كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 1355 - 2005 / 10 / 22 - 10:56
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
هل ما كتبته عن البصرة المستباحة حقائق على أرض الواقع أم من صنع الخيال؟
الحلقة الثانية: محاباة الكرد والتساهل مع أخطاء الأحزاب الكردية.
عندما يعجز المحاور إلى تنفيذ الحقائق, يلجأ على توجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة إنا بسبب عجزه أو بسبب عدم امتلاكه للوقائع أو بسبب عدم إطلاعه على كتابات الباحث ليعرف الحقائق قبل توجيه الاتهامات. ولكن البعض يعرف ويحرف, إذ يحلو له أن يعيد اسطوانة مشخوطة لا يكف عن تكرارها مفادها أني متحيز للكرد. ويبدو أن هذا البعض مصاب بالعمي في عين واحدة يرى الأمور بعين واحدة فقط, كما يقول المثل الأوروبي.
أكدت عشرات المرات بأن الكرد شعب وله قضية وأسانده انطلاقاً من هذا الموقف حيث تعرض للاضطهاد والقهر, كما في حالة العرب من أتباع المذهب الشيعي. ومن هذا المنطلق ساندت القضية الكردية وناضلت في صفوف ال?يشمر?ة الأنصار سنوات عدة وفي المناطق الجبلية من كردستان العراق. كما شجبت باستمرار ما تعرض له العرب الشيعة أو الكرد الفيلية من عذابات خلال العقود المنصرمة. وأنا أميز بوضوح بين مسألتين هما: بين احترام الشعب الكردي وقضيته العادلة وحقوقه المشروعة وبين سياسات القوى والأحزاب السياسية الكردية التي يمكن أن أتفق وإياها أو أختلف وإياها ولكني أحترمها أيضاً وأحترم كل الأحزاب السياسية العراقية بغض النظر عن مدى اتفاقي أو اختلافي معها. ومن تسنى له أن يقرأ مقالاتي الخمسة التي كتبتها بعد عودتي من العراق حيث مكثت في كردستان فترة مناسبة ساعدتني على رؤية الوقائع على الأرض, فكانت ملاحظات نقدية شديدة ولكنها واقعية وملموسة نشرت في الصحافة الكردية قبل العربية وترجمت إلى الكردية أيضاً. وقد أشرت فيها بوضوح إلى النواقص الجديدة في التجربة والواقع الكردستاني, إذ أن الساكت عن الحق شيطان أخرس. لقد انتقدت الصراع بين الحزبين والتداخل بين السلطة في المنطقتين والحزبين لصالح الحزبين على حساب السلطة السياسية وانتقدت الفساد الوظيفي, الإداري والمالي, وعن المحسوبية والمنسوبية على مستوى التوظيف للحزبيين وأبناء العشائر المعروفة, وأشرت إلى الاستخدام غير العقلاني للموارد المالية والفقر والبطالة وسوء توزيع واستخدام الثروة الوطنية والتفريط بالمال العام وأشرت إلى خطأ وخطورة استمرار الانفصال بين الإدارتين في أربيل والسليمانية ....الخ. إن هذا الموقف النقدي الواضح لا يخل بتأييدي لحق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه أو حقه في الفيدرالية ...الخ, بل يؤكدها أولاً, ولا يخل بالإشادة بالمنجزات النسبية الجيدة التي تحققت للشعب الكردي في كردستان العراق ثانياً. لو عاد البعض الذي انتقدني واتهمني بمحاباتي للكرد على حساب العرب, لأدرك خطأ هذا الاتهام, إلى كتاباتي قبل سقوط النظام الدكتاتوري لوجد تأييدي حينذاك للقضية الكردية وأنها ليست مسألة جديدة, وفي حينها انتقدت الأحزاب الكردية أيضاً على صراعاتها الدموية خلال الفترة 1995 بشكل خاص ودافعت عن الإنسان وحقوقه. ويمكن أن يقرأ الراغب ذلك في كتابي ساعة الحقيقة (1995) والمأساة والمهزلة في عراق اليوم (2000).
انتقدت الأحزاب الكردية عندما لم تحقق التعاون بين القوى الديمقراطية على مستوى العراق وأدعوها الآن للمشاركة في التحالفات الديمقراطية التي يمكن أن تقوم بالعراق حالياً للتصدي لتلك القوى التي تريد فرض الدولة الدينية على المجتمع العراقي أو تريد إقامة فيدرالية طائفية سياسية شيعية في مقابل فيدرالية طائفية سياسية سنية.
في الوقت الذي أدنت الممارسات العنصرية والشوفينية العربية, أدنت أيضاً ضيق الأفق القومي الذي نشأ في صفوف بعض القوى الكردية, وعندما حصلت خروقات ضد العرب في كركوك, انتقدتها بشدة, ووجهت رسالة إلى السيد مسعود البارزاني, رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني, وقبل أن يصبح رئيساً لإقليم كردستان العراق, رجوته فيها أن يلعب دوره في وقف ذلك. ولكني كنت قبل ذاك وبسنوات قد شجبت الممارسات العنصرية والتعريب والتهجير القسري والقتل الذي تعرض له أبناء كركوك الكرد والتركمان. هكذا يفترض أن تكون مواقفنا نحن العرب, إن شئنا أن نكون أحراراً وديمقراطيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق القوميات.
