسلحة إلى جانب العديد من السلع المصنعة مقابل الحصول على المواد الأولية والخام. ومارس الرومان أعمال الصيرفة وتداول النقود. فقد تسلّمت بعض البنوك الودائع، ومنحت القروض لطالبيها في عموم الإمبراطورية الرومانية. ومع أن غالبية الرومانيين ركنوا إلى الزراعة والصناعات الحرفية لتوفير أسباب الحياة، إلا أن التجارة وتبادل السلع أخذت بالأقوال بسبب تفكك هذه الإمبراطورية. كذلك، فإن التجارة الدولية كانت قد مورست في منطقة بحر البلطيق والصين ومناطق أخرى من الشرق الأدنى، وقبل أن يزاولها التجار الرومان. ومع أن التجارة قديماً كانت قد أخذت مجالها بين الصين واليابان والهند، إلا أنها لم تأخذ الحيز الأوسع، إذ اقتصرت على إبرامها خلال مناسبات محدودة (مناسبات دينية أو زيارات الملوك والرؤساء). ويشير تاريخ هذه البلدان إلى أن الحروب والمعارك والاجتياحات والغزوات والصراع بين الأقليات، قد حصلت وبشكل متكرر. ومع ذلك يمكن القول إن التجارة بين هذه البلدان قد أخذت مجالها قبل السنة (500) قبل الميلاد.
الممارسات الأولية للأعمال الدولية بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية، تحول مركز التجارة الدولية إلى القسطنطينية (تركيا) حيث نشأت وتطورت أفكار التجارة الدولية. وقد أخذت أشكالاً عدة مثل البيع بالأجل، والاهتمام بشؤون التجارة وأعمال التخزين، وتداول بعض الأوراق المالية مثل الأذونات النقدية كوعد تسديد الدين. وعايش النظام المصرفي مثل هذا التطور بعد أن شرع بممارسة عمليات الائتمان، ومنح الفوائد، وتمويل عمليات التجارة. إن سقوط الإمبراطورية الرومانية خلف المرض والجوع والفقر، كما شجع افول هذه الإمبراطورية نمو نظام الإقطاع في كل من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا ومناطق أخرى. أتاحت الأحداث آنذاك نمو أعمال السرقة والنهب مما عكر صفو الأعمال التجارية، وتعرقلت عمليات تبادر السلع والمواد فيما بين الدول. هذا ما حصل في أوروبا عموماً، أما في آسيا فقد ولدت الأفكار البوذية حوالي سنة (25) بعد الميلاد، حتى انتشر هذا المذهب خلال الأعوام المائة التي تلت ولادته وتفاعل بشكل مؤثر على تطور الحضارة والأديان في عموم آسيا. ويمكن القول إن هناك علاقات تجارية بين كل من الصين والهند واليابان وبين تركيا والإمبراطورية الرومانية وحسبما شهده طريق الحرير (Silk Road) بعد القرن الخامس بعد الميلاد. وطريق الحرير هو ممر تجاري يبدأ من تركيا والشرق الأوسط والشرق الأدنى إلى وسط وشمال الصين. وبعد القرن العاشر نمت بعض المدن وتأهلت لأن تحمل موقعها التجاري بين الدول الأخرى التي نشطت فيما بينها أعمال تجارية. فمثلاً أصبحت فينيسيا (البندقية) في إيطاليا مركزاً تجارياً لأوروبا. وأصبح تداول النقد، منح الائتمان، وتقديم التسهيلات للمقترضين أصبحت حالات شائعة تجارياً. وخلال القرن الثالث عشر تمت زيارات الصين واليابان وبغض النظر عن نتائج هذه الزيارات إلا أنها فتحت آفاقاً جديدة للتدخل في شؤون شرق آسيا. نشأت أعمال تجارية بين كل من أوروبا وشرق آسيا. التجار الشرقيون تبادلوا السلع والأقمشة والمطرزات والتوابل مقابل السلع المصنعة من الغرب تعجلت العمليات التجارية الدولية بتزايد اعتماد الائتمان التجاري في هذه العمليات وبشكل بارز بعد ازدياد استخدام اذونات الدفع. التوسع في عمليات الائتمان خفض من مستويات فاعلية التجارة الدولية. وبحلول القرن السادس عشر أصبحت هولندا مركز العمليات المصرفية في أوربا. فقد تم إنشاء وتأسيس المصارف من قبل