|
الشريعة الإسلامية والمجتمع الدولي والسعودية
عبدالله مطلق القحطاني
باحث ومؤرخ وكاتب
(Abduallh Mtlq Alqhtani)
الحوار المتمدن-العدد: 4931 - 2015 / 9 / 20 - 18:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
انشغلت بعض الصحف والمواقع المحلية بشأن تقرير وانتقادات مجلس حقوق الإنسان الأممي التابع لهيئة الأمم المتحدة ، للملكة وعلى وجه الخصوص عقوبة الإعدام والتي لم تكتف السعودية كعقوبة للقاتل بل أصبح الإعدام عقوبة لجرائم متعددة لم ترد أصلا بالحدود والتشريعات الإسلامية ، من قضايا وجرائم معاصرة ولم تكن معروفة أو مألوفة في الماضي ، وخاصة ما يندرج تحت ما يعرف بجرائم تهريب أو ترويج المخدرات ، والقضايا التي تدرج تحت خانة الإرهاب ، وصحيح أن قوانين الإرهاب والتي صدرت قبل فترة وإن كانت ذات صبغة مطاطية وفق رأي خبراء وحقوقيين إلا أن مساواة الإلحاد واعتباره جريمة كالإرهاب محل انتقاد واسع ، لكن أيضا فإن الإلحاد ووفق التشريع الإسلامي بإجتهاد فقهاء العصر من القضاة والمشرعين الإسلاميين يعد ردة عن الإسلام ! وبالتالي عقوبته حد الردة المعروف ! ويمكننا أن نوجز عقوبات القتل والإعدام وفق الشريعة الإسلامية بالتالي : القصاص أي عقوبة القتل والقاتل ، وعقوبة وحد الغيلة أي القتل بالغدر ؛ وحد الردة ؛ وحد الزنا من المحصن ،
وما دون هذه تعد وتسمى عقوبات تعزيرية ، أي أنها قياس واجتهاد من القاضي ليحكم بالقتل في قضايا وجرائم كبرى أخرى غير المنصوص عليها ، ولا ننسى حد المفارق للجماعة والذي ورد بأحاديث تنص على حد المفارق لدينه أي المرتد ، كما أن العقوبات التعزيرية غير ملزمة التنفيذ من قبل الحاكم أو السلطة التنفيذية إن جاز التعبير ، ويملك الحاكم أو ولي الأمر كما بلغة الفقهاء يملك حق إسقاط العقوبة أو تخفيفها لأي سبب أو مصلحة يراها ،
وعليه يمكن بسهولة ونظرا لواقع اليوم والمتغيرات أن تقنن عقوبات تعزيرية حديثة تتفق ومعايير حقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية بهذا الشأن ودون تصادم طالما هذه من صلاحيات الحاكم المسلم ، وهذا الباب واسع وكبير ومن السهولة بمكان فقهيا استبدال العقوبات التعزيرية غير الملزمة بأخرى تتفق وروح العصر وحقوق الإنسان ،
وأما الحدود وهي محدودة كالقصاص وحد الردة وحد الغيلة وعقوبة الزاني المحصن فإن التشريع الإسلامي نفسه خففها وأسقطها ابتداءا بأمره بدرء الحدود بالشبهات ! فمن المعلوم أن العقوبات والحدود في التشريع الإسلامي عقوبات زجر أكثر منها عقوبات تطلب لذاتها تطبيقا ! وبدليل أن القاضي نفسه ملزم في البداية بالبحث عن أدنى شبهة ليدرء الحد بعقوبة أخف ! أو يسقطه ،
لكن ومع الأسف الشديد أن الاستغلال والتوظيف كما طال النصوص من قبل الحكام المسلمين المتعاقبين طوال تأريخ الإسلام فإن التشريعات من حدود وعقوبات تعزيرية طالها الأمر نفسه ، كما أن عقوبة القصاص وأعني قتل القاتل المتعمد مشروطة ، وشروط قتله بطلب ولي الدم أي ذوي القتيل وأسرته وفق تفصيلات معروفة في الفقه الإسلامي ، بل وباب الدية باب واسع للعفو والصفح وإسقاط حد القصاص ، وقس على ذلك حد الغيلة والردة وزنا المحصن ! والأخيرة شروطها التعجيزية لوحدها كافية لإسقاطه ابتداءا ،
وبهذا يتأكد لنا أن المشكلة في الحقيقة ليست في الحدود والعقوبات أو الشريعة الإسلامية نفسها ، بل مشكلتنا مع التوظيف والاستغلال من أجل الحكم والترويع والقمع والترهيب ! بالمختصر لغرض سياسي بحت لايمت لواقع القضاء بأدنى صلة من أي وجه كان ،
