أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال الربضي - العقل المريض – ألفاظ: عاهرة، ديوث، كنموذجين.















المزيد.....

العقل المريض – ألفاظ: عاهرة، ديوث، كنموذجين.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4936 - 2015 / 9 / 25 - 12:57
المحور: المجتمع المدني
    


العقل المريض – ألفاظ: عاهرة، ديوث، كنموذجين.

من يتابع وسائل التواصل الاجتماعي و بالأخص الفيسبوك في معرض ِ التفاعل ِ مع أي قضية، سيندهش ُ من نوعية ِ تعليقات ِ الفئة ِ الشبابية بالخصوص، فهي بشكل ٍ يكادُ يكون ُ دائما ً مصبوغة ٌ بمزيج ٍ من الدين و الجنس.

المُدهش ُ ليس َ توظيف ُ الدين كمبدأ، لكن قناة ُ نقل ِ هذا التوظيف، فاقتباس ُ الشباب الذكور للفكرة ِ الديني يُرافِق ُ مفردات ٍ جنسية ٍ تُقحم ُ فيها نساء ُ بيت ِ و مُحيط ِ المردود ِ عليه في التعليق، مع طعن ٍ شخصي ٍّ بأخلاقِه ِ و رجولته، بالتزامُن ِ مع غياب ٍ تامٍّ أو حضور ٍ لا يُذكر للفكرة ِ الرئيسية التي كان يجب ُ أن يُردَّ عليها. إننا هنا أمام ردود ٍ لا تعتني بالفكرة أبدا ً إنَّما تُفرِّغ ُ حمولات ٍ أيدولوجية دينية، و اجتماعية شعبية في مواضِع ٍ ليست لها. إننا ننظر ُ بوضوح ٍ إلى ظاهرة ِ غليان ٍ ديني اجتماعي مُتحفِّز جاهز ٍ للانقضاض يبحث ُ لنفسِه ِ عن مكان ِ تفريغ و مشهد ِ استعراض. إنَّها عشوائية ُ الضرب و الاستهداف المبنيَّة ُ على غضب ٍ يُستدعى و يُبنى و يتم ُّ التكديس ُ فوقَه ُ عن قصد ٍ و إرادة من قِبل بعض ِ شيوخ ٍ يمتهنون َ الغوص َ في النفس ِ الشبابية لإخراج ِ كل ِّ المبادئِ السلبية و تصديرها في واجهة ِ الوعي، و جعلها المرجعيَّة َ في الحُكم ِ على الحياة.

يدهشني في الردود كثرة ُ استخدام للشباب للفظ: ديوث، لوصف أي شاب يتحدث عن الاختلاط و الرقص و الفرح. هؤلاء يرون الأفعال الإنسانية َ الطبيعية َ مظاهرَ لجوهر ٍ فاسد يتجرد فيه المرء من كرامته الأنسانية و رجولته معا، بالتزامن مع تحول المرأة إلى عاهرة، ليلتقي عهرها مع انتفاء الرجولة. لقد سبق َ تعليقـَهم تشويه ُ الوعي و الإدراك حتى أصبحت المرأة ُ مجرَّد َ كائن ٍ جنسي، لا يتحرَّك ُ إلا من أجل فعل ٍ جنسي، و لا يُرى من الذكور إلا من خلال ِ فلتر ٍ جنسيٍّ أيضا ً. لقد اختزلوا المرأة َ في وظيفتها البيولوجية التكاثرية، بعد َ أن أفرغوها من كرامتها الإنسانية و جوهرها البشري إفراغا ً تامَّا ً. أصبحت المرأة ُ بالنسبة ِ لهم قطعة ً من "اللحم"، هل تظنوني أبالغ؟ في الحقيقة ِ: لا. حين يعجزون عن الردِّ عن أي فكرة فإن التهمة للذكر جاهزة: ديوث، و للأنثى: "ضُبِّي لحمك" أي خبِّئ جسدك ِ عن عيوننا فصورتُك على البروفايل أو صفحة الـ cover موجودة، إن مجرَّد ظهور صورة الفتاة عار ٌ عليها و انتصار ٌ لهم، كما يظنون، فأيُّ بؤس ٍ فكريٍّ إدراكيٍّ هذا؟ لقد أصبح وجود َ الأنثى في حد ِّ ذاته عارا ً ، صورتها عار، وجهها عار، ذراعها في قميص ٍ أو تيشيرت عار، رجلها في بنطلون جينز عار، ابتسامتها عار، بربيش ُ أرجيلة في يدها عار ٌ مضاعف: تدخين أولا ً، و استدعاءٌ لشكل ِ القضيب الذكري قريبا ً من فمها ثانيا ً. أي ُّ انحطاطا ً صار َ إليه ِ شبابُنا؟

