أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحمّار - لا نداءَ ولا نهضةَ بلا اجتهاد، لكن أيّ اجتهاد؟














المزيد.....

لا نداءَ ولا نهضةَ بلا اجتهاد، لكن أيّ اجتهاد؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4923 - 2015 / 9 / 12 - 04:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما من شك في أنّ عقول التونسيين وسائر الشعوب المستعربة مكبلة. ومن العوامل المكبِّلة للعقل بالإضافة إلى التدهور القيمي والأخلاقي وعقدة الأجنبي والعيران إزاء التراث ومكبلات أخرى، هنالك انعدام القدرة على الاجتهاد. فما الداعي للاجتهاد وما هو الصنف الذي يفي بالحاجة؟

إنّ التونسيين بحاجة مُلحة إلى الاجتهاد. أما الحجة على ذلك فهي انخرام الوضع الفكري والسياسي العام. حسب معاينتي لسلوك الإسلاميين عموما، ولسلوك أضدادهم أيضا مهما كانت تسمياتهم، لاحظت أنّ مجتمعنا لا يزال في حالة يرثى لها فكريا وسياسيا. وهذا بالرغم ما قيل عن"التوافق" السياسي المزعوم بين حزبَي نداء تونس والنهضة. فالذي حصل بينهما لا يعدو أن يكون سوى مداهنة متبادلة. وهذه المداهنة هي في اعتقادي انعكاس للمداهنة الذاتية التي ما انفك الإنسان المسلم - و الإنسان المنتمي إلى الثقافة الإسلامية مهما كانت ديانته- ، يمارسها إزاء العصر. لذا رسخت لديّ قناعة بأنّه لم يحصل توافقٌ أبدا بين النداء والنهضة وأنه لن يحصل إلا كنتيجة لعمل اجتهادي يُنجَز على المدى المتوسط والبعيد.

بحديث مختلف، إنّ واجب عالم الدين هو تقريب الفهم الديني من الواقع، وواجب السياسي تقريب السياسة من معنى الدين. لكن في تونس وفي سائر بلدان العرب، لا هذا ولا ذاك قام بدوره، بل غامر علماء الدين في دنيا السياسة وغامر السياسيون في دنيا الدين (بنفي هذا الأخير بصفة لاواعية وانفعالية) فكانت النتيجة أن لا سياسة ولا دين، لا نداء لواجب الوجود ولا نهضة اجتماعية شاملة.

في ضوء هذا يكون الاجتهاد واجبا عاجلا وشرطا ضروريا من شروط الارتقاء. لكن إلى أيّ اجتهاد نحتاج؟ ما من شك في أنّ احتكار الاجتهاد من طرف فئة علماء الدين إنما هو ازدراء بكفاءة سائر العلماء والخبراء في الحقول المعرفية والعلمية غير الدينية. لذا فالاجتهاد الذي يعوزنا هو الاجتهاد الفردي الذي يراعي المجتمع بأكمله. وهو اجتهاد علمي متعدد التخصصات لا اجتهادا أحاديا. كما أنه اجتهاد في الفكر الإسلامي لا اجتهادا في الدين وحده. بينما هذا الأخير يتطلب الكفاءة العلمية في تناول المسائل الفقهية فإنّ الأول واجبٌ على كل مسلم له دراية بمجال من المجالات العلمية. والاجتهاد في الفكر الإسلامي هو الذي تحتاجه مجتمعاتنا اليوم قبل حاجتها إلى الاجتهاد في الفقه، بل إنّ فتح باب الاجتهاد رهنٌ بفتح باب الاجتهاد في الفكر الإسلامي وتعميمه.

لكن هنالك معوقات أمام التونسيين الراغبين في تعلم الكيفية التي يتم بها إنجاز الاجتهاد الفردي. و أكبر عائق يتمثل في أنّ الوسيلة الضرورية لإنجاز الاجتهاد هي نفسها تشكل موضوعا للاجتهاد. أعني أنّ الوسيلة أضحت هي نفسها هدفا يستوجب التحقيق. لنأخذ وسيلة المطالعة كمثال لتبيين هذه المشكلة. الاجتهاد يتطلب المطالعة كي يكون المتدرب على الاجتهاد مُلما بمعارف حول جوانب عديدة من الدين والدنيا. لكن المطالعة اليوم باتت هي بدورها تستدعي عملا اجتهاديا ليس بالسهل إطلاقا القيام به. فالشباب التونسي عازف عن المطالعة لا فقط لأنه يعيش في عصر تدوس فيه القيمُ المادية القيمَ المعنوية، وإنما أيضا لأنه لا يدرك لماذا ينبغي عليه أن يطالع. ولكي يتوصل إلى هذا الإدراك، من الضروري أن يتزوّد بأسلوبٍ متّسقٍ مع هذا الهدف. ثم حين نعلم أنّ كل "أسلوب متسق" إنما هو ثمرة الاجتهاد، سنقدّر الحجم الكبير للتحدي الذي يواجه كل الأطراف المعنية بقضية الاجتهاد.