الأسر الغنية. أما خلال الفترة من القرن الثاني عشر حتى الخامس عشر فقد أوجد التجار الأوروبيون ما يعرف بالتجمعات التجارية والتي تشبه غرف التجارة حالياً، وكذلك عملوا على تجزئة السوق، وفق اتفاقات عقدت لهذا الغرض، إلى جانب بنائهم لخطط تسويقية مشتركة وعقد اتفاقيات توزيع السلع. ومنذ القرن السادس عشر نهضت إسبانيا بتوسيع احتلالها لأراضي الغير، فمثلاً البرتغال سيطرت سيطرة كاملة على المحيط الهندي منذ عام 1510 وفتحت مكاتب تجارية لها في كل من الهند والصين. وفي العقدين السابع عشر والثامن عشر قلدت بريطانيا اسلوب إسبانيا في بسط نفوذها على المناطق والأراضي في القارات الأخرى حتى تجعلها مناطق تجارية لصالحها وقد رخصت الحكومة البريطانية بعض الشركات لتوسيع نشاطها التجاري في تلك المستعمرات. وقد مكنت التجارة البريطانية الإمبراطورية البريطانية من تحصين قوتها البحرية للأغراض التجارية، فقد صدرت السمك والسلع المصنعة واستوردت المواد الأولية والخام من تلك المستعمرات. وإحدى السياسات التي اعتمدتها الحكومة البريطانية آنذاك سياسة التوسع بعمليات التصدير وتخفيض حجم الاستيراد. ان المسعى الأساس وراء تنشيط التجارة الدولية هو تجميع الذهب. وبقصد تمويل الحملة الواسعة تجاه الأراضي الأجنبية فقد تم جمع رأس المال اللازم لذلك من عدد من المستثمرين والراغبين من التجار والشركات المساهمة التي برزت أول الأمر في ايطاليا، ثم انتشرت في إنكلترا خلال القرن السابع عشر، ثم هولندا وإسبانيا وفرنسا التي التحقت بهذا الركب مؤخراً. وفي حين قررت اليابان إيقاف وقطع علاقاتها مع العالم الخارجي بين 1639 حتى 1853 عندما عاودت نشاطها التجاري مع الولايات المتحدة. الأعمال الدولية الحديثة برز عصر الصناعة في أوروبا أولاً في إنكلترا خلال الثورة الصناعية خلال 1750 سنة ميلادية، ومن أكثر الخصائص المميزة للثورة الصناعية تسخير البخار كطاقة مشغلة ودخول الآلة في الصناعة والتي شجعت التوجه نحو الإنتاج الواسع والتسويق الكبير. الإنتاج الواسع يتطلب حجماً وكمية من الطاقات والمواد الأولية، في حين نجد ان التوزيع الواسع للمنتجات يتطلب شبكات اتصال جيدة ونظام نقل مناسباً. لذلك فإن الصناعيين والتجار سعوا لتطوير شبكة دولية لمصادر المواد الأولية والخام، ومتطلبات الإنتاج والأسواق. وشرع الصناعيون من الدول المستعمرة، والغالبية من أوروبا، شرعوا كذلك بالاستثمار في المستعمرات للتنقيب عن المعادن والفحم والزراعة والصناعات المختلفة. وفي الخمسينات من عام 1850 فإن القوى الصناعية في كل من أوروبا واليابان والولايات المتحدة سعت لتطوير مفاهيم التنمية الصناعية بسبب التطور الحاصل في استخدامات الكهرباء والبترول والتطبيقات العلمية في الصناعة، والنقل والاتصال. وشرعت اليابان بتسخير طاقاتها كلية لتصبح قوة صناعية متميزة بعد الجمود الذي لازمها لفترة ليست بالقصيرة. وبحلول القرن العشرين تمكنت اليابان من تطوير طاقاتها العسكرية والصناعية. في حين نجد الاقتصاد الأمريكي بتوجهه نحو الإنتاج الواسع كان يحول مجتمعه من إنتاجي إلى استهلاكي، ذلك أن أرباب الصناعة الأمريكية الذي توفقوا كثيراً في مجال الصناعة والتعدين في نهاية 1800 ميلادية أصبحوا ممولين ورأسماليين استثمروا أموالهم في أوراق مالية وبعض الصناعات والسلع. وفي بداية 1900 توسعت الدول الصناعية في استثماراتها وقدراتها الإنتاجية. وكانت اليابان وبريطانيا منشغلتين تماماً في المجالات العسكرية. وان التسابق نحو التفوق العسكري كان محكوماً