أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين القاسمي - سوسيولوجيا الممارسة السياسية وميكانزمات السلوك الانتخابي بالعالم القروي المغربي















المزيد.....

سوسيولوجيا الممارسة السياسية وميكانزمات السلوك الانتخابي بالعالم القروي المغربي


بدرالدين القاسمي

الحوار المتمدن-العدد: 4923 - 2015 / 9 / 12 - 21:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سوسيولوجيا الممارسة السياسية وميكانزمات السلوك الانتخابي بالعالم القروي المغربي

يكمن دور الاحزاب بالأساس كما هو وارد في المرجعيات الدستورية و الاطر التنظيمية ، في تأطير المواطنين وتكوينهم سياسيا وتعزيز انخراطهم في تدبير الشأن العام، فضلا عن المشاركة في ممارسة السلطة على أساس التعددية والتناوب، بالإضافة الى المساهمة في بناء الانظمة الديمقراطية وتعميقها وتقويتها لما تضمنه من تنمية وعدالة اجتماعية وحرية وكرامة انسانية وذلك في نطاق المؤسسات الدستورية.
الا انه وبكل أسف، فان مجمل الاحزاب المغربية تفتقر الى ابسط أبجديات الحوار الديمقراطي والفكر المتنور، بل وتتنكر للمبادئ الاخلاقية والايديولوجيا التي خطها الشهداء الخالدون، وتتخلى عن وظيفتها السامية الموكلة اليها في تأطير وتكوين مناضلين ومناضلات على اساس قاعدة يسودها المناخ الديمقراطي.
انه ليحق لنا القول اليوم اننا نشهد أزمة حزب. هذه الازمة التي يمكننا الجزم انها مفبركة وذاتية في الوقت عينه. من جهة، عمل أصحاب القرار على تقسيم الاحزاب واختراقها وزرع الصراعات داخلها وكذا التشويش عليها، كما يرجع هذا التدهور والتراجع في الاداء الى الهيئات الحزبية نفسها التي فضلت الانشغال بالقضايا الضيقة على حساب القيم الوطنية النبيلة والتعطش للتكنيز وتسبيق المصالح الفردية على مصالح ذات الشأن العام، وتهميش الاطر والقواعد الحزبية، بالإضافة الى عدم احترام الديمقراطية الداخلية ومبدأ الشفافية وتدبير الاختلاف بشكل عقلاني بما يضمن وحدة الحزب واستمراريته.
هذه الازمة في نظرنا تنعكس سلبا على واقع الممارسة السياسية بالمغرب، كما أننا نعتبرها أحد الميكانزمات التي يمكنها تفسير السلوك الانتخابي بالمغرب.
هذا ونقر ان دراسة السلوك الانتخابي في العالم القروي المغربي يستوجب الاحاطة به من جوانب عدة، حيث لا بد من مقاربته بمنهج اجتماعي وكذا ثقافي ونفساني. وحسب ما راكمنا من تجارب متواضعة عشنها عن قرب، واعتمدنا فيها الملاحظة الدقيقة والمتأنية، ومقاربة المعطيات وتوثيق لمجموعة من مسلسلات الاحداث في حدود الرقعة الجغرافية التي أنا فرد من رحمها، فإننا نراهن بكل عزم وثقة أن المحددات التالية تتحكم في السلوك الانتخابي في العالم القروي الذي يتسم عموما بالهشاشة والتهميش والتفقير وارتفاع في نسبة الامية.

