|
هل من الممكن ان تنهار التظاهرات في العراق ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4930 - 2015 / 9 / 19 - 18:22
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لقد خرج المواطنون الى الشوارع و الساحات، و لم يتحملوا جسميا و نفسيا، بعد انقطاع شبه دائم للكهرباء في ظل موجة الحر التي مر بها العراق و المنطقة في تلك الفترة ، الا اننا يمكن ان نقول ان الاحتجاجات لم تكن سوى نتيجة للتراكمات السياسية و الاقتصادية المعيشية ايضا و لم تكن وليدة الساعة، و بعد تراجع الوضع اكثر من المحتمل ما ادى الى اان لا يطيق الشعب الوضع و خرج محتجا و تلقفها فرصة بعد ان تفجرت الاوضاع بشعلة نقص الكهرباء . لقد تعامل العبادي بشكل مباشر مع التظاهرات و دخل الساحة بنفسه و استغلها بشكل جيد لتحقيق بعض الاهداف الضيقة، و كانه ليس له الذنب و هو من الرحم ذاته الذي حكم العراق طوال هذه الفترة، و وجٌه انظار المحتجين نحو الحرس القديم و ابعد نفسه من دائرة المذنبين و كانه نزل من السماء، وازداد من نسبة نجاحه في اسلوب تعامله مع الواقعة و حتى يمكن ان ندعيه بانه تراس الاحتجاجات بعدما اخرج بحزمة من المتطلبات التي سميت بالاصلاحات بحُزم متتالية اسبوعيا الى ان خفف من هول الفوضى التي كان بالاماكن ان تنتج منها، و به استوعب الاحتاجات و لازال، لكونه يحسب نفسه منهم رغم عدم تنفيذ ما وافق عليه البرلمان على الاقل الا على الورق . حرارة العملية الاحتجاجية فرضت نفسها على الجميع، و لم يتمكن حتى عضو برلمان واحد ان يدعي ان بعض فقرات الحزمة التي قدمها العبادي خارج نطاق الدستور في البداية، و شاهدنا الموافقة عليها بالاجماع ! و لاول مرة يحدث مثل هذا الاجماع دون صراعات و تلاسنات و احتكاكت لمجموعة طلبات حكومية حساسة بهذا الشكل، منذ السقوط . كانت الاحتاجات في بداياتها و دعمتها المرجعية بشكل مباشر لا بل طلب من العبادي اصدار اوامر لنواحي عدة من التي اعتبرتها من واجبه الاصلاح فيها . و هكذا كلما مر اسبوع و العبادي تماهى مع الاحتاجاجات بحزمة اصلاحية، و ان كانت ترقيعية تقشفية لم تصل الى الاصلاح من قريب او بعيد لحد اليوم، و ان كان لها تاثير مباشر، الا ان تنفيذها مؤجل الى اشعار اخر بعد التدخلات الخارجية و الداخلية المعرقلة، و التي لا يمكن لعبادي تجاوزها بسهولة . يقل زخم العدد للتظاهرات اسبوعا بعد اخر، و يمكن ان نرى تململا هنا و هناك، الا ان هناك اصحاب ارادة و من النخبة الواعين يعلمون جيدا بان لم يحصل ما حدث على نتيجة مشهودة لها لا يمكن ان يرفع احد راسه فيما بعد لمدة طويلة . اراد الكثيرون الركوب على موجة الاحتاجات من القوى السياسية و الشخصيات و الدول، و تدخلت في الجانب اخر الكثير من المعادين للاصلاحات، لانهم يعلمون جيدا بانهم يتضررون منها سواء احزاب كانت ام شخصيات او ميليشيات تابعة لهذا و ذاك . على الرغم من كثرة عدد المنظمات المدنية، الا اننا لم نشهد التاثير الكبير المباشر على وحدة الراي و التوجه و العمل المطلوب منهم للقيادة و من اجل وحدة الصف و رفع المعنويات والدعم لبقاء الاحتاجات قوية راسخة صامدة بعددها و عدتها و بكيفيتها و كميتها، الا ان مواقف اكثريتهم اختلفت من منظور تبعيتهم لهذه الجهة و تلك .، و لم يبق الا المستقلين الحقيقيين، و هم القلة الواعية الناضجة، بعدما تراجع من تدخل عند الهوسة و تراجع بعد الدوسة ، كما يُقال . كانت الاحتجاجات بسرعة لم تتمكن بعض القوى من عمل مباشر منذ بداياتها لتوجيهها حسب هواها، الا ان خمولها و تباطئها منحت الفرصة للتاثير عليها و بوجود قوى ميليشية تابعة علمت بمدى تضررها و تلقت الاوامر من رعاتها للتحرك باي شكل كان لسحب البساط من تحت ارجل الشعب، و فعلوا كثيرا بطرق شتى اندسوا و ارادوا تفعيل الفوضى، اضافة الى ما قصدوا ان يفرضزا لون و صبغة معينة على الاحتجاجات لاخراجها من العفوية التي خرج الشعب