لأي مواجهة بين المتسابقين إن آجلاً أو عاجلاً. في الولايات المتحدة غدت صناعة السيارات من الصناعات الطاغية والمهيمنة وبخاصة بعد أن قدمت شركة فورد للسيارات الموديل T، مما حدا بغالبية القوى الصناعية مواجهة حالة الذهول الاقتصادية والحروب الدولية والندرة بالموارد الطبيعية بين الأعوام 1930 ـ 1945. والنتيجة أن حط الخراب والدمار في أوروبا في نهاية الحرب العالمية الثانية. ولم تبق الحال كما هي عليه، فقد عاودت كل من أوروبا واليابان بناء اقتصادياتها بين عامي 1950 و 1975 وبمعدلات أفزعت العالم أجمع، فكانت نتيجة ذلك أن استثمارات أمريكية واسعة توجهت نحو الاقتصاد الأوروبي، ونهض حجم التجارة الخارجية بوتائر عالية بعد 1960، ويمكن أن نعزو التوسع بحجم التجارة والأعمال الدولية إلى جملة عوامل منها: 1 ـ تأسيس منظمات دولية صناعية، سياسية، تجارية مالية. 2 ـ التطور التكنولوجي المذهل. 3 ـ التأكيد على التجارة الخارجية من لدن الدول الصناعية. البيئة المعاصرة أظهرت المؤشرات الإحصائية الصادرة عام 1986 أن مجموع حجم صادرات العالم في عام 1946 كانت أقل من 50 بليون دولار، إلا أن هذا الحجم تزايد بشكل متسارع حتى وصل إلى أكثر من 2 ترليون دولار بحلول عام 1990. وكانت حصة الدول الصناعية المتقدمة من هذا المجموع قد ازدادت من 50% في عام 1956 إلى أكثر من 70% في عام 1989. إلا أن حصة الدول النامية بما فيها الدول المصدرة للنفط من هذه الصادرات انخفضت من 38% إلى 28% خلال نفس الفترة المنوه عنها. ومن العوامل المؤثرة في هذا التناقص في حصة الأعمال الدولية من لدن الدول النامية هو زيادة اعتمادهم على الصادرات من المنتجات الأولية، وأن الإيرادات من هذه المنتجات الأولية لم يتماشى مع المنتجات السلعية والصناعية الأخرى، وسبب ذلك يعود إلى احتكار الدول المتقدمة للتكنولوجيا المتقدمة وكذلك استحواذها على القدرات الصناعية للصناعات الإنتاجية. وانخفض مجموع الصادرات من المنتجات الزراعية من 31% إلى 15% بين عامي 1960 و 1990، إلا أن حصة المنتجات الصناعية ازدادت خلال نفس الفترة من 50% إلى 60%. وخلال عقد السبعينات(1970) رفعت الدول المنتجة للنفط إيراداتها المتحققة من التصدير بشكل ملحوظ، وكان ذلك نتيجة للزيادة الكبيرة في أسعار النفط. وحققت بعض هذه الدول مثل البرازيل وكوريا وسنغافورة وتايوان زيادة في قدراتها التصنيعية، وحظيت هذه الدول الصناعية الحديثة (Newly industrialized Countries) بحصة معتبرة من سوق التصدير للقوى العاملة والمنتجات ذات التكنولوجية البسيطة. وساندت العديد من منظمات الأمم المتحدة اتفاقيات التجارة الدولية ومنحتها الاعتبارات الدولية لتنشيط التصدير من الدول النامية خلال الفترة 1970 إلى 1980 مما ساعد هذه الدول على زيادة حصتها في الأسواق الدولية. وبالتالي حققت الدول الصناعية الحديثة زيادة حصتها السوقية الدولية بمقدار 13%. الاستثمار الأجنبي المباشر من وجهة النظر التقليدية بخصوص التجارة الدولية فإن العمالة، وعوامل الإنتاج الأخرى، لا تتمتع بمرونة الحركة والانتقال بين الدول. وتهتم الشركات متعددة الجنسيات ليس فقط بحركة وانتقال السلع والخدمات بين الدول عموماً، بل أيضاً بحرية حركة وانتقال رأس المال. ويسمح تدويل رأس المال للشركات والأفراد لمناقلة رأس المال بين الدول لأغراض التملك والاستثمار في الموجودات المختلفة والمساهمة في تأسيس المنظمات التجارية والصناعية المتنوعة. نظرياً، يناقل المستثمرون الأموال من دولة إلى أخرى إذا هم توقعوا تحقيق عائد أفضل ومردود أعلى. إن مناقلة الاستثمارات من دولة لأخرى تقع لأسباب عدة منها: 1 ـ الدول الثانية توفر عائداً أعلى على المدى الطويل قياساً بما كان يتحقق في الدولة الأولى. 