|
داعش.. بين التكوين والدولة(2)؟!!
بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 4925 - 2015 / 9 / 14 - 20:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الحلقة الثانية: مرحلة الدولة.
تمهيد: في الحلقة الأولى وقفت عند التاريخ والصراع على السلطة بين عدد من الجماعات الاسلامية مما أفرز الانقسام الطائفي والمذهبي وكذلك مررت على عدد من المحطات التاريخية المهمة _وباختصار شديد_ في سلسلة الصراع ذاك إلى أن كان التشييع والخوارج والحروب التي حصدت أرواح عشرات الآلاف وخاصةً في الفتنة الكبرى؛ الحرب بين جيشي علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان إلى أن وصلنا إلى تنظيم القاعدة وفرعها "داعش" والذي أسس أساساً بخبرة أمريكية وأموال خليجية سعودية لمواجهة المد السوفيتي، بدايةً في أفغانستان وذلك في الربع الأخير من القرن الماضي حيث تقول موسوعة ويكيبيديا في ذلك ((القاعدة أو تنظيم القاعدة أو قاعدة الجهاد [2] هي منظمة وحركة متعددة الجنسيات سنية إسلامية أصولية، تأسست في الفترة بين أغسطس 1988[3] وأواخر 1989 / أوائل 1990، تدعو إلى الجهاد الدولي)).. ولكن اللعبة تغيرت بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وأصبحت القاعدة من ألد أعداء أمريكا والذين كانوا وراءها سابقاً وقد رأينا أحداث سبتمبر 2001 وهكذا فإن المعادلة تغيرت ولكن التنظيم توسع وتمدد في كل دول العالم وعلى الأخص الاسلامي منها وبالتالي تدخلت الأجهزة الأمنية في عدد من دول العالم وخاصةً الديكتاتورية منها لاستثمار بعض الجماعات من هذا التنظيم التكفيري الجهادي لحساب أجندتها وحتى بعض الدول التي على خلاف عقائدي ومذهبي معها مثل إيران والنظام السوري حيث لعبة المال والاختراقات الأمنية.
وهكذا فإن "داعش" هي أحد الأذرع العسكرية لتنظيم القاعدة في بلاد الشام والعراق ويعمل على إعادة الخلافة الاسلامية "السنية" في وجه المد الشيعي وهلالها في المنطقة ويمكن اعتبار تلك النقطة؛ مواجهة المد الشيعي وإعلانها للجهاد ضد إيران والمذهب الشيعي هي نقطة الخلاف الأساسية بينها وبين التنظيم الأم (أي تنظيم القاعدة) حيث هذه الأخيرة تؤجل ما يمكن أن يسمى بـ"الجهاد الصغير" ضد إيران في مقابل "الجهاد الكبير" ضد أمريكا وأعوانها حيث ترى في إيران ووقوفها في وجه المشاريع الأمريكية في المنطقة حليفاً مرحلياً وبالتالي يمكن تأجيل الصراع معها لمرحلة ما بعد القضاء على العدو الأكبر _أمريكا_ ومن ثم "محاربة الروافضة" من الشيعة في بلاد الاسلام.. لكن حقيقة الأمر يبدو بأن هناك تمويل إيراني لهذا التنظيم الاسلامي "تنظيم القاعدة" الأم مما تبعد خطر عملياتها داخل أراضيها وكذلك فهي تدفعها لمواجهة الغرب وأمريكا "الشيطان الأكبر" _بحسب التوصيف الايراني_ وهي بذلك تضعف عدوين لها وكذلك فإنها _أي إيران_ تحاول أن تبرز للعالم الوجه المتطرف للمذهب الآخر في الاسلام، ألا وهم أهل الجماعة والسنة وهي بذلك تضرب أكثر من عصفورٍ بحجرٍ واحد؛ فهي من جهة تبعد العمليات العسكرية للقاعدة عن أراضيها ومن جهة أخرى تبرز الوجه السلفي والمتشدد للسنة من الاسلام _كما قلنا_ وأخيراً تجعل منها _من تنظيم القاعدة_ ورقة ضغط على أمريكا لتمرير بعض أجنداتها وإجبار الغرب عموماً على توقيع بعض الأوراق لها ومنها الملفين النووي وكل من العراقي والسوري.
