أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد فضل - تأملات في غوغائية المتأسلمين وعبثية (الاّ اسلامنا ده)















المزيد.....

تأملات في غوغائية المتأسلمين وعبثية (الاّ اسلامنا ده)


خالد فضل

الحوار المتمدن-العدد: 4923 - 2015 / 9 / 12 - 11:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



استمعت الى حوار قصير دار بين اثنين من أطفالي , (8سنوات , و9سنوات ونصف), الاثنان يدرسان في مدرسة كمبوني الأساسية بالخرطوم, وهي مجموعة مدارس ذات طبيعة تعددية باذخة ونادرة النظير في السودان حاليا , لأنّه ومنذ سيطرة جماعة الاسلام السياسي على السلطة بانقلاب الانقاذ 1989م , بدأت في فرض سيطرتها وتوجهها الآحادي المعادي للآخر المختلف على أي مستوى؛سياسي أو فكري أو عقائدي بل حتى اثني أو عرقي . ونجم عن تلك السياسات وما تبعها من ممارسات نشؤ أجيال متعاقبة من السودانيين المتأثرين بحملات الغوغائية والدعاية العبثية للجماعات الاسلامية خاصة في تصنيفاتها القطعية للبشر بين مسلم وكافر , الطفل الأصغر منهما سألني مباشرة عن هل المسيحيين كفّار ؟وذلك على خلفية نشيد كانت شقيقتهما الأصغر ذات الثلاث سنوات ونصف تردده وهو مما يقال لهم في الروضة , (جانا حصان جاري جري , راكب فوقو سيدنا علي ,شايل سيفو , ضرب الكفّار في النار , جدعنّاهم بالحجار إلخ ), وهو نشيد يثير القلق فعلا , لأنّه لا يراعي سلامة وجدان الأطفال وبراءتهم , فما الداعي لحشو تلك الأفئدة النقية بعذابات التشويش , وتكدير الحياة الانسانية بفرض الأفكار الساذجة والهمجية ضد الآخر بتهمة الكفر ! الشئ المفرح أنّني وقبل أنْ أبتدر ردا على سؤال طفلي ذاك , وقد دار في ذهني شريط سريع لمرأى فصله في تلك المدرسة حيث يجاوره دون أدنى شك أحد الأطفال المسيحيين , وتبدو حياتهم عادية كأي أطفال يدرسون في فصل واحد , الفرق بينهما فقط في حصّة التربية الدينية التي يذهب كل واحد منهما الى درس ديانته . في تلك اللحظة بالضبط , انبرى له شقيقه الأكبر مجيبا ( لا , المسيحيين ما كفّار لأنّهم يدينون بدين سماوي هو دين سيدنا عيسى , إنت ما بتعرف الرُسل ؟), ثمّ التفت ناحيتي متسائلا على سبيل التأكد من اجابته : صاح يا بابا ؟هززت رأسي مثنيّا إجابته , دون الخوض في تفاصيل أكثر , لأنّنا نعيش في السودان في واقع ثقافي واعلامي وتربوي ملغوم تماما , واعتبرت تلك الاجابة شافية وكافية بل برهان عملي على فساد خطة التنميط المقصودة لأطفالنا وادراجهم ضمن دائرة القطعية الفجة (مسلم / كافر), وسعدت أنّ أحد أطفالي على الأقل يمتلك عقلا لم تطمس معالمه أناشيد ودعايات رياض الأطفال ومدارس السودان ووسائط إعلامه, وتمنيت لو أنّ أمثاله وأقرانه وجدوا بيئة أفضل مما هم فيه الآن من وقائع , داعش , والإخوان المسلمين, والوهابيين , والقاعدة وبوكوحرام والشباب الصومالي , وحكومة البشير !
نقل لي زميل صحفي , أنّ مسؤولا نافذا في السلطة الاسلامية في السودان كان قد توعّد أحد زملائنا الصحفيين تم اعتقاله واستجوابه أمنيا بوساطة جهاز الأمن السوداني على خلفية انتقاده لظاهرة استخدام مكبرات الصوت في المساجد بصورة مزعجة لنقل الصلوات وخطب الوعظ دون مراعاة لظروف السكان المجاورين لتلك المساجد , حيث يوجد الطفل الرضيع , أو المريض الذي يغافل ألمه ليحظى بلحظات اغفاءة , وهناك المجهد والطالب الذي يستذكر دروسه تأهبا لأداء امتحانات مصيرية , وغيرهم من مواطنين من ضمنهم (غير مسلمين ) من حقّهم الأدنى عدم التعرض لإزعاج مكبرات الصوت فجرا وعشاء , فيكفي بث النداء لحث المصليين وتذكيرهم بموعد الصلاة . قال ذلك المسؤول ناقلا وعيده للصحفي الأسير (انتقد كل شئ الاّ اسلامنا ده), فتأمل في هذه السذاجة التي تجعل من انتقاد التلوث السمعي , انتقادا للاسلام , وعلى ذلك يمكن إيراد مئات النماذج لما يقدّمه دعاة اسلامية الدولة في السودان , في ظل تناقض ظاهر وعدم اتساق بين المواقف , لدرجة هتافهم الداوي (شريعة سريعة ولاّ نموت الاسلام قبل القوت ) وهي من تجليات التناقض الكبرى , إذ كيف يستقيم أنْ تقام الشريعة بين صرعى الجوع ؟