في ما يلي طريقة قد تُمكّن الأفراد من ممارسة الاجتهاد بأنفسهم. بالتأكيد، كل واحد منا يفهم بعض جوانب من القرآن الكريم والحديث دون سواها. فلننظر إلى الواقع من حولنا. ثم لنحاول مساءلة هذا الواقع في أحد أوجهه التي تشكل موضوع فضولٍ أو حيرةٍ أو تحدث مفاجأةً أو صدمةً أو تمثل حالةَ جهل لدينا. فلنمارس المساءلة مرة ثم اثنتين ثم ثلاث ثم أربع وهلم جرا، مع الاستنجاد في كل مرة بقاعدة علمية أو بمبدأ أكده العلم لكي ننجز المساءلة. ولنحاولْ حينئذ إقامة مقارنة بين الموقف الذي يبان لنا إزاء الواقع والذي تحصلنا عليه عبر القاعدة العلمية أو المبدأ العلمي من جهة وبين الموقف الذي يبان لنا عبر جانب من جوانب القرآن أو الحديث أو الاثنين معا من جهة ثانية. بفضل المقارنة، سنتمكن من استخراج موقف موحد "علم/دين" وسوف نرتقي بأنفسنا إلى مرحلة عليا من فهم الإسلام وتطبيقه.

ولكي أكون مجتهدا في الفكر الإسلامي ينبغي أن أكون متمكنا من لغتين أجنبيتين اثنتين على الأقل ويكون تطوير اللغة العربية واحدا من الأهداف الأساسية التي أعتزم تحقيقها. لماذا اللغات الأجنبية؟ لأني مطالب بأن أطالع ما الذي كتبه العالم الفلاني والأديب العلاني المنتمي إلى الأمم المتقدمة حول واقع العصر الحالي، ثم بأن أقارن رؤاهم مع ما قاله الله تعالى وما قاله النبي وما قاله العلماء والكتّاب الناطقون بالعربية كلغة أصلية، ثم أخرج بموقف مستحدث.

أخيرا وليس آخرا، من الضروري أن يُدرّس الاجتهاد كمادة تُدرج ضمن مناهج التربية والتعليم.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكدح إلى الله والكدح التاريخي
- اللهجة العامية عربيةٌ فما الذي يزعج دعاة التعريب؟
- هل فهِمنا الإسلام وطوَّرنا اللغة العربية؟
- تونس، بلد عربي؟
- كفى استخفافا بالتونسيين
- لو أصبحت تونس بلدا ديمقراطيا، لَما انتحر أرسطو وقدم ساركوزي
- هل الإسلاميون وحدهم يلعبون لعبة الغرب؟
- جريمة سوسة: لماذا بريطانيا؟
- المسلمون والفهم الضبابي للواقع، داعش نموذجا
- تونس: كفانا مغالطة لأنفسنا !
- الشباب التونسي بين إخلالات الحاضر ورهانات المستقبل
- وكأنّ التوانسة سيموتون غدا...
- تونس: الإصلاح اللغوي والتربوي من أضغاث الأحلام إلى الحلم
- تونس: وهل سيُنجز الإصلاح التربوي بعقل غير صالح؟
- تونس: التجديد الديني بين تطاول المفكرين وتبرير المشايخ
- آفة الدروس الخصوصية وعلاقتها بالعولمة
- الإرهاب الفكري المستدام
- تونس لن تستسلم للإرهاب
- مبادرة من أجل مدرسة المستقبل في تونس
- تونس: أزمة التعليم تتجاوز الوزارة والنقابات


المزيد.....




- حل لغز المجالات المغناطيسية الغريبة لنبتون وأورانوس
- تأثير العناية بالمظهر على السلوك الاجتماعي
- العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
- دراسة تكشف عن أسباب نفسية لآلام الدورة الشهرية الشديدة
- صفقة -أوبك+- يمكن أن تنهار بسبب كازاخستان
- الجبهة الأوكرانية تنهار: إمّا أن يأمر زيلينسكي بالانسحاب أو ...
- ريابكوف: روسيا ستجعل الأمريكيين -يرتعشون- من نتائج تورطهم في ...
- إعلام عبري يتحدث عن -بنود سرية تتعلق بإيران- في اتفاق وقف ال ...
- بوليانسكي: روسيا قد تعيق عمل البرنامج الأمريكي في مجلس الأمن ...
- ترامب يعلن عن اتفاق مع رئيسة المكسيك بشأن الهجرة وسط تهديدات ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحمّار - لا نداءَ ولا نهضةَ بلا اجتهاد، لكن أيّ اجتهاد؟