كيف تعالج هذا الفكر المريض الذي يرى في بديهيات الفعل الإنساني إسقاطات شخصيته المريضة و المهووسة بالجنس و التي تحضر في كل أحكامه و ترسم رؤيته إلى الحياة؟ كيف يتقهقر شاب في مقتبل العمر إلى كائن بدائي يشتهي المرأة و يغطيها، يعبد مهبلها و يقصيه، يذوب في حنايا جسمها و يحقد على الملابس التي تحتويه، هذا الفصام النفسي يتحمل بعض شيوخ ٍ نذروا أنفسهم للحقد ِ و التكفير مسؤوليته بالدرجة الأولى. إنهم لا يكلُّون و لا يملُّون من وسم ِ طريقة ِ الآخرين في الحياة بألفاظ ٍ عدوانية ٍ مريضة:

- مهرجانات الموسيقى: مجون و فسق ٌ و فجور.
- الاختلاط: فتن ٌ يجب ُ درؤها.
- جلوس ُ الشابِّ مع الفتاة: مشروع يلتقي فيه فاسق ٌ بعاهرة.
- الدفاع عن قيم الحب و الحداثة: ديوثه و عهر.

أما نحنُ، فننطلق ُ في رؤيتنا للحياة من الانسجام ِ مع طبيعتنا البشرية ِ بالدرجة ِ الأولى، و من الاصطلاح ِ على قيم ٍ معيشية ٍ اجتماعية ٍ بالدرجة ِ الثانية. و في كليهما نجد ُ أن الحب َّ و الفرح َ و الرقص َ و الاختلاط َ و الموسيقى كلّـَها مظاهرُ سويَّة ٍ نفسية ٍ منفصلة ٍ عن الجنس انفصالا ً تامَّا. لا شأن َ للجنس ِ بالموسيقى، و لا نطلب ُ الفعل َ الجنسي حينما نرقص، و لا نفكِّر ُ في الالتقاء ِ الحميم حينما ندرس ُ في الجامعة في نفس ِ القاعة، و لا تُستثار ُ غريزتنا إذا رأينا ذراعا ً خارجة ً من تيشرت أو ساقا ً من تحت ِ فستان، و لا يشعر ُ أحدنا بنشوة ٍ جنسية ٍ مريضة حينما يرى نساءه في عيون الرجال الآخرين في ديوثة ٍ وصفها الروائيُّ حنَّا مينا في روايته الثلاثية: حكاية ُ بحَّار، حينما كان َ يتحدَّث ُ عن كاترين الحلوة و زوجها حبابا. إن النفوس َ التي يتبادر ُ إلى ذهنها مفهوم ُ الديوثة فور رؤيتها لمجتمع ٍ مختلط أو سُخطا ً على شباب ٍ يشتركون َ في مهرجان ٍ موسيقي لهي المريضة ُ، و هي المُبتلاة ُ بالوعي ِ المُشوَّه ِ البدائي الحيواني، و إنَّها هي بذاتهِا المُحتاجةُ إلى الوصاية ِ للعلاجٍ من الشبق ِ الجنسي ِ و الهوس المريض ِ، و هي التي يجب ُ أن تُتدارَك َ بالتقويم ِ دون إبطاء.