2 ـ حصول المستثمر في البلد الثاني على موجودات أكثر وبنفس حجم رأس المال الذي كان مستثمراً في البلد الأول. ومن هذا المنطلق، فإن الاستثمارات تنساب من الدول المتقدمة الغنية إلى الدول النامية والفقيرة، إلا أن المستثمرين لا ينقلون أموالاً كثيرة من الدول المتقدمة إلى الدول النامية ويمكن أن نستشف أن عوامل مثل العائد المالي والكلفة الأقل غير كافية لجذب رؤوس الأموال إلى مجالات التجارة والصناعة. ذلك أن العوائق التي تواجه الاستثمار الأجنبي قد تكون ذات طابع سياسي أو اقتصادي متأثرين بدرجة الاستقرار والمخاطر السائدة في بلد ما، إلى جانب القيود التي تفرضها بعض الحكومات على عمليات الاستثمار، وكذلك مدة استرداد العائد المقبول على الاستثمار. وإن الدول التي لا توفر عائداً عالياً على الاستثمارات قد تكون اقتصاديات جذابة للاستثمار إذا هي وفرت الظروف المناسبة والضامنة لتعويض أتعاب عملية الاستثمار فيها. المحافظ والاستثمار المباشر قد تأخذ الاستثمارات الأجنبية شكلا ًمن أشكال المحافظ الاستثمارية أو تكون استثماراً مباشراً. المحافظ الاستثمارية هي عملية استثمار في أوراق مالية دون أن يكون للمستثمر صوت في إدارة المنظمة، إلا أن الاستثمار المباشر ينطوي على درجات متفاوتة من الملكية والإدارة. في مجال المحافظ الاستثمارية لا يمثل المستثمر أي سيطرة على أمواله المستثمرة في مشروع ما، إلا أن هناك عدداً من الخصائص التي تشجع على الاستثمار في الأوراق المالية (المحافظ الاستثمارية) أكثر من الاستثمار المباشر. وان بعضاً من إيجابيات المحافظ الاستثمارية تتضمن: أ ـ بيئة نظامية مشجعة. ب ـ سيطرة حكومية على الأوراق المالية وعمليات تداولها. جـ ـ إمكانية التنويع الاستثماري. د ـ كلفة منخفضة نسبياً. فمثلاً نجد أن أعمال الأوراق المالية وتداولها في الولايات المتحدة واليابان وأوروبا منظمة وتخضع لتعليمات حكومتها. ومثل هذه التعليمات الحاكمة تخفض من المخاطر التي قد تتعرض لها عملية الاستثمار، وتوسع من معطيات الحماية تجاه أي عمل غير قانوني أو تزوير قد يواجه هذه العملية، كما يستطيع المستثمر الأجنبي تنويع محافظه الاستثمارية بسهولة ويسر دون أن يتحمل تكاليف إضافية. وبالمقابل فإن أي قيود وضوابط تجاه محافظ الاستثمار قد تبعث التردد وعدم الإقدام على اقتناء أية محفظة. فمثلاً الضرائب أو قيود التحويل الخارجي، أو سيطرة الحكومة على سوق رأس المال هي أمثلة على القيود والضوابط التي تواجه المحافظ الاستثمارية. وتفرض غالبية الدولة ضرائب على الأرباح ونسب الفائدة المتحققة على تلك المحافظ الاستثمارية، والقوانين الضريبية غير المشجعة ومعدلات الضرائب يمكن أن تضاعف الحالة الضريبية على المستثمرين، إلى جانب أثار القيود البيروقراطية التي قد تبرز في المحيط الاستثماري. وقيود التحويل الخارجي تأخذ أشكالاً عدة مثل الحد من شراء أوراق مالية أجنبية، الحد من شراء أوراق مالية محلية من لدن المستثمر الأجنبي. وتسيطر بعض الحكومات تماماً على أنشطة الأوراق المالية العاملة في بلدانها وبدرجات متفاوتة، فمثلاً نجد أن المستثمر الأجنبي في كل من الهند والمكسيك وكوريا لا يستطيع أن يتعدى الحد المسموح به للاستثمار في الأوراق المالية، وذلك لوجود سقوف مالية لا يمكن تجاوزها. أنماط حديثة للاستثمار الأجنبي