وبإعتقادي الشخصي تبعا لتخصصي الأصلي في الشريعة الإسلامية أنها لا تتعارض ألبتة مع معايير ومواثيق وعهود حقوق الإنسان وواقعنا المعاش اليوم ، بل إن شروط وجوب تطبيق الحدود السالفة الذكر ابتداءا محاطة بسياج محكم يصعب معها تطبيقها وهذا يؤكد غرضها الرئيس الزجر فحسب ،
وعوضا عن أن يرفع البعض صوته بالاعتراض على تقرير مجلس حقوق الإنسان العالمي ويقول : إن أغلب الولايات والمقاطعات في الولايات المتحدة الأمريكية تطبق عقوبة الإعدام ! عوضا عن ذلك عليه أن يخجل ويخرس ! وأن يأخذ كورسا أو دورة بسيطة في القضاء الأمريكي وسير رفع الدعاوى والقضايا والمحاكمات وما يعرف بهيئة المحلفين ! بل وقانون المحاماة والدفاع والمحاكمات العلنية ! والاستقلال الحقيقي للقضاء وعدالته ونزاهته وقوانين ذلك الصارمة بشأن ذلك ، ومراقبة الإعلام وحريته وعلانية المحاكمات ! وطبعا ما قبل ذلك من اعتقال وتحقيق وحضور محامي ،
الشريعة الإسلامية ليس تطبيقها مطلبا لذاته ؛ وشروط تطبيقها كفيلة بإسقاط حدودها من تلقاء نفسها ، وعليه أولا أن نحصنها من الاستغلال والتوظيف سياسيا وغير ذلك !
بل إن الحدود نفسها وقت المجاعات والكوارث لا قيمة لها وفق النصوص وبالتالي يسقط حد السرقة من تلقاء نفسه ! نعم الشريعة الإسلامية يمكن أن تتواكب مع العصر إذا استقلت استقلالا حقيقيا عن التوظيف والاستغلال ، وتوفرت مقوماتها وشروطها الحقيقية وفق نصوصها المجردة عن الأغراض والأهواء .
ملاحظة مهمة / رغم أن الإسلام أولى عناية فائقة لما يعرف بالمحامين وقوانين المحاماة بلغة عصرنا هذا ، إلا أن الدول التي صدعت رؤوسنا بتطبيق الشريعة الإسلامية تغافلت عن ذلك بالكلية !! ، وهذا يؤكد كلامنا بشأن التوظيف والاستغلال !! أعتذر عن الإطناب والإطالة على غير العادة ! ، لكن إذا عرف السبب بطل العجب !!
#عبدالله_مطلق_القحطاني (هاشتاغ)
Abduallh_Mtlq_Alqhtani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل نحن بحاجة لدعاة للإسلام أم للمبدعين ؟!
-
مسيحي أسلم فكرمه الملك وأنا لو كفرت ؟!
-
شبابنا المراهق بين داعش والهيئة والتهميش !
-
الخليج بين العلمانية وولاية رجال الدين والسياسة
-
معاقو الرافعة مليون ريال ومعاقو التعذيب كلاب
-
الفاتيكان إطعام بشر ومكة توسعة حجر !
-
سؤالان إلحاديان عن رافعة مكة والهجرة !
-
أفنان القاسم للتنوير والدراسات الإنسانية
-
التنوير بين أفنان القاسم وواشنطن !
-
الدكتور أفنان القاسم بين الشخصنة والتهجم !!
-
شيوعيو السعودية هل نبعثهم من جديد ؟!
-
أيها القحطاني السلفي القذر سأظهر لك مسيحيتي !
-
تفجير أبها بين ابن عبدالوهاب وداعش !
-
القحطاني بين السيد المسيح وأفنان القاسم !
-
القحطاني وكرسي الاعتراف الأخير !
-
فساد الهرم أم القاع ؟! ياطاهرة ياحكومة !
-
الحريات بين ممالك الخليج ومملكة داعش !
-
النفاق الديني وشراء الكنائس نموذجا !
-
الدكتور أفنان القاسم ورد المسالم !!
-
رزكار عقراوي والقمع وعقوبة الإعدام !!
المزيد.....
-
الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين
...
-
وصول المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس إلى خان ي
...
-
سرايا القدس تبث فيديو للأسيرة أربيل يهود قبيل إطلاق سراحها
-
سرايا القدس تنشر مشاهد للأسيرين -جادي موزيس- و-أربيل يهود- ق
...
-
قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|