بها و انحرافها . رغم اصرار النشطاء و النخبة المثقفة الواعية المخلصة الا ان موجة الاحتاجات وصلت لحال لا يمكن ان نتوقع ان تكون لها التاثيرات التي كان بالامكان البقاء على قوتها من البداية، و كان بالامكان ان تدوم باعتصامات منذ انظلاقها و تقويتها يوميا كما حصلت في ساحات العربية . الوضع السياسي و الاحزاب المسيطرة على السلطة و من يعتبر نفسه معارضا، معلوم البنية و التركيب و الايديولوجيا والفكر والفلسفة، و بعدما رفعت خلال الاحتجاجات شعار( باسم الين باكَونا الحرامية) اصابت الكثيرين الصدمة و احس المعنيين بالخطر التي يحدق بهم و يحرق الكثيرين منهم و تُضرب مصالحهم . لقد تراجعت قوى بشكل ملحوظ . و العبادي بعدما تلقى المعارضات الداخلية الكثيرة و معها المتطلبات الخارجية، لقد اصابه نوع من خيبة امل و عاد الى عادته القيمة و هو ابن العملية السياسية منذ السقوط، و كما فعل بعض من سبقوه من الخطوات الضيقة الافق لا تمت بالاصلاح بشيء فعل و كرر هو ايضا ما حدث من قبل . السؤال الاهم، هل تبقى الاحتجاجات فاعلة سارية المفعول مؤثرة كبداياتها ؟ لو كنا صريحين، اننا نقول و وفق ما نعلمه من التجارب السابقة في المنطقة و اقليم كوردستان من قبل، فان المثل الصحيح الذي نؤمن به ( ان الحديدة تندكَ و تنعدل و هي حارة) الا ان بقاء حرارتها يقع على عاتق الكثيرين و في مقدمتهم النخبة الطليعية المثقفة التي لا تهاب شيئا، و لكن نتائج تحركاتهم لازالت غير منظورة الافق . هل يقاومون ما يحدث و يستمرون؟ ان كل الاحتامالات واردة و منها يمكن ان تاتي شرارة اخرى من عمل او تحرك معين اخر، و الا فان خمود العملية الاحتجاجية اتية بشكل ملحوظ في الاسابيع القادمة، و يحدث التريث لحين مجيء فرصة اخرى و ظرف مؤاتي اخر يدفع لاحتجاجات اكبر . وما حصل في لبنان و ما وصل، خير مثال قريب لما يمكن ان يحدث في العراق ايضا، و ما اعتقده ان الاحتجاجات لا تنهار مرة واحدة الا ان زخمها يخفت تدريجيا اسبوعا بعد اخر . و ارجوا ان اكون مخطئا، و ان لا تعود حليمة الى عادتها القديمة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا فتحت تركيا ابوابها امام نزوح النازحين مرة اخرى ؟
-
هل تعيد روسيا التوازن الى المنطقة ؟
-
هل تدعم السلطة الكوردستانية هجرة الشباب ؟
-
هل تتلقفها تركيا من السماء
-
كيف تنظر ايران الى العراق ؟
-
لماذا يستقيل الشباب من اقليم كوردستان ؟
-
الجماعات الاسلامية في كوردستان حائرة بين الحس القومي و الفلس
...
-
لازال اردوغان ساريا على عقليته و توجهاته
-
الاحتجاجات تكشف معادن المثقفين العراقيين
-
لماذا اوصلوا الثورة في كوردستان الى هذه الحال
-
الشعب هو الذي انفرد به ام هو الذي انفرد بالشعب ؟
-
الوضع في كوردستان بحاجة الى احتجاجات عارمة
-
لن تعيد روسيا تجربة افغانستان و لكن !
-
كشف بوتن ما وراء قضية سوريا الدموية
-
على اي اساس تُدارعلاقة اقليم كوردستان مع دول الاقليم
-
ايُعقل ان يكون رئيسا سرمديا لاقليم كوردستان
-
دول داخل دولة
-
انتبهوا من سوء استفادة البعض من التظاهرات
-
ريحانة تناديك يا آلآن
-
هل تتمكن فرق الموت من اخماد التظاهرات ؟
المزيد.....
-
بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من
...
-
-روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي
...
-
منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا
...
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
-
هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
-
منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد
...
-
وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن
...
-
أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
-
سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك
...
-
حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|