المباشر الاستثمار الأجنبي المباشر هو استثمار يأخذ مجاله في بلد أجنبي وله درجات متفاوتة من المسؤولية في إدارة نشاط المنظمة التي تم الاستثمار فيها. كان لأمريكا الحصة الأكبر في الاستثمار الأجنبي بعد الحرب العالمية الثانية وحتى منتصف السبعينات (1970). وبعد ذلك تطورت الاستثمارات اليابانية والأوروبية بشكل ملحوظ، إلا أن بريطانيا وأمريكا حازتا على معدلات استثمارية حتى عام 1985. أما بعد حرب عام 1986 فقد تسارعت الاستثمارات اليابانية بوتائر أعلى من الاستثمارات الأمريكية، ولتصبح أكبر المستثمرين في العالم. في عام 1989 كانت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أمريكا تجاوزت 1051 مستثمراً، وان ثلث هذا العدد كان من المستثمرين اليابانيين. في سوق رأس المال الأمريكي يعلب رأس المال الأجنبي الدور الرئيسي، وتعتمد اذونات الخزينة الأمريكية والسندات والأسهم الصادرة عن الشركات المختلفة تعتمد بشدة على الاستثمارات الأجنبية. وان جريان رأس المال الأجنبي حول الاقتصاد الأمريكي من كونه الدائن الأكبر في العالم إلى كونه المدين لدول العالم الأخرى. فمثلاً حققت الدول الغربية أكثر من نصف ترليون دولار من الاستثمارات في الولايات المتحدة، كما زادت اليابان حجم مبالغها الاستثمارية لتصبح أكثر من 350 بليون دولار في نهاية عقد الثمانينات. آثار الاستثمار الأجنبي المباشر إن قوة الين الياباني والمارك الألماني والعملات الأخرى أسهمت كثيراً في تزايد الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة. وبحلول 1990 كان الكثير من الشركات الأمريكية بما فيها Smith & Wesson General Electric, General Tire وأخرى تم شراؤها من قبل شركات متعددة الجنسيات مستثمرة أوروبية ويابانية. وقد وظف المستثمرين الأجانب بعد عام 1980 البلايين من الدولارات في أمريكا ذهبت جلها في امتلاك شركات تجارية، معامل صناعية، وعقارات. وارتفع هذا الاستثمار إلى ما يقارب 500 بليون دولار في عام 1990. وقد شهدت الحكومة الأمريكية حينها ان الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد خلقت وولدت العديد من الوظائف وحفزت دخول رؤوس أموال جديدة إلى بيئة الأعمال، كما روجت لدخول تكنولوجيا جديدة إلى الصناعة وساعدت الاقتصاد والصناعات في أن تحتل مكانة تنافسية ملحوظة، ويجادل الخبراء بان الاستثمار الأجنبي المباشر قد أدخل منافسين أقوياء إلى هذا السوق مما يتطلب الانتباه واليقظة. إن تزايد الخوف من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وأنها قد استحوذت على حصة لا بأس بها من الفعاليات الصناعية والتجارية الأمريكية، عكسته المذكرة التي رفعت إلى مجلس الشيوخ ربيع عام 1988 ولو أن الحكومة قد عارضت هذا الاستحواذ في 1986، حيث أشارت إلى أن بعض الشركات أصبحت مملوكة من قبل المستثمر الأجنبي، وأصبح بالإمكان امتلاك والسيطرة على جانب مهم من التكنولوجيا ذات العلاقة بأمور الدفاع والقضاء. وقد ساندت شركات الحاسوب الأمريكية هذه الملاحظة واندفعت لرفع أصواتها أمام الحكومة حينها، وكل ذلك دفع بعض المستثمرين الأجانب إلى الانسحاب وعدم زج استثماراتهم في الصناعات الأمريكية. مثل هذه الأحداث وأخرى دفعت الحكومة للنظر بإصدار تعليمات جديدة تحد من اندفاع المستثمرين الأجانب من التحول والمباشرة في الاستثمار في تطوير المنتوجات. وتوجهت العديد من الشركات متعددة الجنسيات بما فيها Toyotaو Komatsu وNEc بهذا الاتجاه فطورت منتجات جديدة وقدمت خدمات متطورة للمستفيدين.