في الموسيقى نجد ُ سلام َ نفوسنا، و في الأدب و الفكر نجد ُ غذاء ً عقليا ً رفيعا ً مُشبعا ً، و في الاختلاط انسجام ٌ مع طبيعتنا البشرية، و في الحب ِّ استدعاء ٌ لأجمل ِ و أنفَس ِ و أروع ِ و أقدر ِ ما فينا، و في المشاعر ِ الإيجابية ِ تفاعل ٌ كريم ٌ نبيل ٌ مع بعضنا البعض، و في الإنسانية ِ و التلقائية ِ و الحُبور ِ و التناغُم ارتقاء ٌ لنوعنا فوق البوهيمية ِ التي يريدون أن يعيدونا إليها.

لم أجد ختاما ً لمقالي هذا أبلغ َ من كلمات ِ طيب ِ الذِّكر ِ دوما ً، الشهيد الراحل فرج فودة، و التي تصفُ مستقبلَ بؤسهم وصفا ً دقيقا ً يتجلَّى أمامنا كلَّ يوم:

سيصرخون ضد الغناء .. وسيغني الشعب
سيصرخون ضد الموسيقى .. وسيطرب الشعب
سيصرخون ضد التمثيل .. وسيحرص على مشاهدته الشعب
سيصرخون ضد الفكر والمفكرين .. وسيقرأ لهم الشعب
سيصرخون ضد العلم الحديث .. وسيتعلَّمُه ابناء الشعب
سيصرخون ويصرخون .. وسيملؤون الدنيا صراخا ً
وسترتفعُ أصواتُ مكبرات صوتهم
وستنفجر قنابلهم .. وستفرقع رصاصاتهم
وسيكونون فى النهاية ضحايا كل ما يفعلون
وسوف يدفعون الثمن غاليا ً حين يحتقرهم الجميع
ويرفضهم الجميع
ويطاردهم الجميع.

صدق َ فرج فودة، لكنَّهم يجهلون!



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوح في جدليات – 14 – مامون.
- عن اقتحام ِ المسجد ِ الأقصى المُستمر.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 4 – الماهيَّة و الجذر – ج3.
- مع صديقي المسلم على نفس أرجيلة.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 3 – الماهيَّة و الجذر – ج 2.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – 2 – الماهيَّة و الجذر – ج 1.
- قراءة في الفكر الأبوكاليبتي – مُقدِّمة للسلسلة.
- بوح في جدليات – 13 – لوسيفر.
- قراءة من سفر التطور – 6 – من ال 1 إلى ال 3.
- بوح في جدليات – 12 – عصفور ماريَّا.
- قراءة في الوجود – 5 - الوعي كوعاء للعقل و الإحساس و ما دونه.
- قراءة في الوجود – 4 – بين وعي المادة و هدفها.
- بوح في جدليات – 11 – في مديح ِ عشتار - نحن ُ الإنسان!ّ
- قراءة في اللادينية – 6 – مقدِّمة في مظاهر ما قبل الدين عند ا ...
- بوح في جدليات – 10 – ثلاثة ُ أيام ٍ بعد.
- قراءة في اللادينية – 5 – جذورُ: الإحيائية، الطوطم و التابو ف ...
- قراءة من سفر التطور – 5 – من ال 24 إلى ال 23
- قراءة من سفر التطور – 4 – من ال SIV إلى ال HIV
- المرأة الفلسطينية – بين الأمومة و السياسة.
- بوح في جدليات - 9 - ديك أسكليبيوس.


المزيد.....




- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال ...
- البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن ...
- اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
- البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا ...
- جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا ...
- عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س ...
- حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نضال الربضي - العقل المريض – ألفاظ: عاهرة، ديوث، كنموذجين.