1- القرابة: من دون شك ودون ان نبالغ في الطرح، فان الفعل الانتخابي اليوم ما يزال قبليا وعصبيا بامتياز، فالقرابة والنسب اداة لإنتاج الافكار في المجال المعرفي وهي التي تحدد السلطة والحاكم. وهي التي تعمل على توجيه وتحديد طبيعة الممارسة السياسية وكذا الاجتماعية رغم ما يعرفه واقعنا الراهن من سيرورة تحديثية ونقلة اجتماعية تنويرية صوب الديمقراطية. والدليل أن فلان قد يرشح نفسه في عدة استحقاقات تحت ألوان ورموز حزبية مختلفة المرجعية الفكرية والتاريخية والرؤية الاصلاحية وينال نفس الاصوات. هذا وتنطوي تحت لواء القرابة عديد من المفاهيم ذات النزعة الثقافية وكذا العاطفية كالعار والعيب والحشمة، اذ يصل الامر الى حد اعتبار التصويت لصالح أحد الاقارب واجبا أخلاقي قائم على عاتق المصوت.
2- المفتاح: معناه مجازي، فالمفتاح هنا يرمز للشخص الذي بيده مصير فلان أو باستطاعته التحكم فيه، باستمالته لأي جهة يريد، لما له من كاريزما، أو من سلطة دينية كانت او اجتماعية او اخلاقية، او لما تربطه من مصالح مادية مع ذاك الشخص. فمثلا حين تسأل أحد المترشحين، فيما اذا كانت العائلة x ستصوت لصالحه، فسيجيبك مثلا أنه يملك مفتاحها.
3- ارشيف النزاعات والصراعات: بمعنى ان المنتخب الطموح والذكي يكون مطلعا باستمرار على المستجدات التي تخص دائرته من صراعات ومناوشات بين العائلات، حيث ان لهذا الامر اهمية كبرى في استمالة الناس والمراهنة عليهم في النجاح. فالعائلة x اذا تنازعت مع أحد أقارب عائلة المرشح y على قطعة ارضية او طريق وغيرها من الامور، فان x ستصوت حتما على المرشح R، وتبعا لذلك تتمثل الانتخابات لدى الكثيرين كفرصة لتصفية الحسابات والانتقام.
4- الزبونية: يعد من بين العوامل الاساسية التي توجه السلوك الانتخابي. وهي عبارة عن علاقة تتبادل فيها المصالح، وهي نوع من القرابة الخيالية. وتخول للتابع الاستفادة من أحد الخدمات او موارد مالية والحصول على الحماية من ظروف الحياة وازماتها، كما قد تكون ردا للجميل.
5- الرشوة: عملية منافية للقانون تسعى وراء شراء الاصوات. وثمن الصوت يختلف من شخص لأخر تبعا لمركزه وحنكته: فالشخص الذي تصعب استمالته، او له نفوذ او تأثير في أفراد اخرين داخل الاسرة أو معروف عنه ان له حنكة او انه قادر على قلب الرأي العام، قد يصل ثمن صوته الى ما فوق 1000درهم. وللإشارة فالرشوة لا تكون فقط بالإغراء المادي، بل قد تتخذ اشكالا أخرى، فمثلا الفئة الشابة يمكن تعبئتها واكتسابها بتنظيم امسيات ماجنة مخمرة، أما الفئات الاخرى فعبر اطعمها في الاسواق التي تعتبر نسقا للعلاقات الاجتماعية...هذا وتتنوع التسميات التي تطلق على الرشوة مثل (القرفية، القهوة، السقي او الماء...).
6- الخدمة: العمل السياسي يحدده البناء وليس العفوية، بحيث يجب على الذي يرغب في التقدم لاحد الاستحقاقات الانتخابية، أن تكون له أرضية سالفة|، لها بعد اجتماعي، بمعنى أخر أن تكون له صداقات وعلاقات اجتماعية مع مختلف أطراف المجتمع الصغير الذي يحتويه، وهذه الصداقات والعلاقات يمكن له أن يكتسبها من خلال قربه من هموم المواطن البسيط عبر المساهمة في حلها، بتقديم مساعدات مالية في حالة المرض، والتكلف بمصاريف الدخول المدرسي لبعض الاسر المعوزة، وتسديد فواتير الماء والكهرباء للمحتاجين، وحل بعض المسائل القانونية والادارية للمواطنين. والخدمة تفرض عينة ذات نوعية خاصة من الناس، خصوصا الذين يشغلون المهن حرة كالتجارة أو مهن تربوية تدريسية أو كذا قانونية، اذ ان اصحاب هاته الوظائف يكونون هم الاقرب للمواطن والعكس صحيح، بالإضافة لوقت الفراغ الذي يتمتعون به والذي يمكنهم من ادارة العمل السياسي وتعبئة المواطنين والقيام بالاتصالات وتكثيف الاجتماعات مع الهيئة الناخبة على مدار السنة.
7- الاشاعة : رغم بساطة محتواها، فان الاشاعة جزء من الحرب الاعلامية بين المنتخبين والتي تتسم بسرعة الانتشار بين الناس بل وتلقى رواجا بينهم، والتي لا يستوجب التقليل من أهميتها، فالإشاعة في المجتمع التقليدي قد تقلب الرأي العام في لحظة وتغير من قناعات الناخبين تجاه احد المرشحين، كما أنها محاولة للتأثير على الجمهور لكسب التأييد، خصوصا تلك الاشاعات التي تسيئ لجهة دون أخرى. وهذا وقد تولد الاشاعات ايضا صراعات رمزية . مثال ذلك الترويج لقول أحد المنتخبين أن الناس خواتم في يده، او ان فلان مقفل عليه، فمثل هذه الاقاويل قد يكون لها وقع كبير على نفسية المعنيين بالأمر، اذ ستمارس عليهم عنفا رمزيا.
8- التهميش واللامبالاة: دائما ما يكون تهميش فئة دون اخرى تأثير كبير في مجريات الحملات الانتخابية، حيث ان المنتخب يميل الى جهة، يحسبها ان نجاحه في يدها لما لها من حنكة وأهمية، أكثر من اخرى وهذا قد يسبب نوعا من الغيرة قد تتحول الى عدوانية ثم الى تمرد.

