بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 4928 - 2015 / 9 / 17 - 17:01
المحور:
المجتمع المدني
حكاية واقعية من طفولتنا؛ نتذكر إننا كنا في الصف الرابع الإبتدائي بالمدرسة الريفية _الوحيدة آنذاك_ في جنديرس؛ إحدى نواحي منطقة عفرين وكان أستاذنا آنذاك هو رياض أبو صالح؛ رجل قصير القامة لكنه رياضي.. أما خاصيته الأكثر قرباً من روحنا فكانت طيبته ومحبته لنا _بالمناسبة ربما يكون أسمه من الأسماء القليلة والتي ما زالت الذاكرة تحتفظ به رغم مرور أربعون عاماً على الحكاية_ وكان آنذاك الأستاذ محمد ضاهر مديراً للمدرسه؛ رجل مرهوب الجانب بل كنا نخاف منه لدرجة عندما نلاحظ وجوده في إحدى أزقة البلدة نختبئ في ركن ما إلا أن يرحل، حيث كان الرجل قد حول إحدى غرف المدرسة إلى سجن يحجز به الطلبة المشاغبين والكسالى في "فترة الغداء" وبعض الإخوة من جيلنا يعرفون معنى هذه الجملة حيث في سبعينيات القرن الماضي كان هناك، بين فترة الصباح ولمدة أربع حصص وحصتي بعد الغداء، إستراحة يذهب فيه الطالب /التلميذ للبيت من أجل "الغداء" وكان الذين يأتون من القرى يجلبون معهم غذاءهم للمدرسة؟
المهم.. في إحدى أيام الربيع وبين حصتين ركضنا نحو البيت لنأكل على عجل سندويشة جبنة وبحكم المحبة العميقة للأستاذ والدنيا ربيع ونحن أبناء الريف أدوارنا تحوي جنينة مليئة بالورود فقد جلبنا معنا باقة ورد كهدية محبة لأستاذنا ولكن من سيئات الصدف والأقدار فقد وصلنا متأخرين بعض الشيء والأسوء في الموضوع كان المدير واقفاً في باب الإدارة وأستاذنا الذي نقدره ونحبه حباً عظيماً واقفاً على باب صفنا وكلٍ منهما يشير لنا بأن نذهب بإتجاهه.. هنا وقفنا للحظات دون حراك حيث حوار العقل والعقل، الحب والخوف؛ نحب الأستاذ ونخاف المدير فإلى أي منهما نتجه ونهديه باقة الورد.. ولم يمضي الكثير من الوقت وقد حسم أبن العشرة أعوام موقفه؛ وهكذا إتجهنا صوب الذي نجله ونحبه أكثر دون حساب عاقبة الخوف والحرب.
إننا نذكر بهذه الحادثة لنستخلص الفكرة التالية؛ بأنه مهما كان عامل الخوف والرعب والحرب مهماً وحاسماً في كسب المعارك.. فإن المحبة والرعاية والإهتمام بالشأن العام والجانب الإنساني سوف يكسبنا المعركة النهائية أمام أي قوة ظلامية مستبدة.. ونأمل أن تصل الرسالة إلى القوى الفاعلة على الأرض في يومنا هذا إن كان في المناطق الكوردية أو في سوريا بشكل عام وذلك حتى لا نعيد تجربة الإستبداد من جديد وبالتالي نستبدل نظام قمعي مستبد بمجاميع سلفية أو قومية عنصرية أشد قمعاً وديكتاتورية.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