الآثار الايجابية والسلبية للاستثمار الأجنبي ساعدت الاستثمارات الأجنبية المباشرة عل مناقلة رؤوس الأموال والتكنولوجيا بين الدول. وشملت عمليات نقل التكنولوجيا مثلاً تقديم منتجات جديدة، تطوير أساليب الإنتاج، خبرات ومهارات، وأفضل جوانب نقل التكنولوجيا هو نقل الخبرات الإدارية كما ساهمت هذه الاستثمارات في تطوير جوانب أساسية من القطاعات الصناعية في العديد من البلدان، ففي العديد من الدول النامية شجعت وحركت الاستثمارات الأجنبية المباشرة التنمية الصناعية وخلق توجهات نحو التنويع وبناء قاعدة صناعية محلية وحتى في الدول المتقدمة فقد نشط التنافس الذي خدم في النهاية جمهور المستهلكين. ومع أن التوظيف الذي خلقته الاستثمارات الأجنبية نشط الاقتصاديات المحلية، إلا أن ذلك أسهم أيضاً في إكساب قوة العمل المهارات والطاقات الجديدة، إلى جانب دور هذا الاستثمار في توليد الأفكار وتقديم منتجات جديدة وتحريك رؤوس الأموال الجبانة نحو الولوج في الأعمال. فإذا كان ما قدمنا يشير إلى إيجابيات الاستثمار الأجنبي، فإن هناك جوانب سلبية كذلك، لما يخلقه هذا الاستثمار من تهديد ويولده من صراع في الدول المستضيفة له. إذ لا تمتلك الدول النامية سوى تكنولوجيا محلية، وهي تعتمد كلية على تكنولوجيا أجنبية. فمثلاً طورت كوريا صادراتها الصناعية بعد أن استوردت تكنولوجيا متقدمة، ودعت رؤوس الأموال واستضافتها من اليابان وأمريكا، كما أن الشركات والاستثمارات الأجنبية عملت المادية والمالية التي تقدمها لذوي العقول والطاقات أكثر مما تقدمه الشركات والمنظمات المحلية. كما انتقدت الاستثمارات الأجنبية في المشروعات كونها تصدر للمجتمعات المحلية أنماطاً سلوكية وحضارية وعادات وتقاليد لا تتماشى وتقاليد تلك المجتمعات. وقد عبرت الكثير من الدول والمجتمعات العربية والإسلامية عن عدم رضاها على طريق ونمط الحياة الغربية. كما أن الحكومة الصينية هي الأخرى عبرت عن مشاعرها الرافضة لأثار الحضارة الغربية على الحضارة الصينية، حتى أن عملية الاستثمار الأجنبي استغلت سياسياً من لدن المستثمر والمستقبل للاستثمار. والكثير من الدول انتقدت ورفضت سياسة جنوب أفريقيا للتميز العنصري، مما حدا بالأمم المتحدة لتبني فعل ينطوي على عدم تشجيع المعنيين من الاستثمار في ذلك البلد. كما أن العديد من الدول حرمت من الاستثمار الأجنبي مثل كوبا، فيتنام ونيكراكوا، بقوة الدول المتقدمة صناعياً مثل اليابان وأمريكا ولأسباب سياسية. ولا زال الشعار عموماً مرفوعاً بخصوص ضرورة السيطرة على عمليات الاستثمار الأجنبي. الشركات متعددة الجنسيات يقصد بالشركات متعددة الجنسيات تلك الشركات التي تزاول نشاطها عبر الحدود وتمتلك فروعاً لها في دول أخرى. وحيالياً هناك ما يقارب 500 شركة من كبريات الشركات متعددة الجنسيات في العالم، وحسبما أوردته إحصاءات الأمم المتحدة فإن هناك ما يقارب 8000 شركة يمكن اعتبارها شركات متعددة الجنسيات في عموم العالم. تتواجد غالبية هذه الشركات في بعض الدول المتقدمة بما فيها اليابان وأمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا. نشأت الشركات متعددة الجنسيات العاملة في دول حوض البحر المتوسط بما فيها ايطاليا نشأت في القرن الرابع عشر، بينما نشأت الشركات البريطانية بين القرن السابع عشر والثامن عشر. وفي القرن التاسع عشر قام بعض الصناعيين من أوروبا واليابان والولايات المتحدة بإنشاء مشروعات متعددة الجنسيات في بعض البلدان في مجال الصناعة والتوزيع. هذه الشركات ذات الجنسيات المتعددة شملت صناعة مكائن الخياطة المنزلية (سنجر) وصناعة الأدوية (Bayer) وصناعة كهربائية ومحركات (Mitsubishi) وصناعة غذائية (الفواكة). ويمكن القول بان الشركات متعددة الجنسيات هي الأدارة الأولى في توسيع نطاق الأعمال الدولية (تجارية كانت أم صناعية). خصائص الشركات متعددة الجنسيات يتأتى جزء كبير من أرباح الشركات متعددة الجنسيات من فعالياتها وأنشطتها التي تجري في دول أخرى، حيث تستلم هذه الشركات ما يعادل 40% من أرباحها جراء قيامها بالأعمال الدولية، وتدور عمليات وفعاليات هذه الشركات في أسواق احتكار القلة حيث تهيمن عليها أعداد قليلة من البائعين. وهناك نوعان من الاحتكار هما النمطي والمتمايز الاحتكار