ولكن خروج هذا التنظيم الجديد "داعش" والذي أعلن جهراً خلافه مع تنظيمه الأم "القاعدة" بالجهاد في "بلاد الروافضة" _إيران وسوريا_ وكذلك لبنان الشيعي (الضاحية الجنوبية) وذلك بحكم خضوعهم للنفوذ الايراني الشيعي، حسب قراءتهم، وقد رأينا تبنيها لتفجير السفارة الإيرانية في بيروت مؤخراً، وكذلك فها هو اليوم _وأفراد هذا التنظيم أي "داعش"_ يسيطرون على مساحات كبيرة في كلٍ من سوريا والعراق وعلى الأخص بعد سيطرتهم على مدينة موصل العراقية وأيضاً الفلوجة وربطهما مع كل من مدينتي الرقة ودير الزور السوريتين يعلنون عن برنامجهم ومشروعهم السياسي الديني في المنطقة؛ فقد تم ما يمكن اعتباره بنواة الدولة الاسلامية في بلاد الشام والعراق وهو المشروع والهدف لتنظيم "داعش" الذي هو اختصاراً لتلك الدولة والتسمية. وبالتالي فإن المشروع هو في طريقه للتبلور والتكوين ويحظى بنوع من الرضى الأمريكي الغربي وذلك على الرغم من الادعاء بمحاربة هذا التنظيم وإدراجه على لائحة المنظمات الارهابية وذلك لأسباب عدة؛ منه وأولاً_ خلق توازن سياسي وعسكري في المنطقة وبالتالي ادامة التوتر في منطقة الخليج العربي _ الفارسي بين المكونين الاسلاميين الأساسيين؛ السنة والشيعة وبالتالي تدفق الأسلحة للمنطقة من مصانعهم والتي بحاجة إلى مناطق توتر وأزمات جديدة في العالم ولن تجد صراعاً بهذا العنف في أشكال أخرى خاصةً وإن الصراعات القومية في المنطقة في طريقها إلى الحل وبالتالي لا يمكن التعويل عليها لتدفق وشراء السلاح.
وثانياً_ وبدعمها "الخفي" لهذه الجماعات السنية المتطرفة ترضي حلفائها وشركائها في المنطقة وعلى رأسهم تركيا وعدد من دول الخليج العربي ومعهم السعودية حيث وقبل عامين عملت السعودية صفقات أسلحة بمائة مليار دولار كانت _فقط_ حصة أمريكا منها ستون مليار دولار وقد كتبت يومها مقالاً وقلت لو استثمرت السعودية تلك الأموال في عدد من المشاريع التنموية في البلدان العربية لكنا شاهداً "ربيعاً عربياً سلمياً" وليس دموياً كالذي نعيشه اليوم.. لكن هي السياسة ولعبة الدول والنظم السياسية في إستغباء الشعوب وخاصةً في عالمنا الثالث.. وبالتالي تدفق النفط الخليجي العربي والفارسي ومؤخراً الكوردي إلى المصافي والبواخر الأوربية والأمريكية. وأخيراً وليس آخراً؛ عودة الغرب وأمريكا إلى المنطقة وحماية مصالحها وشركاتها وشركائها وآبار النفط التي تضخ الملايين من البراميل والدولارات في اقتصادهم الذي يعاني من الكساد والركود في الكثير من المجالات والفروع ونهوض اقتصادات ودول أخرى في وجه الهيمنة لسياسة القطب الواحد في العالم وذلك بعد سنوات من تفرد أمريكا بها مع حلفائها الغربيين.
أما كوردياً _وبقناعتي_ لا ناقةً لنا ولا جمل في هذا الصراع الدائر بين الطرفين إلا في حدود التبيان للعالم بأن الكورد بعيدون عن التطرف الديني وغيره وكذلك في قضية الصراع على الحدود والتماس والجغرافية والنزاعات الحدودية.. لكن ومع مسألة الانقسام الكوردي نفسه سياسياً بين المحورين المتصارعين في المنطقة؛ السنة والشيعة حيث حزب العمال الكوردستاني بمنظوماته السياسية والعسكرية في حلفٍ شبه خفي _وربما مجبر عليه مع بعض التقاطعات الفكرية العقائدية مذهبياً وأيديولوجياً_ مع المحور الايراني الشيعي المدعوم روسياً صينياً وكذلك لدينا البارتي بأحزابها الديمقراطية الكوردستانية وسياساتها في الإقليم الكوردستاني المحرر (العراق) مع المحور التركي السني والمدعوم أمريكياً وأوروبياً يشكل قلقاً حقيقياً. وبالتالي فإن الأرضية جاهزة لأن تشهد الساحة الكوردية أيضاً أكثر من صراع وأكثر من إقليم وجغرافية سياسية تنتمي أيديولوجياً وعقائدياً لمحور وقطب سياسي دولي.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
داعش.. بين التكوين والدولة(1)؟!!
-
-داعش- وأخواتها
-
داعش ..على خطى (السلف الصالح)؟!!
-
د. أحمد نسيم برقاوي
-
ثقافة التسامح.؟!!
-
أبعدوا.. دماء القرابين عن بازارات السياسة.
-
بطاقات التوبة الداعشية!!
-
أنت كوردي ..إذاً أنت ممنوع من الحياة.؟!!
-
تركيا وإيران ..وسياسات الرحمان والشيطان!!
-
موقف ..العمال الكوردستاني من الدولة القومية؟!!
-
الكورد والحقد الأيديولوجي
-
الكورد والاستبداد.؟!!
-
القضية الكوردية
-
السفاح أبو بكر البغدادي
-
الخطاب السياسي الكوردي
-
البديل الديمقراطي.؟!!
-
الأمة الديمقراطية
-
ثقافة التسامح.. والمصالحة.؟!!
-
المثقف.. وبلاط السلاطين؟!!
-
تعليق متأخر؛ حول خروج الكتلة الكوردية من مؤتمر القاهرة.
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|