20/10/2005 تتبع: الحلقة الثالثة: هل في مواقفي عداء لإيران أم لسياساتها في العراق؟
______________________
هل ما كتبته عن البصرة المستباحة حقائق على أرض الواقع أم من صنع الخيال؟
الحلقة الثالثة: هل في مواقفي عداء لإيران أم لسياساتها في العراق؟
من المؤسف حقاً أن يخلط البعض في مقالاته بين الموقف من دولة وشعب وبين السياسات التي تمارسها تلك الدولة أو الحكومة المعنية في هذا البدل أو ذاك, فالفارق كبير جداً ولا يجوز الخلط بينهما. فإيران دولة جارة للعراق لا يمكن الهروب من الجار بأي حال, ولكن يمكن ترتيب العلاقات بينهما وفق أسس اعتمدتها الشعوب والدول في علاقاتها الدولية. وهي أسس تستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والاحترام المتبادل للاستقلال والسيادة الوطنية. أي على الجيران في العراق وإيران أن يمارسوا سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولتين عليهم احترام إرادة المجتمع. وهو الذي يفترض أن يحصل بين العراق وإيران, وهو المفقود حالياً, بل أن ما يحصل هو التدخل الفظ وغير المشروع والمخالف لقوانين ومبادئ العلاقات بين الدول من جانب إيران في شؤون العراق الداخلية الذي يمكن أن يدفع دولاً أخرى عربية مجاورة بالتدخل في شؤون العراق أيضاً. وهو الذي نرفضه أيضاً.
أنا, كفرد, أرفض الدولة الدينية في إيران وأرفض السياسات التي تمارسها, ولكن هذا لا يدعوني إلى العمل ضد هذه الدولة الجارة أو التدخل في شؤونها, ولكن من حقي الكامل أن أشجب تدخلها في شؤون العراق وأناضل في سبيل إيقافه بالسبل القانونية والديمقراطية الممكنة.
إن ما يحصل الآن هو الآتي: تمارس إيران سياسة تدخل مباشر شرس وفظ ومستمر في شؤون العراق, سواء أقر وجوده السيد رئيس الوزراء العراقي المؤقت, الدكتور إبراهيم الجعفري, أم رفضه, إذ أن هذا لا يغير من الوقائع القائمة على الأرض والتي يعيشها البصريون والجنوبيون بشكل يومي.
نحن نعرف منذ مجيء الراحل السيد روح الله الخميني إلى السلطة في إيران, أن هذه الدولة مؤمنة بثلاث مسائل ستقود نظامها إلى حتفه إن سارت على تلك السياسة التي رسمها الله المرشد الأعلى الأول والتي يسير عليها الآن المرشد الأعلى الثاني السيد علي الخامنئي, وهي:
1. تصدير الثورة الإيرانية إلى الدول المجاورة بصورة مباشرة أم غير مباشرة, حتى بعد غياب الراحل السيد الخميني. والعراق يحتل بالنسبة لإيران الموقع الأول الذي تريد الهيمنة السياسية عليه وفرض (ولاية الفقه) عليه.
2. فرض واقع جديد في جنوب العراق يستند إلى فيدرالية شيعية تخضع بالكامل لإرادة إيران تحت حجة دعم القوى الشيعية في العراق في مواجهة دعم العرب للسنة العرب في صراعهم مع الشيعة!
3. السعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل.
إن الحاكم الفعلي في البصرة ليست قوى الإسلام السياسي العراقية وليس محافظ البصرة, الذي ينام ليلاً في إيران ويحكم نهاراً في البصرة, هي القوى الإيرانية حقاً, وليس هذا مجرد ادعاء مني بل هو الحقيقة القائمة على أرض الواقع. وعلينا تقع مسؤولية التخلص من هذا الواقع المزري, إذ أنها ستكون سبباً لتدخل دول أخرى في الصراع, عدا معارضتها للقوانين الدولية.
تقع على عاتق كل العراقيين الخلاص من الصراع التاريخي بين الصفويين والعثمانيين في العراق, إذ يحاول العرب السنة في الدول العربية الأخرى أن يلعبوا دور الدولة العثمانية في الصراع ضد إيران على أرض العراق. لقد كان العراقيون هم الضحية في كل تلك الصراعات القديمة, وسيكونون الضحية الأولى أيضاً إن تفاقم الوضع في العراق بسبب التدخل الإيراني العربي.
إننا بحاجة على مشاركة الجامعة العربية في العراق لا لخلق التعادل مع التدخل الإيراني, بل لوضع حدٍ لأي تدخل في شؤون العراق الداخلية من أي كان, ولأن العراق عضو في الجامعة العربية ولم تشارك في منع الدول العربية في التدخل في شؤون العراق, وستكون الطامة كبيرة لا على العراق وحده بل على سوريا أيضاً, التي إن سقط النظام فيها فسيكون في أيدي قوى الإسلام السياسي المتطرفة.
إن العراقيين كلهم يريدون صداقة الشعب الإيراني, ويريدون التعامل على أساس التكافؤ وعدم التدخل, ويريدون تعزيز علاقات التعاون والجيرة والزيارات المتبادلة, خاصة وأن في العراق وفي إيران توجد مزارات الأولياء الصالحين الذين يسعى الزوار إلى التبرك فيها, وينبغي أن تكون مفتوحة لهم, ولكن دون السماح بعبور الأسلحة والمخدرات والإرهابيين من إيران على العراق ومنها إلى مناطق أخرى أيضاً.
أملي أن يفكر السيد وزير الداخلية الذي فقد أعصابه واحتشامه بسبب تصريحات وزير الخارجية السعودي. فمن يسمح بتدخل دولة معينة في شؤون العراق ينبغي له أن يعرف بأن دولاً أخرى ستتدخل في شؤون العراق أيضاً, شئنا ذلك أم أبينا, وعلينا أن نرفض جميع أشكال التدخل ومن جميع الدول ونضع حداً للإرهاب لكي ينتهي أيضاً معه وجود قوات أجنبية محتلة في العراق.
21/10/2005
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