أتقطع يد الميت إذا ثبت أنّه كان قد سرق بها لقمة خبز من مخبز قبيل شهقته الأخيرة؟, أي اسلام يعنيه ذاك المتنفذ الاسلامي السوداني وهو يتوعد صحفيا بعدم الاقتراب من (إسلامه ده), أهو الخداع والغش والكذب الصراح وما يتبعه من فساد مالي وأخلاقي وسياسي وإداري لدرجة جعل الوظيفة العامة في أي مهنة مهما تواضعت لا يتولاها الاّ من دعمته ما يعرف بالتزكية من قيادي في تنظيم الاسلاميين دون مراعاة لأبسط حقوق الانسان , ودون اعتبار للتأهيل العلمي والخبرات المهنية مهما علت وتنوعت , وبفضل سياسة التمييز هذه فقد السودان , معظم إنْ لم يكن كل العناصر المدرّبة والموهلة والكفؤة في الخدمة المدنية والعسكرية , وتبعثر السودانيون من مختلف الأجيال , رجالا ونساء , شبابا وكهولا وشيوخا أيدي سبأ , حيث يعيشون ويعملون في كل بلدان العالم , وحاز كثير منهم على هويّات وجنسيات بلدان أخرى , وعندما يعودون الى وطنهم المفترض يدخلون في المطار عبر بوابات (الأجانب) . أ هذا هو الاسلام الذي يتبناه اسلاميو السودان وعنه ينافحون , ومن أجله يحاربون الآخرين من أبناء الوطن لدرجة دفعهم للانفصال ليرتاحوا على الأقل من ورطة الانتماء لوطن يود حكامه ابادتهم ومحو أثرهم من الحياة , كما حدث في وقائع انفصال الجنوب السوداني وتكوين دولة مستقلة هي جمهورية جنوب السودان .
لقد وفّرت تجربة الحكم الطويلة لتيار الاسلام السياسي في السودان نموذجا حيّا , وبرهانا عمليا لا يحتاج الى جهد وعناء وتقصّي لاكتشاف خطل مشروع الحكم الاسلامي , وبوار فكرة (الاسلام هو الحل ), والاعتماد على الغوغائية , والهيجان العاطفي واستثارة العواطف الجيّاشة لدي عامة المسلمين , بدعاوي هلامية عن العدل السماوي , وتوقع فتح ابواب الرزق , وسيادة العالم , والتفوق في الحياة الدنيا مقرونا مباشرة بحيازة المجد الإلهي والحظوة بجنّة عرضها السموات والأرض , لمجرد أنّ جماعة سياسية فاسدة وكاذبة ومضللة قد تقلّدت شؤون الحكم والادارة في بلد ما وهي ترفع شعارات اسلامية وتقتبس في أدبياتها من النص القرآني أو أحاديث النبي محمدا, فشؤون الحكم ليست مضمضة شفاه , بل وقائع مقاسة ومكممة , ناتجها يؤشر لفساد نمط الحكم ذاك وصلاح هذا ,وما توصلت اليه البشرية حتى الآن , أنّ أصلح وسائل الحكم هي الديمقراطية , بما تشمله من كفالة حقوق الانسان كافة , بما في ذلك حقّه في الاعتقاد , والى هذه النقطة الجوهرية نفذ عقل طفل صغير لم يبلغ العاشرة , بينما قيادي ومسؤول اسلامي كبير في السودان لم يصلها بعد , فاي قيد على العقل والبصيرة تغلّف به جماعات الاسلام السياسي العقول , أي قيد !!!



#خالد_فضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديكتاتورية تضييق الأرض وتعتيم الفضاء
- السودانيون وذاكرة سبتمبر المشؤومة
- الدولة الاسلامية في السودان والسياسة ذات الوجهين
- قضايا السودان بين جذب العرب وشدّ الأفارقة
- الشيوعي السوداني حزب عصي التجاوز
- السودانيون :وعثاء هوية العرق والدين
- من أجل مستقبل قمين بشعب كريم : لابد من اصلاح تربوي شامل في ا ...
- المجتمع الدولي والتعامل الحذر مع الحكومة السودانية
- نحتفي بالمحبة ويحتفون بالذبح
- الميدان استعادة أحد منابر الوعي


المزيد.....




- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...
- قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما ...
- قائد الثورة الاسلامية: لا يكفي صدور احكام اعتقال قيادات الكي ...
- قائد الثورة الاسلامية: ينبغي صدور أحكام الاعدام ضد قيادات ال ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد فضل - تأملات في غوغائية المتأسلمين وعبثية (الاّ اسلامنا ده)