النمطي يعني عدداً محدوداً من الشركات تنتج سلعة متماثلة أو نمطية مثل الإسمنت، صحون زجاجية، مواد كيميائية، الأسمدة ومنتجات صناعية أخرى. وتقوم هذه الشركات ببيع منتجاتها بأسعار متقاربة. أما الاحتكار المتمايز فيعني أن الشركات تنتج متنجات متباينة وتتمايز عن بعضها نوعاً ما، ويجري بيعها بأسعار متباينة ومختلفة تقريباً. السلع تحت هذا الصنف والسلع الاستهلاكية مثل مواد التجميل والمطهرات، والأجهزة الكهربائية والسيارات والغذاء المعلب. قبل الحرب العالمية الثانية كانت قوة الشركات متعددة الجنسيات تتمحور حول الصناعات الاستخراجية، مثل البترول (النفط) الغاز الطبيعي والتعدين والتجارة الدولية. وأن غالبية الأعمال الصناعية التي مارستها الشركات متعددة الجنسيات برزت في أعقاب الحرب العالمية الثانية وبحدود منتصف الثمانينات (1980) فإن الصناعة والتصنيع ولّدا نصف أرباح هذه الشركات. أما خلال السنوات القليلة الماضية فقد نشطت صناعة الخدمات مثل الأعمال المصرفية والتأمين وتداول الأوراق المالية. وأصبحت هذه الأعمال تشكل جانباً معتبراً وذا مغزى من جملة نشاط وفعاليات الشركات متعددة الجنسيات. وقد ساهمت هذه الشركات إيجابياً في التنمية الاقتصادية للعديد من الدول. فمثلاً أسهمت مساهمة ملحوظة، مما مكنها من تطوير قابلياتها وقدراتها الانتاجية وجعلها أكثر قدرة على توفير السلع لمجتمعاتها. أثر الشركات متعددة الجنسيات على الدول المستضيفة وقد أدركت الشركات متعددة الجنسيات أن عليها أن ترضي أطرافاً أخرى إلى جانب كسب رضا مالكيها، حيث يقع على عاتق هذه الشركات مسؤولية العناية بالمجتمعات والدول التي تزاول أنشطتها فيها. والمنفعة المتحققة للبلد الأجنبي قد لا تكون بالضرورة منفعة ستتحقق في الأجل القريب للشركة ذاتها. فمثلاً قد يطلب من إحدى مصانع قطع الغيار أن تستثمر في (بيرو) وتوفر للعاملين فيها سكن مناسب. ولكن الشركة تتمكن من أن تنتج قطع الغيار في المكسيك وبكلفة أقل. لكن (بيرو) تحتاج لهذا الاستثمار وبشدة أكثر من حاجة المكسيك له. في مثل هذه الحالة يخسر المصنع في الأمد القصير، إلا أن صناعة قطع الغيار في (بيرو) حققت أرباحاً في الأمد البعيد. وان نتائج قرار الاستثمار في الإسكان أثرت بشكل ملحوظ على الاقتصاد المحلي والمجتمع. وتترك أنشطة وفعاليات الشركات متعددة الجنسيات آثاراً ملحوظةً على البيئات المحلية وقد تتماثل هذه الآثار الناتجة عن عمليات الاستثمار الأجنبي وإن اختلفت البيئات المستقبلة لهذا الاستثمار فمثلاً قد يعد أثر الاستثمار. الأجنبي على البلد المستضيف ايجابياً، في حين يعد سلبياً من وجهة نظر البلد المستثمر. إن إنشاء مصنع في بلد نام يعد حالة إيجابية لهذا البلد، ولكن قد يعد حالة سلبية إذا ما تم إغلاق مصنع مماثل في البلد الذي قام بالاستثمار وذلك للنتائج التتابعية التي ستترتب بعد عمليه إغلاق المصنع. ذلك أن الآثار الناتجة عن الشركات متعددة الجنسيات هي آثار متشابكة ومعقدة. إن الأثر الإيجابي في واحدة من الدول المستفيدة من الاستثمار قد لا يؤدي بالضرورة إلى إحداث مترتبات سلبية عليه. قد يكون من الصعب قياس النتائج الأخيرة لأنشطة وفعاليات الشركات متعددة الجنسيات على البلد المستضيف، وبدقة، لأن مثل هذه النتائج تستند إلى جملة عوامل منها على سبيل المثال: 1 ـ العلاقة بين التكنولوجيا المعتمدة من قبل المستثمر والتطور التكنولوجي الذي سيحصل نتيجة لهذا النقل. 2 ـ رغبة الدولة المستضيفة بتقبل نقل التكنولوجيا إليها. 3 ـ الرغبة والاستعداد في قبول المنتج الجديد نتيجة الاستثمار الأجنبي. 4 ـ الحالة التنافسية المضافة التي تنشأ نتيجة تقديم منتجات مماثلة لما يقدمه البلد المستضيف وبأسعار مغرية لا تنافس تماماً المنتج الجديد. 