وكخطوات إجرائية تتأسس على رؤية متفائلة تأمن بأن الامل في الاصلاح ما يزال قائما فإننا نرى أنه يجب في اطار ما هو حزبي، تحديث الفقه السياسي حتى يأخذ شكلا حضاريا متقدما؛ محاولة اعادة تعريف السياسة ونفض الغبار عنها، كممارسة خلاقة تسعى لتسيير الشأن العام بنزاهة وشفافية ومصداقية ومسؤولية بالاقتران بمبدأ المحاسبة والمساءلة، وليس كمجال للصراع تتضارب فيه المصالح الشخصية--;-- ان تبرر الغاية الوسائل النبيلة في حدود القانون والضامنة لكرامة المواطن وعرضه. الربط بين المناضل الحزبي والشخصية الانتخابية وعدم تفويت التزكية بشكل اعتباطي. كما انه غدا من الضروري خلق ممارسة تنبني على ثقافة سياسية تهتم بالبعد القيمي للديمقراطية، وتحسيس المواطن بأهميته في الاصلاح والتغيير وذلك عبر بوابة التنشئة الثقافية والسياسية وتعزيز انخراطه ومشاركته، واستنهاض الوعي السياسي المشبع بمبادئ الديمقراطية، والوعي السياسي هنا يعني بالتحديد، ادراك الفرد لواقع مجتمعه، وتعرفه على الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحيطة به، بالإضافة الى تعرفه على حقوقه وواجباته، وهذا الدور في رأينا يجب توكيله الى الاسرة والجمعيات ذات التوجهات الثقافية وكذا التنظيمات الحزبية والقطاعات التلاميذية والطلابية، وليس للقنوات الوطنية الرسمية. فضلا على تصفية عاداتنا وتقالدنا من كل الشوائب. وادارة سلوكنا الانتخابي والعملي بمحدد عقلاني وليس عاطفي، بمعنى ان نختار الاصلح وليس الاقرب.



#بدرالدين_القاسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني ...
- إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش ...
- تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن ...
- الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل ...
- تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
- بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
- تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال ...
- -التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين ...
- مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب ...
- كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدرالدين القاسمي - سوسيولوجيا الممارسة السياسية وميكانزمات السلوك الانتخابي بالعالم القروي المغربي