5 ـ رغبة الحكومة في البلد المستضيف بتوفير رعاية مناسبة للاستثمار الأجنبي. ما قيل بشأن الشركات متعددة الجنسيات عبرت الدول النامية والمتقدمة عن وجهات نظرها بشأن الشركات متعددة الجنسيات وبرزت وجهات النظر هذه في بداية السبعينات (1970) والتي تمحورت حول تزايد ونمو قوة هذه الشركات والآثار التي غدت تتركها على الكتل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البيئات المستضيفة لها. والعديد من الدول النامية اعتبرت أن هذه الشركات تشكل من المخاطر والتهديدات التي تنشأ في بيئتها أكثر من المردودات التي قد تتحقق لمجتمعها وكنتيجة لهذه المخاوف أنشأت الأمم المتحدة هيئة سميت National Corporations Commission on Trans والتي عدت الضابط لسلوكيات وتطبيقات الشركات متعددة الجنسيات. كما وجهت انتقادات أخرى لهذه الشركات من الدول المتقدمة كذلك، والتي تفيد أن الشركات متعددة الجنسيات: 1 ـ تنقل فرص العمل والتوظيف واستثمار الأموال إلى خارج بلد المستثمر. 2 ـ تخلق فرصاً مستقبلية تنافسية وتخفض من الإمكانات الاقتصادية في بلد المستثمر. 3 ـ تولد أرباحاً في بلدان أخرى تحرم بلد المستثمر منها.4 4 ـ نتيجة استثمارها في بلدان أخرى فهي تتهرب من قيود وقوانين رقابة البلد الأم لللمستثمر. 5 ـ لا تخضع للنظام الضريبي ساري المفعول في البلد الأم للمستثمر. 6 ـ تهيمن في البلد المستضيف وقد تخلق ردود فعل تجاه البلد الأم للمستثمر. 7 ـ تستحوذ على العقول النيّرة والمتعلمة في البلد المستضيف وتشجع على هجرة العقول إلى بلدان أخرى. 8 ـ قد تروّج لتطبيقات لا أخلاقية عند قيامها بالنشاط مثل الرشوة والتلاعب بالأسعار وتقديم الهدايا لتحقيق المصالح. إن من أبرز جوانب الصراع والتباين بين الشركات متعددة الجنسية والبلدان المستضيفة هي الاختلافات في الأهداف والسياسات والنوايا. والعديد من الحكومات عبرت عن اسمئزازها وعدم قدرتها على السيطرة على فعاليات الشركة الأجنبية. ذلك أن الشركات متعددة الجنسيات الكبيرة والتي تتبعها فروع في عدد من الدول تستطيع مناقلة رؤوس الأموال، التهرب من الضرائب، التوسع بالاستثمار لتحقيق امتيازات مختلفة، ناهيك عن تجاهلها للقوانين والأولويات الاقتصادية للدول المستضيفة. ومع ذلك فإن الحالة الراهنة والمستقبلية للبيئة الدولية تفرض على الشركات متعددة الجنسيات أن تطور ستراتيجيات أعمالها لتمكنها من تحقيق ميزة تنافسية، وفي الوقت نفسه أن تتكيف مع بيئة الدولة المستضيفة وقد تكون ستراتيجية تحقيق الأرباح على الأمد الطويل أفضل من استراتيجية تحقيق الأرباح العاجلة(1). (*) دكتوراه إدارة أعمال، أستاذ في الجامعات العراقية والعربية، أحد الخبراء الخمسة الذين أوجدوا أول طريقة للاختزال باللغة العربية (طريقة الفراهيدي) عام 1989م. المصدر: إدارة الأعمال الدوّلية مدخل تتابعيّ، د.شوقي ناجي جواد، الأهلية للنشر والتوزيع.
#شوقي_ناجي_جواد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عرض لكتاب قصة الوقت
-
الشرق أوسطيةأقتصاديا وسياسيا
-
تقديم وعرض لكتاب السياسة والحيلة عند العرب
-
الاختزال بللغة العربية - طريقة الفراهيدي
-
الإستراتيجية مفهمومها ومغزاها
المزيد.....
-
المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل
...
-
مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت
...
-
إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس
...
-
-فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
-
موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق
...
-
وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
-
مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في
...
-
كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا
...
-
مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية
...
-
انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا
المزيد.....
-
كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس)
/ صديق عبد الهادي
-
الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي.
/ فخرالدين القاسمي
-
التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل
...
/ فخرالدين القاسمي
-
الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا
...
/ محمد مدحت مصطفى
-
الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال
...
/ محمد مدحت مصطفى
-
مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق
/ منتصر الحسناوي
-
حتمية التصنيع في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام
...
/ عبدالله بنسعد
-
تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا
...
/ احمد موكرياني
المزيد.....
|